مصر 'تخلع' النقاب عن المدارس
معركة مرتقبة مع السلفيين بعد قرار وزارة التعليم حظر ارتداء النقاب، والأزهر يحافظ على حياده في معركة عقائدية حاسمة.
العرب أحمد حافظ [نُشر في 2016/09/24، العدد: 10404، ص(1)]
لا شعبية للنقاب في مصر
القاهرة - تشحذ الحكومة المصرية أسلحتها استعدادا للدخول في معركة شرسة مع إسلاميين ومناصرين للنقاب، في وقت قررت فيه وزارة التربية والتعليم منع ارتداء النقاب في المدارس اعتبارا من اليوم (السبت).
وإذا ما نجح تطبيق القرار فسيضع الحكومة في مواجهة جديدة مع حلفائها السلفيين بعد معركة شرسة انتهت بمنع شيوخ السلفيين من إلقاء الخطب في المساجد.
ويحظى قرار وزارة التعليم بدعم البرلمان، الذي يسعى نواب فيه لإعداد تشريع قانوني يمنع ارتداء النقاب عموما. ومن المقرر أن يقدم المقترح إلى مجلس النواب مع بدء الفصل التشريعي الثاني في أكتوبر المقبل.
ويشمل قرار الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم منع ارتداء المعلمات للنقاب داخل الفصول المدرسية، في مراحل التعليم الأساسي (الابتدائية والإعدادية)، كما أقر حظر ارتداء الطالبات للنقاب داخل المدارس بكافة مراحلها.
وكادت مصر تدخل في صراع مماثل عام 1992 عندما أقرت الحكومة حظر النقاب في المدارس، لكنها تراجعت لاحقا بقرار من الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك.
وقالت مصادر مسؤولة بوزارة التعليم لـ”العرب” إن “تعليمات مشددة صدرت لمديري المدارس والإدارات التعليمية بمنع دخول المعلمات المنتقبات إلى الفصول، حتى يتسنى لهن التواصل بسهولة مع الطلاب”.
وأضافت “لا يمكن لتلميذ أو تلميذة في سن صغيرة يتلقى تعليمه على يد معلمة لم ير وجهها. وسيتم تحويل الممتنعات عن القرار للعمل الإداري فورًا”.
وأشارت المصادر إلى أن تطبيق القرار “لن يكون سهلًا، لكنه سيكون بمثابة معركة مع التيار السلفي والبعض من المتشددين لارتداء النقاب، والمعضلة الأكبر ستكون في الرقابة على المدارس التي يصل عددها إلى 52 ألف مدرسة”.
ولم يعد النقاب يحظى بشعبية كبيرة في المدن، خصوصا بعد الإطاحة بالرئيس المنتمي للإخوان المسلمين محمد مرسي في 2013 اثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
وفي فبراير الماضي قررت جامعة القاهرة حظر ارتداء النقاب على هيئة التدريس من السيدات داخل المحاضرات، ووسّعت قرار الحظر ليشمل الطبيبات والممرضات داخل مستشفيات الجامعة.
وتسبب هذا القرار بموجة غضب واسعة في صفوف السلفيين والمتشددين. لكنّ محكمة القضاء الإداري حسمت الجدل بإصدارها حكما نهائيا يعزز قرار الجامعة.
ولم يبد الأزهر داعما لإجراءات الحكومة ضد النقاب، ولم يصدر عنه أي موقف رسمي.
وقالت آمنة نصير، العضو في مجلس النواب وأستاذ فلسفة العقيدة في جامعة الأزهر، إن دخول الحكومة حرب النقاب دون شجاعة مساندة من قبل المؤسسات الدينية سيضع أمامها الكثير من الصعاب.
وأضافت لـ”العرب” أنه “لا يمكن أن يقود وزير التعليم ورؤساء جامعات معركة ضارية وفاصلة مع مرتديي النقاب، ويقف الأزهر بجامعاته ومعاهده موقف المتفرج، دون أن يبادر بنفس الخطوة ويحظر النقاب داخل مؤسساته”.
وأشارت إلى أن الأزهر “إذا تحلّى بالشجاعة، وأقرّ في مناهجه أن النقاب عادة يهودية، ومنع ارتداء معلماته وطلابه للنقاب، سوف يكون حظره أمرًا سهلًا على الدولة”.
ولفتت إلى أن “وجود سلفيين داخل المؤسسة الأزهرية يحول دون ذلك، كما أن الضعف الذي ظهرت عليه المؤسسات الدينية وعدم مواجهة هذه العادة بصرامة يضعفان موقف الحكومة في الحرب على النقاب”.
لكن يبدو أن التردد مازال سائدا في أروقة الحكومة التي تتبنى نهجا يعتمد على حظر النقاب داخل مؤسسات معينة، لكنّها لا تسعى إلى تعميم القرار في كافة أنحاء البلاد.