«الخطر الحقيقي على ديمقراطية مصر»، تحت هذا العنوان نشر مركز كارنيجي الأمريكي للسلام الدولي تقريرا مطولا عن الشأن المصري كتبه الخبيرين في المركز توماس كاروثرز وناثان براون.
وحذر كارنيجي من أن تجاوزات الحزب الواحد المهيمن على مصر حاليا «الحرية والعدالة» الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين هو الخطر الأكبر على الديمقراطية حاليا، بسبب توجهاتها الإسلامية المتشددة المعادية لأي تيار ليبرالي.
وقال الخبيرين إن ما يشعر المراقبون الغربيون بالقلق حول مصير الانتقال الديمقراطي المصري، بسبب أداء الحكومة التي يقودها الإخوان المسلمين ومحاولتها فرض قيود إسلامية غير ليبرالية على البلاد.
وتابع المحللين السياسيين في تقريرهما قائلين «الأزمة الكبرى تكمن في نوايا الإخوان بشأن عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية الحساسة، والتي لا تزال غير واضحة، علاوة على صدامهم المتوقع بين رؤى الإخوان مع بعض القيم الليبرالية ما يجعلها خطرا كبيرا على الديموقراطية الوليدة في مصر بسبب تجاوزات هذا الحزب المهيمن».
وتابع التقرير قائلا «ما يجعلنا نشعر بالقلق هو أن الحزب الذي حظى بالشعبية عقب اكتساحه الانتخابات البرلمانية والرئاسية عقب سقوط المخلوع حسني مبارك لا يواجه حتى الآن إلا معارضة منقسمة، كما أن هناك مؤشرات مثيرة للقلق ليس فقط بشأن نوايا الإخوان، ولكن بشأن المشهد السياسي العام في مصر الجديد، التي لا يوجد فيها الآن إلا مؤسستين فقط منتخبتين هما الرئاسة ومجلس الشوري الضعيف، وكليهما خاضع لهيمنة الإخوان، كما أنها تسيطر على النقابات المهنية والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، والرئيس لديه سلطات شبه مطلقة؛ ما سيضمن له ولجماعته إقرار دستور جديد يكفل له صلاحياته الواسعة».
واستمر التقرير قائلا «الأزمة الأخرى أن المعارضة عبارة عن مزيج من الأحزاب السلفية المتشددة التي تنقصها الخبرة السياسية وأحزاب وشخصيات ليست ذات شعبية واسعة من غير الإسلاميين وليس لها تأثير في الشارع السياسي، ما سيكفل للجماعة دورا حتميا في أي قيادة مستقبلية للبلاد».
ووجه المركز اتهاما نحو الإخوان بأنهم وجهوا تركيزهم الأكبر نحو بسط سيطرتهم على أطراف الدول المصرية، حيث كانت مواجهة مرسي مع القيادات العسكرية واستبعاده للجنرالات الذين كانوا يديرون البلاد في الفترة الانتقالية ما هي إلا مرحلة سيدخلون بعدها في صراع مع القضاء، بالإضافة لمساعيهم للسيطرة على الإعلام كلها أمور لن تؤدي إلا لصناعة ديكتاتور جديد للبلاد.
وحذر الباحثين مصر من الوصول لمصير جنوب إفريقيا السياسي من إفراز حزب مهيمن »المؤتمر الوطني« يحظى بتأييد شعبي وقائد ملهم وهو نيسلون مانديلا، ولكن الأمر وصل إلى صورة أكثر قتامة حاليا من مشكلات اقتصادية وفساد وغضب بين القطاعات العمالية ونظام تعليمي كارثي وتدخل سياسي في متزايد في الشأن القضائي.
وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية التي أوقعت جنوب إفريقيا في ذلك هو وجود معارضة ضعيفة منقسمة، والخلط التدريجي بين وجود حزب حاكم وتولي المناصب القيادية في الدولة في الاقتصاد والسياسة والقانون والمؤسسات الاجتماعية.
وأكد المركز أنه على مصر أن تستفيد من النموذج التركي، الذي أوصل حزب ذو ميول إسلامية للحكم قاد بلاده لنمو اقتصادي على مدار الـ10 سنوات الأخيرة كفل له الفوز في 3 انتخابات متتالية؛ ما أبعدهم عن السقوط في الحكم الديكتاتوري.
وأكد »كارنيجي« في ختام تقريره أنه لعدم تكرار أخطاء الدول التي سقطت في الحكم الديكتاتوري يجب أن تهتم الدولة بالمجتمع المدني المستقل وأن يكون هناك معارضة قوية وحازمة، فهما أدوات قوية لإعاقة تجاوزات الحكم الحاكم وسيطرته وهيمنته على مفاصل ومؤسسات أي دولة.