في 16 يونيو اعلنت ملكة بريطانيا الكاتب سلمان رشدي ضمن لائحة التكريم بمناسبة احتفالها بعيد ميلادها، سلمان رشدي المتهم باهانة الاسلام سوف يتم منحه لقب لوردـ و في الوقت نفسة يتم محاكمة 5 من مسلمي مصر بنفس التهمة –ازدراء الاديان- و هم الان محبوسون في غرف التحقيفات في امن الدولة.
اعلان الملكة تسبب في تظاهرات عنيفة في العديد من البلاد و اعاد تهديدات الاغتيال وسط تغطية اعلامية واسعة. بينما الاعتقالات لاقت تغطية اعلامية ضعيفة او معدومةـ و هذه الاحداث تعلمنا دروسا بالغة الاهمية خصوصا الدرس الاخير و هو كلما زادت السياسة كلما زادت التغطية الاعلامية.
رد الفعل حول المظاهرات يكشف تداعي الثقة في الغرب. في عام 1989 عندما اصدر الخوميني فتوي بقتل سلمان رشدي، تم الدفاع عن سلمان رشدي و الاحتفاء به، كان السياسيون يظهرون بصحبته و يتصافحون معه، انا اذكر عندما كنت في مطار امستردام كانت محلات الكتب تعرض اعلانات كتابه "ايات شيطانية" في كل مساحة اعلانية ممكنة. المجتمع الحر اعلن ان حرية الرأي و التعبير لا يمكن التخلي عنها في وجه العنف و التهديد.
هذه المرة هناك مقالاتخ مشتتة تدافع عن رشدي و لكن الحكومات و السياسيين لم يسارعوا بمساندة رشدي. الكثير يراه كشخص يثير الكثير من الاحراج و المتاعب تماما مثل أييان هرسي علي، راسمي الكاريكاتير الدانماركيين، و ربما بابا الفاتيكان نفسه. لماذا يصر هؤلاء الناس علي استفزاز المسلمين؟
المثير للقلق بنفس الدرجة هو الطريقة التي تم بها حبك موضوع ازدراء الاسلام- حرية التعبير مقابل ازدراء الاديان- حيث يتم التغاضي عن سؤال سياسي مهم : هل يمكن ان يوجد حوار مفتوح حول الاسلام – خاصة بين المسلمين ؟ لقد تمت الاجابة علي هذا السؤال بوضوح من خلال الاحداث الاخيرة في مصر.
في مايو و يونية قامت امن الدولة المصرية باعتقال عمرو ثروت ، احمد دهمش، عبدالحميد محمد عبدالرحمن، ايمن محمد عبدالرحمن و عبد اللطيف محمد سعيد و كلهم اعضاء في شبكة القرانيين. و تمت توجيه تهمة ازدراء الاديان لهم في 21 يونية.
هؤلاء القرانيين يقومون بنشر رؤية اصلاحية مبنية كليا علي القران كمصدر اساسي للتشريع الاسلامي(www.ahl-alquran.com ) و هم ملتزمون بالحرية الدينية و المجتمع المفتوح، هم يعارضون حد الردة القائل بقتل المرتد لان حد الردة لم يتم ذكره في القران. عمرو ثروت كان مسئولا عن مراقبة انتخابات مجلس الشوري في مصر ممثلا عن مركز ابن خلدون الذي يرأسه د.سعد الدين ابراهيم العالم المرموق. عضو الجماعات الاسلامية السابق توفيق حامد قال لي ان القرانيين هم الذين اعطوه مساحة في التفكير لكي ينمي نقدا فكريا مكنه من الهروب بعيدا عن الفكر التكفيري العنيف.
امن الدولة وجهت اتهاما بازدراء الاديان للدكتور احمد صبحي منصور مؤسس شبكة القرانيين و استاذ التاريخ الاسلامي السابق بجامعة الازهر و الذي تمت اقالته بسبب ارائ ه من جامعة الازهر . و حاليا هو لاجئ سياسي في امريكا. و قامت امن الدولة ايضا باتهام د.عثمان محمد علي الذي يعيش في كندا.
هده الاعتقالات هي جزة من لعبة مزدوجة تقوم بها الحكومة المصرية حيث ايضا قامت باعتقال اعضاء من جماعة الاخوان المسلمين عندما ظهرت قوة الاخيرة، بينما تظهر الحكومة المصرية في نفس الوقت بدور الراعي للاسلام و تكسب رضا الاخوان المسلمين و ذلك بالقبض و تضييق الخناق علي المصلحين الاسلاميين الذين هم في نفس الوقت دعاة ديمقراطية. و في نفس الاستراتيجية تقع حادثة اعتقال المدون عبدالكريم نبيل الذي تم الحكم عليه باربع سنوات في السجن – سنة بسبب سب مبارك و 3 سنوات بسبب ازدراء الاديان.
محنة القرانيين تنعكس في حالات اخري لا يمكن حصرها في العالم الاسلامي توضح ان الموضوع اكبر مما يبدو. الحكومات و السياسيون يقومون باستخدام هذه الاتهامات بشكل روتيني لقمع المعارضين، الكتاب، الصحفيين و المصلحين الدينيين بشكل اخص.
هذه القوانين و التهديدات ليست مراوغات دينية يبتلي بها رسامو الكارتون و المرتدون و المؤلفون اصحاب الاراء المثيرة للجدل فقط، انها حواجز اساسية تمنع الحوار الديني المفتوح و المعارض، ايضا هي ضد الديمقراطية و المجتمعات الحرة داخل العالم الاسلامي. و من هنا فان ازالة حاجز "ازدراء الاديان" هي خطوة اولية لا يمكن الاستغناء عنها في عملية خلق مساحة للنقاش تؤدي الي الاصلاح
لو باسم التسامح الزائف و الحساسية الدينية تفشل الامم الحرة في ادانة و مقاومة القيود الشمولية فاننا لسنا نصمت و حسب بل اننا نعطي الفرصة لتدمير سلاحنا الاعظم في مواجهة التطرف الاسلامي ، و هو المسلمون المعتدلون الشجعان