فاتن حمامة: مصر كانت تحتاج إلى قائد يمتلك الحكمة.. وكنت احلم بـ«غاندى» مصرى
سيدة القصر لـ«الوطن»: شعرت بالرعب والخوف على مستقبل البلد بعد اشتباكات التحرير يوم الجمعة الماضى
فاتن حمامة.. مدينة تحتفظ مبانيها بجمال وبهاء الماضى، وفى الوقت نفسه تشكو من تصدعات وشروخ الحاضر.. خيالها فضفاض، وابتسامتها مشرقة، لكن نبرة صوتها تخفى خلفها مساحة من الحزن.
فى رأس «سيدة القصر» خواطر وأحداث وأفكار، ورغم ذلك تفضّل الصمت عن الكلام، وتؤمن بأن العزلة حل سحرى للهروب من واقع سياسى غامض ومستقبل محاصر بالمخاوف.. بيتها أشبه بواحة للهدوء والراحة.. لون الحوائط أبيض، ومستوى الإضاءة خفيف، والأثاث يجمع بين كلاسيكية الماضى وروعة الحاضر.
استقبلتنا بحفاوة كبيرة وقالت ضاحكة: «كل اللى معاه حاجة يطلعها»، كانت تقصد كاميرات التصوير وأجهزة التسجيل.. وبعد خمس دقائق قررنا أن يبدأ الحوار فاقتربت من فاتن حمامة وقلت لها بصوت هامس: «إيه أخبار البلد.. ورأيك إيه فى اللى بيحصل؟»، فردت قائلة: «أنا عاوزة أعرف الأخبار منك انت.. يا ريت تطمنى»، ضحك الجميع بصوت عالٍ وبدأ الحوار الذى انحاز فيه كل الأطراف للأمل فى بكره، واتفقوا أيضاً على أنه أمل بلا عنوان.
* بعين الفنانة المثقفة التى منحتها الأيام خبرة ورصيداً يمكنها من الحكم على الأشياء.. كيف تفسرين الأحداث التى تجرى على أرض الواقع.. وإلى أى مصير تحمل رياح التغيير مصر؟
- بصراحة شديدة لا أعرف.. فلا توجد رؤية ولا يوجد مشروع، لذا يصعب التنبؤ بالقادم من رحم الغيب.. مصر فى تصورى كانت تحتاج فى هذه المرحلة إلى قائد يمتلك الحكمة حتى يستطيع العبور بالوطن إلى شاطئ الأمان «كنا عاوزين قائد».
* فى رأيك هل كان الدكتور محمد البرادعى يصلح لهذه المهمة؟
- البرادعى شخصية كبيرة ومؤثرة واشتغل فى العديد من المحافل الدولية.. وحاصل على جائزة نوبل، وهذا ليس من فراغ، وكان من الممكن أن يكون قائداً بالفعل.. ولكن «مش قادرة أعرف إيه اللى حصل»، اختفى من المشهد ولا أعرف أسباب ذلك.
* وبماذا تفسرين انسحاب البرادعى ولماذا لم يتحول إلى قائد؟
- فى ظنى أنه تعرض لأشياء كثيرة جعلته يخشى من الاستمرار فى المشهد السياسى.. وفضل الابتعاد فى فترة ما.
* تقصدين أن الناس لم ترحب به كما يجب؟
- بالعكس الناس استقبلت البرادعى بترحاب شديد وتحمست له كثيراً، لكنى مندهشة من انسحابه ولا أملك أسباباً أو تفسيراً لموقفه.. ربما يكون حادث الاعتداء عليه فى منطقة المقطم هو السبب الذى جعله يخشى الاستمرار ويعيد حساباته من جديد.
* فاتن حمامة.. المواطنة المصرية متفائلة بالمستقبل أم تسيطر عليها المخاوف؟
- مش عارفة.. لكن عندما أتأمل ملامح الناس أجدها «مكشرة ومبوزة» مفيش حد فاهم أى حاجة.. ولا أبالغ إذا قلت إن الأحداث تتداخل وتتشابه فى رأسى لأنها سريعة ومتلاحقة بشكل عجيب.. وشعرت بالرعب والخوف على مستقبل مصر بعد الأحداث الأخيرة التى وقعت فى ميدان التحرير، التى اشتبك فيها الإخوان المسلمين مع شباب الثورة.
* فى رأيك ما دلالة الاشتباكات الأخيرة التى وقعت فى الميدان؟
- أكبر دلالة هى أن الشارع المصرى أصبح منقسماً.. والانقسام يهدد مصير هذا الوطن الكبير.. بالمناسبة لست مقتنعة أو مؤمنة بوجود الطرف الثالث.. وأحب الإشارة إلى أن الطرف الثالث ربما يكون مجرد وهم.. أو عفاريت.. الناس يجب أن تتغير وتتوحد وتتفق على شىء واحد فقط هو حب مصر.
* لمن ذهب صوتك فى انتخابات الرئاسة فى الجولة الأولى وجولة الإعادة؟
- تضحك فاتن حمامة بصوت عالٍ وتعلق: «مش هتكلم مش هجاوب».
* بهدوء شديد.. أريد أن أعرف من الشخص الذى فاز بصوتك فى الانتخابات؟
- كل ما أتذكره هو أننى شاركت فى الاستفتاء الذى تم على تعديل الدستور.. واكتشفت من خلال المشاركة «أننا اتخدعنا.. وكنا بنهزر»، الطريقة التى تم تقديم الاستفتاء بها كانت محكمة ومدبرة.. وشىء مدهش أن تثور دولة ويرفض شعبها كتابة دستور جديد.
* كيف ترين أداء «الإخوان المسلمين» خلال الفترة الأخيرة؟
- بصراحة شديدة يجب أن يدرك أعضاء الجماعة أن الممارسات الانتقامية يدفع ثمنها الشعب.. والشعب ملوش ذنب لأنه باختصار مسجنش حد.. الشعب برىء من الاضطهاد الذى تعرض له الإخوان فى العصور السابقة فلماذا يسدد الفاتورة؟
■ سألناها: ما رأيك فى أداء الإخوان؟.. فأجابت: يجب أن يدركوا أن الشعب لم يسجنهم.. فلماذا يسدد الفاتورة؟!
* فى جولة الإعادة التى دارت بين أحمد شفيق والدكتور مرسى.. قررت الانحياز لمن؟
- كنت مسافرة خارج مصر ولم أشارك.
* ومن كان أحق بصوتك فى حالة وجودك فى مصر شفيق أم مرسى؟
- تضحك فاتن حمامة وترفض التعليق.
* بعد انهيار نظام مبارك من أفضل شخص كان مؤهلاً لحكم مصر.. من وجهة نظرك؟
- عمر سليمان بكل تأكيد رحمه الله.. مصر فى المرحلة الانتقالية كانت تحتاج شخصاً قوياً وقادراً على ضبط الأمور.. وبصراحة أنا عاتبة على كل الشخصيات التى تنافست على كرسى الرئاسة مثل عمرو موسى وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وكنت أتمنى أن يتحدوا ويتفقوا على شخص حتى لا ينفرط العقد ونخرج من محنة التغيير بهدوء.
■ بصراحة أنا عاتبة على عمرو موسى وأبوالفتوح وصباحى.. لماذا لم يتحدوا لنخرج من محنة التغيير بهدوء؟!
* تتفقين أم تختلفين مع الرأى الذى يقول إن معظم السياسيين يقدمون مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن؟
- أتفق بكل تأكيد، فلو تراجعت مصالح السياسيين الشخصية كان الحال تغير كثيراً .
* هل الأحداث الأخيرة التى مرت بها مصر كشفت أننا نعانى من أزمة تربية وأزمة تعليم؟
- طبعاً التعليم فى بلدنا منهار تماماً.. وأزمة التربية كارثة وقد شاهدنا جميعاً شخصاً لا يساوى أى شىء فى الشارع يتعدى على القضاة.. الفقير على رأسى لأنه بالفطرة حكيم ويعرف قيمة وقدر الناس، لكن ربما تصادف شخصاً غنياً ولكنه لا يمتلك رصيداً من التربية.
* وما تقييمك لأزمة القضاة الأخيرة التى ألقت بظلالها على الواقع السياسى؟
- كنت مخضوضة.. أنا مؤمنة بأن القانون يحفظ هيبة الدولة وغياب القانون كارثة وخطر على البلد ويهدد استقراره.
تصمت سيدة الشاشة العربية قليلاً ثم تواصل: سوف أعترف لك بشىء خطير.. عندما كنت صغيرة كنت أذهب إلى سينما مترو مرة كل أسبوع وذات مرة وضع البعض قنبلة فى السينما، منذ هذا اليوم أصبت بالهلع وأصبحت ذكرى سيئة.. وحتى هذه اللحظة أخاف من دخول السينما وإذا دخلت أفتش تحت الكرسى. فقد ترك هذا الحادث انطباعاً سيئاً عن تيار محدد وممارساتهم.
* هل تتوقعين أن يتخلى تيار الإسلام السياسى عن العنف؟
- أتمنى من كل قلبى، نحن نحتاج إلى الاعتدال والتوازن
* ما رأيك فى الأوضاع فى سيناء؟
- الغموض هو سيد الموقف حتى الآن.. بالتأكيد رافضة وخائفة على سيناء.. مرة يتهمون حماس بالأعمال والانتهكات التى تحدث فى سيناء، ومرة ثانية يتهمون الطرف الثالث، ومرة تنظيم القاعدة.. ولا أحد يعرف أين الحقيقة على أرض الواقع.. أتمنى أن يتم إجراء تحقيق إيجابى حتى نصل إلى الجناة الحقيقيين.. فى الميدان كان هناك قناصة وحتى هذه اللحظة لم نعرف من هم القناصة وإلى أى طرف ينتمون.
* وهل تتوقعين أن نصل إلى حقيقة الأمر.. وإلى أى مدى تؤثر هذه الأحداث على سيناء؟
- المفروض.. وحش فى حقنا جداً لو فشلنا فى معرفة هوية الأشخاص الذين يسعون لتدمير الوطن.. وطبعاً سيناء فى خطر ويجب بذل الجهد للحفاظ عليها فقد امتلأت مصر بالسعادة عندما استعدنا أرض سيناء فلماذا نفرط فى الأرض التى منحتنا هذه الفرحة؟
* من وجهة نظرك ما الرؤية التى تجنبنا كل هذه المشاكل؟
- مش عارفة.. الدكتور هشام قنديل وكل أعضاء الحكومة ناس جديدة.. لا أستطيع التنبؤ بطريقة تفكيرهم ولكن أتمنى أن يقدموا حلولاً إيجابية لكل المشاكل التى تحاصرنا..
* فاتن حمامة.. الأم المصرية هل تخافين على مستقبل أبنائك؟
- طبعاً خائفة وقلقة على مستقبل أولادى وأحفادى.. فالرؤية ليست واضحة المعالم.
* الأوضاع الخاطئة إفراز للثورة.. أم سلوكيات الناس السبب؟
- الأزمة التى نعيشها الآن تكمن فى وجود حالة من التخبط الشديد.. كثيراً نسمع أن الرئيس لا يدير شئون البلاد بمفرده.. يعنى مش هو اللى بيمشى البلد فيهناس تانيه معاه.
* إذا كان المجلس العسكرى قد رحل من المشهد.. من تظنين يشارك مرسى مسئولية الحكم؟
- لا أعرف ولكن المجلس العسكرى «طلع لا حول له ولا قوة» قد يكون الإخوان هم الذين يشاركون الرئيس الحكم وربما يكون هناك فصيل آخر.. مش عارفة بالتحديد ربما لو اشتغل الدكتور محمد مرسى بمفرده لصنع أشياء كويسة.
* لماذا قلتِ إن المجلس العسكرى لا حول له ولا قوة؟
- كنت مثل كل المصريين معجبة إلى حد كبير بأداء المجلس العسكرى باعتباره الذى يحاول لم شمل المصريين ويحمى البلد.. ولكنى فقدت الثقة بشكل تدريجى فى هذا المجلس بعد نتيجة الاستفتاء على الدستور.. وأحب التوضيح أننى لم أفقد الثقة فى يوم وليلة فى المجلس فقد أصبت بالخضة بعد أن أقالهم الرئيس.. «وبصراحة يا ريت نسيبهم فى حالهم لأنهم اتبهدلوا قوى».. فى وقت من الأوقات ظلمنا المجلس العسكرى وقلنا إنهم باعونا لكن أتصور أن هناك لعبة تم تنفيذها على المجلس العسكرى.
* كفنانة تمتلك تاريخاً كبيراً هل تشعرين بالخطر على الفن؟
- هنشوف.. ليس علينا إلا الانتظار.
* هل تم توجيه دعوة لك لحضور لقاء الرئيس أم لا؟
- بالفعل تم توجيه الدعوة لى وتمت دعوتى بأدب شديد ولكنى اعتذرت عن هذا اللقاء بسبب ظروفى فلم أعد أتحمل معنوياً أو صحياً أو نفسياً مثل هذه اللقاءات.. صحتى لا تتحمل طلوع سلالم ونزول سلالم.. أنا ست متقدمة فى السن ولن أفعل شيئاً غصب عنى «ومفيش حد هيغصبنى على حاجة»، أنا أعيش حياتى بحرية، إذا قررت العودة للعمل سوف أعود وإذا فضلت الابتعاد سوف أتمسك باختياراتى.
* وماذا كنت ستقولين للرئيس مرسى إذا لم يكن الاعتذار خيارك؟
- شكراً على اهتمامك بالفن وقضايا الفنانين.. وشكراً لأنك قررت الاجتماع بنا فى ظروف صعبة وفى ظل حملات توجه للفنانين وحرية الإبداع.
* كيف شاهدت حملات الهجوم على الفنانة إلهام شاهين؟
- كان الهجوم على إلهام شاهين بالنسبة لى أشبه بصدمة عنيفة.. وأزعجنى جداً ما تعرض له الفنان عادل إمام فالرجل ممثل وكوميديان ويقدم أدواراً مختلفة الرؤى والتفاصيل.. كما أنه ليس مسئولاً لأنه ليس الكاتب.. والحقيقة أنه قدم أعمالاً جيدة وذات رسائل مهمة فكيف نحاسبه بعد كل هذه السنوات؟
* يقال إن هناك تضييقاً على الفن والإبداع الآن هل تلمسين ذلك؟
- حتى أكون منصفة لم أسمع أى شىء حتى الآن ولكنى عاتبة على صناع الدراما أنفسهم فهناك طريقة فى الكلام مزعجة وهناك أيضاً ألفاظ جافة.. على صناع الدراما مراعاة أن التليفزيون موجود فى كل بيت ويجب الالتفات إلى تأثيره على الأسرة وبالتحديد الأطفال والأجيال الجديدة.
* قلتِ إنك أُصبتِ بصدمة بسبب الهجوم والتطاول على إلهام شاهين.. هل تؤيدين لجوءها للقضاء؟
- طبعاً.. هذا تصرف سليم فهى تحاول أن تحصل على حقها بالقانون.. لذا أرى أنه من حقها أن تذهب للقضاء.
* هناك العديد من القنوات الدينية.. هل تحرصين على متابعتها؟
- أحياناً.. تستوقفنى لقطات.
* وماذا عن القنوات الإخبارية التى تتابع الأحداث اليومية؟
- مثل كل المصريين أتابع هذه القنوات حتى أرى أحداث الميدان وأحداث كل مكان فى مصر.. متابعة الأخبار شىء مهم جداً.
* وهل قمتِ بمتابعة ما تعرض له التيار الشعبى الذى تظاهر فى التحرير فى جمعة كشف الحساب؟
- شاهدت وتابعت.. فقد نزل شباب الثورة الميدان لأنهم شعروا واكتشفوا أنهم تعرضوا للخدعة.. وشاهدت الضرب والتكسير، كانت البلطجة بطل هذا الحدث.
تتوقف فاتن حمامة عن الكلام وتحاول الاحتفاء قائلة: اتفضلوا أنا مش بعرف أعزم.. ومن يتأمل عينيها فى هذه اللحظة يكتشف أنها حزينة من الداخل.. فقد عاشت تحولات صعبة، تحولات واضحة المعالم والتفاصيل.. لكنها اليوم مهمومة البال ومشغولة الخاطر.. تخشى الحديث عن مخاوفها البعيدة والقريبة.. وتتأمل بعين أم مصرية حلم وطن يبحث عن حياة أفضل.. وقبل أن تسبح فى محيط بعيد سألناها:
* عندما تمشين فى شوارع القاهرة كيف تقرأين ملامح الناس وما وجه الخلاف بين الماضى والحاضر؟
- يجب الاعتراف بأن الشارع تغير واختلف عن زمان بكثير.. ورغم ذلك أقول إننى عزفت عن النزول للشارع وتوقف تماماً.. لأنى زعلانة.. وكثيراً أتحدث إلى نفسى وأقول.. إيه اللى بيحصل لمصر.. أنا رافضة رؤية مصر بهذا الشكل وبالمناسبة فيه ناس كتيرة مثلى.. أصبحنا خائفين وقلقين على حقوق المرأة.. فربما يتراجع دور المرأة.. باختصار أنا مش مطمئنة.
* هل تتابعين الحوار عن المرأة وحقوقها فى الدستور الجديد؟
- لقطات بسيطة.. الصورة حتى الآن لم تكتمل.
* بصراحة ما رأيك فى اللجنة التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور؟
- «حاسة إن فيه شد داخل اللجنة وكل واحد يريد يكون كلامه نافذ ومؤثر.. يعنى كل واحد عاوز كلامه هو اللى يمشى».. وأحب التأكيد أننا يجب أن ننتظر حتى نرى الصورة النهائية للدستور وسوف أنزل للتصويت وأقنع كل الناس للتصويت.. يجب أن نتعلم من خطأ تجربة الاستفتاء الأولى.
* كلامك معناه.. أننا انضحك علينا مرة ومش هينضحك علينا تانى؟
- تمام.. يجب أن ننتظر ونحكم بدون تعجل فى الحكم على الأشياء.
* هل هناك أسباب أخرى تمنعك من النزول للشارع غير الحالة التى تسيطر عليك بسبب الخوف على مصر؟
- «النزول أصبح صعب.. أى مشوار حتى لو بسيط يحتاج إلى ساعتين.. العربيات بتزيد والشوارع أصبحت ضيقة وأزمة المرور مستمرة.. منذ يومين تعطلت تلت ساعة بسبب «منادى» يحاول أن يركن سيارة.. تخيل ما هو العقل الذى يدير حركة الشارع»..
* فاتن حمامة تخاف من الانفلات الأمنى؟
- طبعاً.
* هل كنت تشعرين بأمان قبل أحداث الثورة؟
- بقدر بسيط.
* عدم وجود أمن مسئولية المجتمع أم الداخلية وهل ترين أنه يجب على وزارة الداخلية أن تكثف من وجودها الأمنى؟
* بكل تأكيد الحالة الأمنية تحتاج إلى تشديد.. أقرأ فى الصحف عن أولاد صغار يمارسون السرقة.. وناس بتوقف ناس وتسرق عربياتهم.. مؤكد أننا فى حاجة إلى تشديد الأمن كما كان فى الماضى.
* من الشخصية العامة التى جمعك بها لقاء مؤخراً؟
- مثل من؟
* هيكل، عمرو موسى.....؟
- منذ فترة طوية لم ألتق بالأستاذ هيكل.. وعمرو موسى يسكن بجوارى لكنى لم ألتق به.
* الفريق أحمد شفيق.. يسكن بجوارك هل تعرفين هذه المعلومة؟
- قرأت ذلك فى إحدى الصحف.
* وماذا عن رأيك فى أحمد شفيق؟
- عندما يتكلم أشعر أنه شخص متوازن ومعتدل.. لكن لا أعرف عنه شيئاً.
* هل جمعك بالفريق أحمد شفيق لقاء أثناء الانتخابات؟
- لم يحدث ذلك.
* فى رأيك هل كان يصلح لرئاسة الجمهورية؟
- تتوقف فاتن حمامة عن الكلام.. وترسل ابتسامة معناها «بلاش السؤال ده».
تتكلم فاتن حمامة بعفوية شديدة وترحل فى حديثها من الماضى إلى الحاضر بخفة ورشاقة طائر يعشق الانطلاق فى فضاء الله الفسيح.. ولكنها رغم الحنين إلى الماضى تعلق أحلاماً على الحاضر.. ويبدو ذلك من لون فستانها الأبيض البسيط وابتسامتها التى لا تختفى إلا لتعاود الظهور من جديد.
* من وجهة نظرك ما الأخطاء التى ارتكبناها خلال العامين الماضيين؟
- إحنا معملناش حاجة.. الشعب اتساق فى لعبة الصراع على الحكم، سادت روح انتقامية والكل يريد التقطيع فى الكل، من المؤكد أن هناك ناس مظلومة وسط الناس، بين الناس التى تعرضت للمحاكمات.. مندهشة مما حدث.. أيام زمان كانت هناك سمات وصفات أفضل وقبل أيام 52 كان هناك ناس طيبين ولم يكن كلهم سيئين كما قدمتهم شاشة السينما.. أقصد أننا يجب ألا نعمم فى الحكم على الأشياء وبصراحة شديدة لم أتصور طوال سنوات عمرى أن نكون بهذه الدرجة من القسوة.. زمان كانت الناس طيبة جداً من الفلاح إلى الغلبان.
* كنت تحلمين بأن يكون الحكم ينظر للأمام وليس انتقامياً؟
- كنت أتمنى أى يحكمنا غاندى.. الذى أرى فيه التسامح.
* أشعر بأن فاتن حمامة لا تستطيع التعايش مع الحاضر بكل تفاصيله.
- الفرق بين الماضى والحاضر أن زمان كان يوجد الجمال والأخلاق جيدة.. لكن الآن أصبحنا نعيش ونعانى من أخلاق الزحام.. العمارات والفوضى، ولا يوجد شكل جمالى، الكل يتصرف وفق إرادته هو ولا يراعى الآخر.
* لو طلبت مقارنة بين حىّ الزمالك زمان والزمالك الآن ماذا تقولين؟
- طبعاً زمالك زمان كانت هادئة جداً كنا نمشى فى شارع الجبلاية ونمارس الرياضة.. أما الآن من الصعب المشى أو التحرك فى الشارع بسبب الزحام وسلوكيات الناس فى الشارع.
* الناس أخلاقها اتغيرت.. من وجهة نظرك ما السبب؟
- الزحمة.. هى السبب فيما نعانى منه الآن.
* «أفواه وأرانب».. هذا ما تعنيه؟
- تضحك بصوت عالٍ.. بدون تعليق.
* مشفقة على الرئيس الحالى؟
- مشفقة على أى رئيس لأن الظرف صعب.
* كيف نكون شعباً متحضراً فى الماضى وبعد ذلك نفقد هذا التحضر؟
- «التعليم وقع خالص» سوء مستوى التعليم وعدم الحفاظ على القيم والأصول.. باختصار الأصول راحت وهذا كفيل أن نفقد التحضر.
* أبناؤك وأحفادك.. كيف يرون مصر؟
- أبنائى وأحفادى يحبون مصر إلى حد الهيام بها وكانوا يعتصمون فى التحرير ويطالبون بتصحيح الأوضاع الخاطئة.
* هل فكرتِ وفكر أحفادك فى أن يحملوا شنطهم ويتركوا مصر؟
- زمان فكرت أيام عبدالناصر.. لكن الآن لم تطرأ الفكرة على بالى أو تمس خاطرى وسوف تندهش إذا قلت لك إن أحفادى وأولادى يعارضون ذلك تماماً فهم يحبون مصر لأنها وطنهم ويتمنون لها النهضة.
* نحتاج إلى وقت طويل لتصحيح المسار.. ما رأيك؟
- مش عارفة.. لكن أعلم أن البرازيل كانت منهارة واستطاعت أن تنهض وتركيا أيضاً.. ولكى ننهض ونتحرك للأمام.. رأيك انت إيه؟
* أتصور أننا نحتاج 8 سنوات.
* مصر دولة مش محظوظة؟
- من قال ذلك؟ مصر دولة محظوظة.. بس إحنا اللى وحشين.. تأمل الساحل الشمالى والرمال البيضاء والجبال.. فقد منحنا الله نعماً كثيرة لكن إحنا اللى وحشين.
■ سأنزل للتصويت في استفتاء الدستور.. وسأقنع كل من أعرفه بذلك حتى لا نرتكب خطأ الاستفتاء السابق.
* فاتن حمامة حاسة إن الإخوان هيكملوا فى الحكم أم لا؟
- اسأل ربنا..
* لو القرار بيدك ما الشىء الذى تبدأين بإصلاحه؟
- مش عارفة.. هذا الأمر يحتاج ناس سياسة وعندها خبرة فى التعامل مع مثل هذه الأمور وعلى قدر كافٍ من المعرفة والخبرة فى إدارة شئون البلد.
* ماذا تشعرين عندما تشاهدين الرئيس يخطب؟
- لا تعليق.
* ما المخاطر التى تهدد مصر الآن.
- أنا مندهشة وخايفة هل مصر هتكون فى يوم من الأيام دويلة.. مصر العظيمة تتحول إلى دويلات.. وهذا الأمر تم الإعداد له منذ سنوات طويلة سمعت هذا الكلام وخائفة جداً.
* تعتقدين أن هناك أطرافاً خارجية لها دور فيما يحدث فى مصر؟
- ما عنديش معلومات.
* إحساسك إيه بالناس الموجودة فى السجن من نظام مبارك؟
- ياما فى الحبس مظاليم.. وأكبر دليل على ذلك موقعة الجمل، فقد خرج المتهمون براءة.
* وكيف تفسرين اعتراض الناس على هذا الحكم؟
- نفسى نتخلص من الروح الانتقامية.. شىء محزن.. لماذا يعترض الناس.. يجب أن نحتكم للقانون.
* كيف ترين المشاكل الخمس التى وعد مرسى بحلها فى 100 يوم؟
- من المستحيل حل هذه المشاكل فى مائة يوم.. هذه المشاكل تحتاج إلى إله.. وأتصور أن الرئيس قالها من باب الأمل فقط.
* وهل ارتكب الرئيس خطأ عندما تعهد بحل هذه المشاكل؟
- لا أريد أن أقول إن الرئيس أخطأ ولكنه قال ذلك من باب الأمل فقط.
* عودة إلى الفن.. هل تفكرين فى العودة؟
- عندما أجد حاجة حلوة.. أنا محترمة سنى وقاعدة فى البيت.
* هل تفكرين فى شخصية وتتمنين تقديمها للناس؟
- لا أحب الشخصيات التاريخية ولكن أحب الرواية حتى يرى الناس فيها أنفسهم.
* من الذى يعجبك من الأجيال الجديدة؟
- كل واحد له لون مختلف؛ هنيدى يسعدنى، وأحمد حلمى، وكل واحد حسب الدور، ومن البنات تعجبنى منى زكى وهند صبرى وغادة عادل ونيللى كريم.
* من الممثلة التى تقترب من مدرسة فاتن حمامة؟
- كل واحدة لها لون وشخصية، وبالمناسبة أنا معجبة بالتجارب السينمائية الشابة الجديدة.
* ما الفيلم الذى أعجبك بين أفلام الجيل الجديد؟
- «سهر الليالى» فهو فيلم ناعم ورائع.. أيضاً أبهرنى خالد يوسف بفيلم «حين ميسرة».
* فى رأيك لماذا اختفت سينما الهم الاجتماعى الذى قادها عاطف الطيب فى الثمانينات؟
- عاطف الطيب كان مخرجاً رائعاً وله رؤية ولكنى أتصور أن التمويل هو السبب.
* كيف استقبلتِ خبر رحيل أحمد رمزى؟
- موت رمزى خبر محزن، فقد فوجئت، وحزنت لكن الموت سنة الحياة.. وعلى كل حال إحنا كبرنا فى السن ولازم نستعد كلنا للرحيل.
* إلى أى مدى يستطيع الفن التغيير فى الواقع السياسى؟
- الفن يؤثر فى القضايا الاجتماعية.
* كيف تفسرين الزحف التركى على الشاشات المصرية، وهل سيؤثر على السينما والدراما المصرية؟
- بالطبع يجب أن نعترف بالتراجع، ولكن الأعمال التركية مجرد موضة مبهرة، لكنى كمشاهدة بدأت أرى الموضوعات متشابهة والإبهار فى الصورة والمناظر الخلابة فقط وهذا أبهر الناس فى البداية فقط.
* ماذا تريد سيدة القصر أن تقول للشعب المصرى فى نهاية الحوار؟
- عاوزة أقول إننا كنا شعب كله رحمة، أريد أن يعود الحب وتعود الضحكة إلى وجوه الناس.. ألا تتفق معى فى أن الضحكة اختفت من على الوجوه.. فين راح المزاج الحلو؟!