محللون عسكريون يناقشون احتمالات انهيار الجيش النظامي في سوريا

في السبت ٠٨ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

دأبت وزارة الخارجية الأميركية على القول إن جيش النظام السوري يزداد ضعفًا، لكن محللين عسكريين مستقلين يقولون إنه ما زال قادرًا على التعامل مع قوات المعارضة المسلحة.


عناصر من الجيش السوري الحر الذين يحاربون النظام

إعداد عبد الإله مجيد: مازال جيش النظام السوري، بحسب محليين، قوة متماسكة قادرة على مواصلة عملياته في المستقبل المنظور رغم الضعف الذي أصابه في حرب استنزاف يخوضها ضد تشكيلات قتالية تزداد قوة ومهارة في أساليب الكر والفر.

وتتناقض التقويمات القائلة إن جيش النظام السوري ما زال قوة لا يستهان بها مع أشهر من التصريحات التي أوحى فيها مسؤولون في إدارة الرئيس أوباما بأن الانشقاقات وأعمال العنف المتصاعدة بوتائر متسارعة مارست ضغوطًا شديدة على قدرات الجيش النظامي.

وكانت هذه الموضوعات تتكرر في الإيجازات الصحافية لوزارة الخارجية الأميركية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية باتريك فنتريل في 9 آب/أغسطس "نحن نعتقد أن الجيش يعمل فوق طاقته بصورة متزايدة، ونعتقد أن الاقتصاد واقع تحت ضغط متزايد، ونعتقد أن الثوار يكتسبون قوة متزايدة".

لكن رغم عميلة التفجير التي أسفرت عن مقتل أربعة من كبار القادة الأمنيين والعسكريين في نظام الأسد في تموز/يوليو الماضي، فإن تغيرًا يُذكر لم يطرأ على استراتيجية النظام العسكرية متمثلة في استخدام الجيش، الذي يعتمد على الآليات بدرجة كبيرة لتطويق مناطق الثوار ودكّها بالمدفعية والقصف الجوي قبل التوغل فيها بقوات المشاة والشبيحة.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الباحث المتخصص في النزاع السوري في معهد دراسة الحرب في واشنطن جوزيف هوليداي إن الجيش السوري "ما زال قادرًا على مواجهة التهديدات التي يتعامل معها، وهو يدفع بأسلحة أكثر فأكثر من ترسانته إلى المعركة".

لا يعني هذا أن مقاتلي المعارضة المسلحة لم يرفعوا كلفة النزاع وأثمانه على الجيش النظامي. فمنذ اندلاع المواجهات أُجبر الجيش النظامي على استدعاء وجبات من الاحتياط، وما زال يستخدم ميليشيات الشبيحة لإسناد قوات المشاة.

وقال الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى جيفري وايت إن جيش النظام يتكبد نحو 40 قتيلاً كل يوم، واستدلالاً على ذلك فإن عدد الجرحى يزيد أربع مرات على هذا الرقم. "وبالتالي يمكننا أن نرى أن هناك نزيفًا مطردًا في قوى الجيش بسبب القتال".

ورغم استمرار جنود أفراد في الانشقاق، فإن انشقاقات جماعية لم تحدث حتى الآن، كما يلاحظ الباحث هوليداي الذي يعزو ذلك، من بين أسباب أخرى، إلى استراتيجية النظام في ربط وحدات مؤلفة من مجندين بوحدات أكثر احترافًا وأحسن تدريبًا.

لكن الباحث وابت يعتقد أن الاتجاه العام ليس لمصلحة جيش النظام، وأن المعارضة المسلحة ستنتصر في نهاية المطاف. وهو يرى أن الحقيقة الماثلة في أن الثوار ينازلون قوات الجيش للسيطرة على مناطق في حلب ودمشق، تكشف عن مواطن ضعف الجيش النظامي.

ولاحظ وايت أن مدينة حلب تقدم مثالاً ساطعًا. فهي تتسم بأهمية حاسمة بالنسبة إلى النظام، ولكنها منطقة متنازع عليها، "وهذه هزيمة للنظام، على ما أظن. إنها ليست هزيمة حاسمة، ولكن عجز النظام عن استعادة المدينة هزيمة له".

هوليداي من جهته يرى خلاف ذلك، ويقول إن مقاتلي المعارضة يحاولون ضرب خطوط الإمداد، ولكن ما يترتب على ذلك أن النظام يتوثق من توافر كل ما يحتاجه في المكان الذي يحتاجه فيه. واستبعد هوليداي أن تخسر قوات النظام معركة حلب.

وقال محللون إن خلط وحدات المجندين بوحدات محترفة، كما أشار هوليداي، جعل من الصعب تحديد أي الوحدات تخوض قتالاً وأين مسرح عملياتها القتالية. ولكن الباحث هوليداي يشير إلى ان الفرقة المدرعة الرابعة وقوات الحرس الجمهوري تنهض بالعبء الأكبر من القتال قرب دمشق. ويقود الفرقة الرابعة ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد.

وتمكن مقاتلو المعارضة من تدمير كميات كبيرة من معدات الجيش النظامي، وأتقنوا بصفة خاصة استهداف العربات المصفحة بقاذفات آر بي جي والعبوات الناسفة.

وقال الباحث وايت إن جيش النظام كان يستخدم في البداية دبابات تي ـ 72 الأكثر تطورًا بين الدبابات الروسية لدى الجيش السوري "والآن نراه يستخدم بعض الدبابات من طراز تي ـ 54 وتي ـ 55" الأقدم بكثير في مؤشر إلى خسائره المتزايدة.

ولكن الجيش النظامي لم يستخدم حتى الآن كل ما لديه من الأسلحة الثقيلة. ورغم القصف المدفعي والصاروخي العنيف لمناطق الثوار فإن عددًا من المنظومات الصاروخية والمدفعية لم تُستخدم حتى الآن. وقال الباحث وايت إنه يعتبر هذه المنظومات "أهم أفضلية يتفوق بها الجيش السوري على الثوار".

وتوقع وايت أن يحصل الثوار في النهاية على اسلحة مضادة للطائرات أو يتعلموا استخدام ما لديهم من اسلحة ضد الطائرات النفاثة والمروحيات التي بدأ جيش الأسد يستخدمها بصورة متزايدة. وكان استخدام الطائرات النفاثة لقصف مواقع المعارضة من التطورات التي أدت الى ارتفاع حجم الخسائر في آب/اغسطس الى 5384 قتيلاً أو ما يربو ثلاثة اضعاف على عدد القتلى في ايار/مايو، وهو اعلى رقم شهري حتى الآن، منذ اندلاع النزاع قبل 18 شهرا، بحسب صحيفة كريستيان ساينس مونتر.

وقال الباحث وايت إن هذا لا ينال من أفضلية النظام في المدافع، وأضاف إن مقاتلي المعارضة سيواجهون صعوبة بالغة في التعامل مع مدفعية النظام.

وذهب وايت إلى أنه من المستبعد أن تنتهي أعمال العنف حتى إذا انهار جيش النظام، متوقعًا أن يستغل بعض القادة العسكريين حالة الدمار والخراب لإقامة مناطق تحت سيطرتهم. وقال "إنها لن تكون نتيجة واحدة فقط للجيش".

وأشار الباحث هوليداي إلى الشبيحة بوصفهم من النتائج المحتملة لتفكك الجيش. إذ استُخدمت ميليشيات الشبيحة كوحدات مشاة في عموم البلاد وتتهمها منظمات حقوق الإنسان والثوار بارتكاب فظائع مروعة.

وقال الباحث هوليداي إن الشبيحة قوة لا يستهان بها "ليس لأنهم يُستخدمون كجنود مشاة فحسب، بل هم أيضًا سيناريو كابوسي لما يمكن أن يؤول إليه الجيش".  

اجمالي القراءات 5028