فى العصر العباسى الأول إحتاج العباسيون الى صناعة الأحاديث لتشريع دولتهم الدينية . وكان من أسباب قتل أبى حنيفة عدم إعتداده بالأحاديث وتأكيده على ان أقرانه هم الذين صنعوها ونسبوها زورا للنبى محمد عليه السلام . مالك بن أنس هو رائد التأليف فى الحديث ، وكتبها عنه تلامذته فى حوالى عشرين نسخة مختلفة من كتاب ( المظأ ) . الشافعى هو الذى أسّس دين السنة ، سواء فى التشريع بكتابه ( الأم ) أو فى تقعيد هذا الدين السنى فى ( الرسالة ) . فى رسالته هذه قام الشافعى بالرد على من ينكر الأحاديث ، وهذا دليل على وجود منكرى السنة ، إلا إن صوتهم القرآنى لم يكن مسموعا ، لأن الأحاديث دخلت فى الرواج والانتشار ، وتعرض القرآنيون للتجاهل من المؤرخين السنيين من ابن سعد الى الطبرى وتلامذته حتى ابن الجوزى . ثم فى العصر العباسى الثانى ـ أعلن الخليفة المتوكل السنة دينا وإضطهد خصومه فى الدين من المعتزلة الى الصوفية وأهل الكتاب والشيعة ، ووقتها إزدهر التدوين ، فلجأ الشيعة الى حرب السنة بالأحاديث السنية ، أى يخترعون أقاويل ويجعلون لها سندا ، بنفس ما يفعله السنيون ، ولكن يطعنون بها السنة . وبنفس الطريقة فعل منكرو السنة ، يطعنون فى الأحاديث بصناعة أحاديث ، وبوضع قواعد تجعل كل الأحاديث آحاد تفيد الظن ولا تفيد اليقين . المهم أننا نرى هذه الحرب بالأحاديث ظاهرة فى ثنايا بعضها ، مثل حديث ( لا يقعدن أحدكم على اريكته ويقول علينا بكتاب الله ..ألا وأنى أوتيت القرآن ومثله معه .. ) وفى المقابل حديث النهى عن كتابة غير القرآن . وفى العصر المملوكى عصر التقليد تم الاعتراف بكل تلك الأحاديث مع تناقضاتها .
وفى مرحلة سابقة من نضالنا ضد السُّنّة كنا نستعين بضرب الحديث بالحديث ، وبإختلافاتهم فى الجرح والتعديل ، لأن الاستشهاد بالقرآن لا يؤثر فيهم .