بسم الله الرحمن الرحيم
الأسماع النطيحة - وكاد صوت الواعظ أن يكون سوط عذاب-
كان خطيب الجمعة يعظ، ولعل التعبير الأصح - إن جاز وهذا ما أرجوه - أن الخطيب يومها كان يغضب. نعم كان صوته جهوريا جدا ، وما دمنا في أول جمعة بعد الاحتفال بعيد الأضحى فالتعبير الآخر الذي أرجو أن يكون مناسبا ، هو أن نقول كان صوت الخطيب ناطحا جدار أسماعنا وطاقتنا ، مرتطما ومصطدما بها.
وعلى الرغم من أن خطبته كانت تتميز – على غير عادة بآيات قرآنية – إلا أن تأثيرها كان بالنسبة لي أقل من المفروض والãde;توقع لأني كنت موزعا بين الاستماع والإنصات وبين مقاومة صولات وجولات ذلك الصوت العدواني الخادش الجارح .
وذهب بي التفكير إلى قول صديق حدث له هو كذلك أن ذهب ضحية الصوت المزعج ، إذ قال لي : كان خطيبنا هذه المرة منفعلا متشنجا حانقا غاضبا مغاضبا وكأني به سيهرول من على منبره وبرجه العاجي وسيشرع في صفعنا صفعا واحدا واحدا.
وهكذا فإن واعظنا هذه المرة بسبب صوته العدواني قلص في كل أمنية ما عدا من أمنية الخلاص من هذا العذاب المسلط ومن أمنية الاقتراب منه ومن الهمس في أذنه بنصيحة مراجعة الآية رقم : 19 من سورة : لقمان حيث كان سيدنا لقمان ينصح ابنه لاسيما عندما قال له : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.
وحتى لا أبخس الخطيب شيئه فإني أقر بأنني فهمت حسب اعتقادي أكثر من ذي قبل وأعمق نصائح لقمان الموجهة إلى ابنه ، تلك النصائح التي أنزلها الله لنا كتعاليم وأدركت أكثر من ذي قبل أن الأذن وحاسة السمع جديرة بأن تدرس عن قرب وبعمق من طرفنا نحن المؤمنين بالله ، ولا حرج في أن ننشد ذلك عند عباد الله الذين فحصوها ودرسوها وعرفوها وحتى لم يكونوا مثلنا مؤمنين، وأدركت أخيرا أن صوت الخطيب ممكن جدا أن يتحول إلى سوط عذاب .