" وأنه هو أضحك وابكى"
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى* وأن سعيه سوف يرى* ثم يجزاه الجزاء الاوفى* وأن الى ربك المنتهى* وانه هو اضحك وأبكى* وأنه هو أمات وأحيا"
سؤال سألته بيني وبين نفسي ، كلما قرات هذه الايات، ما معنى قوله عز وجل . ",إنه هو اضحك وابكى " وفي تدبري لهذه الاية عرجت على ما قاله السلف.
ماذا قال السلف في هذه الاية:
دائما أكرر هذه العبارة بأن السلف جزاهم الله خيرا... اجتهدوا وقالوا ما قالوه ،لكن العتب عل&cute;ى الخلف الذين قدسوا ما قاله السلف . وثبتوا الفهم عند حدود ما قالوه.وهذه مشكلة اشراكية عظيمة... علينا ان نتخطاها إن اردنا من الله النصر والتوفيق. السلف مروا على هذه الاية مرور الكرام... منهم من قال اضحك أي خلق فعل الضحك، كما خلق فعل البكاء. المعتزلة قالوا خلق قدرتين أي إمكانية الضحك والبكاء. وبعضهم قال الافعال مخلوقة للعبد،وليست مخلوقة لله،اما الغرائز فهي مخلوقة لله. وبعضهم قال أنه خلق الضحك لأهل الجنة وخلق البكاء لأهل النار. أو خلق ما يبعث على الضحك وعلى البكاء.
ماذا قال العلم :من دراسة للباحث عدنان ابراهيم.
العلم الحديث عند دراسته ظاهرة الضحك والبكاء عند الاطفال ،توصل الى أن الاطفال يبدأون في الابتسام منذ الاسبوع الاول،ويبدأون بما يشبه الضحك في الشهر الرابع. وأن هذه الابتسامة وهذا الضحك هو في الحقيقة بداية التواصل مع العالم الخارجي. والاغرب من ذلك توصل العلماء بأن الاطفال الصم والبكم والعميان يمارسون نفس الشيء ، ويعبرون عن حالات نفسية تنتابهم خاصة بالبكاء ايضاً. السؤال الذي يمكن أن نطرحه نحن المسلمين ، هل هذا الشيء فطري أم أن الاطفال يتعلمونه ؟، ابدا انه شيء رباني." أنه (هو) اضحك وابكى".
لننتقل خطوة أخرى مع العلم... أكد العلماء بأن أخطر الامراض التي ستصيب البشرية مستقبلا هي أمراض الإكتئاب. الانسان المكتئب ،لايضحك ولا يبكي ، يقتله الاكتئاب لدرجة فقدان روحه الانسانيه التي تتمثل في الضحك والبكاء (الشيء الرباني) في الانسان. العالم "ليبريد" وصف الضحك بالنسبة للانسان كالركض الداخلي، يساعد النفس على التخلص من احباطاتها وألامها ومن سمومها . وتابع أن الانسان الذي يضحك ،أي يمارس الضحك ترتفع نسبة الهرمونات الجيدة كالأندروفينات والدوبامين والسيليتاسين, وحين لايضحك ترتفع الهرمونات السيئة كالأدريالين والكورتزول.
بعض العلماء درسوا حالة ،تحدث دائما للإنسان وهي حالة الضحك والبكاء بآن واحد . وهل نسينا ما قاله العرب" شر البلية مايضحك" واللورد بيرون شاعر الانكليز يقول " ما ضحكت مرة من مشهد أنساني زائل إلا كان ضحكي تجنباً لبكائي" هذا مايسميه العلماء اختلاط المشاعر الغريزية.وهذا يدل على أن الانسان الذي لايمارس الاستجابتين بشكل طبيعي هو منقوص الانسانية.
الانسان يبكي فرحا ،ويبكي شوقا ،ويبكي ألما. ويضحك فرحا ،وشغفا ،وحتى أن بعضهم يعبر عن الحزن والألم بالضحك.
خاتمة :
الطفل ،ومثله الانسان البدائي هما النسخة المعبرة عن خلق الله ،عن فطرة الله، وأن الضحك والبكاء علامات من علامات الايمان بالله تعالى . لأنه القائل أنه ...هو... أضحك وأبكى. هي مشيئته في الإنسان. لأن الضحك والبكاء كونهما يعبران عن إنسانية الانسان. والأهم من ذلك هما علاج للإنسان من اخطر أمراض العصر النفسية.بعض الناس من المؤمنين يبكون خشية وتضرعا وتوكلاً على الله .ما أجمل هذه المشاعر التي تفرغ من الانسان كل الشحنات السالبة....ويضحكون ملئ افواههم ، لأنهم رضوا بقضاء الله وتوكلوا عليه.... لهذا أقول لأخوتي في الانسانية وأخوتي أهل القرآن ليس عيبا أن نبكي ،وليس عيبا ان نضحك ، لأنه هو أضحك وابكى.
اللهم زدنا علما وتدبرا في كتابك العزيز، واجعلنا ممن يسرت لهم فهم معانيه، والعمل باوامره ونواهيه . أنت القوي وانت العزيز يارب العالمين.