استفتاء: 80 بالمئة من التونسيين لن ينتخبوا النهضة

في الخميس ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

استفتاء: 80 بالمئة من التونسيين لن ينتخبوا النهضة

تونس – قال استطلاع رأي صدر أمس إن غالبية التونسيين يرفضون إعادة انتخاب حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، وأن نصف المستجوبين سيقاطعون الانتخابات، ما يعكس غضب الشارع التونسي على سياسات الحكومة التي لم تكن وفية لمطالب الثورة، كما يقول خصومها، ما جعلها تلوح بتعديل حكومي قريب.

وقال نبيل بالعم مدير مركز "أمرود للاستشارات" إن 50 بالمئة من التونسيين يرفضون المشاركة في الانتخابات القادمة، وهو رقم سيثير ولا شك صدمة لدى الطبقة السياسية، كما يذهب إلى ذلك محللون

ويؤكد هؤلاء أن هذا الرقم يعكس حالة من السأم الشعبي من خطاب الأحزاب السياسية التي تلجأ إلى الصراخ والسباب على شاشات التلفزيونات المحلية، فضلا عن الخوف من غياب الاستقرار وسط توسع دائرة الجريمة وتخلي الأجهزة الأمنية عن دورها الذي اتسم في السنوات الماضية بالحزم والشدة.

وقال بالعم، في تصريح لإذاعة محلية، إن البلاد يتنازعها اليوم حزبان؛ النهضة التي حازت على أصوات بنسبة 20 بالمئة، ونداء تونس الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي، فيما حازت بقية الأحزاب الأخرى على نسب متدنية، ما يعكس حدة الاستقطاب بالبلاد.

ويشير مراقبون إلى إن نتائج هذا الاستفتاء التي تتفق مع استفتاءات سابقة تكشف أن نوايا الانتخاب تعتبر بمثابة عقاب لحركة النهضة التي حازت في الانتخابات الماضية على ما يقارب 60 بالمائة من اصوات الناخبين، و40 بالمئة من عدد نواب التأسيسي.

وفي محاولة لإنقاذ شعبيتها من التردي الذي وصلت إليه، لوحت شخصيات من التحالف الحكومي في تونس بإجراء تعديل على التشكيل الوزاري قبل نهاية العام في محاولة للفكاك من عنق الزجاجة بسبب تعمق الأزمة الاقتصادية، وتوسع دائرة الغضب الشعبي على حكومة اكتفت بالوعود.

وقال عماد الدائمي، رئيس ديوان الرئيس منصف المرزوقي، إن التعديل سيتم خلال يومين، لكن قيادات من حركة النهضة ذات الأغلبية قالت إن ذلك سيتم قبل نهاية العام.

ومن المنتظر أن يجتمع الرؤساء الثلاثة "رئيس الحكومة – رئيس الجمهورية – رئيس المجلس التأسيسي" غدا لمواصلة النقاش حول تفاصيل التعديل الذي دأبت الحكومة التي تسيطر عليها النهضة على التلويح به كلما ازدادت الاحتجاجات على فشلها في تحقيق الوعود الانتخابية التي أطلقتها.

لكنّ مراقبين يقولون إن الاجتماع الثلاثي بين حمادي الجبالي "رئيس الحكومة وأمين عام النهضة"، ومنصف المرزوقي "رئيس الجمهورية، ومؤسس حزب المؤتمر ورئيسه"، ومصطفى بن جعفر "رئيس المجلس التأسيسي، وأمين عام التكتل" لن يخرج بنتائج ذات قيمة في ظل استمرار منطق المحاصصة الحزبية في اختيار الوزراء.

وقال الناشط، والقيادي بحركة نداء تونس، محسن مرزوق إن التعديل لن يأتي بجديد ما دام يحتكم إلى المحاصصة، وأن الحل في تكوين حكومة كفاءات مصغرة، وتحييد وزارات السيادة التي تسيطر عليها حاليا حركة النهضة.

واشترط مرزوق ألا يترشح وزراء الحكومة المصغرة للانتخابات القادمة رئاسية كانت أم تشريعية، وأن يلتزموا الحياد تجاه الفرقاء السياسيين.

وكان الرئيس المرزوقي دعا، في خضم الغضب الشعبي الذي عقب العنف الذي مارسته قوات الأمن على احتجاجات كبيرة في محافظة سليانة، إلى إقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة مصغّرة من الكفاءات "التكنوقراط" تُعد للانتخابات، وهذا الاقتراح قابلته النهضة بتهديد علني للمرزوقي بأنها ستسحب منه الثقة وتبحث له عن بديل في الرئاسة.

وحول موقف حركة النهضة من التعديل، قال عضو المكتب التنفيذي للحركة، العجمي الوريمي، إنه قد يشمل الوزارات التي لم تقدم الإضافة ولم يرتق أداؤها الى مستوى التطلعات الشعبية علاوة على إمكانية تقليص عدد المستشارين وكتاب الدولة في الحكومة.

ويقول متابعون إن حركة النهضة مستعدة للتضحية ببعض الوجوه الحالية في حكومتها من أجل امتصاص غضب سكان المناطق الداخلية، لكنّ حليفيها المؤتمر والتكتل يرفضان أي تنازل بخصوص عدد ممثليهم في الحكومة.

ويتوقع هؤلاء المتابعون أن تضحي حركة النهضة بوزير خارجيتها رفيق عبد السلام الذي يتعرض لنقد واسع بما في ذلك داخل قواعد الحركة بسبب زلات لسان كثيرة أصبحت مثار تندر الشارع، بالإضافة إلى وزير العدل نور الدين البحيري الذي يتهمه القضاة بمحاولة الهيمنة على القطاع، ويتهمه الشارع بالتغطية على رموز الفساد.

واتسمت مواقف الحكومة التي ترأسها النهضة بالتذبذب والتردد، واللجوء إلى تعليق فشلها في تحقيق حد أدنى من مطالب الفئات المهمشة على يافطة "المؤامرة"، فمع كل تحرك احتجاجي تأتي تصريحات الوزراء والمستشارين لتتهم جهة ما بالوقوف وراء الأحداث "اتحاد العمال، الجبهة الشعبية، نداء تونس".

وتعيش تونس، التي تحيي هذه الأيام الذكرى الثانية للثورة، على وقع مأزق سياسي في ظل خلافات كبيرة بين الحكومة والمعارضة ما جعل الفترة الانتقالية غير محددة بزمن، وتقول المعارضة إن حكومة النهضة تتعمد اختلاق الأزمات لإدامة بقائها وترتيب القوانين التي تمكّنها من احتكار السلطة.
اجمالي القراءات 4316