نفاق الرئيس

مدحت قلادة في الثلاثاء ١١ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

النفاق الاجتماعي عادة معروفة في محيطنا العربي عامة والمصري وبخاصة في البلاد الديكتاتورية، وهو منتشر كالشهيق والزفير في المنطقة الموبوءة المسماة بالمنطقة العربية، وأصبح واقعاً يومياً معاشاً، فتزداد درجة النفاق الاجتماعي كلما ازدادت مكانة ومسئولية المنافق وسبب النفاق.
فنفاق الموظف لرئيسه لا يقارن بنفاق الموظف لوزيره مثلاً، ونفاق الوزراء للرؤساء والملوك له المرتبة (العليا)، وإليك بعض الأمثلة لتوضيح النفاق الاجتماعي.
نفاق مصطفى بكري وعبد الباري عطوان لصدام حسين "سفاح العراق"، في حياته حولوه علي صفحات الصحف التي يملكونها من سفاح قاتل لشعبه إلى حامي حمى العرب والعروبة! وبعد نوال جزاءه العادل رفعوه إلى مرتبة الشهداء!
بالطبع نفاقهم له مبرراته، فعطايا صدام أسست صحفهم ومولتهم إلى الآن، حتى بعد إعدامه ما زال أذناب صدام من البعثيين سارقي البنك المركزي العراقي قبل تحرير بغداد من صدام السفاح يغدقون عليهم العطايا.
وفي مصر لا يتوقف النفاق الاجتماعي على المستويين السياسي أو الديني.
* ففي عهد الرئيس مبارك انتشرت الأمراض من فشل كلوي ووباء كبدي أوهنت جسد المواطن المصري، علاوة على سياساته الاقتصادية التي جعلت 60% من الشعب يعيش في فقر مدقع، وثلاثة ملايين مواطن يعيشون في القبور، وجعلت مصر لها مركز متقدم فقط في التخلف الفكري والتأخر الديني والتطرف والكراهية للآخر، فنتذكر كلمة الشيخ الشعراوي للرئيس حسني مبارك "اللهم صبرك علينا!"، والنكتة التالية توضح إلى مستوى وصل النفاق الاجتماعي.. "اجتمع الرئيس مبارك مع وزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير الداخلية وشيخ الأزهر وذهبوا لرحلة صيد، وأطلق وزير الداخلية خمس طلقات أوقعت ثلاثة طيور، وقام وزير الدفاع بإطلاق خمس طلقات أوقعت ثلاثة طيور، فهتف شيخ الأزهر الله أكبر على وزير داخليتنا وعلى وزير دفاعنا، ثم قام الرئيس بإطلاق عشر طلقات فلم يسقط طائر واحد، فقام شيخ الأزهر مهللاً بأعلى صوته الله أكبر.. الله أكبر، رئيسنا حقق المعجزة الطيور تطير وهي ميتة"!
أدمن رؤساء وملوك المنطقة أن ينافقهم من حولهم، واعتقدوا أن العالم يعاملهم نفس معاملة رعاياهم لهم، ففي كلمة الرئيس محمد حسني مبارك في اجتماع مؤتمر الأفروأوروبية في القمة الثانية لرؤساء دول وحكومات‏81‏ بلداً إفريقياً وأوروبياً في العاصمة البرتغالية لشبونة احتوت كلمته على هذه الجملة "نعمل على آليات إرساء الديموقراطية وتعزيز حقوق الإنسان". هل تصدق أن الرئيس مبارك قائل هذه العبـــارة (تعزيز حقوق الإنسان)! أي إنسان إن كان في مصر هذه المآسي والاضطهادات والتفرقة بين المواطنين بسبب الدين؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر:
* نشرت مطاعم مؤمن إعلان طلب وظائف في جريدة الأهرام "على الأقباط أن يمتنعوا".
* مؤتمر المواطنة الأخير الذي عقده المجلس القومي لحقوق الإنسان يوم الأحد المقدس لدى الأقباط "متجاهلاً يومهم المقدس" ولم تدرج مشكلة 15 مليون قبطي مضطهد في مصر على جدول أعماله.
* تكميم أفواه الليبراليين خوفاً من شيوخ الفتنة مثل البدري.
* افتتحت الفنانة حنان ترك كافيتريا "للمحجبات فقط" أي ممنوع على الأقباط.
* تسليم ملف الأقباط لجهاز أمن الدولة "لخطورتهم".
* سب عقيدة المسيحيين على الهواء مباشرة في برنامج القاهرة اليوم من زغلول النجار وسليم العوا.
* هجوم يومي ومستمر على الأقباط في الجرائد القومية والصحف الأمنية.
* خطف بنات الأقباط أصبحت عادة يومية تتم بتخطيط ورعاية الأجهزة الأمنية ومباركة الأجهزة التنفيذية والشعبية.
* الاستيلاء على أوقاف الأقباط وسرقة أراضي كنائسهم في المرج ومرسى مطروح.
* حرمان الأقباط من حقوقهم الدينية.
* حذف الحقبة القبطية 700 عاماً من تاريخ مصر العريق.
* تحويل مصر إلى دولة بوليسية تنتهك فيها أعراض المخالفين.

إن الرئيس مبارك لا يتجمل ولكنه يؤمن أن كلماته سليمة 100% وهي نتيجة طبيعية للنفاق الاجتماعي الذي أدمنه من الحاشية المحيطة به لانعدام ضمير من حوله، وكان من الأولى أن يقولوا له لا يحق لك تكميم الأفواه.
لا يحق لك اضطهاد الأقباط.
لا يحق لك نشر التطرف الديني.
لا يحق لك ضياع سمعة واسم مصر عالمياً.
لا يحق لك تدجين المعارضة بتعيينات وهمية "شورى مجالس قومية... إلخ".
لا يحق لك تشويه صورة مصر بجعلها دولة بوليسية.
لا يحق لك تعيين وزيرة لم تحصل إلا على الشهادة الابتدائية، لتمثل اسم مصر العريق وتورد بناتنا إلى بدو الخليج كخدم!
لا يحق لك بيع مصر للوهابيين وأغنياء الخليج.
سيادة الرئيس ادعائك "أنك تعمل على إرساء الديموقراطية وتعزيز حقوق الإنسان"، اسمح لي أن أقول لك أن هذا الكلام لا يستطيع أحد تصديقه -بالطبع من الشرفاء وليس ممن حولك من المنافقين.
فأي آليات! وأي ديمقراطية! وأي حقوق إنسان!
مدحت قلادة
medhat00_klada@hotmail.com

 

اجمالي القراءات 12880