اغتصاب الأطفال في المغرب يهدد المجتمع والمطلوب تشديد العقوبات

في الجمعة ٢٨ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ظاهرة موجودة منذ زمن لكن مسكوت عنها

اغتصاب الأطفال في المغرب يهدد المجتمع والمطلوب تشديد العقوبات

يحيى بن الطاهر

 
أمينة فيلالي التي انتحرت احتجاجا على تزويجها من مغتصبها

يجمع محللون في علم الاجتماع وفاعلون مدنيون في مجال حقوق الإنسان والطفولة على أن ظاهرة اغتصاب الأطفال كانت موجودة قبل زمن في المغرب، إلا أن سيادة ثقافة "المسكوت عنه" جعلتها في طي الكتمان.


الرباط: مع تعدد حالات الاغتصاب التي يتعرض لها أطفال في المغرب خلال السنوات الأخيرة، ازدادت مطالب الحقوقيين والجمعيات المدنية بضرورة سن قوانين أكثر صرامة صونًا للمجتمع ولكرامة الطفل.
ويرى عبد الرحيم عنبي، الباحث في علم الاجتماع في جامعة ابن زهر في أغادير، أنه لا ينبغي أن ننظر إلى اغتصاب الأطفال في المغرب من زاوية الحاضر، فهذه الظاهرة مرتبطة بتاريخ المغرب، ولم تكشف من قبل لأنها وقت في فئة المسكوت عنه، في ما يتعلق بالممارسات الجنسية الشاذة أو اغتصاب الأطفال.

طوائف سمحت بالشذوذ

وقال عنبي لـ "إيلاف": "عندما نعود إلى القرنين السادس والسابع عشر، نجد أن ظاهرة الفقر التي تعاقبت على المغرب حينها ساهمت في بروز مجموعة من الانحرافات والممارسات الشاذة ومن بينها اغتصاب الأطفال، وانتشرت هذه الظاهرة في القرن السابع عشر فكان بعض الطوائف يسمح بالشذوذ الجنسي".
أما اليوم، يضيف الباحث، فهناك عامل آخر يساهم في تفشي الانحراف في مجتمعنا، هو الانفتاح على العديد من القنوات الإباحية الذي يساهم في توليد مجموعة من الاضطرابات النفسية لدى أفراد يتملّكهم الهوس فيلجأون إلى اغتصاب الأطفال.

ويسلم عنبي بوجود الانحرافات وبأن من يمارس الاغتصاب هو إنسان منحرف بالدرجة الأولى انحرافا نفسيًا أو أنه تعرض لاغتصاب في مرحلة طفولته، وبالتالي يلجأ إلى إعادة إنتاج ما تعرض له.
وأوضح عنبي ل"إيلاف": "بسبب صعوبة ممارسة حياة جنسية طبيعية، يذهب بعض الشبان إلى ممارسات شاذة مع أطفال، يقينًا منهم أن الأمر لن ينكشف، أو اعتقادًا بأن الطفل لن يعي ما يحصل له".

مستقبل مهدد

يحمّل عنبي الأسرة قدرًا كبيرًا من المسؤولية. فالأسرة تدفع بطفلها إلى أحضان الجناة حين ترسله إلى دكان الحي لقضاء بعض الأغراض المنزلية. ومع مرور الأيام، تتوطد علاقة الطفل مع مجموعة من الأشخاص، ليتم بعدها الاغتصاب.
واعتبر عنبي أن دور المدرسة يبقى مهمًا على الرغم من أنها "لا تلعب دورها في هذا الإطار في التوعية بخطر الاغتصاب، كما أن النظام التعليمي بدوره لا يعير الظاهرة أي أهمية"، كما قال.

وحذر عنبي من أن مجموعة من الاغتصابات تحدث في المحيط العائلي، باعتداء ذوي القربى على الأطفال الأبرياء، معتبرًا أنها "تشكل نسبة كبيرة من حوادث الاغتصاب".
أما تداعيات الاغتصاب الجنسي لدى الطفل فنفسية بالأساس، لأن الطفل الذي يتعرض للاغتصاب إنما يتعرض لجرح نفسي، ومن الصعب تضميده خاصة عندما يعي الطفل أن ما مورس بحقه هو سلوك قذر. وأوضح عنبي: "عندها، يصعب عليه الاندماج في المجتمع، بل ويتركب لديه شعور بالخوف قد يؤدي به إلى الفشل الدراسي وتعاطي المخدرات، وبالتالي الانحراف، ويمكن أن يلجأ هو نفسه إلى سلوك اغتصاب الأطفال انتقامًا لنفسه ولشرفه ولما مورس عليه، فتعيقه حالته النفسية عن ممارسة حياته بشكل طبيعي، في غياب مواكبة نفسية واجتماعية".

عقوبات أقسى

من جهة أخرى، ترد نجية أديب الناشطة في حماية الطفولة أن استفحال ظاهرة الاغتصاب الجنسي في المغرب يعود إلى غياب الحماية القانونية التي تمكن المجتمع من مواجهتها والحد منها.
وقالت أديب التي ترأس جمعية "ما تقيش ولدي" (لا تلمس ابني) لـ "إيلاف": "لو كان هناك ردع قانوني قوي، لكان الجاني فكر ألف مرة قبل أن يفعل فعلته، لكنه يحكم بسنتين أو ثلاث سنوات فقط، ليخرج بعدها ويعاود الكرة".
وأكدت أديب على مسألة إنصاف الطفل الضحية من قبل العدالة. وقالت: "عندما يسمع الطفل أن مغتصبه قد نال جزاءه يتنفس الصعداء وهذه مسألة في غاية الأهمية، فنحن نواكب ضحايا الاغتصاب الجنسي من خلال المتابعة القضائية كما نقوم بمرافقة طبية لحالاتهم النفسية، إذ تتوفر الجمعية على أطباء يقومون بمتابعة الحالات التي تعرضت للاغتصاب لعلاجها من الآثار النفسية السلبية".

تزويج القاصر من مغتصبها

أثيرت ضجة كبرى في المغرب في بداية السنة الحالية من أجل إلغاء أحد فصول القانون الجنائي المتعلق بتزويج الطفلة المغتصبة من مغتصبها تفاديًا للملاحقة القضائية، وذلك بعد انتحار فتاة في السادسة عشرة من عمرها تدعى أمينة الفيلالي تم تزويجها بمغتصبها.
وينص الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي على أن كل من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثماني عشرة سنة، من دون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية.
ويثير هذا الفصل حفيظة الحقوقيين والجمعيات النسائية المهتمة بقضايا الطفولة في المغرب، لكونه غير منصف للضحية وتطالب بإلغائه.

احتجاج أمام مقر البرلمان ضد قانون زواج تزويج ضحية الاغتصاب من مغتصبه

 

وأضافت أديب: "بعد الضجة التي قمنا بها من أجل إلغاء فصل تزويج الطفلة المغتصبة من مغتصبها في القانون الجنائي، لم يسجل لجوء أي قاضٍ إلى تزويج قاصر تعرضت للاغتصاب من مغتصبها بحسب ما يصلنا من أخبار، ولو أن النص القانوني لا يزال قائمًا".
من جهته، يرى إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن قضية أمينة فيلالي حركت مسألة إلغاء مجموعة من القوانين التي تساعد على فعل اغتصاب الأطفال أو تتساهل في الأحكام ضد المغتصبين، من ضمنها الفصل من القانون الجنائي المغربي الذي يسمح بتزويج الفتاة من مغتصبها، "إلا أن الحكومة المغربية لم تول المطالب المرفوعة أي اهتمام".
وتأسف السدراوي كون الحكومة الحالية لا تعتبر مسألة تزويج الفتاة المغتصبة من مغتصبها مشكلة".

سفاح منتقم

اشتهر عبد العالي الحاضي بلقب "سفاح تارودانت" نسبة إلى مدينة تارودانت جنوب المغرب، وكان يختار ضحاياه من الأطفال المشردين في الشوارع. أثار ببروده حفيظة المحققين وهو يسرد تفاصيل سلسلة جرائم اغتصاب وقتل ذهب ضحيتها ثمانية أطفال.
فقد صرح الحاضي للمحققين بأنه كان يتصيّد ضحاياه بالقرب من محطة الحافلات الرئيسة في تارودانت باعتبارها أكثر الأماكن التي يتردد إليها الأطفال المتشردون. يتقرب منهم ويستدرجهم إلى كوخه حيث يخدرهم ويمارس معهم الجنس وهم مقيدون. وحين يشبع نزواته الغريزية، يخنقهم بكيس بلاستيكي ويدفنهم تحت سريره.

وكشف الحاضي أنه عاش طفولة قاسية بعد وفاة والدته وزواج والده بامرأة أخرى. وخلال المرحلة الفاصلة بين الطفولة والشباب تعرض للاغتصاب من قبل مجموعة من شباب المنطقة، خلفت ذكرى سيئة في نفسه جعلته ينتقم من الأشخاص الذين اغتصبوه بممارسة السلوك نفسه على ضحاياه، غير أن الانتقام داخله تطور إلى درجة القتل.
وفي منطقة بوقنادل في مدينة سلا، قبض على أحد المنحرفين الذي نبش قبر فتاة في السابعة من عمرها ليلة وفاتها ليمارس الجنس مع الجثة. كان الجاني يسكن أيضًا في بيت من صفيخ، وكان معروفًا بانحرافه، واعترف بفعلته أمام المحققين قائلًا إنه كان يعاني كبتًا جنسيًا واختار هذه البنت لأنها حديثة الوفاة.

اجمالي القراءات 7408