الماء
قال الله تعالى في كتابه العزيز:
"وجعلنا من الماء كل شيء حي" 21/30
"والله خلق كل دابة من ماء"45/24
"افرأيتم الماء الذي تشربون*ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلين"
"وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء"99/6
كثيرة هي الآيات التي تتحدث عن أهمية وضرورة الماء للحياة ،وقوله عز وجل أنه جعل من الماء كل شيء حي ،هذا يعني أنه لولا وجود الماء لما وجدت الحياة على وجه الأرض . دعونا نعود الى العلم ،والاكتشافات العلمية حول هذه المادة التي هي أصل الحي&Cاة .
ألله عز وجل يقول:
"سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"53/41
الذين تقع على عاتقهم مجاهدة الأفاق والأنفس هم العلماء بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم ،ولو سألنا أنفسنا لماذا العلماء هم الذين اختارهم رب العزة لهذه المهمة وخصهم بالذكر؟ ...أستطيع أن أقول أن العلم في العموم محايد ...العلم لا يعمل من أجل الدين ،العلماء الذين يقضون عشرات السنوات في البحث والتجارب ...ليس همهم إثبات صحة هذا الدين أو ذاك ..بل همهم الوحيد الوقوف على الحقيقة .... لكن من يستغل نتائج أبحاثهم ويجيرها لنفسه أو لدينه وعقيدته ...هذه مسالة ثانوية بالنسبة إليهم.وبالمقابل ونتيجة ما توصلوا إليه من حقائق كونية في الأفاق والأنفس قد يؤدي ببعضهم شخصيا الى الأيمان والتوحيد ،لا يمكننا نفي ذلك وفي العالم الكثير من الأمثلة ... لسنا بصددها الآن...
لهذا يمكننا أن نقول أن العلم محايد ...لأن العلم الذي ينتج النظريات اليقينية،هو البرهان العملي على صحة قوانين وسنن خلق الله وإبداعه ، هذه السنن الموضوعية الثابتة هي كلمات الله الحق في هذا الكون....
بعد هذه المقدمة.. نسأل ....ماذا قال العلماء : وما توصلوا اليه في بحوثهم المائية؟.البحوث المائية أكدت الحقائق الثابتة التالية:.
المياه بنوعيها المالح والحلو تغطي مساحة 369 مليون كيلومتر مربع من سطح الكرة الارضية وهذه المساحة تشكل ثلثي مساحة الارض،نسبة المياه الصالحة للشرب من مجموع هذه الكمية لا تتجاوز 2% ،منها 80% لا يمكننا استخدامه لكونها كميات متجمدة في القطبين . إذن كمية المياه الصالحة للحياة محدودة بالنسبة إلى مجمل الكميات المتواجدة على سطح الارض .الله عز وجل يقول في كتابه.
"وانزلنا من السماء ماء بقدر فا سكناه في الأرض وإنا على ذهابه لقادرون"18/23
من هذه الاية وغيرها من الآيات ضمن هذا السياق،نجد أن الخالق عز وجل قد أنزل لنا هذا الماء بقدر معلوم من عنده ،ووضع هذه المياه الصالحة للإنسان والحيوان والنبات في الأرض.... وهنا لابد لنا من ملاحظة قضية هامة في هذه الاية ذلك بأن هذه النعمة الكبيرة التي هي أساس الحياة ،لا يمكننا الحفاظ عليها والتمتع بها كما نشاء ،مثلها مثل نعمة الصحة ونعمة الحياة ،لابد ان نشكره عليها ونتعامل معها بدون إسراف وتبذير....لأن الله عز وجل قادر على ذهابها ...أي بما في معناه نهاية الحياة.
"قل أرايتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" 30/67
"أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً" 41/18
هل حقاً تنتهي الحياة بدون الماء ،يقول العلم أن نسبة الماء في النباتات والحيوانات تساوي 70% بالمئة من حجمها ،ونسبة الماء في جسم الانسان تساوي 60% من حجمه . إذا فقدنا من اجسامنا نسبة 1%، من كمية الماء المتواجدة في الجسم نشعر بالعطش ،وإذا فقدنا ما نسبته 5% نشعر بالضعف والدوران وارتفاع درجة الحرارة .وبفقدان 8% من الماء من الجسم تتوقف الكلى عن العمل ،وإذا تجاوزت الكمية 10% تتوقف العضلات الإرادية عن العمل وهذا يعني بداية الموت المحقق الذي يبدأ عند فقدان نسبة 20% من حجم الماء الكلي في جسم الانسان..... وقدر العلماء انه بفقدان ثلاثة لترات من الماء ،يختل توازن الانسان النفسي ويصاب بدوار ،حيث يتغير لون الانسان وتبدأ خلايا الجلد بمساعدة الجسم على تعويض ما ينقصه ..لكنها تفقد لونها بالتدريج وتبدأ بعد ذلك بالموت إذا لم يتم تعويض هذه الكميات.من هذا نستنتج أن مادة الحياة الأساسية هي الماء .وقد أكدت الدراسات وهذه الناحية مهمة جداً
.".ان كمية الماء اللازمة للحياة والموجودة دائما في كوكبنا لاتنقص ولا تزيد في وهي متواجدة في كل الحالات المعروفة،ماء ،جليد بخارالخ... بنفس القدر على مدى العصور"..
"وأنزلنا من السماء ماء بقدر"18/23 هذا القدر لم يتغير ولن يتغير كما أكد العلم هذه الحقيقة الثابتة. والسؤال؟
هل حافظ الإنسان على هذه النعمة الربانية ،وهل ما نراه على سطح الأرض من توزيع غير عادل لنسبة المياه بين سكان الكرة الأرضية سببه نقص في العدالة الآلهية" والعياذ بالله" أسئلة محيرة للبعض ...لكن الإجابة عليها موثقة في تقارير المنظمات الدولية والأبحاث العلمية .....ذلك أن سبب هذا الخلل هو عمل الإنسان.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز.
"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" 41/30
الله عز وجل انزل لنا هذه النعمة بقدر ،تكفي لكل احتياجات هذا الكوكب ،هذه المادة المؤلفة من ذرتين هيدروجين وذرة أوكسجين .. معادلتها الكيمائية هي من ابسط المعادلات. في الحالات الطبيعية ...الماء الصالح للشرب والاستعمال موجود في الطبيعة بدون لون ،ولا رائحة ،والطبيعة كانت تقوم بدور تنقيته ومعالجته بيلوجياً ليكون صالحاً ،لكن المأساة الآن أن هذه النوعية الجيدة والصالحة من الماء أصبحت نادرة ....لماذا ...هل هو غضب الخالق علينا كما يقول بعض المشايخ...أبدا ..الله قال لنا انتشر الفساد بما كسبت أيدي الناس ...والفساد بأحد معانيه هو تلوث مياه الشرب ومياه السقاية للنباتات والحيوانات ...الفساد انتشر بعد الثورة الصناعية ،حيث كان هم الإنسان الربح على حساب القيّم على حساب التوازن البيئي ...تحدى الإنسان الطبيعة عندما فقد بوصلة التوحيد وبدأ يعمل على الصراع معها ،متناسياً أن التوازن البيئي هو اساس الحياة.... رمى بفضلات صناعاته الكيمائية والبيولوجية في مياه الانهار ...ولوث المياه الجوفية ... فانتشر المرض بين الناس وخاصة الأمراض القاتلة ، أطلق الغازات من المعامل ومحطات الطاقة الذرية ووسائل النقل الجوية والبحرية كل هذه الامور أحدثت خللاً في الطقس وتلوثا في التربة والهواء ... فارتفعت درجات الحرارة في العالم عن معدلاتها المعهودة ،ومن ثم تم قطع اشجار الغابات التي كانت رئة العالم من أجل التجارة والطمع اللذان لا حدود لهما.....كل هذا كان له تأثيره الكبير على معدلات سقوط الأمطار بشكل متناسب على الكرة الارضية ،وبذلك قل توافرها ببعض المناطق وخاصة في افريقا وبعض الدول الاسيوية ، وعدم عدالة توزيع المياه على الارض سببها الإنسان في الدرجة الأولى ...وهناك تدبير آلهي ايضا ،كونه عز وجل يسوق الغيوم بواسطة الرياح ليسقط المطر في بعض المناطق،ويمنعه عن البعض الأخر..لكن هذا يدخل في علم الله....وهو موضوع سنتطرق له قريباً... ،نحن هنا نحاول أن نبين دور الانسان السلبي على توزيع هذه النعمة...لإن العلم أكد أن كمياتها لم ولن تتغير وهذه الكمية كسنن الله الثابتة على الارض،
إن الله عز وجل أودع في هذا الكون(الطبيعة والحياة) .... نواميس تضبط حركته،ووضع موازين دقيقة للعلاقات بين مكوناته،ويعرف كل دارس للعلوم دقة النظام في الكون،في السماء والأرض.
"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين" 16/17
فإذا تدخل الإنسان في هذه الموازين،وأحدث خللاً في علاقات المكونات البيئية،وقد اعطاه الله الخالق قدرة على فعل ذلك،فإن الفساد والتخريب سيظهر لامحالة ،ولو تركهم الله عز وجل دون أن يذيقهم بعض ما عملت أيديهم،فإن الدمار والفساد سيعم ليشمل السماء وطبقات الجو (الاوزون) والأرض بكاملها وحتى الأحياء.
فهل سنعود الى رشدنا ،ونتغير من دواخلنا حتى يبقي الله عز وجل هذه النعمة الكبيرة مسخرة لاستمرار حياتنا وحياة كل شيء على هذه الارض؟