السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته ،،،
بسم الله الرحمن الرحيم "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي(28)"(سورة طه)
كنت قد وعدت الأستاذ / سامر كتابة رد له على ما طرحه من أستفسارات في موضوع الصلاة ، وكنت قد عزمت على أن أكتب في عطلة نهاية الاسبوع ، ولكن بعد مقالة الاستاذ / نيازي عز الدين ، رأيت أنه من واجبي كتابة هذه المقالة ، وعلى وعد لأخي سامر بالتواصل في موضوع الصلاة في أقرب فرصة مم&szlكنة.
الاستاذ نيازي أراد أن يصور أن ما حدث هو زوبعة وهي من الصغر والتفاهة أنها كانت في فنجان ، ولما كان ما حدث أبعد ما يكون عن الزوبعة ، لأن المعروف أن الزوبعة تحدث فجأة ، فيطلق اللفظ على ردود الأفعال العفوية ، ولكن رد أخي عثمان لم يكن عفويا وغير مرتب ، ولكنه جاء ردا موضوعيا على قاعدة فكرية مع وجود إختلافات عقائدية بينه وبين ما كتب الاستاذ نيازي ، تتشابه بل ويمكن أن تتعاظم عن الاختلافات التي تميز أهل القرآن عن فرقة السنة أو الشيعية ، وأن هذا الرد الموضوعي هو لسان وعقل الكثير من رواد الموقع وأعمدته عبر عنه قلم الدكتور عثمان لأنه كان الأسبق.
كما أن سبب الزوبعة لم يكن فنجانا بل هو القرآن كلام الله سبحانه وتعالى واختلاف زاوية الإيمان به بين عقيدة الاستاذ نيازي ، والذي يؤمن بالقرآن إيمان الاستاذ طه حسين باللغة العربية والذي قال أنه يملكها كما كان الأقدمون يملكونها وله أن يبدل فيها ويغير وفقا للحاجة ، مع الوضع في الاعتبار أن دعوة طه حسين مطلوبة لإستحداث كلمات لأشياء لم تكن معروفة من قبل أما دعوة الاستاذ نيازي فهي مرفوضة لمساسها بقدسية القرآن الكريم.
وبعد هذه المقدمة فلنناقش مقالة الاستاذ نيازي فقرة فقرة ، والله المستعان.
يقول الأستاذ نيازي (أعتقد أننا إن تابعنا التمسك بالعقل والمنطق، مع الحوار الهادئ، لن يصح إلا الصحيح، ولن نخرج عن منهج القرآن الكريم القويم إن تتبعنا خطانا مستأنسين بآيات الله لتضيء لنا الطريق) ، أتفق معكم تمام الاتفاق على هذه العبارة بشرط أن يحدث ذلك من كلا الطرفين ، الطرف الذي تمثلونه والذي يدعي تحريفا أو تغييرا في تشكيل بعض آيات القرآن ، والطرف الذي نمثله والذي ينزه كتاب الله عن التحريف والتخريف والتبديل ، وطرفكم أولى أن يمتثل هذه المقولة نظرا لأنكم الطرف المدعي والذي يحتاج لبينات وأدله لا تقبل النقاش والدحض.
وفي معرض تدليله على صحة ما توصل إليه في موضوع المحكم والمتشابه ، يقول الاستاذ نيازي (بالنسبة لموضوع المحكم الذي في سورة التوبة، تصوروا معي كيف يكون الحال وكيف يكون موقفنا من العالم أجمع إن عتبرنا الآيات التالية من سورة التوبة مازالت سارية المفعول إلى يومنا هذا: ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم*) 5-9. ،( قاتلواالذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون*) 29-9. ،( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير*) 73-9. ، فهل أمثال هذه الآيات القرآنية دائمة وواجبة التطبيق من المؤمنين المسلمين في كل زمان ومكان؟)
وأقول له ردا على سؤاله الأخير نعم هذه الآيات القرآنية دائمة وواجبة التطبيق من المؤمنين المسلمين في كل زمان ومكان.
ودعني أشرح وجهة نظري ، القاعدة القرآنية الثابته في الآية المحكمة في قوله تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" البقرة190 ، فالقتال شرعه الله في الاسلام فقط وأقول فقط لرد العدوان وليس للعدوان ، فالله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نقاتل الذين يقاتلوننا ، لأنهم بقتالهم لنا معتدين أما إذا لم يقاتلوننا فالأمر الألهي (لاتعتدوا) ولماذا؟ لأن الله لا يحب المعتدين ، إذا فيجب أن نقرأ جميع آيات القتال من منظور القاعدة الشرعية (رد الأعتداء) ، إذا إذا توافر السبب حدث المسبب ، فإذا توافر في أي زمان أو مكان اعتداء وجب رده ، وقبل أن استرسل في عظمة كلام الله في هذه القاعدة والمستفاد منها يجب أن أشكر كل من الأخوين الكريمين علي صاقصلي وأحمد شعبان لردهما والمتفق مع هذه القاعدة ، ونعود فنقول أن القاعدة الألهية جائت أعظم من كل ما توصل اليه البشر من حقوق الأنسان أثناء الحرب ، لأن قوله سبحانه وتعالى (لا تعتدوا) هي نهي عام عن جنس الاعتداء في القتال يشمل عدم البدأ بالعدوان ويشمل عدم الفجور في رد العدوان فيصبح عدوانا قائما بذاته ويشمل عدم تعدي فعل العدوان ليصيب غير المعتدي أو شيخ أو طفل أو راهب ، ويشمل الاحسان للأسرى عند توقف القتال.
إذا فأنا أواجه العالم أجمع بهذه الآيات الكريمة وأقول لهم أن الله أعزنا بدينه ، وأمرنا بعدم الاعتداء ولكن برده حال وقوعه ويكون بقتال وحصار وجهاد حتى يرتدعوا عن عدوانهم ، ثم أنت يا أستاذ نيازي اقتطعت الآيات من سياقها لتدلل على صحة كلامك فجائت مبتورة مشوهة ، وأدعوك أن تتقي الله رب العالمين في التعامل مع كلامه سبحانه وتعالى ، فالآية الخامسة من سورة التوبة التي تتكلم عن استمرار القتال بعد انسلاخ الاشهر الحرم جائت قبلها الآية الرابعة يقول فيها الحق سبحانع وتعالى" إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" فالله سبحانه يطالبنا بعدم قتال من عاهدنا ولم ينقضوا لنا عهدا فلا يجب علينا أن نقاتلهم أو ننقض لهم عهدا ورغم أنهم مشركين ، ولكن يجب أن نتم لهم عهدم لأن هذا من تقوى الله سبحانه وتعالى ، ثم أردف ذلك بإذا انسلخت الاشهر الحرم فقاتلوا المشركين ، فإذا استثنينا من عاهدنا ولم ينقضوا عهدنا فيبقى من نقض العهد أو ظاهر علينا وهنا يكون مستحقا للقتال ، ونحن بهذا نواجه العالم مرفوعي الرأس بهذا القرآن ، ولتراجع التاريخ منذ حرب الهكسوس وحتى حرب العراق ستجد في كل مرة من يتشدق بالحرية والديمقراطية لا حدود لعدوانه على الغير انتقاما لا يتساوى في المقدار مع حجم ما أصابه من عدوان ، والآية 29 من سورة التوبة تتحدث عن غزوة وحنين ومظاهرة أهل الكتاب للكفار والمشركين في حرب المسلمين فوجب على المسلمين حربهم ،وفي كل مرة يتكلم القرآن عن القتال فيجب أن لا ننسى أن القتال في القرآن قائم على قاعدة عدم الاعتداء (البقرة 190) ، ولكن في كل مرة يتحقق شرط الاعتداء ينطبق حكم آيات القتال لرد هذا العدوان.
يقول الأستاذ نيازي (أيها الرفاق عودوا إلى الرشد وكونوا من الراشدين! كما أنصح الشباب وأقول لهم: اعبدوا الله تعالى وحده ولا تشركوا به شيئا! وبما أن القرآن من الأشياء، فأنا أنصح نفسي كما أنصح من أحب وأقول له لا تعبد القرآن مع الله سبحانه. القرآن الذي بين ايدينا هو سجل لما أنزل سبحانه على رسولنا الكريم من كلمات نورانية، المقدس فيه هو للمعاني الرحمانية التي تدرك بالعقل، أم الأحرف والكلمات والحبر والورق هي مواد مثل باقي المواد لا قدسية فيها أصلا)
اقول للرفيق نيازي عز الدين أنت توجه كلامك للشباب إذا فهم شغلك الشاغل لتدس لهم السم في العسل ، وأنا طبعا لا أسب أو أحقر – حاشا لله – ولكنني أقرر حقيقة موضوعية نأخذها من مناقشة كلامكم السابق والذي يعتبر كلام في منتهى الخطورة.
نعم نحن نعبد الله وحده لا شريك له ولا نظير ولا كوفأ ولا صاحبة ولا ولد ، جل جلاله وتقدست أسمائه ، ولكن القرآن كلام الله يستمد عظمته من قائله وهو الله سبحانه وتعالى ، فتقديسنا لكلام الله هو تقديسنا لله نفسه ، ولله المثل الأعلى سأضرب لكم مثلا تقريبا لو قائد عسكري أصدر أمرا أو كتب رسالة لأحد الجنود فأخذها الجندي وأهملها أو قطعها أو وضع طعامه عليه فهل سيرضي هذا القائد العسكري أم سيغضبه ، وهل سيقف مكتوف الأيدي حيال هذا الجندي أم سينال الجندي عقابا من سيده ، فهل تستكثرون على الله وكلامه ما تقبلونه عقلا ومنطقا للقائد العسكري وكلامه؟ سبحان الله ، ولله المثل الأعلى.
نعم الحبر والورق والكتابة مواد مثل باقي المواد لا قدسية لها في ذاتها ، ولكنها تستمد قدسيتها من الكلام الذي كتب بها ، أما الأحرف والكلمات فحذار ثم حذار أن تقول أنها مواد مثل باقي المواد وتقول أنها لا قدسية لها ، ومن العجيب أنه حتى المعتزلة الذين قالوا أن القرآن مخلوق أتفقوا مع باقي المسلمين في تعظيم كلماته وأحرفه لنسبتها للخالق ، إذا فقط تخطى كلامكم كلام المعتزله فاتقوا الله الذي إليه تحشرون ، قال تعالى" يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" الأحزاب 70 .
ثم نأتي لموضوع الورق والأحبار ، نعم هي غير مقدسة في ذاتها ولكن لا ينسلخ عدم قدسيتها على ما تحتويه من كلام ، وإلا لو طبقنا قاعدة عدم تقديسها فهل يحق لنا إدخال القرآن لدورة المياه أو إلقاءه بها والعياذ بالله؟ طبعا لا ، لأننا يجب أن نعظمه تعظيمنا لشعائر الله ولما يحتويه من كلام الله ، قال تعالى " ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب"الحج 32 ، وقد تعلمنا في القانون أن هناك عقار بالتخصيص ، أو عقار بحسب المآل ، فلو خصصنا جرار زراعي لخدمة أرض عقارية فتسري عليه أحكام العقار لا المنقول لتخصيصه لعقار ، ولو صنعنا باب من خشب ووضعناه في منزل أصبح الباب عقارا لأن مآله داخل عقار ، وأنا أقول لك الورق والأحبار غير مقدسة ولكنها تقدست بالتخصيص لأنها خصصت لخدمة كلام الله وكتابة كلام الله ، فلو انمحا عنها كلام الله بالبلل أو الحرق أو أي طريقة أخرى زالت عنها القدسية وعادت لطبيعتها الأولى ، ولا يؤثر ذلك كله في عقيدة المسلم او لا سمح الله يكون قد اتخذ إله مع الله تعالى الله عن ذلك اللغو والفجور علوا كبيرا ، ولكنه يعظم شعائر الله وهذا من تقوى القلوب.
أما عن كل ما كتبتموه للتدليل على صحة ذهابكم امكانية وجود تغيير في تشكيل بعض كلمات الله وآياته فهو كله كلام انشائي مرسل ، وفي أفضل حالاته قرائن لا ترقى لمرتبة الأدلة ونواجهها كلها بقوله تعالى " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" الحجر9.
ويقول الاستاذ نيازي (لذا علينا أن لا نتخيل في يوم من الأيام أننا إذا طبعنا نسخة جديدة للقرآن فيها أخطاء إملائية، أو سهو عن بعض الآيات فيها بأن الله سبحانه وتعالى سيصححها مباشرة، فقط للأنه قال في القرآن: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون*) 9-15.)
وأقول له عجيبا أمرك ، من منا معتوه وقال ان الله سبحانه وتعالى سيصحح الأخطاء ، وأن أي خطأ في مصحف مطبوع سيصحح من تلقاء نفسه؟ لا يقول هذا الكلام إلا معتوه أو مخبول قطعا ، لو طبع أحدهم مصحف ناقص أو محرف فلن يصحح من تلقاء نفسه ، ولكن بتعهد رب العزة سبحانه وتعالى بحفظ الذكر فإن النسخة المحرفة أو المبتورة لن تشتهر أبدا وتصبح مرجعا لكل المسلمين على اختلاف مذاهبهم والسنتهم في مشارق الأرض ومغاربها ، وهذا هو الحفظ الحقيقي ، ان أمر هذه النسخة سينكشف حالا ، و سيقيد الله رجال من المسلمين يكتشفون الخطأ والتحريف ومرجعهم النسخة الأصلية التي بين أيدهم وينشرون ذلك ويطالبون بإعدام النسخ المحرفة ، وهي على كل معدومة معنونيا لأنها لن تكون مرجعا لكل المسلمين ، وللدلالة على ذلك في السبعينات من القرن الماضي طبع بعض اليهود نسخة من القرآن وقاموا بتوزيعها على المسلمين محذوف منها قوله تعالى " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) آل عمران ، فانكشف أمر هذه النسخة وانتهت بعد تحذير المسلمين بعضهم بعضا حتى تم أعدام معظم النسخ.
وأنت قلت (كل تلك الفروق تعتبر من الفروق الشكلية في القرآن، لكن المشكلة كانت في الإعجاز العددي) الحمد لله أنها كما قلت فروق شكلية وليست تشكيلية والفرق والحمد لله كبير أما موضوع الاعجاز العددي فهو ليس دينا ليكون سببا لقيامنا بتحريف كتاب الله ليتوافق مع أهوائنا في موضوع الأعداد فنضل كما ضل غيرنا وليس رشاد خليفة منا ببعيد.
يقول الأستاذ نيازي عز الدين ما نصه (مما لا يعلمه كثير من المسلمين، أن الله تعالى على صلة دائمة مع كل عبد من عباده جميعا، لا بل إن الله مع كل فرد من مخلوقــاتــــه كلها من الحــوت والفيل كبرا إلى النملة والنحلة صغرا، وهو سبحانه دوما مع المؤمن ومع الكافر ويعلم ما توسوس به نفــســيــهــما، كما يلـهــمــهــــــما بما يشاء، ومن الطبيعي أن تكون صلة الله تعالى بــعــبـــاده المؤمنـيـن المتقين أقوى من غيرهم لكونهم على صلة دائمة بربهم الكريم في أعمالهم وصلاتهم وسرهم وعلنهم. هذه الصلة الدائمة من رب العالمين لعباده المؤمنين, تترجم عادة في واقع الحياة بما نسميه بالإلهام الرباني، خاصة لإنسان يعشق ربه وكتابه العظــيـــــم، فيلهمه ربه الصواب، حسب سعيه وقدرته على الإدراك والفهم).
وهنا أقول له سبحان الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ، إن بدعة القول بالإلهام هي بدعة صوفية ، العلم أخي الكريم بالتعلم وتوفيق الله في استنباط النتائج ليس إلهام لأنه جاء على قاعدة ثقافية وعلمية ، فمثلا رجل قرأ ألف كتاب في الدين ثم عرضت عليه مسألة فتجده يستنبط لها ومنها نتائج بناء على قاعدته العلمية ، أما الجاهل فمهما كان وثيق الصلة برب العالمين فلن يأتيه هذا الألهام الذي تدعيه لعدم وجود القاعدة الثقافية ، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يقول " اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) (سورة العلق) العلم سيدي الفاضل له أسبابه وليس من أسبابه الإلهام ، ولكن السبب الرئيسي للعلم هو القلم ، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى " افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او اذان يسمعون بها فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" الحج 46 والآيات كثيرة تأمرنا بأن نسير في الأرض لأن في السير تحصيل ، وقال تعالى " اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فباي حديث بعده يؤمنون" الأعراف 185 ،والآيات أيضا كثيرة في الحض والأمر بالنظر حتى في انفسنا وفي السماء والجبال والأبل ، لأن النظر علم والعلم تحصيل ، وقال الله سبحانه وتعالى" وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون" الرعد3 ، وهنا الفعل الثالث لبلوغ العلم وهو التفكر على قاعدة من المحسوس ، فمد الأرض وخلق الجبال والأنهار والثمرات والليل والنهار كل ذلك آيات حسية لقوم يتفكرون .
إذا للعلم قواعد قائمة على السيرة والنظر والتفكر ، وللعلم وسيلة وهو القلم ، أما غاية ما يمكن أن أقبله من المعاني المستخلصة من كلامك السابق هو عامل توفيق الله لعباده ، فيمكن أن يفكر شخصين في موضوع واحد ولكل منهما نفس القواعد العلمية والخلفيات الثقافية يوفق الله أحدهما للنتيجة الصحيحة ويضل الآخر ، وهذا قائم بتوفيق الله بشرط وجود القاعدة التحصيلية أولا وهو المستخلص من قوله تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم" البقرة 282.
يقول الاستاذ نيازي [فالله تعالى لم ينزل كتابه للناس كافة كي يعاجزهـــــــم على فهمه، بل بالعكس أنزله ليكون أول معين لهم طالما استمروا بسعــيــهـــم، والتزموا بقاعدة: ( إتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون*).] ، وطبعا أتفق معه في هذا الكلام ، وأول هذا الكلام يناقض تماما قوله السابق (لكن المشكلة كانت في الإعجاز العددي) ، لو كان الأعجاز العددي – رغم امكانية وجوده – واجب الأخذ به في فهم القرآن لكان ذلك تعجيزا للناس وبدلا من قراءة القرآن بخشوع نقرأ القرآن وفي يد كل منا آلة حاسبة ، وسبحان الله عما يصفون ، ثم اتباع والتزام قاعدة اتبعوا من لا يسألكم أجرا مرهون بقوله وهم مهتدون ، وقد عرفنا أستاذ نيازي أنكم لا تسألون أجرا لما كتبتم وكذلك نحن ، ولكن كيف نميز المهتدي؟ ، الأصل الأنبياء هم المهتدون ، وقد هداهم الله سبحانه وتعالى بوحيه والأدلة كثيرة نسوق منها آية واحدة فقط هي قوله سبحانه وتعالى " قل هل من شركائكم من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون" يونس 35 ، والشاهد من قوله سبحانه وتعالى (الا أن يهدى) أن هناك مرجع لمعرفة هداية الشخص من عدمه ومرجعنا هداية الله ، وهداية الله في هذا القرآن ، ألم تتدبر قوله تعالى" ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا" الأسراء 9 ، إذا فتدليلكم بأنكم وهبتم كتبكم بدون أجر ، مردود عليه بأنكم لم تدللوا على أنكم اهتديتم بكتاب الله – الذي تريدون اعادة تشكيله – لكي نتبعكم.
ونأتي هنا لقول الأستاذ نيازي عز الدين في موضوع خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام ، فقد قال سيادته (ألا تذكرون أيها الإخوة كيف أمرنا ربنا كمؤمنين به أن ننفي الإتخاذ عنه سبحانه في كل القرآن؟ وعددها لنا في القرآن كي لا ننساها؟ في كل الآيات التاليات أتت عبارة الإتخاذ مستنكرة عنه سبحانه لا شريك له: ( وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لاتعلمون*) 68-10. ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا...*) 88-19. ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ...*) . ( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا...*) 4-18. من هنا أتيت بقاعدة قرآنية استنبطتها من القرآن تقول: إن القرآن يرفض الخطأ حتي في التشكيل الخاطئ، لكن ذلك الرفــض لا يمكن إدراكه مباشرة إلا عن طريق العقل الذي هو جهازنا الفكري كإنس من نسل آدم عليه السلام.
لكن كيــــــف؟ عندما نقرأ آية: إتخذ الله إبراهيم خليلا، كما هي مشكلة في مصاحفنا اليوم، نقرأها على أن الله فاعل مرفوع بالضمة، لكونه فاعل الإتخاذ بينما نقرأ كلمة إبراهيم، على أنه مفعول به منصوب بالفتحة لكونه هو الذي قد اتخذ خليلا من قبل الله سبحانه من دون العالمين، بينما إذا رجعنا لمصحف عثمان الأثري نجده بلا تشكيل أصلا)
وهنا نأتي لنوع من تلبيس الحق بالباطل خطير لإثبات تحريف آيات القرآن ولنتدبر قوله ونرد عليه مهتدين بكتاب الله سبحانه وتعالى .
اتفق مع الاستاذ نيازي أن الاتخاذ جاء في القرآن في آيات كثيرة مذموما كما عدد هو بعض الآيات وهناك آيات أخرى كثيرة ، ولكنه جاء أيضا في آيات أخرى محمودا ولنتدبر قوله تعالى " واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود" البقرة 125 ، وهنا أمر بالاتخاذ ، وليس مذموما ، وقوله تعالى" واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون"النحل68 ، وهنا أكثر من كونه أمرا فهو وحي ، وقوله تعالى" فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا" الكهف 61 ، وقوله تعالى "... واتخذ سبيله في البحر عجبا" الكهف 63 وهنا الاتخاذ جاء آية من الله لواحد من أولي العزم من الرسل وهو موسى عليه السلام ، وقوله تعالى" فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا" مريم 17 وهنا الاتخاذ كان عبادة تصرفها مريم لرب العالمين.
ثم أن الله نسب الاتخاذ لنفسه في قوله " لو اردنا ان نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ان كنا فاعلين" الأنبياء 17 ، ولو كان فعل الاتخاذ مغضوبا عليه ما نسبه الله تعالى لنفسه والشاهد قوله (لاتخذناه) ، بل أن الكافر سيأتي عليه يوما ويندم لأنه لم يمارس فعل الاتخاذ ولنتدبر قوله تعالى " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا" الفرقان27 ، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى باتخاذ الشيطان عدو وهو هنا اتخاذ محمود وليس مذموم في قوله تعالى" ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير" فاطر6 ، وهناك أمرا من الله باتخاذه وكيلا ، واتخاذ السبيل اليه ، قال تعالى" رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا" المزمل 9 ، وقال تعالى " ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا" المزمل 19 ، والانسان 29 ، وأخيرا فإن الله سبحانه وتعالى قال " ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ الى ربه مابا" النبأ 39 .
إذا من كتاب الله سبحانه وتعالى هناك اتخاذ مذموم وهناك اتخاذ محمود ، ولما يتعلق الأمر بخليل الرحمن ابراهيم عليه السلام يكون محمودا في أمر الله سبحانه وتعالى للمسلمين باتخاذ مقامه مصلى (البقرة 125) ، واتخاذه لإبراهيم خليلا (النساء 125) ، وتعالوا نكتشف من كتاب الله سبحانه وتعالى لماذا اتخذ الله ابراهيم خليلا؟
طبعا الله سبحانه وتعالى لا يحتاج للخليل أو لأي من مخلوقاته ، فسبحانه وتعالى تفتقر مخلوقاته إليه ولا يحتاج سبحانه لأحد والآيات في القرآن كثيرة على ذلك ، ولكن الله سبحانه وتعالى هو العدل ، والقاعدة عنده سبحانه وتعالى أنه يعطي الجزاء من جنس العمل ويزيد بكرمه كيفما شاء لا معقب عليه في ذلك ، فالله سبحانه وتعالى يقول " يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين" آل عمران 171 ، وقال تعالى" فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب" آل عمران 195 ، وقال تعالى" للذين احسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون" يونس 26 ، فقد جعل الله سبحانه وتعالى جزاء الأحسان بالحسنى والزيادة بكرمه سبحانه وتعالى وهو سبحانه أهل الكرم ، كما قال تعالى" هل جزاء الاحسان الا الاحسان" الرحمن60 ، والشاهد في كل هذه الآيات وغيرها أن الجزاء من جنس العمل.
فماذا عن إبراهيم عليه السلام ، لنتدبر الآيات القادمة قال تعالى" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) (الأنعام) ، وقوله تعالى " الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك اذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي واميت قال ابراهيم فان الله ياتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين" البقرة258 ، وقوله تعالى" ان ابراهيم لحليم اواه منيب"هود 75 ، وقوله تعالى" ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين" النحل 120 ، وقال تعالى " قال اراغب انت عن الهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا" مريم 46 ، وقال تعالى" وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) (سورة الأنبياء)
والشاهد من جميع هذه الآيات أن ابراهيم كان وحيدا ليس معه أحد عندما بدأ يفكر في وجود الله ، ويبحث لنفسه عن الأله الحق مرة فيالكوكب ومرة في القمر وآخرى في الشمس إلي أن هداه الله ، وكان وحيدا ، عندما خرجت القرية كلها للهو واللعب وجلس هو بمفرده في بيوت القرية ليكيد لأصنامهم ويكسرها وهو يعلم العاقبة ، وكان وحيدا وبمفرده أيضا عندما ألقوه في النار ، وكان وحيدا وبمفرده عندما طلب منه أبوه آذر أن يهجره مليا ، سبحان الله رسول الله ابراهيم دائما بمفرده حتى قال عنه الله سبحانه وتعالى انه أمة بمفرده ، فجزاء هذا العمل يكون من جنسه ، بأن الله أتخذه خليلا ليعوضه عن كونه دائما وحيدا وبمفرده ، ثم كرم الله سبحانه في الزيادة ، بأن وهب له اسماعيل واسحق ويعقوب وكل جعلهم الله أنبياء ، فالله أكبر تستكثرون على رب العزة أن يعطي الجزاء الأوفى لواحد من أخلص انبياءه وأعز رسله أبو الانبياء إبراهيم الخليل عليه وعلى جميع الانبياء والمرسلين السلام.
وأخيرا أستاذ نيازي ، لا أخفيكم سرا أنني كنت واحدا من المحتفين بوجودكم معنا ومازلت ، ويعلم الله أني أحبكم في الله وأخاف عليكم من يوم تشخص فيه الأبصار وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ، راجعوا أنفسكم وضعوا أحتمالات الخطأ ولو نسبة ضئيلة في كلامكم واستنتاجاتكم ، والله سبحانه أحق أن تخشوه ، وادعوا الله لي ولكم بالهداية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي