«موسم الشر»، «أنت بتعذبني»، «ثقة في الله»، «أنت دارس الكلام اللي (الذي) بتقوله»، «عمو عبدالفتاح»، تعبيرات وردت على لسان الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» أثناء خطابات وكلمات له، وباتت في 2017 «إفيهات» (مزحات) متداولة بين المصريين سواء في حياتهم اليومية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
«السيسي»، الذي وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري، اعتاد منذ 2013 الخروج عن النص والخطابات البروتوكولية المعهودة، ليقع في مواقف محرجة سواء بالحديث أو بالتصرفات؛ ما دفع بعض معارضيه للقول إنه لا داعي لافتعال مواقف للسخرية منه؛ فكلامه وحده يكفي لـ«السخرية» منه، ويمثل في حد ذاته «كوميديا»، وإن كانت كوميديا سوداء تخفي خلفها واقعا مأسويا لحياة المصريين تزداد قتامته يوما بعد الأخر.
وفي هذا التقرير، يرصد «الخليج الجديد» أبرز «إفيهات السيسي في العام 2017»:
«ثقة في الله»
ففي كلمته خلال «مؤتمر الشباب الوطني الثاني» التي استضافته محافظة أسوان (جنوب)، قال «السيسي» إن القاهرة تبذل جهودا ضخمة لحل القضية الفلسطينية، وعدم تعقيد الأمور، مضيفا: «ثقة في الله هننجح».
وضحك الحاضرون بالقاعة؛ حيث تعد جملة «ثقة في الله هننجح» مشابهه للجملة التي يشتهر بها الممثل المصري «محمد رمضان»، «ثقة في الله نجاح».
«إحنا فقرا أوي»
وفي الكلمة ذاتها، قال «السيسي» موجها كلمته للشعب: «بيقولك خلى بالك ده مش سائل فيك (انتبه هو -أي السيسي- لا يهتم بكم)، خلى بالك دول مش واخدين بالهم منكم، خلى بالك ده مبيأكلكش، ده مبيعلمكش، بس مقالكش خلى بالك إن أنت فقير أوي (جدا)»، مكررا تلك العبارة مرتين.
وأضاف: «لا ياريت حد يقولكم إن إحنا فقرا أوي، فقرا أوي، هنسمع الكلام، إحنا بنقول لكم المرض، أه (نعم) يبقى إحنا هنصمد إحنا هنكافح ونبني، وإحنا هنقولهم إن رغم فقرنا هنبقي كبار».
«أنت بتعذبني»
وفي نفس الشهر، وأثناء الاحتفال بعيد الشرطة، وجه «السيسي»، حديثه لشيخ الأزهر الإمام «أحمد الطيب»، أثناء حديثه عن «تقنين الطلاق»، قائلا له: «إنت تعبتني وبتعذبني يا فضيلة الإمام».
وطالب «السيسي»، خلال كلمته، بوضع قانون يمنع الطلاق الشفهي، قائلا: «ما ينفعش نعمل (ألا يمكن إصدار) قانون (ينص على) أنه لا يتم الطلاق إلا أمام المأذون حتى تراجع الناس أنفسها»، موجها حديثه لشيخ الأزهر، قائلا: «ولا إيه يا فضيلة الإمام، تعبتني وعذبتني يا فضيلة الإمام».
وكان شيخ الأزهر رفض، في تصريحات سابقة، طرح «السيسي» بشأن إصدار قانون يمنع الطلاق الشفهي.
التناقض في آخر العام
«السيسي»، الذي أكد في يناير/كانون الثاني 2017، في بداية العام على فقر الشعب المصري، جاء في شهر ديسمبر/كانون الأول، ليناقض نفسه قائلا، خلال مشاركته بفعاليات مؤتمر أفريقيا 2017، «المصريين معاهم فلوس (أموال) كتير سواء مستثمرين أو مواطنين عاديين».
«قولهم يا مصطفى»
في أبريل/نيسان، رد «السيسي» على طلب شاب اسمه «مصطفى جلال»، من محافظة بورسعيد (شمال شرق)، طالبه بتوجيه رئيس الوزراء لفرض رقابة على الأسعار، ليقاطعه «السيسي»: «قولهم أنت يا مصطفى».
جاء ذلك خلال حوار «السيسي» مع مجموعة من شباب مدن القناة وسيناء في مؤتمرهم الدوري.
وأثارت العبارة السخرية؛ خاصة أنهم شبيهة بعبارة وردت في أحد المسرحيات المصرية الشهيرة «قولهم أنت يا حسين».
توفير «رغيف خبز» يوميا
في نفس الشهر، طالب الرئيس المصري المواطنين بتوفير رغيف خبر يوميا، وضبط الاستهلاك بصفة عامة خلال شهر رمضان.
وقال «السيسي»، خلال حواره مع الشباب في مؤتمر الوطني للشباب المنعقد بمدينة الإسماعيلية (شمال شرق)، إن «الدولة كانت تعاني من مشاكل اقتصادية أكثر من 50 سنة، وبعض الجهات والقطاعات حاولت التصدي لها من خلال الفن وحشد الرأي العام لترشيد استهلاك السلع الغذائية في شهر رمضان الكريم والمناسبات الأخرى سواء للمسلمين والمسيحيين، مطالبا الأسر المصرية بتوفير السلع».
وسبق أن طالب السيسي الأسر المصرية بتوفير رغيف يوميا في مايو/أيار 2015.
«أنت دارس الكلام اللي بتقوله»
في شهر مايو/أيار، انفعل «السيسي»، على أحد النواب في جلسة افتتاح مدينة دمياط للأثاث (بدلتا النيل/شمال)، حينما طالبه بتأجيل زيادة أسعار الوقود والكهرباء حتى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه (حوالي 168 دولارا).
وأضاف النائب «أبو المعاطي مصطفى»: «أصحاب الدخول البسيطة مش حتقدر تستحمل (لن تتحمل)، أرجو إرجاء زيادة أسعار الوقود والطاقة لحد ما نرفع الحد الأدنى للرواتب 3 آلاف جنيه عشان نقدر نستوعب الزيادة في الأسعار».
وقاطع «السيسي» النائب قائلا بغضب: «إنت مين؟!.. إنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه.. إنت عايز دولة تقوم، ولا تفضل ميته؟.. لو سمحت ادرسوا المواضيع كويس (جيدا) وبعدين اتكلموا».
وتابع: «الدولة مش بتقوم (لن تقوم) بالعواطف والكلام اللى مش مدروس (غير المدروس)، مش كلام زي (مثل) نأجل وبلاش دلوقتي (ليس الآن) ومعلش (اعتذر)، من فضلكم اللى (الذي) يتصدى للموضوع يبقى دارسه دراسة كاملة».
«موسم الشر»
في يونيو/حزيران، طالب «السيسي»، الأجهزة الأمنية باليقظة والاستعداد لمواجهة «موسم الشر».
وتابع، خلال كلمته باحتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر: «دا (هذا) موسم الشر، وهي دي الفترة اللي دائمًا بيحاولوا فيه ينالوا من استقرارنا وأمننا».
«أشقائنا المصريين»
في يوليو/تموز، قال «السيسي» في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء المجر «فيكتور أوربان»، «النقطة اللي حتكلم فيها خاصة بأشقاءنا المصريين».
وقال «السيسي» خلال تصريحاته، في بودابست، على هامش أعمال قمة تجمع «فيشغراد» الذي يضم تشيكيا وبولندا وسلوفاكيا والمجر: «أنا بتكلم على أشقائنا المصريين وإحنا في مصر لا نفرق بين المصريين على أساس الدين وكل المصريين مهمتنا حمايتهم».
وأضاف أن «الموجودين في مصر دول مصريين وإحنا مسؤولين عنهم».
«مصروف مصر»
وفي الشهر ذاته، قلل «السيسي» من قدرة من وصفهم بأنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية لبلاده، على تدبير مصروفات الشعب المصري المقدر بـ100 مليون شخص.
وهو الأمر الذي انتقده ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تسائلوا عما إذا كان يحق لمن يملك المال والمصاريف أن يتدخل.
وفي كلمة له، خلال افتتاح قاعدة «محمد نجيب» العسكرية (شمال غربي مصر)، اعتبر أن الحفاظ على شعب قوامه 100 مليون نسمه ليس بالأمر اليسير.
وأضاف «السيسي» في حضور ممثلين لدول الحصار المفروض على قطر، وموجهاً حديثه إلى من يتدخل في شؤون مصر: «عايز (أريد أن) أقول لا تتدخلوا في أمورنا، هذا أمر شرعي ومحمود ألا نتدخل في شؤون بعضنا البعض.. ده مصر فيها 100 مليون بيفطروا ويتغدوا ويتعشوا في يوم بأكل سنة من بعض الدول.. أكل سنة».
«بربور السيسي»
وخلال افتتاحه لبطولة كأس العالم للشباب تحت 19 سنة، مصر 2017، في يوليو/تموز، التقطت إحدى الكاميرات المكلفة بتغطية الحدث الرياضي العالمي مشهدا للرئيس المصري وهو يقوم بمسح أنفه وسط حشد من الحضور، ثم يقوم بوضع المنديل داخل «كم البدلة»؛ الأمر الذي أثار سخرية واسعة حينها على مواقع التواصل الاجتماعي ودفع النشطاء لإطلاق وسم ساخر بعنون «بربور السيسي».
«سلامة الشعب الإسرائيلي مع الشعب الإسرائيلي»
في سبتمبر/أيلول، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الـ72، قال «السيسي»: «أوجه ندائى للشعب الإسرائيلى، وأقول لدينا فى مصر تجربة رائعة وعظيمة فى السلام معكم منذ أكثر من 40 سنة، ويمكن أن نكرر هذه التجربة وهذه الخطوة الرائعة مرة أخرى».
وأشار إلى أن أمن وسلامة المواطن «الإسرائيلي» جنبا إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن «الإسرائيلى» يجب أن تتم، مكررا الشعب الإسرائيلي مرتين، دون ذكر المواطن الفلسطيني
نوفمبر/تشرين الثاني
«معادلة مربكة»
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، طرح الرئيس المصري معادلة مربكة أصبحت مثارا للسخرية.
وقال «السيسي»، خلال كلمته بجلسة «تحديات وقضايا تواجه شباب العالم» بمنتدى شباب العالم في منتجع شرم الشيخ (شمال شرق)، إن المعضلة هي: «لو فضلنا ساكتين هنضيع، لو تحركنا تزعلوا، لما تزعلوا تتحركوا، لما تتحركوا تلخبطوا، لما تلخبطوا تهدوا البلد.. وإن متحركناش هنفضل عاجزين، فانتوا تحسوا بالعجز، فتتحركوا فتهدوا البلد».
«عمو عبدالفتاح»
وقال الرئيس المصري، خلال مشاركته في جلسة عن دور المرأة في المجتمع، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم: «سأقول كلاما ليس لتقديم نفسي لكم، كنت أعيش في منزل مع كل عائلتي، وكان كل بنات العائلة يقلن ياريت والدنا يكون مثل عمو عبدالفتاح».
وأضاف أنه يفعل ذلك، ليس تفضلا منه، لكن هو «احترام كبير جدا للبنات الصغار والكبار، ومعاملتهن بمنتهى اللطف».
واعتبر أن «ذلك السلوك هو شكل من أشكال المعالجة الدينية التي أمر بها الرسول محمد للبنت والسيدة والمرأة، لكننا لا نفعّله»، مضيفا كذلك: «هذا الحد الأدنى الذي حاولت من خلال فهمي لديني أن أعامل به المرأة».
وغالبا ما تلقى أحاديث «السيسي» سخرية واسعة بين أوساط الشباب والشعب المصري، حتى تتحول كلماته لمادة سخرية بين المصريين سواء في الشارع المصري، أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتفوقت «كوميديا السيسي 2017» على نظريتها السابقة في عام 2016 حينما انتشرت أبرز كلماته العام الماضي حاملة كلمات «مرزجن ولا إيه»، «أنا لو ينفع أتباع أتباع»، «أنا عاوز الفكة».
ومن أبرز زلات الرئيس المصري، حينما قال خلال لقائه وفدا من الأدباء والمثقفين، في بدايات توليه الحكم: «بتأخر في الكلام لأن أنا الكلام عندي بيعدي على فلاتر.. فلتر الصدق… فلتر الأمانة… فلتر الحق… وده يرضي ربنا أقوله ولا لأ… تصور حضرتك كل كلامي كده… بتعذب أوي عشان بتكلم».
وعبارة «لما أكبر هضربكم» كانت، أيضا، من سقطات «السيسي» حينما التقى بعدد من الإعلاميين في نيويورك العام الماضي؛ إذ وجه حديثه للرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، قائلا: «بكرة أكبر وأضربكم».
ومن عباراته الشهيرة التي أصبحت من الأقوال المأثورة في الشارع المصري «صبح على مصر بجنيه»، و«تحيا مصر»، و«اللي ميرضيش ربنا إحنا نعمله»، و«أنا مش عارف أديك.. أنت مش محتاج تقولي هات.. أنا لو أقدر أديك هديك من عيني… بس أنا مش قادر… هتاكلوا مصر يعني… هتموتوها يعني»، و«لوعايزين استقلال بجد متناموش ومتاكلوش».
وهي العبارات التي أثارت في مجملها غضب الشارع المصري، وسرعان ما تحول إلى إفيهات ونكات ساخرة.
و«إفيهات» جمع «إفيه»، وهي كلمة فرنسية «effet» معناها المؤثرات، ودخلت اللهجة المصرية؛ حيث يستعملها اهل الدراما والتمثيل بمعنى جملة تهريجية أو كلام ذو تأثير كوميدي أو نكتة أو مزحة.