الغراب وابنا آدم

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - سبتمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
يقول رب العزة في سورة المائدة: فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) لماذا اغلب الرويات والتفسير والتاويل لهذة الاية تشير ان ابن ادم لم يعرف كيف يدفن اخاه ، حتى بعث له الله تعالى بغرابان تقاتلا ومات احدهما ودفنه الغراب الاخر ؟ 1- الرويات تذكر غرابان تقاتلا وهذا غير صحيح لان الاية تشير ان الله بعث غراب واحد 2-الاية لا تشير ان ابن ادم احتار فيما يفعل بجسد اخية ولكن تشير انه لم يعرف كيف يواري عورة اخية ، ولا اعلم لماذا لم يعرف الم يتعلم من ادم ؟ فقد تعلم ستر العورة من ورق الجنه بعدما اكل من الشجرة الملعونه ؟ 3-ادم لما انكشفت عورته سعى لسترها وابنه لما قتل اخية سعى لستر العورة ؟ لماذا العورة كانت بتلك الاهمية بالنسبه لهما ولم يكن بشر كثير وقتها ؟ 4-الاية تشير ان الغراب جاء يبحث في الارض ، وفي وقتنا عندما يبحث الغراب في الارض فهو اما يبحث عن ماء او طعام .فهل شاهده ابن ادم وهو يبحث عن الماء او الطعام في الارض بحفرها فادرك انه بحفر الارض ينتج حفره مما يمكنه من وضع اخية وستره بالتراب ام انه ادرك ان التراب يمكن ان يشكل مادة يواري بها جسم اخية بدون حفر ؟ 5-هل ما تعلمه ابن ادم من الغراب كان فقط الحفر من خلال بحثه عن الطعام او الماء ؟ لا كما يشاع انه حفر ودفن جثة غراب اخر ... 6-اصبح ابن ادم نادما على قتل اخية مباشرة بعد ان شاهد الغراب وهو يبحث في الارض مالذي تعتقدون انه فهمه وادركه من هذا البحث ..هل ادرك ان الله من بعث الغراب ، فابدى ندمه على فعلته لما علم ان الله يعلم بامرة .؟
آحمد صبحي منصور

فى قصة ابنى آدم قال جل وعلا : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖقَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٢٧﴾ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٨﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿٢٩﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٣٠﴾ فَبَعَثَ اللَّـهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَىٰ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴿٣١﴾ المائدة) ونرى الآتى :

1 ـ لا شأن لنا بخرافات المفسراتية إذ يقحمون أنفسهم فى الغيب الالهى. ما لم يذكره رب العزة جل وعلا فى القصص هو غيب وممنوع أن نتكلم فيه. ومن يتكلم فيه فهو واقع فى التخريف . الكلام فى تفصيلات لم ترد فى القصة هو إفتراضات فى غيبيات لا نعرفها ، ولا يجوز التساؤل عنها .

2 ـ التركيز فى القصة هو على جريمة القتل ، وأن نفس القاتل هى التى طوّعت وإستحلت قتل أخيه ، فأصبح من الخاسرين . ولم ينفعه ندمه بعدها. وناقشنا الموضوع بتفصيل فى كتابنا ( حد الردة ) . المستفاد من قصة ابنى آدم أنها أول جريمة قتل فى تاريخ البشرية ، وأنها أول جثة آدمية . لذا تحيّر القاتل فى الموضوع فبعث الله جل وعلا غرابا يريه كيف يوارى سوأة أخيه.

3 ـ السوأة هى الجسد البشرى الذى كان لأدم وزوجه فى الجنة تغطيه أنوار الجنة البرزخية. وهو نفس الوصف بعد نزولهما الى الأرض ثم ابناؤهما . قال جل وعلا : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾ الاعراف  )

4 ـ العورة أشمل من السوأة . السوأة خاصة بالجسد البشرى حيا أو ميتا . كما جاء فى سورتى الأعراف والمائدة. أما العورة فهى عما لا يجوز النظر اليه من الأشياء المادية كالبيوت ، قال المنافقون فى موقعة الأحزاب : (   إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ﴿١٣﴾ الاحزاب ) وعن تشريع الزى والزينة قال جل وعلا : ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖوَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣١﴾ النور ). وعن تشريع الإستئذان قال جل وعلا :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚطَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٨﴾ النور )

اجمالي القراءات 4801