تفسير ما قد يبدو تضاربا بين آيات القرآن
مقالة قد لا تستحق القراءة من البعض !!
فى كل دولة من دول العالم الذى نعيش فيه, صغرت ام كبرت, وبصرف النظر عن مكانها بين دول العالم, تجد بها قوانينا وضعت لكى يتبعها سكانها , وهى قوانين وضعت كى تنظم العلاقة بين المواطن والمواطن الأخر, كما تنظم العلاقة بين المواطن والدولة ككيان , والغالبية العظمى من تلك القوانين تتعامل مع ما هو غير مشروع او غير قانونى (كما يسمى) فى حياة المواطن اليوميه, اما ما هو مشروع فلا تتعرض له تلك القوانين , وتلك القوانين التى تحذر المواطن من تجاوز ما هو مشروع الى ما هو غير مشروع تجدها عادة تنص على العقوبة او على الجزاء لمن يخالف تلك القوانين. والعقوبه قد تتراوح بين غرامة مالية وقد تصل الى الإعدام . وفى كل دولة من دول العالم الذى نعيش فيه, يعطى رئيس الدوله سواء كان رئيسا للجمهورية ام ملكا ورثها عن أبيه, يعطى لنفسه الحق ان ( يعفو) عن اى شخص قد يكون قد خالف القانون وقد أدين من المحكمة ولو حتى كانت العقوبه هى الإعدام. ولا اعرف بلدا فى العالم ليس من حق رئيسها ذلك ( العفو),(( ولربما يكون هناك بلدا او عددا من البلاد لا تعطى هذا الحق للرئيس, واكون شاكرا لمن يعرف ذلك ان يفيدنى بهذه المعلومات)). والرئيس فى تلك الدول عادة ما يكون بشرا لا يختلف عنى او عنك فى شيئ, بل ربما يكون صعلوكا وقد ورث ذلك المنصب او إنتزعه بمساعدة صعاليكا مثله , بإختصار, يعطى هذا الصعلوك نفسه الحق فى ان يعفو عمن يريد ان يعفو عنهم دون إبداء اى سبب او تفسير لذلك العفو.
إن كل ما بفعله الأنسان, اى انسان, اى بشر فى هذه الدنيا له ثلاثة ابعاد لارابع لهم. البعد الأول هو ان ما يفعله يتعلق به شخصيا, والثانى هو ان ما يفعله يتعلق بالأخرين ممن حوله, والثالت يتعلق بالله عز وجل. من الطبيعى ايضا ان تتداخل وتتشابك بعض تلك الأعمال ليكون لأى منها اكثر من بعد واحد.
فأما ما يتعلق به شخصيا ,كأن يكون جائعا فيأكل, او عطشانا فيشرب, او طالبا للعلم فيتعلم, او حتى يائسا تماما من حياته فينتحر وما الى ذلك من امثلة لا تحصى, فإن ما يفعله الفرد فى تلك الحالات يتعلق به وبه وحده, ,وإن كان فى بعض الأحوال قد ينعكس او قد يكون له تأثيرا ولو غير مباشر على من حوله, او حتى على علاقته بالله سبحانه وتعالى , ولكن المقصود بتلك الأعمال هو ما ينعكس على الفرد, فلو انه اهمل صحته وأساء اليها فتدهورت فإنه هو الذى يجنى ثمار ذلك وحده من ألم ومن مرض او لو انه ادمن تعاطى المخدرات او أدمن شرب الخمر وأصيب بتليف فى الكبد كنتيجة لذلك..........الخ, فقد يكون لذلك أثرا على من حوله من اقارب او عائلة , غير ان الألم والمرض لا يشعر بهما سواه, وبالطبع هناك امثلة كثيرة على ما يفعله الفرد والذى يتعلق به شخصيا, مثال اخر كأن ينال شهادة عليا فى الجراحة مثلا, فلا يمكن لغيره ممن هم حوله مهما كانت علاقتهم به او قرابتهم اليه ان يمارسوا الجراحه لمجرد ان قريبهم يستطيع ذلك....... الخ
العمل الثانى وهو من اكثر ما يفعله اى فرد وهو ماله علاقة وتأثير على الأخرين. والأمثله على ذلك لا تحصى ولا تعد هى الأخرى فيما يقوله او ما يفعله او ما يقدمه, ما يعطيه او ما يأخذه, كل ذلك يؤثر تأثيرا مباشرا على من حوله من الناس, ولا يمنع ايضا ان يؤثر عليه هو الأخر, وجميع تلك الأعمال فى الغالب تتم على مشهد من الناس ممن حوله, وإن كان بعضها قد لا يتم على مشهد منهم, كأن يكون فى عملية للسرقة لا يراه كما لا يود ان يراه من الناس احدا على سبيل المثال.
العمل الثالث هو ما يفعله الأنسان مما يكون له تأثيرا على علاقته بالله عز وجل, سواء فى ايمانه او فى اتباع ما أمر الله به او مخالفة ما أمر الله به , وبعض تلك الأعمال قد يراها الأخرين من الناس, كأن يصلى مثلا او يحح او يعتكف فى مسجد, او كأن يكون عربيدا منافقا زنديقا يخالف كل ما أمر الله به ............الخ, والأخرون الذين يشاهدون ذلك - سواء كان ما يبديه هو ورع وتقوى او ما يبديه هو كفر وزندقه - , غير انهم لا يمكن ان يحكموا على ذلك الأنسان إلا بما يشاهدونه بإعينهم او يسمعونه بآذانهم. ولكن السؤال هو هل ما يشاهدونه هو فعلا ما يعنيه ذلك الأنسان, هل كل إنسان يبدى ورعا وتقوى هو فى الحقيقة هكذا ام ان ذلك مجرد مظهرا يريده لنفسه بين الناس, والعكس صحيح, لكن الله عز وجل هو فقط الذى يعرف الحقيقه, ولذلك, فقد قال عز وجل, (لله ما في السماوات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) البقرة -284, فى هذه الآيه ربما الإجابة الكاملة على ذلك المثال, اى ان ليس كل من تراه ورعا تقيا او من تراه وتعده كافرا او زنديقا يراه الله كما تراه, ولذا فقد قال وإن تبدوا ما فى انفسكم او تخفوه, وما يبديه الأنسان أوما يخفيه , انما تكون عملية الإبداء والإخفاء للأخرين من الناس من حوله لأسبابه الخاصة, وليس لله, لأن الله يعلم الحقيقه سواء ابداها ام اخفاها.
الله سبحانه وتعالى قد شرع لنا قوانينا وامرنا بإتباعها, وقد وضح فى قوانينه الأمور التى لا يجب ان نفعلها وعقابها, كما وضح الكثير مما هو مسموح به, ولكنه لم يوضح كل شيئ مسموح به, وكما يقال ان الأصل فى كل شيئ التحليل إلا ما حرمه الله . وفى كل الأمور التى تتعلق بعلاقة الأنسان بنفسه او بألاخرين, فقد شرحها وبينها لنا, ثم فى الكثير منها اشار الى العقاب على من يخالفها, والعقاب الذى يتم فى حالة مخالفة قوانييه التى تحكمنا, قد يختلف من دولة الى الأخرى, حيث كما قلنا مسبقا ان كل دولة لها قوانينها التى تحكم العلاقة بين الناس, وكثير من تلك القوانين تمتد جذورها الاولية الى ما شرعه الله, وإن قد يختلف العقاب على المخالف من مكان الى مكان, اى ان التجاوزات التى تحدث بين الناس يتم البت فيها بين الناس عند اكتشافها, ولا يعنى ذلك ان بعضها لن يؤخره الله عز وجل الى يوم الدين لكى يجازى به او عليه أيضا. كل ما شرعه الله حسب مفهومى وما أشار الى نوعية العقاب عليه يتعلق بما يفعله الأنسان تجاه أخيه الأنسان, ولكن ما امر الله به من اعمال ومن مناسك فى عبادته, فإن جزاءها او عقابها لديه هو فقط, وقد وضح الجزاء على بعض منها ولم يوضح الجزاء على البعض الأخر, وتلك الأعمال للمرة الثانية والتى تتعلق بعلاقة الإنسان بربه, احتفظ لنفسه بحق المكافأة والعقاب,فمثلا لم يأمر ان نكافئ من يصوم او يصلى وحدد قدر المكافأه, او امر بأن نضرب من لا يصوم او لا يصلى, وحدد كيفية الضرب, وإن كان هناك من يفعل ذلك كما يحدث فى بعض الدول الأسلامية الأن , فقد فوض هؤلاء انفسهم مندوبين عن الله سبحانه وتعالى فى العقوبه فقط, ومن العجيب انهم لم يفوضوا انفسهم عنه أيضا فى حالات المكافأه, فإنهم لا يعطون من يصلى مثلا اجره على الصلاة, فقط يستعلمون عصيهم وأسواطهم فى إيذاء الغير نيابه عن الله, اليس ذلك مدعاة للضحك والسخرية, أليس من المنطقى إن فوض احدهم نفسه عن الله ان يكمل العمل , فيعاقب ان كان هناك عقابا وان يكافئ ان كانت هناك مكافأه!!!!!
إن القوانين البشرية معروفة والكثير منها مستقاة من القوانين الإلهية, ولسنا بصدد التعرض للقوانين البشرية فلها متخصصون من قضاة ومحاميون يعرفونها ويعرفون كيف يتعاملون بها, ولكننا سنحاول ان نتعرض قليلا للقوانين التى وضعها الله فى كتابه المحكم. فنرى انه قد نهى عن الزنا, وحدد عقاب الزانى والزانية ,ونهى عن السرقة وحدد عقاب السارق والسارقه ........الخ, لكن هل هناك أيضا فى محكمة يوم القيامه قضاة كما فى محاكمنا, بالطبع لا , فليس هناك سوى قاضى واحد وهو الله الذى لا إله إلا هو, فهل هناك محامون ليدافعوا عن المتهمين امام المحكمة النهائية, بالطبع لا. كيف ذلك, كيف يكون فى محاكمنا قضاة ومحامون ليدافعوا عن هؤلاء الذين لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم بينما فى اهم محاكمة فى حياة الفرد والتى سوف يتقرر مصيرة الأبدى لا يوجد محام واحد, والإجابة بسيطة جدا, ان القاضى الحاكم هو ليس من جنس البشر, انه الله الحى القيوم الذى لا تأخذه سنة ولا نوم, والذى قد احيط بكل شيئ علما, مهما صغر او كبر, وهو عادل ولا يظلم نفسا شيئا. اى ان الإنسان لن يحتاج الى محام لكى يحلل او يبرر او يفسر لله أعمال ذلك البنى ادم.
نأتى الى ماقاله الله عز وجل, فنجد مما قال سبحانه وتعالى ما يلى:
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما – النساء-93 وهنا قد صدر قانون الهى يحدد لنا بأن القاتل الذى يقتل ( مؤمنا ) متعمدا سوف يكون مصيرة جهنم خالدا فيها, وان الله قد غضب عليه ولعنه. هذا هو القانون, وبصرف النظر عن القوانين البشريه التى تتعامل مع القاتل, فهناك ايضا القانون الإلهى .
ثم نجد أيضا ان الله سبحانه وتعالى قال :
ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك ماواهم جهنم وساءت مصيرا النساء -97 , قانون اخر وقد حدد فيه عز وجل ان المستضعفين فى الأرض الذين ظلموا انفسهم, والذين لم يهاجروا فى أرض الله الواسعة, سيكون مصيرهم جهنم, لم يقل فى ذلك القانون انهم خالدون فيها, ولم يقل ايضا انه غضب عليهم كما قال فى الآية السابقه.
ونرى انه جل جلاله قد قال أيضا:
ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة فقد باء بغضب من الله وماواه جهنم وبئس المصير الأنفال- 16, قانون الهى اخر عن المحاربين فى سبيل الله الذين يهربون من القتال فى سبيل الله, فقد غضب عنهم وتوعدهم بجهنم, لكنه لم يقل انهم خالدون فيها. كما نلاحظ أيضا ان هذا القانون يكاد يكون عالميا فى جميع الدول, ففى حالة الحرب من يهرب من القتال يحاكم وفى معظم الأحيان تكون الععقوبة قاسية وقد تبلغ الإعدام او السجن لمدة طويلة.
ونواصل عرض قوانين الله عز وجل فنرى ما يلى:
وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم التوبه- 68 , هنا يتحدث عن المنافقين والمنافقات, فيقول بكل وضوح انهم خالدين فى جهنم وانه لعنهم.
ثم يقول سبحانه وتعالى فى آية اخرى :
ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون, الزخرف – 74, والآية تتعامل هنا مع المجرمين, وتعدهم بعذاب جهنم خالدين فيها.
كما يقول:
ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم البقرة 114, فى هذه الآية يتوعد الذين يسعون فى خراب المساجد ويمنعون ذكر اسمه فيها, بأن لهم عذاب عظيم, وإن لم يحدد مدته او كيفيته.
كانت تلك امثلة على القانون السماوى الذى وضعه الله وعلى العقوبة التى تقترن بمخالفته. وهناك امثلة اخرى كثيرة جدا من مثل ذلك فى الكتاب الحكيم.
إلا اننا نرى انه أيضا قد قال كما ذكرنا من قبل (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما) , ونتساءل هنا, اليس هناك تضارب بين تلك الآيه والأيات الأخرى المذكورة التى حدد فيها سبحانه وتعالى العقاب الذى سيناله من اقترف تلك الأعمال من قتل او هروب فى الحرب او نفاق...الخ, الم يقل ان من قتل مؤمنا متعمدا فسوف يعاقبه بجهنم وعذاب عظيم وانه غضب عليه, وكذلك فى كل الأمثلة الأخرى التى تبعت ذلك اعلاه, فكيف نوفق بين كل ذلك الوعيد بجهنم وعذاب شديد ابدى وبئس المصير, وبين انه سيغفر كل شيئ ما عدا ان يشرك به, هل غير الله القانون , ان الآيه واضحة تماما مثل وضوح الآيات الأخرى, تقول يغفر ( ما دون ذلك, وذلك تعود على الشرك) اى انه بإختصار يقول انه سوف يغفر كل ما ذكر من قبل بالرغم من تحديد العقاب على كل تلك المخالفات, ولكنه لن يغفر ان يشرك به.
ان كان الله سوف يغفر للجميع سواء الذى قتل او الذى سرق او الذى زنا او ...او ...او.....طبقا للآيه , فلماذا وضع تلك القوانين من قبل, الا يشجع ذلك البعض على مخالفة تلك القوانين!!!!!!!
ثم ما هو موضوع الشرك الذى قال عنه انه لن يغفره ؟؟؟؟
فهل الشرك بالله أكبر من قتل مؤمنا عامدا, يبدو ان ذلك هو الحال طبقا للأيه, ماذا هو إذن الشرك الذى اعتبر اكبر من القتل المتعمد لمؤمن .
فى محاولة منى لمعرفة معنى الشرك كما يراه ( المتبحرون او المتخصصون) فى الدين وجدت فى المراجع التى اقتنيها, ان هناك عشرات الصفحات التى كتبت فى معنى ( الشرك) فقد وجدت ان كلمة مشرك ذكرت فى اكثر من ألف موضع, وكلمة الشرك ذكرت فى اكثر من خمسة ألاف موضع وقسموا الشرك الى الشرك الأعظم والشرك الأصغر, وبعد ان بدأت بقراءة عدة مئات من تلك المواضع, رأيت ان اختصر الطريق على القارئ, فأقول ان الشرك فى أبسط معانيه هو كما يبدو من معنى الكلمة دون " فلسفة " فارغه وتضييعا للوقت, الشرك هو ان تشرك الله فيما اختص نفسه به مع كينونة أخرى غيره , الشرك هو ان تعطى حقا من حقوقه التى اختص بها نفسه الى كينونة اخرى غيره, الشرك ومعناها المشاركه, كأن يشترك اكثر من واحد فى شيئ ما, الشرك هو ان تؤمن بأن هناك مع الله شريكا اخر , ومثالا بسيطا على ذلك, ان نعلم ان الله هو من بيده الشفاء لقوله ( وإذا مرضت فهو يشفين - الشعراء 80) ورغم اننا نعلم ان الشفاء هو بيده وهو شيئ قد خص به نفسه كما جاء فى الآية الكريمة, فنرى ان هناك من يدعو السيدة زينب او السيد البدوى او الحسين بشفاء مريض له او شفاؤه شخصيا. هذا هو الشرك بلا جدل او مناقشة. أو بينما نعلم جبدا ان الله هو الرزاق كقوله (ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين – الذاريات 58 ) غير ان البعض يؤمن ان رزقة على إنسان أخر مثله, فيتضرع له ويحمده ويشكره على ذلك, والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
غير اننا نرجع الى السؤال اعلاه, هل يعد ذلك الشرك الذى يأتى عندما يتوسل انسانا الى احد الأضرحه ان يوفقه فى عمل او ان يشفى مرضا...الخ اكبر ذنبا عند الله من الذى يقتل مؤمنا عامدا كما جاء فى الآيه الكريمة (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما) ؟؟؟ . غير اننا أيضا نرى صورا اخرى من الشرك قد تكون اكثر وضوحا, فأن يعتقد البعض ان الله عز وجل له إبنا يشاركه فى ملكه , او أما او أختا او زوجة, وأن يتوجه الى أى منهم بالدعاء او بالطلب سواء فيما هو من أمور الدنيا او الأخرة, فتلك أيضا صورة أخرى من الشرك, وتختلف درجاته عن الصورة الأولى , فبينما فى المثال الأول قد لا يدرى المشرك ان ما يفعله هو نوع من االشرك بالله, ففى المثال الثانى فإنه يدرى جيدا ان ما يفعله هو إشراك لله مع اخر مع سبق الإصرار والترصد.
كيف نستطيع ان نفسر ما يبدو انه إختلافا او تضاربا بين الآيات المذكوره؟, مما هو واضح ان هناك أيات بينات تحرم أشياء مثل القتل او الهروب من القتال فى مواجهة العدو ...الخ كما تعد المخالفين بعقوبات محددة, ثم نرى أيات أخرى تعد بالمغفرة لكل تلك الذنوب بأستثناء الشرك, ثم نرى آية اخرى مثل (لله ما في السماوات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) ليس بها اى إستثناء مثل الآية الأخرى فيما يتعلق بالشرك, ولكن فى هذه الآيه نرى انه يغفر لمن يشاء, يغفر فيها الله كل شيئ دون استثناء, بما فيه بالطبع الشرك والقتل وكل ما ذكر من قبل من ذنوب, فكيف يمكن ان نوفق بين تلك الأيات وكيف يمكن ان نفسرها!!
ثم بعد ذلك نرى انه سبحانه وتعالى يقول (قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم – الزمر 53 ) . وفى هذه الآيه يؤكد سبحانه وتعالى انه يغفر الذنوب جميعا, ونكرر مرة اخرى, الذنوب جميعا, فهل هناك من يود ان يتفلسف فى تفسير كلمة جميعا, بأن يقول ان جميعا لا تشمل الشرك او القتل او النفاق او اى شيئ اشتملت عليه الآيات السابقة, جميعا تعنى جميعا, اى بدون استثناء او فلسفة او فذلكه, ((يجدر ان نضيف هنا ان هذه الآيه بالذات تشترط ان تكون التوبه الى الله قبل الموت كما يتضح من الآيات اللاحقة لها)).
لقد أضحكنى وأبكانى الكثير من المناقشات التى دارت على هذا الموقع من قبل من البعض الذين خاضوا فيما ليس لهم من علم وفى من سيدخل الجنه ومن لن يدخلها, وهل المشرك او الكافر او هذا او ذاك سوف يدخلها ام لا, وما تبع ذلك من خلافات حادة بينهم, وكأن كل من كان له رأى فى هذا الموضوع ( وأعنى بالرأى انه كان مع او ضد دخول شخص ما الجنة من عدمه) كان عليما خبيرا بما سوف يحدث, وإن سألت اى منهم ان كان يعرف بطريقة حتمية اين سيكون مصيره هو شخصيا.................., من الطبيعى ان تكون اجابة ايهم بأنه لا يعلم تماما الى اين سينتهى, وان كانت اجابته غير ذلك, فمن الحماقة ان تستمر المناقشة معه, اما ان كانت الإجابة بأنه لا يعلم مصيره شخصيا كما هو متوقع , فكيف يمكن له إذا ان يعلم مصير اخرين غيره!!!!!!! مرة اخرى , إن كنت لا تعلم مصيرك يا سيدنا الفاضل, فكيف تعلم مصيرى او مصيره او مصيرها او مصير اى انسان اخر!!!! وبالطبع ستكون الإجابة منهم فى سرعة البرق بتقديم بعض الآيات التى ذكرناها من قبل والتى تخصصت سواء عن الشرك او القتل او او او او............
نعود الى السؤال اعلاه, كيف يمكن ان نفسر ما يبدو من اختلاف بين تلك الآيات, والتفسير من ناحيتى هو ببساطه, ان كنا نعرف ان اى ملك او رئيس حتى ولو كان صعلوكا كما ذكرنا سابقا من حقه ان يعفو عمن يريد دون ان يبدى سببا او تفسيرا لذلك, ونحن لا نتساءل لماذا, ولا نطلب تفسيرا لما يفعله, ولا نوجه له اتهاما بل نرى ذلك حقا من حقوقه, فكيف بالله عز وجل, كيف يمكن ان نتساءل ان كان له نفس الحق, نعم انه قد سن القوانين, وقد اصدر الأحكام وقد حدد الثواب كما حدد العقاب, ولكنه احتفظ لنفسه بالحق فى ان يعفو عمن يشاء وان يغفر لمن يشاء, وهو جل شأنه فى حكمته يعلم ما فى داخل نفوسنا أكثر من اى منا , ويحكم كيف يشاء , ويسأل بفتح الياء ولا يسأل بضم الياء, وعدالته جل وعلا لها مقياس يختلف تماما عن مقاييسنا كبشر, وأبعاد لا يمكن لنا كبشر ان ندركها, ومن ثم يكون التساؤل عن ما يبدو من إختلاف فى تلك الأيات محض جهل بحقيقة معناها ومحض جهل بحقيقة مبتداها او منتهاها. ومثالا بسيطا على ذلك, هو هل يتساوى انسان احمق لا اقول مجنونا, بل احمق او على درجة من الغباء ليس بيده ان يتحكم فى مقدار ذكائه ومعرفته وتقديره للأمور, اى أمور, وإنسان ذكى على درجة عالية من العلم والمعرفه والتقدير للأمور, هل يتساوى الحكم عليها ان قررا كلاهما ان يقتلا إنسانا أخر حتى ولو كانت الأسباب متشابهه!!!!!!!!, ان الإنسان لا يتحكم فيما أتاه الله من ذكاء او مقدرة على تحصيل العلم والمعرفه, هنا ألا تعتقد ان الله سوف يستعمل حقه فى العفو والمغفرة لأحدهما دون الآخر, وبذلك المثال لا يكون هناك اى تضارب او إختلاف بين آيات القرآن, بل تكون نموذجا للإعجاز الإلهى, هذا هو ما اعتقده, والله سبحانه وتعالى اعلم.