أمن الدولة ترعب الورثة من أجل الأوقاف!!
الجمعة، 28 نوفمبر 2008 - 18:28
كتب محمود سعد الدين
أرض يزيد ثمنها على 250 مليون جنيه هى محل النزاع، ووزير الأوقاف وياسر عبده جارحى هما طرفى النزاع.. أوراق القضية التى احتلت رقم 337 لسنة 2008 بمحكمة جنوب الجيزة، تروى تفاصيل هذا النزاع.
بدأت القصة بوفاة "غالب عبود الجارحى" تاركا لورثته من بعده 5 أفدنة بشارع العروبة بالهرم بجوار أستوديو مصر، كما هو وارد بإعلان الوراثة الصادر من محكمة الجيزة فى أبريل 1952، الورثة قاموا بإشهار حقهم فى الإرث بعقد إشهار رقم 850/1966 جيزة، إلا أن الخلافات بين الورثة على مدار 8 سنوات والموقع المتميز للأرض شجع الأوقاف فى مد سطوتها عام 1974 وادعائها بأن 3 أفدنة من الأرض تتبع ملكيتها استنادا إلى حجة وقف خيرى من المالك الأصلى.
الورثة من جانبهم بحثوا عن تلك الحجة فى الشهر العقارى ولدى الجهات الرسمية فلم يجدوا لها أثرا، وإثباتا لملكيتهم قاموا باتخاذ الإجراءات القانونية لإشهار ملكيتهم لباقى الأرض فحرروا عقد إشهار إرث لـ3 أفدنة برقم 740/1978 جيزة، وعليه صارت الأرض كلها ملكا للورثة. وعلى مدار 25 عاما ظل النزاع قائما، وعند قيام الورثة عام 2003 بتوزيع الإرث اكتشفوا أن الأوقاف تدعى استيلاءها على 5 أفدنة وليس 3.
موقف الأوقاف الضعيف فى ملكيتها للأرض، ظهر فى الجلسة الأخيرة فى 11 من شهر أكتوبر الماضى، حين قام محامى وزارة الأوقاف بطلب للمحكمة بتوجيه دعوى فرعية جديدة للمحكمة وهى "إثبات ملكية الأوقاف للأرض بوضع اليد" ليتناقض مع ما كانت الأوقاف تزعم طيلة 33 عاما، أنها تمتلك حجة وقف خيرى من المالك الأصلى.
"اللعب من تحت الطاولة" كان أحد الطرق غير الشرعية التى استخدمتها الأوقاف كوسيلة بديلة للمحاكم للحفاظ على تلك الأرض، هذا ما وصفه إبراهيم جبريل "محامى الورثة"، والذى قال إن المسئولين بهيئة الأوقاف بدأوا فى مساومتى على الأرض، فعرضوا علىّ أن يأخذ الورثة فدانا ويتركوا الباقى فرفضت، فعرضوا فدانين فرفضت أيضا.
من المعتاد والذى يقبله العقل أنه عندما ينشأ نزاع بين طرفين على إحدى الأراضى، يقوم المكتب الفنى المختص بمديرية الأمن بعمل تقرير أمنى عن تلك الأرض ومعرفة كل تفاصيلها، حتى يفض ذلك النزاع، لكن الغريب هنا هو أن جهاز مباحث أمن الدولة هو الذى قام بعمل الدراسة الأمنية على الأرض محل النزاع، وهو ما أكده إبراهيم جبريل محامى "ورثة المالك الأصلى" أن أمن الدولة بالطالبية استدعاه مرتين خلال الأسبوع الماضى، المرة الأولى، طلب منه عقيد بأمن الدولة أن يوضح له قصة الأرض من بدايتها والمرة الثانية طلب منه أن يحضر جميع الأوراق الخاصة بالأرض من عقود ملكية وإشهار وأوراق القضية بالمحكمة، وعندما سأل جبريل عقيد أمن الدولة عن السبب من استدعائه رد عليه العقيد "بأننا بنعمل تقرير أمنى عن الأرض"، وهو ما أثار دهشة جبريل الذى أكد أن هذا لم يشهده على مدار 25 عاما قضاها بالمحاماة عاصر فيها العشرات من قضايا النزاع على الأراضى.
كلام جبريل يقودنا إلى التساؤل حول المغزى من تزامن تدخل أمن الدولة من ناحية وحرص الأوقاف الشديد فى الحفاظ على الأرض من ناحية أخرى، وخاصة بعدما أكد لنا أحد الموظفين بمديرية أوقاف الجيزة، رفض ذكر اسمه، أن الشئون القانونية ومكتب الخبراء بالأوقاف بصدد استخراج تصاريح لبناء مشاريع سكنية على تلك الأرض، وبالتالى يضع أصحاب الأرض أمام الواقع مثلما حدث مع أراضٍ أخرى بالإسكندرية ظلت بالمحكمة لمدة طويلة وعندما حصل أصحابها على حكم محكمة اكشفوا أن الأوقاف باعت الأرض لمقاول الذى بناها لأبراج سكنية.
لمعلوماتك..
◄ 500 ألف فدان أراضى تمتلكها هيئة الأوقاف المصرية.