المحصنــات
• "المحصنات" أصلها من كلمة الحصن ، وتحصن بالحصن .
وقد جاءت كلمة الحصون والمحصنة بمعنى القلاع الحربية في قوله تعالى ( لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر) .. وفي قوله تعالى (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) "الحشر 14 ، 20 .
• ومعلوم أن الذي يتحصن بالحصن إنما يريد أن يحمي نفسه في الحرب ومن ذلك المعنى الحربي لكلمة حصن جاءت كلمة المحصنات.. والله تعالى يقول عن الجواري وغيرهن ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً "النور 33"..أي أردن حماية أنفسهن من البغاء والرذيلة.
• والمرأة تكون محصنة إذا كانت عفيفة أو متزوجة أو من الحرائر ذوات النسب العريق ، والقرآن الكريم استعمل لفظ المحصنات وتوابعه في المعاني السابقة.
• يقول تعالى عن السيدة مريم ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا) "الأنبياء 91" و مريم أبنت عمران التي أحصنت فرجها) التحريم12" فالإحصان هنا بمعنى العفة وصيانة العرض والشرف.. أي أن المحصنة لها من أخلاقها ما يصونها عن الرذيلة .. ويقول تعالى عن المحصنات بمعنى الشريفات العفيفات ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ) "النور 4" .
ولفظ المحصنة لا يعني المتزوجة فقط وإنما يشمل كل عفيفة شريفة من النساء سواء كانت متزوجة أو مطلقة أو لم يسبق لها الزواج أصلا، وإذا رماها ظالم بما يقدح في شرفها ولم يثبت ذلك بالشهود فعقوبته ثمانون جلدة مع انعدام الأهلية للشهادة.. والله تعالى يتوعده بالعذاب واللعنة ويقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور23.
* ويأتي الإحصان والمحصنات بمعنى الزواج والنساء المتزوجات، باعتبار أن الزواج هو الحصن الذي يحمي المرأة ويصونها ويحمي الرجل أيضاً من الوقوع في الرذيلة. {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء 24. أي لا يتزوج الإنسان امرأة متزوجة على ذمة رجل آخر إلا إذا انقطع عقد الزواج بوقوعها في الأسر وملك اليمين .
ويقول تعالى في زواج الإماء والجواري { فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25.
الإماء والجواري كن عرضة للفتنة والغواية، والله تعالى يجيز التزوج منهن لمن يخشى على نفسه العنت والوقوع في الزنا ، ويكون التزوج منهن بإذن مالك الجارية وهو صاحب الأهلية عليها ، وأن يدفع لها مهراً حسب المتعارف عليه ، وذلك بهدف أن يكون زواجاً شرعياً وليس بغرض الزنا (السفاح) أو اتخاذها خليلة { متخذات أحدان} .
فقوله تعالى عنهن { محصنات غير مسافحات..} يعني الشرف وقوله تعالى عنهن { فإذا أٌحْصَنَّ } أي إذا تزوجن فالإحصان هنا بمعنى الزواج { فإن آتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} يعني عليهن نصف ما على الحرائر المتزوجات من العقوبة .
أي أن الآية جاء فيها كلمة الإحصان وتوابعها بالمعاني الثلاثة : بمعنى العفة والشرف {محصنات غير مسافحات} وبمعنى الزواج {فإذا أحْصن } وبمعنى الحرائر { ما على المحصنات من العذاب} .