هل يحرق الله عز وجل الاطفال؟(معاذ الله)
المستقبل ليس هو رهناً بما نستثمر من اموال لبناء مشاريع فقاعية كماهو في عالمنا العربي ،او مشاريع انتاجية كما هو في العالم المتقدم أوبعض الدول العربية والاسلامية النامية ،لكن الاستثمار الأهم هو في بناء الجيل الجديد ،أو كما يقال كيف علينا أن نربي اطفالنا ، أو كيف نربيهم على القيم الأخلاقية التي مرجعيتها الاساسية الكتب السماوية ، تلك التي تدعوا الى التوحيد الخالص لله ، إن مشكلة تربية الاطفال على هذا النهج بحاجة الى أخصائين ف&iacacute; علم الاجتماع ،ومفكرين ،ليبسطوا للاطفال المفاهيم الاساسية حول الخالق حول الدين ،وحول القيم الاخلاقية ،بما يتناسب والمستوى المعرفي لهم ،وهذه عملية بناء حساسة جدا ،لأن هذه المفاهيم الاولية تعتبر القاعدة التي سيبنى عليها التطور اللاحق للجيل الجديد. وأهم هذه المفاهيم تلك التي بحاجة اليها اطفالنا الصغار هي ، من هو الله عز وجل ، مفهوم الرحمة ، مفهوم الحب ، مفهوم العناية الآلهية ،والعمل الصالح ،وحب الوالدين، الجنة .والابتعاد عن مفاهيم الترهيب ،والعذاب وما شابه ذلك ،وإن كان لابد على طريقة مشياخنا الافاضل فيجب أن نقرنها كما علمنا القرآن من سياق الايات الكريمة ،انه بعد ذكر العذاب ...نجد ذكر الرحمة .
الاطفال هم الاستثمار الرابح في كل العصور والازمان ،بمقدار الاهتمام بهم والانفاق على توجيههم ،بمقدار ما نضمن لهم وللأجيالهم اللاحقة مستقبلا مثمرا فيه خير الدنيا والأخرة.وهذا هو الربح الأكبر .
ما دعاني الى كتابة هذه المقالة ، قصة واقعية حدثت مع صديقي الدكتور نضال الصالح ،قال لي ذات يوم ،أنه عندما قرر الهجرة الى اوربا من الوطن العربي لظروف خاصة !!!!! لايرغب في ذكرها...وبعد وصوله واستقراره ،التحقت ابنته الصغيرة ذات الستة اعوام في أحدى المدارس التي تعد الاطفال للمرحلة الابتدائية،وفي أحد الايام رن جرس الهاتف ،وكانت مديرة المدرسة التي تزورها ابنته على الخط ، بعد التحية طلبت إليه زيارتها في اليوم التالي ،استغرب وحاول معرفة السبب بإلحاح ،لكنها أكدت له أنه ليس في الأمر مايقلق .... ولم يخلف الوعد ، توجه في صباح اليوم التالي الى المدرسة ،وما أن وصل حتى استقبلته المديرة ،ورحبت به ،وتوجها معاً الى غرفة الادارة ،حيث طلبت إليه الجلوس ،كان قلقا على ابنته ،حيث ذهبت فيه الظنون كل مذهب ، لكن المديرة تداركت الأمر وبسرعة سحبت من الدرج رسوم ،رسمها الاطفال في الصف الذي تدرس فيه الصغيرة ، تناولت المديرة الرسومات ،وطلبت منه معاينتها.... لم يفهم ما الذي تريده ، استدركت الامر وقالت له دكتور نضال.... البارحة معلمة الصف طلبت من الاطفال أن يرسموا رسمة تعبر عن تصورهم للخالق ......كما تلاحظ كل الاطفال تصوروا الخالق ،وكأنه نور قوي نوره يلف الاطفال وكأنه يغمرهم بالحنان ،او شمس تنير العالم ، او رسوما تعبر عن الحب ..... إلا ابنتك تصورت الخالق وكأنه والعياذ بالله يحرق الاطفال ، صدمت معلمة الصف ،وصدمت انا بعد الاضطلاع على هذه الرسمة ،وحاولنا الوقوف على خلفية هذا التصور ،لهذا قررنا دعودتك ،لنتباحث في الامر ،ونعمل معاً على تغير ثقافة ابتكم .هذا تصور خطير ،وقد يؤثر على تطورها اللاحق. صمت صديقي ،وشرح للمديرة أن هذه الثقافة مع كل أسف اكتسبتها من المدرسة التي كانت تزورها في الوطن العربي ،نظرت إليه المديرة وكأنها لا تصدق ما تسمع. ووعدها بالتعاون معهم على حل هذا الاشكال مستقبلاً. بعد عودته الى البيت جلس الى طفلته وسألها من أخبرها أن الله عز وجل يحرق الاطفال ،بدون تردد أجابته الانسة رجاء ،كانت تقول لنا إذا لم نكتب الوظيفة فإن الله سيحرقنا بالنار،وإذا كذبنا فإن الله سيحرقنا بالنار ....وهكذا ...نظر إليها وسألها الم تقل لكم المدرسة أن الله يحب الاطفال ،وأنهم سيدخلون الجنة .....هزت الطفلة براسها بعلامة النفي ....
بعد سماعي لهذه القصة ،أليت على نفسي أن ابدأ معكم يا أخوتي وأخواتي وأبنائي وبناتي من اهل القرأن الخطوة الاولى ،علّنا نبدأ مشروعا رائدا عنوانه كيف نبني جيل المستقبل القرآني ؟ لا أعتقد أن هذه المهمة سهلة ابدا، لكن إذا اردنا الاستمرارية في مشروعنا هذا ،فالاحتياطي لأهل القرآن هم أطفال أهل القرآن ،هل فكرنا يوما كيف نستطيع تبسيط المفاهيم الدينية القرآنية، وذلك لبناء قاعدة وأساس لاطفالنا تحميهم من تراث قد يضلوا من خلاله عن الصراط المستقيم ،أليس من واجبنا حمايتهم من صغرهم من شرك محتوم ،يشركون في عبادة الله الناس والحجر ....هل فكرنا في ذلك ؟ كم يقضي اطفالنا من وقتهم على الانترنيت ،لماذا لانقدم لهم على الاقل مقالات مبسطة بشكل قصص قصيرة وبلغة الاطفال والمراهقين نتحدث فيها عن الرحمة والحب الآلهي ،نتحدث فيها عن قصص القرآن بلغة يفهمونها ،نحن في الحقيقة في هذا المجال نفتقر الى المنطق العملي المبسط ، الذي يعالج ازمة الاسرة المسلمة ،وكيف عليها أن تربي اطفالها بعيدا عن ثقافة الترهيب والتخويف .نفتقد الى المنطق العملي في التعامل مع اطفالنا ،لو سألنا انفسنا بصراحة تامة كم من الوقت صرفنا في اعداد الاطفال وتثقيفهم خارج نطاق العبادات ،بثقافة القرآن التي تدعوا الى الحب والرحمة ،هل جلسنا مع اطفالنا لنسالهم عن تصوراتهم الكونية ،صدقوني من تجربتي لو فعلتم ذلك لفوجئتم بعمق تصوراتهم وتخيلاتهم ،يجب علينا تهذيبها بأخلاق القرآن ،وإلا سنفقد هذا الاحتياطي الكبير.
اعزائي تصوروا معي لو أن احدا منا على فراش الموت ...وهو يفارق هذا العالم. ماالذي سيخطر على باله ،هل سيفكر بالعمل الذي تركه ولم يستطع انجازه؟ ،ابدا... هل سيفكر بأمواله التي سيتركها؟ ابداً ... أنا واثق بأنه سيفكر بأمر واحد فقط...كيف ربيت اطفالي ..... وهل نجحت في أن أجعل منهم رجالاً ونساءً من اهل القرآن .. والله أعلم.
وسؤالي لماذا لايكون للآطفال باب من ابواب أهل القرآن يتثقفون فيه بثقافة القرآن ؟