أرجو من القراء الكرام خاصة الشباب الذين أنعم الله عليهم بالتدبر في كتاب الله، إعادة قراءة هذه الأسطر من مقال الدكتور أحمد، الموجود في رواق أهل القرآن للنقاش، فينظروا إن كان لديهم ما يستحق التبيان والنقاش لنتعلم من بعضنا البعض، ومن الرسول الحي الذي لا يموت إلى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وهو القرآن العظيم. يقول الدكتور أحمد:
هناك حقائق قرآنية ـ لا يجادل فيه&te; فيها إلا الذين كفروا ـ :( غافر:4) أغفلها الإمام مسلم ، وهى :
1 ـ لا إله إلا الله ولا كتاب للمؤمن إلا القرآن كتاب الله..
يقول الله تعالى في ذاته العلية ﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا * وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾.(الكهف 26:27) فالله وحده هو الولي الذي لا يشرك في حكمه أحدا ،والقرآن هو وحده الكتاب الذي أوحى للنبي ولا مبدل لكلماته ولن يجد النبي غير القرآن كتاباً يلجأ إليه..والنبي لا يلجأ إلا لله تعالى رباً وإلهاً ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ (الجن 22).والنبي أيضاً ليس لديه إلا القرآن ملتحداً وملجأ ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا(27)﴾ الكهف.
هذا بالنسبة للنبي عليه السلام.. فكيف بنا نحن؟.
2- المؤمن يكتفي بالله تعالى رباً ويكتفي بالقرآن كتاباً
عن اكتفاء المؤمن بالله تعالى رباً يقول تعالى ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ؟ ﴾ (الزمر 36) ولابد للمؤمن أن يكتفي به تعالى رباً ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ؟ ﴾.(الأنعام 164)
والمؤمن طالما يكتفي بالله تعالى رباً فهو أيضاً يكتفي بكتاب الله: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ؟ ﴾ (العنكبوت 51).
3- القرآن هو الحق الذي لا ريب فيه، وما عداه ظن ولا ينبغي إتباع الظن..
يقول تعالى عن القرآن ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة 2).
فالقرآن لا مجال فيه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة، وما عداه من كتب يعترف أصحابها بأن الحق فيها نسبى أي يحتمل الصدق والكذب.. وما يحتمل الصدق والكذب يدخل في دائرة الظن..
ودين الله الحق لا يقوم إلا على الحق اليقيني الذي لا ريب فيه حتى لا تكون للبشر حجة على الله يوم القيامة. لذا ضمن الله حفظ كتابه من كل عبث أو تحريف ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر 9). ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 41: 42).
أما أديان البشر الوضعية فالمجال واسع فيها للظن والريب..
لذا يأمرنا جل وعلا بإتباع الحق الذي لا ريب فيه والإعراض عن المعتقدات التي تقوم على الظن، يقول تعالى في الاعتقاد القائم على الظن ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ (يونس 66). ولكن المشكلة أن الغالبية العظمى من البشر ينبذون الحق ويتبعون الظن، يقول تعالى يخاطب النبي الكريم ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ (الأنعام 116).
وعلماء الحديث يؤكدون أن الأغلبية العظمى من الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى الله عليه) هي أحاديث آحاد ويؤكدون أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين..ومع ذلك يأمرنا بعضهم باتباع الظن مع أن الظن لا يغنى من الحق شيئا..
ويلفت النظر أن الله تعالى وصف ذاته العلية بأنه الحق، ﴿ فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ؟ ﴾ (يونس 32).﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ (لقمان 30). ووصف إنزال القرآن بأنه أنزله بالحق، ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ (الإسراء 105). ووصف القرآن نفسه بأنه الحق ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ (فاطر 31). ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ (آل عمران 62). ..
بل إن الله تعالى يصف الحق القرآني بأنه الحق اليقيني المطلق، يقول تعالى ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ (الواقعة 95).﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾ (الحاقة 51).وجاءت الصيغة بالتأكيد..
فإذا كان الله قد أكرمنا بالحق اليقيني فكيف نأخذ معه أقاويل ظنية.. مع أنه لا مجال في الدين الحق للظن؟؟
4 ـ القرآن هو الحديث الوحيد الذي ينبغي الإيمان به:
أكد رب العزة أن الإيمان لا يكون إلا بحديثه تعالى في القرآن الكريم فقال في آخر سورة المرسلات ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ؟ ﴾ (المرسلات 50).وتكرر نفس المعنى في سورة (الأعراف 185).
بل إن الله تعالى يجعل من الإيمان بحديث القرآن وحده مقترناً بالإيمان به تعالى وحده، فكما لا إيمان إلا بحديث القرآن وحده فكذلك لا إيمان إلا بالله وحده إلهاً.. وجاءت تلك المعاني في قوله تعالى ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ * وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ(7)يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الجاثية 6/8).
وذلك الذي يعرض عن آيات الله شأنه أنه يتمسك بأحاديث أخرى غير القرآن سماها القرآن ﴿ لهو الحديث ﴾ يقول تعالى ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (لقمان 6: 7). وحين يقول رب العزة ﴿ وَمِنْ النَّاسِ ﴾ فإنه تعالى يقرر حقيقة تنطبق على كل مجتمع بشري فيه ناس في أي زمان ومكان..
5 ـ الوحي المكتوب الذي نزل على الرسول هو سور وآيات في القرآن فقط.
تحدى الله تعالى المشركين أن يأتوا بسورة مثل القرآن ﴿ وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ (البقرة 23).﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ؟ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ﴾ (يونس 38). ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ هود 13 والشاهد هنا أن الذي نزّله الله تعالى على رسوله الكريم هو سور، وليست هناك سور إلا في القرآن. إذن فالقرآن هو الوحي الوحيد المكتوب الذي نزل على الرسول عليه السلام .
6 - البشر مطالبون يوم القيامة بما نزل على الرسل من آيات الوحي فقط .
يوم القيامة سيقول تعالى ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا؟ ﴾ (الأنعام 130) فالرسل كانوا يقصون آيات الله التي أنزلها عليهم..
ويقول تعالى في أصحاب النار ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ..﴾ (الزمر 71). أي كان الرسل يتلون آيات الله. ومن أعرض عنها دخل النار وحشره ربه أعمى.. ﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ؟ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى. وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ..﴾ (طه 125: 127..).
إذن نحن مطالبون بالإيمان بالآيات التي نزلت على النبي، وليست هناك آيات من الوحي خارج القرآن الكريم.. إذن هو القرآن الكريم وكفى... أهـ . مع بعض التصرف أرجو من الدكتور أحمد أن يعفو عني.
وهو كذلك القرآن وكفى فالعباد لا يسألون يوم الدين إلا عن الرسول الذي أنزل في ليلة القدر في شهر رمضان وبلغه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام للناس، وهو القرآن وحده لا شريك له. يقول تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَة ؟ ﴾ قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19).الأنعام.