القـرآن والتـواتر
من أقول الضالين أن سنة محمد وحي آخر غير القرآن فهذه ايها الأخوة جريمة آخرى ترتكب ضد النبي الذي ما كتم حرفاً واحداً ولا أهمل في حرف واحد نزل عليه فكيف يتهمونه الضالون أنه نزل عليه كتابان إهتم بأحدهما وهو القرآن وأهمل أحدهما للأهواء وللرواه علماً أن القرآن أوضح لنا أن التركيبة الإجتماعية لأهل المدينة قد تمرد فيها المنافقون وأصبحوا ذو نفوذ وقد تطاولت ألسنتهم قال تعالى ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )( سورة التوبة الاية 101 ) ووصل بالمنافقين أنهم مع كثرتهم العددية ان إغتروا وأخذتهم العزة بالإثم فقالوا ( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )( سورة المنافقون الاية 8 )
فمن الذي يعلم حقيقة الرواه المتواترون غير الله وأنهم صادقون ام كاذبون غير الله الذي قال ( نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )
وإذا كان الله وحده هو الذي يعلم الغيب والنبي المؤيد بالوحي لا يعلم فكيف بعلماء الحديث الذين يعلمون أكثر من رسول الله أي منطق هذا يا قومي وعندما تُقنع أحداً بهذه القفشة العلمية يصر مستكبراً ويقول إن القرآن جاء عن طريق الرواه المتواترون فكيف نصدقه ( أي القرآن ) ونؤمن به وقد أعماه التقليد عن حقيقة القرآن
وهذه حقيقة القرآن لمن أراد الذكرى
1. القرآن معجزة إلاهية ربانية مَنّ الله بها على المؤمنين ووعد بحفظها عن التبديل والتحريف ولم يحظى كتاب من قبل بهذه الميزة سوى القرآن لكونه للعالمين ولكونه لايتنزل من الله كلام بعد ذلك وهذه تكفي فالله الذي صنع هذا الملك وعد بحفظ القرآن فهل نشك آدنى شك في هذا الوعد حيث قال وصدق وعده ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) فقد حفظه الله ثم حفظه ولولم يحفظه ما أستطعت أن أخالف المجتمع في هذا البحث الذي ظلت فيه أكثر من خمسة وعشرين عاماً ولم أكتبه ولم أنشره إلا عندما تأكدت منه تماماً وأقتنعت بحقيقة القرآن العظيم الكامل فخفت من الله إن كتمت هذا ولا سيما أن الله قال ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ) في الكتاب لا في الكتب والروايات ( أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ )( سورة البقرة الاية 159 )
2. مما يؤكد أن النبي لم يأت بالقرآن من عنده أنه ينتقد النبي في كثير من الآيات فعندما عبس النبي في وجه الأعمى قال له ( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى )( سورة عبس من الاية 1 الى 10 ) وهناك إنتقادات كثيرة مثل ( عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ )( سورة التوبة الاية 43 ) وكقوله تعالى ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ )( سورة الاحزاب الاية 37 ) وكقوله تعالى ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )( سورة الانفال الاية 67 )
3. مما يؤكد صدق القرآن وأنه من عند الله أن القرآن منحازاً إلى الله تماماً فلو طالعنا أحد الملوك بكتاب عن حياته تراه منحازاً لنفسه في كتابه بطريقة ملفته للنظر ولو قرأنا القرآن فسنجده منحازاً إنحيازاً كبيراً إلى الرحمن الذي أنزل القرآن هو الرحمن ذاته فهو يتحدث ويذكر نفسه في بعض الآيات القصيرة فالله وحده منزل الكتاب فلا يوجد فيه إنجيازاً لأحد غير الله سبحانه وتعالى عم يشركون وقد حفظه وحفظه ثم حفظه
4. لقد ذكرنا أن المشركين كانوا يودون لو ان الرسول إفترى كتاباً أخر مع القرآن وبعد ان أيد الله رسوله والمؤمنين بالنصر فماذا يمنع هؤلاء المشركين من النفاق وإدعاء الايمان وقيامهم بحلمهم القديم وهو تأليف كتاب مضاد للقرآن والمؤلف الشاطر الذي يؤلف قلوب قارئيه لكي يقرأوا له فيلبس الحق ثوب الباطل والباطل ثوب الحق وظل المنافقون يعملون على هدم القرآن وقد أسلفنا في هذا الموضوع وقلنا ان هناك مسجد مضاد لمسجد الرسول والمسجد كما نعلم هو مركز التعليم الديني فهو أيضاً بالنسبه للمنافقين مركز التعليم فمن المؤكد ان مسجد الضرار قام بمهمته وإلا فما قيمة بناءه وللايضاح نقرأ التاريخ عن الحقبة من سنة أحدى عشر إلى سنة أربعين هجرية لنعرف ماذا فعل المنافقون بعد رحيل رسول الله ولكن من المؤسف ان هذا التاريخ يسمونه القائلين إنا وجدنا أباءنا يسمونه سنة لا ادري بأي منطق نسميه سنة وهو تاريخ جاء من بعد رحيل من سن الله له سنة الاخرين الى يوم مرسى الساعة هل سمي هذا التاريخ سنة الا بحديث مفترى قال سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وإفتراء ان الرسول له سنة مع سنة الله الحديث المزعوم ان الرسول قال ( تركت فيكم ما ان تمسكتم به ) و ( به ) هذه تفيد أنه كتاب واحد فلو كان الرسول قال هذا الكلام فلو قصد كتابين لقال ( بهما ) وأثنى المفرد ولكن يقولون ان الكذاب ينسى دائماً فالذي ألف الحديث نسى أن يقول ( بهما ) وهكذا تبقى إشارات من الحق في وسط الباطل تدل على احقاق الحق وزهوق الباطل
وإذا كان الرسول قال هذا الكلام فمن المؤكد وهو الذي يجيد اللغه العربية بالسليقه ثم بالقرآن الذي نزل عليه فأنه يقصد ( به ) أي بشئ واحد أي كتاب الله فهو سنته وسنة المؤمنين التي سنها رب العالمين للأولين من قبل محمد وللأخرين على قلب محمد بالقرآن العظيم قال تعالى ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )( سورة فاطر الاية 44 ) وهذه السنة أستثن بها رسول الله كما أستثن بها المؤمنون من قبله وكما يجب أن يستثن بها المؤمنون من بعده إلى يوم مرسى الساعة
فلا توجد آية واحدة في القرآن كله تقول ان للنبي محمد سنة خاصة به ولكن الله جعله على شريعة من الأمر وأمره أن يتبعها وهذه الشريعة هي القرآن العظيم قال تعالى ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ )( سورة الجاثية الاية 18 و 19 )
ولم يأتي لفظ سنة في القرآن كله الا منسوباً الى الله او مضافاً للأولين ( يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ )( سورة النساء الاية 26 )
وهذه السنن جاء بها القرآن
وهكذا ذكر السنة
( سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ )( سورة غافر الاية 85 )
( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ )( سورة الاحزاب الاية 62 )
( فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )( سورة فاطر الاية 44 )
فعندما نذكر سنة رسول الله نكون قد أتخذنا رسول الله مشرعاً مع الله ورسول الله برئ من هذا فهو عبد الله المخلص الذي لم يتقول على الله ولم يعصه في حرف واحد من القرآن وإنما كان نعم العبد الأواب المخلص لربه المبلغ لكتابه المعلم بالقرآن والمذكر به ونحن مهما قلنا عن شخصية محمد لانستطيع أن نزكيه فيكفي قوله تعالى له ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ماذا نستطيع ان نقول بعد هذا القول العظيم وقد قال ربنا لرسوله ( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا )( سورة الفرقان الاية 52 ) لم يقل ربنا لرسوله وجاهدهم بهما حيث أنهما مصدران للتشريع ولكن لأن المصدر واحد قال ( وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا )
ولكن المقلدين لأبائهم ولسلفهم يأبون الحق ويرفضونه وكبرت عليهم كلمة الحق وهم يصرون على التقليد الأعمى المتواتر فعليهم أن ينتظروا مصيرهم يوم القيامة التي تأتيهم بغتة وهم لايشعرون ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا )( سورة الاحزاب الاية 66 ) حيث جاءوا بكتب أخرى غير القرآن وقالوا أنها دين ...
وحسبنا الله ونعم الوكيل