قدسية النص وليس قدسية تفسيره ...

عمرو اسماعيل في الجمعة ٠٧ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا أحب أن أعتذر عن مقالي عن الشخصية العربية فلم أقصد به موقع أهل القرآن أو أي من كتاب أهل القرآن .. وأنا لا أخفي حالة الإحباط التي أعاني منها الآن نتيجة ما أراه من تدهور العالم العربي والاسلامي علي جميع المستويات .. ولا أري أملا في الخروج من هذه الحالة إلا عبر الاجتهاد في تفسير النص القرآني وخاصة في الأمور التي تنظم علاقة المسلم بالمجتمع وعلاقته بباقي العالم وعلاقته بغير المسلمين ..
النص القرآني مقدس عندنا كمسلمين .. ولكن تفسير هذا النص ليس مقدسا .. سواء كان تفسيري له .أو تفسير الاستاذ نيازي أو تفسير أي من علماء المسلمين قديما أو حديثا ..وهي مقولة للأستاذ حامد نصر أبو زيد أحترمها تماما رغم ماسببتها من مشاكل ولعل أكثر سور القرآن التي تحتاج اجتهادا في التفسير من وجهة نظري الشخصية هي سورة التوبة .. فتفسير عمر عبد الرحمن لها أخرج طابورا من الإرهابيين وتفسيره لها أيضا وعلي حد علمي جعل القضاة في محاكمات الجهاد لا يقدرون علي غصدار حكم بإدانته كمحرض رئيسي علي عملياتهم الإرهابية رغم أنه لم يشارك بيده في هذه العمليات ..
""فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ" فالأمر بقتال المشركين في آيات القتال في سورة التوبة مرتبط بمدة العهد وليس أنهم اعتدوا أم لا وقتال أهل الكتاب ليس مرتبطا بمدة أو سبب إلا الأسباب المحددة في الآية . ولذا سورة التوبة تحتاج تفسيرا أعمق ..أري أن رأي الاستاذ نيازي أقرب الي الحقيقة فيها .. ..
هناك أسئلة يجب أن نجيب عليها بشجاعة ..
لماذا الآيات المكية آيات روحانية تدعو الي الإيمان والتوحيد وحرية العقيدة وتقبل الآخر ؟
ثم نجد الآيات المدنية بها تشريعات خاصة بالعبادة وهي صالحة لكل زمان .. وآيات يبدو من ظاهرها أنها صالحة لفترة زمنية معينة ومكان جغرافي معين ..
فهناك آيات كثيرة في في السور المدنية كان تناقش أحداثا معينة .. مثل حادثة الإفك مثلا وعلاقة الرسول صلوات الله عليه وسلم بزوجاته وصحابته ومجتمع المدينة من حوله وعلاقته بأهل مكة من المشركين .. وهي أحداث انتهت بفتح مكة .. ومن ضمن هذه االآيات آيات القتال وسورة براءة أو التوبة بالذات ..
الآيات التي كانت تناقش الرق وماملكت الأيمان والأحكام الخاصة بها .. كيف نفسرها بعد انتهاء الرقيق والحروب ..
هل هناك مشركين الآن .. هناك مؤمنين وغير مؤمنين .. لا أحد يشرك مع الله شيئا الآن .. ولكن هناك من يؤمن به أو لا يؤمن به .. فهل نقاتل الآن الملحدين ؟!!! وهم أغلبية البشر للأسف الآن ..
أتفق تماما أن آية سورة البقرة "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" هي آية محكمة
ولكن تظل التساؤلات التالية قائمة .. هل يمكن تحديد الآيات المحكمة .. لنحكم بها علي باقي آيات القرآن .. وماهي علاقتها بالترتيب الزمني .. .. فبلا شك آيات سورة البقرة نزلت قبل سورة براءة .. أو التوبة .. وهل عنوان سور القرآن له دلالة ؟
هناك تساؤلات كثيرة أري أن من واجب الأكثر علما من أهل القرآن الرد عليها ..
الحدود في الآيات المدنية واضحة ولكن هل يمكن إقامتها بنفس الطريقة في القرن الواحد والعشرين .. هل يمكن استعمال الجلد الآن مثلا كعقوبة ؟ وقطع الأيدي كعقوبة للسارق ؟ أم أن الأهم هو عقاب المخطيء في حق المجتمع والآخرين وليس أسلوب العقاب نفسه ..
هناك آيات كثيرة تنظم العلاقة مع المرأة تحتاج اجتهادا حقيقيا حتي لا يظل سيف اضطهاد المرأة مسلطا علي رقاب المسلمين ..
المجهود الأكبر في اجتهاد أهل القرآن في التفسير يجب أن ينصب علي علاقة المسلم بغيره المختلف وعلي كيفية تنظيم العلاقات داخل المجتمع وعلاقة الاسلام بالسياسة والحكم .. ودور المرأة .. وهي الأشياء التي تسبب الكثير من اللغط الحقيقي .. وليس العبادات .. فالصلاة والصوم والزكاة والحج الي بيت الله .. أصبحت من المسلمات بين غالبية المسلمين ولا تؤثر علي تطورهم الحضاري .. والمنوط بالحكم عليها هو الله وحده وليس غيره .. فعن موضوع الصلاة مثلا .. اتفق الغالبية العظمي من المسلمين أنها خمس مرات يوميا .. فإن كان من هو مقتنع أنها ثلاث فقط .. من حقه .. ومن حقه أن يقول رأيه .. ولكن هناك ما هو أهم مما يحتاج تفسيرا حقيقيا .. وفي النهاية لذكر الله أكبر ..
أنا أومن أنه لا يجب أن يكون هناك حدا لحرية التعبير وحرية الفكر حتي لو وصل أحيانا هذا الفكر الي الشطط .. لأن البديل هو الجمود الذي نعاني منه الآن .. لا يوجد سقف أعلي لحرية التعبير والفكر .. إلا استعمال لغة مهذبة ..
ولهذا سأسأل بعض الاسئلة أتمني أن يصبر علي فيها الجميع .. وسأكون شاكرا لم ن يستطيع الإجابة ..
هل من الخطأ محاولة قراءة القرآن حسب الترتيب الزمني لنزول الآيات .. وهل هناك محاولة لذلك من قبل ؟
هل من حقنا الاجتهاد في آيات الحدود وكيفية تطبيق هذه الحدود؟
من هم الكفار والمشركين الذين يجب قتالهم كما ورد في الكثير من الآيات وخاصة آيات سورة التوبة؟ .. هل يوجد هؤلاء الآن في القرن الواحد والعشرين؟ .. أم أن القتال الواجب علي المسلمين فقط هو قتال المعتدين .. وهو مقبول في كل المواثيق الأخلاقية والقانونية الدولية .. والإجابة علي هذا السؤال يجب أن تكون مقنعة وعقلية وليست عاطفية .. فالإجابة هنا سيكون لها علاقة كبيرة بالمحكم والمتشابه من آيات القرآن ..
أليس تعدد الزوجات الغير مشروط هو فعلا ظلم للمرأة أم لا؟ .. وأليس فعلا بعض أحكام الميراث في ظاهرها فيها ظلم للمرأة ؟..وأنا لا أخفي إعجابي بتفسير الشيعة لها ..
وأخيرا .. والأهم .. ماهي علاقة القرآن والاسلام بصفة عامة بنظم الحكم .. فللأسف .. كل نظم الحكم التي قامت بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه وسلم وحتي الآن في العالمين العربي والاسلامي كانت نظم مستبدة مهما ادعي بعضنا العكس .. والسؤال هو لماذا ...هل الخطأ هو في النظرية أم في التطبيق ؟ ..
سامحوني ..

اجمالي القراءات 12162