خصام أهل النار
تابع كلمات من على المنبر فى أوخر الثمانينات وأوائل التسعينات

محمد صادق في السبت ٣٠ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

                 تابع كلمات من على المنبر فى أوخر الثمانينات وأوائل التسعينات

                                               خصام أهل النار

بعد ان يوفى كل إنسان حسابه وبعد أن يتوجه أصحاب النار إلى النار وأصحاب الجنة إلى الجنة, لا بد أن نتابع المسيرة مع كل منهما. ونبدء بأصحاب النار. القرءآن الكريم فيه من التفصيلات الكاملة لكل خطوة لهذا الموقف الشديد, موقف أصحاب النار, ندعوا اللــه أن لا نكون منهم. ولنبدء بومقف قُبيل دخول &Atiأصحاب النار إلى النار.

موقف الأعراف
يقول رب العزة عن أصحاب الجنة وأصحاب النار " وبينهما حجاب " لأى حاجز أو حائل "وعلى الأعراف " أى على هذا الحاجز "رجال" وكلمة رجال فى هذا الموضع ليس المقصود بهم بشرا ولكن ملائكة مترجلون. وكامة "رجال" أى متوقف أو واقف على قدميه جائت فى القرءآن فى ثلاث مواضع, فى هذا الموضوع, وفى قوله تعالى " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " أى فصلوا وانتم راجلين أو راكبين. وفى قوله تعالى " وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا " أى يأتوك راجلين,
" وعلى الأعراف رجال " أى ملائكة مترجلون. وهؤلاء الملائكة المترجلون " يعرفون كل بسيماهم ", أى يعرفون أصحاب الجنة بوجوههم البيضاء الناضرة ويعرفون أصحاب النار بوجوههم الزرقاء المظلمة التى عليها غبرة.

فى ذلك الوقت أصحاب الجنة يقفون ولم يدخلوا الجنة بعد وأصحاب النار يقفون لم يدخلوا النار بعد. " وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم " يعنى أصحاب الأعراف يحيون أصحاب الجنة.
" ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون " معنى ذلك أن أصحاب الجنة حتى هذه اللجظة لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون فى دخولها, ثم إذا نظروا (اصحاب الجنة) إلى الجانب الآخر (جانب أصحاب النار) خافوا ودعوا ربهم أن لا يدخلهم النار " وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " .

هنا يلتفت أصحاب الأعراف إلى أصحاب النار ينادوهم وبالذات مترفيهم وكبار المكذبين منهم فيقول رب العزة " ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللــه برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " أى أن أصحاب الأعراف - الملائكة - ينادون كبار المكذبين ويسألونهم أين جمعكم الذين كنتم تستكبرون بهم فى الدنيا, اين جاهكم ونفوذكم ثم يشيرون إلى أصحاب الجنة ويقولون أهؤلاء الذين زعمتم أنهم لا يدخلون الجنة وأقسمتم أن لا ينالهم اللــه برحمة, وهنا يقول رجال الأعراف لأصحاب الجنة " أدخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " وعند ذلك ينتهى دور الأعراف بدخول أهل الجنة إلى الجنة ودخول أصحاب النار إلى النار.

موقف المنافقون
اللــه سبحانه وتعالى ييصف موقف آخر يخص المؤمنين. فهناك من بين صفوف المؤمنين أناس كانوا يدعون أنهم مؤمنين والمؤمنون كانوا يعدونهم من المؤمنين، وهؤلاء كانوا يتظاهرون بأنهم مؤمنين ولكن فى حقيقة الأمر هم منافقون ويظهر زيفهم وعقيدتهم فى هذا الموقف، فيقول ربى العزة فى سورة الحديد " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءآمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه الرحمة وظاهره من قبله العذاب".
هذا السور الذى ضرب بينهما هو الذى قال عنه جل وعلا " وبينهما حجاب "، يعنى يُضرب حجاب يفصل المؤمنين عن المنافقين ويجد المنافقين أنفسهم معزولين عن المؤمنين وهم فى نطاق واحد وفى معسكر واحد مع المشركين.
فى ذلك الوقت ينادون المؤمنين " ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر اللــه وغركم باللــه الغرور".
المنافقون ليس مقصودا بهم المنافقون فى عصر الرسول ولكن المنافقون فى كل زمان وكل مكان وخصوصا فى عصرنا هذا الذى إمتلأ نفاقا لأن المنافق هو الذى يدعى بأنه يؤمن بالقرءآن وفى حقيقة الأمرهو مؤمن بالبخارى وما يُعرف بالسنة ويتبع ما جاء فيها وان خالف كتاب اللــه.
إذن هو منافق فى دعواه، فلو كان مؤمنا باللــه حقا لآمن بالقرءآن فحسب. هؤلاء المنافقون يُضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب باطنه فيه الرجمة وظلهره من قبله العذاب. وحين يُنادى المنافقين على المؤمنين " ألم نكن معكم " قالوا أى المؤمنين " قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم " فكيف فتنوا أنفسهم؟
تركوا كتاب اللــه الواضح الصريح واتبعوا الأحاديث والأسانيد...
" وتربصتم وارتبتم " أى إرتبتم بالقرءآن الكريم وإدعوا أن القرءآن الكريم ناقص والسنة تكمله، وأن القرءآن غامض والسنة تشرحه، وأن القرءآن فرط والسنة تجبر نفسه.
" إرتبتم وغرتكم الأمانى " فإعتقدوا فى الشفاعات والأمنيات " حتى جاء امر اللــه وغركم باللــه الغرور " أى الشيطان...
هذا موقف قبيل دخول الجنة ودخول النار... ننتقل من هذا الموقف إلى موقف آخر فنتابع ما قاله ربنا من الحق فى كتابه الكريم.

موقف أصحاب النار
القرءآن الكريم وهو ما فرط فى شئ وفيه ذكر كل شئ تحدث عن أصحاب النار خطوة بخطوة... فتحدث عنهم فى طريقهم إلى النار منذ سماعهم لجهنم قبل أن يصلوها، يقول رب العزة " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيُظا وزفيرا " .
الآية تقول " إذا رأتهم " تخيل معى أن النار وكأنها تنتظر زبائنها من بُعد وقبل أن تراهم، تترقب أعدائها،
" سمعوا لها تغيظا وزفيرا " تتشوق لكى تلتهمهم ثم هم حين يذهبون إلى النار يذهبون أفواجا وجماعات " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا " أى جماعات أو يقول " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا "، تأمل فى كلمة نسوق تعنى أنهم يُساقون كما تساق البهائم.
أو بتعبير آخر يقول سبحانه " إحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون اللــه فاهدوهم إلى صراط الجحيم ". يُحشرون هم وازواجهم وألهتهم بمعنى يُحشر الدسوقى مع أتباعه والبدوى مع أتباعه وفلان مع أتباعه... الخ.
ثم يقول " اهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم " هنا يقفوا ويُسألوا " إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون "
إنت يا سيد يا بدوى كُنت تقول إنك ستُدخل من تريد الجنة...أين ذلك الآن؟ " إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون " الذى كان يدعى أنه يُدخل فلان الجنة ، فى هذه اللحظة تجده مستسلم لمصيره وهو يُؤخذ إلى النار. يقول رب العزة عن زعيم آخر عن إلاه آخر من الآلهة المزعومة الذى سيدخل النار عن فرعون ... " يقدُم قومه يوم القيامة فأردوهم النار ".
الذى كان زعيما فى الدنيا فيكون فغى الآخرة زعيما لقومه ويتقدمهم فى طريقه إلى جهنم. ثم بعد أن يكتمل الطريق ويذهبوا إلى جهنم تُعرض عليهم جهنم ويُعرضون عليها.

موقف عرض أهل النار على جهنم
بعد أن تنتهى المسيرة تقول الآية " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤها فُتحت أبةابها " فحين يصلون إليها تُفتح الأبواب فجأة أما بالنسبة للذين آمنوا تقول الآية " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤها وفُتحت أبوابها ".
بفتح الأبواب يبدأ عرضهم على جهنم " ولو ترى إذ وُقفوا على النار " هنا تقول الآية " وُقفوا " بمعنى أوقفناهم رغم أنوفهم وذلك قبل دخولها وحينئذ يتكلمون " ولو ترى إذ وُقفوا على النار فقالوا ياليتنا نُرد ولا نُكذب بئايات ربنا ونكون من المؤمنين " عند هذا الموقف يعترفون بأنهم كانوا مُكذبين بالقرءآن، والذين يتمسكون بالبخارى ويعدونه أنه الوحى الثانى ويتركون كتاب اللــه الذى يخالف البخارى يعترفون بجرمهم عندما يُعرضون على النار.
ويقول عز وجل عنهم بعد ذلك " بل لهم ما كانوا يُخفون من قبل ولو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون"
يعنى لو رددناهم لعادوا للبخارى مرة ثانية..... مفيش فايدة.
" وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذيثن ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نُجب دعوتك ونتبع الرسل او لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ". حين يرون العذاب يطلبون من اللــه أن يؤخره أو يعطيهم فرصة أخرى، فتكون الإجابة... لآ.
" .. وعرضنا جهنم " يتحدث رب العزة عن عرض جهنم للكافرين " وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا"
ويتحدث عن عرض الكافرين على جهنم " ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها " وفى نفس السورة " ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق ".
تعرض جهنم عليهم ويُعرضون عليها ويتحدثون بالندم، فأين ملامح الوجه فى ذلك الوقت؟ يقول رب العزة فى سورة الشورة " وترى الظالمين لمل رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل "، " وتراهم يُعرضون عليها خاشعين من الذُل ينظرون من طرف خفى...". موقف رهيب عرضهم على جهنم وعرض جهنم عليهم.

بعد ذلك يؤخذون ويُقيدون بالسلاسل " إذ الأغلال فى أعناقهم والسلاسل يُسحبون فى الحميم ثم فى النار يُسجرون ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون اللــه ".
أين الأولياء التى كنتم تشركون بهم... أين الرفاعى، أين الدسوقى، أين البخارى... انظر كيف تكون الاجابة " قالوا ضلوا عنا " أى تركونا وتخلوا عنا " قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا ".
المجرمون يُقيدون بالسلاسل " وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا " ويقول " وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد " سلاسل فى الأعناق وكل مجموعة مع بعضها ثم تقيد كل سلسلة مع الأخرى ثم تُسحب السلاسل بما حملت لكى تلقى بحمولتها فى النار " يُعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصى والأقدام " بمعنى أن يُقيدون بالسلاسل من النواصى أى من الجبهة إلى إلى الأقدام ثم بعد ذلك يُلقى فى جهنم.

ومثل ما هناك سلاسل جماعية يوجد أيضا سلاسل خاصة لكل فرد يقول رب العزة " خذوه فغُلوه ثم الجحيم صلُوه ثم فى سلسلة ذرعُها سبعون ذراعا فاسلكوه " أو يقول " فيومئذ لا يُعذب عذابه أحد ولا يُثق وثاقه أحد"
وبعد أن يقيد الجميع ويُقيد كل فرد بالسلاسل يُقسمون إلى مجموعات لأن جهنم لهل سبعة أبواب يقول سبحانه فى سورة الحجر " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم "، معروف كل باب أى مجموعة تدخل خلاله وفى سورة النحل يقول " فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين ".

فُتحت الأبواب وانتظرت الداخلين ثم بعد ذلك يُقسمون إلى مجموعات اخرى، يقول رب العزة " فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمان عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى صليا ". بعد أن يقسموا إلى مجموعات تُجمع هذه المجموعات مع بعضها وتُلقى فى جهنم كما تُلقى أكوام القمامة وكذلك ما جاء صريحا فى سورة الأنفال " ليميز اللــه الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركُمه جميعا فيجعله فى جهنم " أو كما قال " فكُبكبُوا فيها هم والغاون وجنود إبليس أجمعون ".
هذه الكبكبة أو هذا الالقاء جاء صريحا فى مواضيع كثيرة فى القرءآن الكريم ففى سورة الطور يقول " يوم يُدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التى كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ".
" يوم يُدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التى كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ". ويقول رب العزة فى موضع آخر عن تصوير الإلقاء فى جهنم " ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب " أو " ولا تجعل مع اللــه إلاها آخر فتُلقى فى جهنم ملوما مدحورا " ولاحظ أن هذا الخطاب موجه للرسول محمد فالمخاطب أولا هو الرسول ثم نحن من بعده. إن اللــه وحده هو الحاكم وكل البشر محكوم ونقرأ هذه الآية مرة أخرى "...ولا تجعل (أى يا محمد) مع اللــه إلاها آخر فتُلقى فى جهنم ملوما مدحورا " ونسأل أولئك الذين يزعمون أن الذى أثلقى إليه هذا القول سيشفع...

بتتابع الإلقاء فى جهنم، تُلقى آخر مجموعة أو آخر أمة " قال أدخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا إداركوا فيها قالت أُخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فئلتهم عذبا ضعفا من النار قال لكل ضعفُ...".
حين تنتهى عملية الإلقاء فى جهنم تبدأ عملية التخاصم والإتهامات والسباب والحوار بين الأمم فى النار وفى النهاية بعد أن تُغلق أبواب جهنم وتنتهى من إستقبال روادها يقول رب العزة " يوم نقول لجهنم هل إمتلأت وتقول هل من مزيد ".

لا يغُركم كثرة العصاة فى هذه الدنيا فمهما كان عددهم ومهما كانت قوتهم ومهما تكاثروا فجهنم أكبر منهم وفى جهنم مأوى لهم.
" يوم نقول لجهنم هل إمتلأت وتقول هل من مزيد ".
ولنا لقاء قادم إن شــاء اللــه مع " أحوال أهل النار فى النار "

اجمالي القراءات 13082