هآرتس»: لا يمكن لأصدقاء مثل (إسرائيل) وصندوق النقد الدولي إصلاح ما فسد بمصر

في الأربعاء ٠٧ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هآرتس»: لا يمكن لأصدقاء مثل (إسرائيل) وصندوق النقد الدولي إصلاح ما فسد بمصر

تعتبر مصر محظوظة لأن لديها صديقان يساعدانها في الأوقات الصعبة.

وكما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع، لم تتوان (إسرائيل) عن مساعدة البلاد في حربها ضد «الدولة الإسلامية»، من خلال مساندتها، بهدوء، بالضربات الجوية، وبصورة أعم، في عام 2016، قدم صندوق النقد الدولي 12 مليار دولار إلى مصر كمساعدات.

ومع ذلك، هناك حد لمقدار ما يستطيع الأصدقاء فعله لبلد لا يزال مضطربا سياسيا واقتصاديا، ولم يحدث أي تغيير في الأعوام الـ7 الماضية، بعد ثورة، وتجربة وجيزة في ظل حكومة إسلامية، ثم العودة إلى الحكم الاستبدادي في ظل «عبدالفتاح السيسي»، ناهيك عن مليارات الدولارات من المساعدات من دول الخليج، ولا تزال مشاكل البلاد الأساسية مستعصية على الحل.

وهكذا، وكما أشار «أنشيل بيفير»، في صحيفة «هآرتس» هذا الأسبوع، مستشهدا بتقرير «التايمز»، قائلا إنه لا يمكن للطائرات المقاتلة المصرية والإسرائيلية أن تسقط التمرد في سيناء وحدها، وينطبق الأمر نفسه على مساعدة صندوق النقد الدولي.

ولا يفعل ذلك أي شيء لحل مشاكل الفساد وسوء الإدارة والبيروقراطية والقمع التي تضرب البلاد باستمرار، وربما تكون مجرد خدعة سحرية، أو مجرد وهم.

وعلى نفس المستوى، أدى الاتفاق الذي وقعته القاهرة مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016 إلى خدعة الاقتصاد، وانخفضت احتياطيات العملات الأجنبية في مصر حتى وصلت إلى مستويات خطيرة، حيث تم إغلاق المصانع بسبب نقص المدخلات المستوردة، لكنها تعافت لتصل إلى 37 مليار دولار، وقد تزايد الاستثمار الأجنبي.

وحصلت مصر على 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكن الثمن الذي كان عليها أن تدفعه هو تخفيض قيمة عملتها، وتحرير أنظمة النقد الأجنبي، وخفض الدعم على الوقود المحلي، ورفع ضريبة القيمة المضافة.

وتأتي هذه الشروط من جهة صندوق النقد الدولي كطريقة معقولة تماما، من وجهة نظر اقتصادية، لإصلاح الاقتصاد المكسور، لكنها لا تمس جوهر المشاكل في مصر.

سقوط الجنيه

وأدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى ارتفاع التضخم إلى ما فوق 30% معظم العام الماضي، ويتجه الآن إلى الانخفاض، ولكن النفقات الداخلية لا تزال في ارتفاع، مع احتمالات تضاعف الأرقام في المستقبل القريب، ويدفع ارتفاع ضريبة القيمة المضافة الذي يأمر به صندوق النقد الدولي المزيد من الأسر المصرية تحت خط الفقر.

وقد تراجع معدل البطالة في مصر منذ عام 2014، ولكن في الربع الثالث من عام 2017، كان لا يزال عند مستوى 11.9%، وهو معدل يرتبط عادة باقتصاد في حالة ركود، وتعدّ البطالة بين الشباب، وهي ظاهرة خطيرة خاصة بالنسبة إلى الديكتاتوريين مثل «السيسي» الذين يريدون الحفاظ على مناصبهم، ثلاثة أضعاف ذلك.

وصحيح أن هذه الأرقام لا تعبر عن الكثير من المصريين الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، ولكن بطبيعتها فهذه الوظائف منخفضة الأجر، ولا توفر مجالا كافيا للتقدم أو تحسين دخل الأسرة في المستقبل.

وتبقى مصر مكانا صعبا للغاية للقيام بالأعمال التجارية، فمع الدور المتنامي للجيش في الأعمال التجارية، في ظل «السيسي»، يحجب ذلك المزيد والمزيد من المنافسة الحقيقية في الاقتصاد.

كما أن المدارس والجامعات ضعيفة الجودة، ولا يزال العنف يعرقل سيناء، وينمو القمع السياسي، ولا تزال الحكومة مدمنة على المشاريع الاستعراضية الكبيرة، مثل العاصمة الجديدة، وتوسيع قناة السويس، أو الوعد بضخ 5 مليارات دولار للبناء في سيناء، التي تهدف إلى الفرقعة الإعلامية أكثر من المساعدة الحقيقية.

ولا يستثمر المستثمرون الأجانب الذين يوجهون أموالهم إلى مصر في الأعمال التجارية، باستثناء قطاع الطاقة المربح، وهم يرون أنه من الآمن الاستثمار في أذون الخزانة قصيرة الأجل، وما شابه ذلك، حيث يمكنهم الحصول على أموالهم بسهولة.

وعلى غرار حزمة صندوق النقد الدولي لعام 2016، يقدم هذا الاستثمار الأجنبي بعض الإغاثة المالية السريعة، ولكنه ليس نوع الاستثمار الذي قد يولد نموا اقتصاديا أو يخلق الوظائف التي تشتد الحاجة إليها.

ولم تعد مصر فقط إلى ما كانت عليه في فترة حكم الرئيس «مبارك»، بل أسوأ.

وقد تبدو الأرقام جيدة إذا كنت من نخبة الـ1% في مصر، أو كنت خبيرا اقتصاديا في صندوق النقد الدولي، ولكن إذا كنت خريجا جامعيا حديث التخرج تبحث عن وظيفة، أو صاحب عمل صغير أو ربة منزل تحاول إطعام عائلتها، فإن صندوق النقد الدولي لم يغير أي شيء.

ومن الواضح أن «السيسي» يعرف أنه يحكم على صفيح ساخن.

وقد تصاعدت الرقابة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتم إغلاق المنظمات غير الحكومية، وتم القبض على الناشطين، واختفى جميع منافسي «السيسي» الـ6 في الانتخابات الرئاسية المقرر لها في مارس/آذار، تحت الضغط.

وتعد استراتيجية «السيسي» السياسية أقرب إلى صندوق النقد الدولي و(إسرائيل)؛ حيث يعتمد الإصلاحات على المدى القصير التي تؤجل حل المشكلة الحقيقية.

وليس بالضرورة أن يؤدي الاقتصاد الذي لا يدعم معظم الناس إلى ثورة، كما حدث لمصر في عام 2011، لكن القمع المتزايد من «السيسي» يزيد من احتمالات التمرد، من خلال عدم منح الناس أي مساحة للتنفيس عن مظالمهم، إلا من خلال العنف.

اجمالي القراءات 2821