عدد سكان العالم
من السهل أن تحصر عدد من يحكمون العالم، ومن السهل أيضاً أن تحصر عدد من يعيشوا في ثراء وترف وبذخ وإسراف في هذا العالم ، ولكن من الصعب أن تحصرالعدد الكلي لسكان العالم ، ويصعب أيضاً حصر ملايين من البشر في شتى أنحاء العالم يعيشون في الفقر والحرمان والجوع والظلم والاستبداد والانتهاكات لحقوقهم كبشرـ من بشر مثلهم ، والشيء الذي جعلني أكتب هذا الموضوع أو النقد البسيط من وجهة نظري ، أن هناك في جميع أنحاء العالم مؤسسات أو منظمات حقوقية أو ما تسمى جمعات المجتمع المدني ـ تدعو إلى السلام وحوار الأديان والثقافات بين الشعوب بهدف نصرة المظلومين والمقهورين والفقراء ، وبهدف تنمية الوعي السياسي عند الناس ، فتقوم بعقد مؤتمرات من أجل السلام وحقوق الإنسان ولغة الحوار بغض النظر عن الديانات ، وهذا بحد ذاته شيء عظيم ، ولكن كيف تكون برامج تلك المؤسسات وما تدعو إليه ثم تطلب من جميع المتقدمين أو الذين يحضرون هذه المؤتمرات أن يكونوا من حاملي الشهادات العليا، أو يتحدثون أكثر من لغة ، وهذا يتناقض مع ما يدعون إليه فليس بالضرورة أن الذي يتحدث عن الحق أو العدل أن يكون من حاملي الشهادات وليس باضرورة أيضا أن يكون معظم المظلومين والمضطهدين والفقراء من حملة هذه الشهادات أيضا ، وأن معظم المفسدين في الأرض هم من حاملي الشهادات ، وأن الذين يأكلون أموال الشعوب ويغتصبون الحقوق ويخططون لخراب العالم هم أيضاً من حاملي الشهادات العليا ، فيجب مراجعة هذا البند في تلك المنظمات أو المؤسسات ، إذا كانوا يتحدثون عن حرية الرأي والتعبير، كما يقولون وإعطاء فرصة ولو بسيطة للمثقفين والقارءين من غير المتعلمين ، وأنا هنا لا أهاجم من يحملون الشهادات ولا أدعو إلى الجهل ، ولكن أردت أن أذكر شيئاً قد يكون غائب عن السادة القائمين بتلك المؤسسات ، وأن الإنسان لا يقيم بشهادة أو بلغة، وإنما يقيم بأعماله أو أفعاله التي ينتفع بها المجتمع، وإلا سوف تصبح هذه المنظمات أو المؤسسات مؤسسات استثمارية وليست للحوار كما يقولون، وإن الظلم والاستبداد والفساد في الماضي كان يخرج من الجهل عكس عصرنا الراهن أن الظلم والاستبداد يخرج من داخل العلم يا أهل العلم..
فهنا يتساوى جهل الماضي بعلم بعض الأشخاص في هذا العصر، الذين يستكبرون على الناس بسبب علم أو منصب معين، وإذا دخل الإنسان في الغرور أول ما يدمرـ يدمر نفسه، وإن اعتراض الناس على رسالة الإسلام في العصر الجاهلي هو من الكبرياء والغرور كما كانوا يقولون كيف يساوي هذا الدين بين الناس، وما كانوا يملكون من خدم وحشم واستعباد الضعفاء، فإذا نظرنا إلى وضع العالم في عصرنا السعيد وخاصة في الوطن العربي وقارنا بين من كانوا يظلمون في العصر الجاهلي وبين ظلم هذا العصر أعتقد أنهم كانوا أقل ظلماً بسبب بسيط جداً وهو وإلى الآن لم يكتشف أي مقبرة جماعية وثبت أن هذه المقبرة كانت في العصر الجاهلي..
على سبيل المثال ، وبالرغم من عدم وجود منظمات حقوق إنسان في ذاك العصر ولم يحدث مثل ما يحدث الآن وبالرغم أيضاً من عدم وجود وسائل في الإعلام والمعرفة للتقصي عن الحقائق في الماضي، لم يحدث انتهاكات وتجاوزات تجاه الناس مثلما يحدث في عصر العلم والمعرفة، وأن الظلم هو الشيء الوحيد الذي يساوي بين من يظلم سواء أكان جاهل أو غير ذلك، وهنا يصبح العلم والمعرفة والتقدم في موازات الجهل.
رمضان عبد الرحمن علي