بعد ثمانية أعوام من ولاية مشعل.. ما الذي سيتغير في «حماس» خلال عهد هنية؟

في السبت ١٣ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

تبدأ ولاية جديدة لإسماعيل هنية برئاسة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الداخل والخارج، خلفًا لخالد مشعل بعد قضائه فترتين، على رأس الحركة، بعد انتهاء الانتخابات الداخلية للحركة، التي أسفرت عن تصعيد بعض الرموز المحسوبين على الجناح العسكري داخل الحركة.

يسعى التقرير التالي لاستكشاف التغييرات التي ستطرأ على الحركة خلال ولاية «هنية»، ومواقفها من القضايا الإقليمية، خصوصًا في ظل الجدل الدائر بعد إصدار الوثيقة الجديدة للحركة، التي خلقت أفقًا جديدًا للحركة تتحرك من خلاله في القضايا الإقليمية.

اقرأ أيضًا: «وثيقة حماس»: نقبل بحدود 67 وعاصمة فلسطين القدس

محور المقاومة وإيران.. ولقاء قريب مع خامنئي

ستتمثّل أولى التغييرات داخل حركة حماس خلال ولاية هنية في إعادة مسار العلاقات الطبيعية مع محور المقاومة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإزالة التبعات السلبية التي أضرت بعلاقات حماس مع هذه الأطراف.


يدعم هذا المسار التقاربي مع إيران ومحور المقاومة جناح فاعل داخل الحركة، وهو الجناح العسكري، الذي يأتي على رأسه يحيى السنوار، الذي انتُخب مؤخرًا رئيسًا للمكتب السياسي للحركة داخل غزة، إذ يرى هذا الجناح أن الدعم المادي والعسكري من جانب إيران طيلة السنوات الماضية، واحتضانها عددًا كبيرًا من قيادات الحركة في مرحلة تخلّى عنها الجميع، يدفع بعدم القطيعة مهما كانت الظروف السياسية.

يُدلل على موقف هنية من إيران وحزب الله والأزمة السورية، الموقف الذي تعرَّض له خلال وجوده في القاهرة، خلال ولاية الرئيس المعزول محمد مرسي، حين علت هتافات ضد النظام السوري، حينما كان يُلقي خطبة الجمعة في جامع الأزهر، قبل أن يوجِّه القيادي بالحركة هذه الهتافات المناهضة للنظام السوري، لتصبح ضد «العدو الإسرائيلي».

يقول خالد القدوم، رئيس مكتب حماس بطهران منذ 2011 إنّ «نتائج الانتخابات الأخيرة ستدفع في اتجاه إيجابي لتحسين علاقتها بإيران، كاشفًا عن لقاءات بينهما خارج إيران، مع وجود اتّصالات لحماس بالعديد من الجهات الرسمية في إيران كالحرس الثوري ووزارة الخارجية ومكتب المرشد».

يُعزز من مسألة هذا التقارب مواصلة إيران تُقديم دعمًا ماليًّا وعسكريًّا للحركة وجناحها المُسلح، حسب القدوم، الذي أكد كذلك أن بدايات عام 2017، ستشكّل مرحلة جديدة في علاقة حماس وإيران، تتسم بالإيجابية، والبناء على المستقبل، من دون حديث عن تعقيدات الماضي، فحماس لا تتدخّل في المشاكل الداخلية للعالم الإسلامي.

اقرأ أيضًا: العلاقات نحو الدفء التدريجي.. لماذا تدعم إيران «القسام» وليس «حماس»

كان جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، قد أرسل الأسبوع الماضي، برقية تهنئة لإسماعيل هنية، على توليه منصب رئيس المكتب السياسي لحماس، مؤكدًا «استمرار دعم إيران لمقاومة الشعب الفلسطيني».

يُرجح هذا التقارب كذلك التقرير الصادر من جريدة «الأخبار اللبنانية» القريبة من حركة حزب الله، إذ تتوقع الجريدة أن «أولى مهمات هنية  ستكون إعادة العلاقة مع محور المقاومة إلى ما كانت عليه»، بينما توقعت كذلك أن تكون إيران من ضمن الدول التي سيزورها في أولى جولاته الخارجية، مؤكدة أن هذه الزيارة ستتضمن عقد لقاء مع مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي.

وبررت الجريدة – نقلًا عن مصادر خاصة بها- المساعي المتوقعة من جانب هنية بإعادة العلاقات مع إيران، إلى حاجة الحركة لهذه العلاقة، كون إيران هي الدولة الوحيدة المستعدة لتقديم السلاح، ونقل الخبرات العسكرية للجناح العسكري للحركة، بينما يقتصر دعم بعض الدول العربية على المال فقط، وهناك دول أخرى تشعر بالحرج في تقديم الدعم.

الجناح العسكري يُعزز نفوذه داخل الحركة

أعلنت حركة حماس أسماء أعضاء مكتبها السياسي الجديد، وهم: موسى أبو مرزوق، ويحيى السنوار، وصالح العاروري، وخليل الحيّة، ومحمد نزال، وماهر عبيد، وعزت الرشق، وفتحي حماد. تبعث خلفيات هذه الأسماء رسالة بتعزيز نفوذ وصلاحيات الجناح العسكري داخل الحركة، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع الداخلي، وإعادة العلاقات بشكل طبيعي مع إيران و«محور المقاومة».


فيحيى السنوار، هو رئيس «جناح الصقور» بحماس، والذي أسفرت نتائج هذه الانتخابات عن تعيينه رئيسًا للمكتب السياسي للحركة داخل غزة، هو أحد أبرز القادة العسكريين لحماس منذ تأسيسها 1987، ومسئول عن التنسيق بين مكتبها السياسي وجناحها العسكري «كتائب عز الدين القسام» منذ عام 2012، فضلًا عن توليه ملف الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم حماس خلال حرب غزة 2014.

ويغلُب على الجناح العسكري داخل الحركة النظرة العسكرية للقضايا الداخلية والخارجية، والتقليل من أهمية الحلول السياسية في الصراع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن تعظيم مسألة الدعم العسكري كخيار له الأولوية في تحديد حلفاء الحركة بالخارج.

وصالح العاروي، هو أحد المحسوبين على الجناح العسكري داخل الحركة، والذي أسفرت نتائج الانتخابات الأخيرة عن تصعيده داخل المكتب السياسي. وكانت إسرائيل قد طلبت من تركيا طرده من بلادها على خلفية مزاعم سلطات الاحتلال بمسئوليته عن تنشيط خلايا كتائب القسام في الضفة الغربية، وتنفيذ عمليات.

فتحي حماد، هو الآخر أحد رموز الجناح العسكري الذي جرى تصعيده مؤخرًا، والذي تباهى في تصريحاتٍ أخيرة منقولة عنه، بقدرات الحركة على تصدير صواريخ من تصنيع كتائب «القسام» إلى كافة الدول، وهو أيضًا واحد ممن أدرجتهم وزارة الخارجية الأمريكية ضمن قائمة الشخصيات الإرهابية.

نقل المقر الرئيسي من الدوحة إلى غزة

يتجلّى أحد ملامح التغيير داخل الحركة بنقل مقر إقامة هنية كرئيس للحركة من الخارج إلى غزة، وتكليف ممثلي الحركة بالخارج لإدارة ملف العلاقات الخارجية من خلال توجيهاته وتعليماته. وكان المكتب الرئيسي لمشعل طيلة السنوات الأخيرة في سوريا، قبل أن ينتقل إلى الدوحة على ضوء الخلافات بين الحركة، ونظام الأسد.


ويستقر منزل هنية في مخيم الشاطئ على ساحل مدينة غزة، إذ ينتمي منزله إلى منازل الطبقة الوسطى داخل فلسطين، وهو المنزل الذي يقيم فيه وأسرته منذ عام 1948.

وساهم الوجود المستمر لهنية داخل الأراضي الفلسطينية في ارتفاع شعبيته، إذ كشف استطلاعٌ للرأي أعده «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، عن تنامي شعبية هنية بين الفلسطينيين، بحيث إنه في حال إجراء انتخابات رئاسية فلسطينية فسيحصل على نسبة تبلغ 47%.

وكانت الحركة قد بدأت رحلة البحث عن دولة يتمركز داخلها المكتب الرئيسي لها، وتراوحت التقديرات بين أكثر من دولة كلبنان والسودان، إلا أن الواجهة انتهت إلى الدوحة، وظلّ مشعل وعددٌ من القيادات كعزّت الرشق وموسى أبو مرزوق مقيمين فيها بشكلٍ دائم على مدار السنوات الأخيرة.

وشكل مشهد خالد مشعل وهو يرفع علم المعارضة السورية، خلال زيارته الأخيرة لفلسطين، أحد الأسباب الرئيسية في عدم انتقال المقر خلال ولايته إلى بيروت، أو طهران بالطبع.

«أبوالوليد» سيظل فاعلًا.. صانعًا للقرار من وراء الكواليس

تصعيد إسماعيل هنية رئيسًا للحركة بالداخل والخارج، لن يُنهي الدور الفاعل لسابقه خالد مشعل، المعروف بـ«أبي الوليد»، إذ يمتلك  شبكة علاقات محلية وإقليمية ودولية نافذة، تؤهله ليكون أحد صانعي القرار داخل الحركة من وراء الكواليس.


يقول عدنان أبو عامر المحلل الفلسطيني إنه «لا يجب أن يفهم من تنحِّي مشعل عن قيادة حماس أنه سيخلد إلى الراحة، وسيلتزم بيته، ويتابع شئونه العائلية والشخصية، بل إنه سيبقى قريبًا من دوائر صنع القرار في الحركة

اجمالي القراءات 2657