لا أمل في هروب البحث العلمي من سيطرة الأمن في مصر
الأسباب التي تجعل الأكادميين يفتقدون الحماسة في الدفاع عن حرياتهم هو غياب الوعي حول قيمة الاستقلالية الأكاديمية بالدرجة الأولى. | ||||||||||
العرب نادية العوادي | ||||||||||
قبل أشهر حصلت خلود على كل الموافقات الضرورية من جامعة القاهرة لإجراء بحوثها في الخارج. وفي فبراير 2016، وبعد اهتمام كبير من الإعلام المصري، قالت خلود إن رئيس جامعة القاهرة تدخل في النهاية، مما سمح لها بمواصلة بعثتها في بلجيكا. يشير البعض من الجامعات الحكومية إلى الإدارة العامة للاستطلاع والمعلومات على مواقعها الإلكترونية، لكن المعلومات كثيرا ما تكون غامضة. ويُعلم موقع جامعة المنصورة إطاره التدريسي بأنه يجب عليه الحصول على الموافقة من هذه الإدارة في إطار الاتفاقات البحثية الثنائية مع “الجامعات العربية أو الأجنبية”. ويقول موقع جامعة كفر الشيخ إن قسم الدراسات والبحوث للمرحلة الثالثة مسؤول عن الحصول على الموافقات الأمنية من الإدارة العامة للاستطلاع والمعلومات بخصوص سفر طلبة المرحلة الثالثة والمشرفين على الأطروحات إلى داخل أو خارج البلد. أما موقع جامعة دمنهور فيذهب إلى المزيد من التفاصيل على صفحة تصف أدوار مديرها الأمني داخل الجامعة. وحسب هذه الصفحة، فإن مدير الأمن في الجامعة مسؤول عن الرجوع إلى الإدارة العامة للاستطلاع والمعلومات بمكتب وزير التعليم العالي بخصوص آرائها الأمنية في مواضيع عديدة. وتتضمن تلك الأدوار تعيين هيئة التدريس وسفر الأساتذة إلى الخارج، وترددهم على السفارات الأجنبية، أو قبولهم لدراسة اللغات في المدارس والمعاهد الأجنبية. ويتمثل أحد أدوار الإدارة أيضا في “توجيه هيئة التدريس المسافرين في بعثات أو منح رسمية إلى الخارج في مواجهة مساعي العدو للحصول على معلومات حول البعثة وتجنيدها لأغراض تجسسية”. ولم يتسن الحصول من وزارة التعليم العالي للتعليق. ويتساءل أستاذ الرياضيات في جامعة القاهرة هاني الحسيني، وهو أيضا عضو في حركة 9 مارس لاستقلالية الجامعات التي تأسست عام 2003، عن سبب “رجوع الجامعات للحكومة أصلا؟ الحكومة ليست جزءا من الجامعة أو إدارتها”. ويعتقد المحامي الحقوقي جمال عيد بأن الحكومة الحالية “تسعى إلى فرض قيود على كل مجالات الفضاء العام، بما في ذلك الجامعات… مثلما تفعل عن طريق إغلاق المنظمات الثقافية، أو ما تفعله مع منظمات المجتمع المدني والإعلام”. ويمثل جمال العيد حاليا باحثيْن موقوفين، وهما هشام عبدالغفار وإسماعيل الإسكندراني. وهشام عبدالغفار هو رئيس مجلس أمناء “مؤسسة مدى” للتطوير الإعلامي المتهمة بانتمائها لمجموعة محظورة وقبول رشاوى من أجهزة أجنبية مقابل الحصول على معلومات.
لكن عيد يعتقد أن السبب الحقيقي يتمثل في ميثاق مشترك يرتكز على"text2"> وتقول خلود صابر إن الموافقات تتطلب شهورا. كما يواجه الباحثون في العلوم الطبيعية مشكلات بحسب الحسيني. وتقوم الحكومة وممثلوها المتمركزون في الجامعة بالحد من عملهم عن طريق الحد من مراقبة التمويل لمشاريعهم البحثية. وتقول خلود صابر في الكثير من الحالات يتجنب الباحثون المصريون والمشرفون عليهم المواضيع التي يعتقدون أنها خلافية. كما يتحاشى المشاريع التي تتطلب العمل الميداني من أجل تجنب المسار الطويل للحصول على موافقات الجهاز مما يخلق ثقافة الرقابة الذاتية. ويعتقد فهمي أن الحل لا يكمن في إصلاح الأجهزة الأمنية في البلاد بالقدر الذي يكمن في امتلاك قوة موازنة مقابلة. وتتمثل هذه القوة في دفع للحريات الأكاديمية من الأكاديميين أنفسهم. ويقول “على المصالح الأمنية أن تعمل عملها. يجب أن نركز طاقاتنا على مساعدة دائرة الأكاديميين والصحافيين والكتاب الذين يؤمنون بقيمة حرية التعبير من خلال التدريب والمساعدة القانونية والعمل الشبكي”. ويقول الحسيني إن أحد الأسباب التي تجعل الأكادميين يفتقدون الحماسة في الدفاع عن حرياتهم هو غياب الوعي حول قيمة الاستقلالية الأكاديمية بالدرجة الأولى. ويضيف لكن هذا الأمر في طور التغيير. الآن يفهم الكثير من الأكاديميين أن الحكومة تموّل الجامعات عن طريق أموال دافعي الضرائب وبأن الإداريين في الجامعات يجب أن يأخذوا مسؤولية مراقبة مصاريفهم. |