خبراء: "محاكمة جنينة" تبعث برسائل الخطر.."الدولة تحمي الفساد

في السبت ٠٤ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

كان على مقربة من السجن فحزم أمتعته وتأهب لأن يمكث خلف القضبان إلى ما تشاء النيابة، كان ذلك يوم الـ 24 من مايو المنصرم، غير أنه عاد في هذا اليوم إلى منزله بعدما أجلت النيابة التحقيق إلى صباح أول أمس الخميس، لتقرر هذه المرة إخلاء سبيله بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، في اتهامه بنشر أخبار كاذبة عن الفساد.

هكذا تدور الأحداث سريعا في قضية "المستشار هشام جنينة"، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، التي قررت فيها نيابة أمن الدولة العليا إحالته للمحاكمة، في إطار التحقيق معه حول تصريحات أدلى بها العام الماضي، بأن حجم الفساد في مصر بلغ 600 مليار جنيه، وهو ما اعتبره سياسيون رسالة خطيرة بأن "الفساد خط أحمر" من يُشير إليه سيلقى جزاء وعقوبة. 

مدرعة اقتادت "جنينة" إلى قسم شرطة أول القاهرة الجديدة، بعدما أحالته نيابة أمن الدولة العليا إلى محكمة الجنح، وإخلاء سبيله بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، إلا أنه رفض ذلك وقضى ليلته محتجزا، حتى دفع الكفالة في الساعات الأولى من صباح اليوم، الجمعة، مضطرا بعدما أصُيبت ابنته بانهيار ودخلت المستشفى لاحتجاز والدها يوم خطبتها .

 

ما حدث مع "جنينة" رأه معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي،  أمرا بالغ الغرابة والاستنكار، متسائلا:" كيف لمن يقف ضد الفساد يصبح خلف القضبان، والفاسدين خارجه؟".

 

وأضاف مرزوق، لـ "مصر العربية"،  أن ما وصفه بهذه التناقضات يُعطي مؤشرا سلبيا عن علاقة القانون بالحريات وأسلوب السلطة في إدارة الأمور، وأن عنوان المرحلة القادمة سيكون "مزيدا من القمع"، معتبرا أن هذه هي السياسة التي يتبعها النظام الحالي والتي ستقوده إلى الفشل.

 

وقال جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن المستشار هشام جنينة يستطيع الدفاع عن نفسه ويقدم ما لديه من وثائق وأدلة تُثبت موقفه ووطنيته وتبرئه من المأساة التي وقع فيها، مشددا على ثقته في وطنية "جنينة".

 

وأكد إسحاق، أنه لا يمكن لأحد أن يُزايد على وطنية "جنينة" ونزاهته، معتبرا أن هذه الأزمة مؤشر خطير بأن من يكشف عن الفساد أو يتحدث عنه يلقى مصير رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ويتعرض للحبس، متمنيا أن تُجرى محاكمة عادلة وشفافة يستطيع فيها تقديم أدلة برائته .

 

ورأى خالد راشد، نقيب المحامين بالمنوفية، أن القرار الخاص بإحالة "جنينة" للمحاكمة، فيه جانب سياسي أكثر منه قانوني، مشيرا إلى أنه لا توجد أدلة كافية للتحقيق معه أو إقالته من البداية، خاصة أن الجميع يعرف حجم الفساد في مصر، والذي وُصف في عهد مبارك بأنه " بلغ الركب".

واعتبر راشد، أن محاكمة جنينة" بتهمة نشر أخبار كاذبة عن الفساد بها قدر كبير من "السخرية" لأن الفساد يضرب بجذوره في كل مؤسسات وهيئات الدولة، منوها إلى أن هذه التهمة تحمل رسالة مفادها:"الفساد خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه وإلا يُقدم للمحاكمة، وأنه الدولة تحمي الفساد ".

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قرارا في مارس الماضي بعزل هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إثر تصريحه لإحدى الصحف، بأن الفساد في مصر على مدى الـ 4 أعوام الماضية تجاوز الـ 600 مليار جنيه، وذلك بعدما كلف السيسي لجنة بالتحقيق في تصريحات "جنينة" والتي انتهت إلى أنه هذه التصريحات كاذبة وتضلل الرأي العام  .

اجمالي القراءات 2059