الإيمان والإسلام
ولقد كتب لنا السيد زهير قوطرش مقالة في الشهر الماضي بعنوان هل للإنسان عقل أم عقلين مشيراً إلى ان القلب الذي هو في الصدر له طبيعة التفكير واستشهد بمؤلفات الدكتورpearrsall poul والذي اكتشف أنه هناك بعض التراكمات والذكريات التي تنتقل من شخص إلى آخر بعد عمليات زرع القلب من شخص إلى آخر, وعليه أكد الإستاذ زهير قوطرش أنه هناك تكمن عمليات الإيمان والخوف والإطمئنان التي أكدها الله في كتابه العزيز وعلى أن الله يضع هذه الأمور في قلب الإنسان وليس بعقله.
وأنا أوافق مع السيد زهير على أن الله فعلاً يضع هذه الأمور في قلب الإنسان ولكنني أميل إلى ان الدماغ البشري هو الذي يحوي في طياته على مسميات كالقلب والفؤاد وأن هذه المراكز الدماغية ليس لها أي علاقة بعضلة ضخ الدم الموجودة في القفص الصدري, ولكننا إذا اختلفنا على العضو الذي يكمن أو تكمن فيه عمليات الإيمان والتفكر والتفقه إلا أننا لا نستطيع أن نلغي تلك العمليات التي تقوم فعلاً داخل جسم الإنسان بغض النظر عن أين يقوم ذلك التحليل والتفكير وخزن المعلموات.
مثال : إن أي موضوع خطي نقوم نحن البشر في تحليله كأن نقوم بعرض ما جاء في نص من النصوص ونرغب في البحث فيه والتفكر بما جاء في طياته يدفعنا إلى البحث في التاريخ ومهما تفرقت مصادره حتى ولو أنها أتت من السلف الذي نحاول الإنسلاخ عنه لعل وعسى كان لها حيزاً مفيداً للنقاش... وبعد النقاش والحوار فيها تتبين لنا معالم الأخطاء التي أتت معها وتظهر الأمور الصحيحة الواضحة التي أتت فيها فنحاول أن نكبر حروفها لإظهار العيوب أو الإيجابيات التي أتت بها قبل أن نتخذ القرار النهائي فيها.
وبالنهاية نصدر الحكم عليها على أنها صائبة أم أنها غير صائبة وهذا القرار هو (الحكم النهائي) على ما جاء فيها يذهب من التعقل والتفكر إلى مرحلة أخرة في الدماغ البشري والذي نقول عنه (القلب) وبما أن النتيجة التي آمنا بها قد كانت بعد تدبر وتفكر فإن موقع تلك المعلموات سيكون في مركز أهم من هذا القلب آلا وهو الفؤاد الذي تتمركز فيه معلومات (الفقه).
ولكننا إذا أردنا مثلاً أن نؤمن بشي ولكن من دون أي نقاش أو حوار (لأننا إن لم نؤمن أصبحنا من الكافرين) فكان من الواجب علينا أن (نسلم) بما جاء به الخبر فلإيمان بالله مثلاً يمكن أن يكون عن طريقين الأول بالحجة والبرهان, والثاني من دون أية حجة أو أي برهان وهذا هو التسليم بما يجب الإيمان به وهو (الإسلام)
ما هو الإيمان :
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) 285-2
إذا فإن الإيمان بهذه الأمور الخمسة بالعقل والمنطق والبرهان يؤدي إلى الإيمان, وإن قبول تلك الأفكار من دون أي برهان يجعلنا من المسلمين بها ويجعلنا في النتيجة من المسلمين.
ولكن الله تعالى قد حدد لنا الأمور التي يجب الإيمان بها من دون تفكير وهي :
الله , والملائكة (والكتب) والرسل واليوم الآخر.
ولنتوقف عند كلمة الكتب للحظة فما هي كتب الله ؟
1- التوراة
2- الإنجيل
3- الزبور
-4 القرآن العظيم.
ونحن المسلمون نؤمن أن كل الكتب السابقة ماعدا القرءان قد حرفت وبدلت.
ونحن أهل القرءان نؤمن أن القرءان لا تتثبت معانيه لا بأسباب النزول ولا بالتفسيرات المغرضة التي كتبت من اهل السلف, والتي كانت حجتهم فيها في عرض الأحاديث الشريفة والقدسية التي برأي أهل السلف أنها مهمة لشرح النص القرءاني.
وهذا أدى إلى تحريف المعاني القرآنية وللأسف فإنه قد تمت ترجمة معاني القرآن إلى قراء القرءان بلغات أخرى غير اللغة العربية مما أدى إلى ظهور ديانات إسلامية جديدة تحمل فلسفات جديدة لم ينزل الله بها من سلطان.
فكيف لنا أن نؤمن بالتسليم أن كتب الله تعالى الأربعة والتفسيرات التي أتت على خاتمة الرسالات على أنها أمور يجب التسليم بها لأن الله تعالى أمرنا أن نكون من المسلمين, من دون أن نتفكر ونتدبر ما جاء فيها وفي معانيها قبل أن نرسل بتلك المعلمومات من حيز التفكير ونضعها في القلب في مرحلة الإيمان من دون أن يكون لدينا فقه نستطيع من خلاله أن نرى الفرق بين التفسير الصائب من التفيسر الذي لم يصب أبداً بل جاء من واد آخر ليس من وادي الإسلام على الإطلاق.
إن أي عملية تحجيم وتثبيت لآيات القرآن لمفهوم واحد من دون الدلالة على ذلك المفهوم والدلالة عليه بالشواهد الحقيقة التي في حولنا من ماديات أو من حقائق من القرآن الذي هو كتاب الله عز وجل هي فقط :( آراء شخصية) يستطيع المرئ المتكلم والذي له الخبرة الكافية في استخدام الكلام كوسيلة للبرهان بالفلسفة والمنطق, الذي هو نسبي وليس حقيقي. لأن الفلسفة في النهاية هي رأي إن لم يكن هناك برهان مادي ملموس أو حقيقة قرآنية ملموسة تدعمها.
نعم إن الله يأمرنا بالإسلام والتسليم لأن الناس كلهم لا يستطيعون أن يتحولوا إلى فقهاء ولم يطلب الله الفقه من الجميع لكن الذين رغبوا بأن يحملوا تلك الراية عليهمم تقع مسؤلية التفكر والتدبر, ولقد طلب الله تعالى من عباده أن ينتخبوا فئة منهم تتفكر وتتفقه بالدين ولم يطلبها من الجميع حتى لا تكون عبئاً على الجميع.
لكن الله تعالى سيحاسب الناس بالنهاية لماذا انتهى بهم الأمر في تصديق فلان من دون فلان, فالأمر أيضاً يعود إلى اختيار الأتباع والإتباع, فهل ما يقوله فلان أصح لنبدأ بتشغيل العقل وبعدها نقييم من هو الجدير بالإتباع.
وهنا في موقع أهل القرآن والذي هو ليس حكراً على أحد وليس لأي فئة منه أية مصلحة مادية أو معنوية في طرح أفكارهم على منبره من جميع الداخلين والوافدين إليه ومن واجبهم أن لا يسلموا بكل ما يؤتى به قبل إلتماس البرهان, لأن الإيمان بإمكانه أن يتسلل إلى القلب حتى ولو من دون برهان أحياناً, (خجلاً, وتواضعاً من المتكلم) وقد يضيع البرهان تماماً أمام أعين من أراد أن لاينظر إلى البرهان (نفورا من المتكلم) والله يعلم هذا وهو يحذرنا ومع ذلك يطلب منا أن نؤمن ببعض الأمور من دون برهان, ويأمرنا بالتسليم المؤقت إلى أن يصل الإنسان ذاته إلى البرهان العقلي التام.
إن محاولات الناس والبشر في البرهان على صحة القرآن وعلى الإعجاز العددي فيه هو وسيلة من وسائل البرهان على صحة القرآن.
وإن النظر في الآفاق والأنفس هي طريقة أخرى للبرهان على صحة كتاب الله قد نسمع بها في الإسلام وقد نسمع بها من المؤمنين بكتب أخرى كالذين برهنوا على العدد 7 مثلاً وإعجازاته في الإنجيل المترجم إلى الإنكليزية مثلاً.
أو على الإكتشافات التي تمت في العلوم وتطبيقاتها بكتب التوراة والإنجيل ولقد كان للقرآن الحظ الأكبر والى اليوم بدعم اكتشافات كثيرة ويدعي السلف وجود مثل تلك المعجزات في أحاديث الرسول, كل هذه الأراء والمعتقدات قابلة للحوار في مجال البحث والدراسة والنقد, وبعضنا يقول (لن أضيع وقتي فيها) ويتركها خارج مركز القلب أي لا تدخل في الإيمان ويكفر بها حتى من دون قراءتها قائلاً في ذاته (قلبه) : كلام فاضي.
هذا رأيه الشخصي وهو حر (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
يقول آخر : كل يوم يأتي منادٍ ويقول أنه اكتشف كذا وكذا وإذا تركنا كل ما لدينا من أمور لنتحقق من كذب فلان او صحة فلان لما فعلنا شيء في حياتنا سوى الركض وراء الأكاذيب ليس للإيمان بها ولكن للتأكد من صحتها او نقدها.
لذلك كان من الواجب علينا أن ننتخب ناس لهم اختصاصات مختلفة في متابعة الأمور فمثلاً هناك شخص من واجبه متابعة (المخطوطات) وآخر من واجبة متابعة (المترجمات) وآخر من واجبة متابعة (المستحدثات) والكل يؤمن بنفس المنهج والطريقة والكل يستطيع أن يعطي الكل خلاصات الأمور.
إن الله يأمرنا بالتسليم لهؤلاء المنتخبون من قبلنا لأننا نثق بهم ومن بعدها نؤمن بما قالوه, ولكننا إذا وجدنا ان أحد منهم قد أخطئ(لأنه إنسان خطَّاء) فيجب علينا أن ننبهه على خطأه ونرشده إلى الصواب لأننا لسنا نيام.
وفي النهاية أدعو الله تعالى أن يزيد في حلقة أهل القرآن وأن تتسع ساحاتها ومدارك المؤمنين بأفكارها كما يأمرنا الله وأن نؤمن برسالة الله وأن لا نتخاذل بالبحث عن البرهان وأن نكون حذرين من البرهان الفلسفي الذي يأتي في مجال الرأي وإن كان متخفياً برداء المنطق.
والسلام على من اتبع الهدى
وسام الدين اسحق