ف 5 / 1 : الحسن الصباح يغتال الخليفة الفاطمى ( الآمر ) ب 1 تاريخ الأزهر. كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر
ملاحظة :
هذا مقال من الباب الأول سقط سهوا . وننشره هنا الآن ، ثم نضعه في ترتيبه عند نشر المقالات كتابا بعون الرحمن جل وعلا :
مقدمة :
تولى ( المستعلي بن المستنصر ) سنة 487 بنفوذ الوزير ( الأفضل ), وكان ( نزار ) بن ( المستنصر ) هو صاحب الحق والنص طبقا للدين الشيعيالاسماعيلى الفاطمى . بتولى المستعلى هرب ( نزار) للإسكندرية وحاربه ( الأفضل ) وقتله . وترتب على ذلك انقسام الدعوة الشيعية إلى ( نزارية ) و ( مستعلية ) وقد هاجرت النزارية إلى فارس حيث كوّن ( الحسن الصباح ) منظمة الحشاشين ( الباطنية ) الفدائية وهى التي إغتالت الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله ، وقد إشتهر بغرامه بالفتيات الإعرابيات البدويات ، وتسبب هذا في إغتياله على يد فدائيين من اتباع حسن الصباح . الغريب أن هذا الخليفة كان إذا نال مراده من إحداهن وتعلّقت به هجرها وبحث عن بدوية أخرى لا تزال تحتفظ بخشونتها وغلظتها ، وظل هكذا الى أن شغف بحب اعرابية لم تبادله الحب ، فكان فى حبه لها مأساته ومقتله !!. فيلم درامى حقيقى يتفوق على الأفلام الهندية والموزمبيقية .!
ونعطى تفصيلا من التاريخ .
أولا :
تولى الآمر الخلافة وهو طفل في الخامسة من عمره ، وذلك يوم الثلاثاء السابع عشر من صفر سنة 495 هجرية " 1001 ميلادية" وسيطر على الدولة الوزير الأفضل إلى أن اغتال الشيعة الباطنية الحشاشون ذلك الوزير ( الأفضل ) في آخر يوم من رمضان سنة " 515 " وبعدها أصبح الخليفة الصغير الآمر يمارس سلطاته باعتباره الحاكم والخليفة والإمام ، وظل هكذا إلى أن اغتاله الشيعة الباطنية الحشاشون أيضا وهو في طريقه للقاء معشوقته البدوية وذلك يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة سنة " 524 هجرية " ولم يبلغ وقتها الخامسة والثلاثين من عمره .
ثانيا :
1 ـ وقد تخصص الشيعة الباطنية الحشاشون في الاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية .
وهم من أتباع الحسن الصباح الداعية والمنظّر والمفكر الشيعى الذي انشق على الخلافة الفاطمية بعد أن تولى المستعلي الخلافة الفاطمية بدلا من أخيه نزار ، والمستعلي هو والد الخليفة الآمر بطل قصتنا . وهرب الحسن الصباح إلى قلعة آلموت الجبلية الحصينة في قزوين في فارس ، دخلها متنكرا ، وبدأ واعظا زاهدا ، وسرعان ما اجتذب اليه جنود القلعة فاستولى عليها بمعونتهم ، وجعلها مقرا لتدريب الفدائيين على أعمال الاغتيال والإرهاب ، وكان من ضحاياه كثيرون من الخلفاء العباسيين والفاطميين والسلاطين والأمراء المسلمين والصليبيين ، وغيرهم ، ويقال إن صلاح الدين الأيوبى إستيقظ من نومه فوجد تحت وسادته رسالة تهديد من الحسن الصباح . ومن اسم الحشاشين جاءت الكلمة الانجليزية (Assassin)، أى قاتل محترف .
وامتاز أولئك الفدائيون بالشجاعة المطلقة والطاعة العمياء ، وتنفيذ أوامر شيخهم الصباح مهما كانت الصعوبات . ولذلك أثاروا الرعب في كل مكان ، ولكن بطل قصتنا الخليفة الآمر انشغل عنهم وأهمل الاحتياط حبا في لقاء البدوية فدفع حياته ثمنا لذلك الغرام العجيب .
2 ـ وكان ذلك الخليفة العاشق محبا للتنزه والاحتفالات مثل أسلافه .
وفى سنة 420 أمر بتجديد قصر القرافة التي بنته جدته تغريد وأقام تحت ذلك القصر مصطبة لشيوخ الصوفية ، وكان مغرما بمشاهدة شيوخ الصوفية وهم يرقصون أمامه ، وقد شجع التصوف الشيعى وجعله رافدا للتشيع الفاطمى .
3 ـ ولقد بلغ من غرام هذا الخليفة بالبدويات أنه كان يرسل جواسيس وعيونا يتجولون في خيام القبائل العربية للعثور على أجمل بدوية ، ثم يحصل عليها بأي طريق. ثم حدث أن جاءه الجواسيس يخبرونه بالعثور على فتاة بدوية في الصعيد يقال لها ( البدرية العالية) وأنها أديبة أريبة فصيحة تقول الشعر ، فأرسل لإحضارها إليه فعجز رسله عنها ، وجاءوا يخبرونه بالمزيد من شعرها وحبها لابن عمها المشهور بابن ميّاح. وشأن كل ممنوع مرغوب فقد تعلق بها الخليفة الآمر وعزم على أن يراها بنفسه ويتعرف إليها كإنسان وشاب ، وليس كخليفة يأمر فيطاع ، ولذلك فقد سافر إليها من قصره بالقاهرة ، وأهمل من أجل هواه ذلك التهديد المستمر على حياته من أعدائه الباطنية الحشاشين ، واكتفى بارتداء زى البدو وتجول في مضارب البدو إلى أن وصل إلى قبيلة البدوية العالية. وضاعت منه أمواله في الطريق فاضطر للاعتماد على نفسه واحتمال الضائقة التي حلت به ، وظل يحتال إلى أن وصل إليها ورآها وحدثها فلم تلق إليه بالا ، فأسرع يعود إلى ملكه وقصره وأرسل إلى أهلها يخطبها ففرح أهلها وأرغموها على قبول الزواج . وزفت إليه ، فلم ير فيها الانشراح والسعادة اللذين كانا عليها وهى في أرض قومها ، وأظهرت له كراهيتها للقصر بدلا من أن تظهر كراهيتها له ، وهذا يذكرنا بالاعرابية الكلبية ( ميسون ) بنت بحدل الكلبى زعيم قبيلة ( كلب ) أقوى قبائل الشام ، والتي تزوجها معاوية وأنجب منها إبنه يزيد . كانت تكره معاوية وترفض هذا الزواج السياسى الذى يضمن لمعاوية ولاء قبيلة ( كلب ). وإشتهر شعرها :
ولبس عباءة وتقرّ عينى
أحبُّ الىّ من لبس الشفوف
فأعادها معاوية الى مضارب قومها ومعها ابنه يزيد ليتعلم الخشونة في الصحراء . معاوية كان عبقرية سياسية تسير على قدمين . وليس مثل هذا الخليفة الآمر المدلّل المخبول .!
نعود للخليفة الآمر
وهو يقنع نفسه بأن زوجته الحبيبة لا تكرهه هو بل تكره فقط حياة القصور وتفضل عليها حياة الخيام والصحراء ، وكلما ازدادت عنه إعراضا وصدودا ازداد لها محبة وازداد بها هياما . فعل كل ما يستطيع لإرضائها ، فكان يصحبها إلى قصر القرافة لتشاركه بهجته برقص شيوخ التصوف أمامه ، ومع ذلك فان نظرتها الحزينة الساهمة كانت تنغص عليه حياته ففكر في عمل يرضيها ويسعدها، فقد ظن أن وجودها في القصور مع جواريه وزوجاته يضايقها فأقام لها في الجزيرة " الزمالك الآن " قصرا ضخما جعله على هيئة الهودج الذي تركبه نساء الأعراب وتفنن في زخرفته وتزيينه ، ( كل ذلك طبعا من عرق الفلاح المصرى الذى كان ـ ولا يزال ـ يكدُ في إنتاج الخير .. للغير ).! المهم أن هذا الخليفة الآمر العاشق الولهان جعل محبوبته ( زوجته ) تنتقل إلى ذلك القصر لتستمتع به وبجمال النيل والجزيرة . وانتظر منها كلمة شكر أو لفتة اهتمام ، ولكنه فوجىء بها تبعث من قصرها الجديد برسالة غرامية ، قصيدة حُبّ إلى حبيبها وابن عمها ابن مياح تشكو إليه حالها ، وتقول له شعرا :
يا ابن مياح إليك المشتكي مالك من بعدكم قد ملكا
كنت في حبي مطاعا آمرا نائلا ما شئت منك مدركا
فأنا الآن بقصر مرصد لا أرى إلا خبيثا ممسكا .
وكتب إليها حبيبها الأعرابي يرد عليها شعرا :
بنت عمى والتي غذيتها بالهوى حتى علا واحتبكا
بحت بالشكوى وعندي ضعفها لو غدا ينفع منا المشتكي
مالك الأمر إليه المشتكي مالك وهو الذي قد ملكا .
وعلم الخليفة الولهان بأمر زوجته وأنها لا تزال على عشقها لحبيبها القديم ، وأسقط في يد الخليفة الآمر فلم يستطع إلا أن يتمسك بزوجته أكثر فأكثر. وخرجت القصة من بين جدران القصور إلى ساحات السمر ، وأحس العشيق المسكين ابن مياح بالعيون تترصده وخشي على حياته فأختفي وهرب ، وتكاثرت الأقاصيص الشعبية تجعل منه بطلا ، ودارت حول العاشق والمعشوقة والزوج الظالم حكايات ومناقشات كانت تميل الى تأييد الطرف المظلوم وهما العشيقان الاعرابيان.
ثالثا :
1 ـ وأثناء انشغال الخليفة العاشق بمشاكله مع محبوبته البدوية وحبيبها الهارب والمتعصبين لهما كان الشيعة الباطنية يجهزون مؤامرة لاغتياله . وكانت الدولة الفاطمية في خلافته قد وضعت الجواسيس والعيون في فارس والعراق وكل محطات الطريق تحصى على أعوان الباطنية أنفاسهم ، وجاءت رسالة من جاسوس فاطمي في قلعة آلموت – مقر الحسن الصباح – تحذر من إرسال فرقة لاغتيال الخليفة الآمر ، وبسرعة ارتفعت درجة الاستعداد إلى الغاية القصوى ، وجرى تفتيش كل المسافرين من العراق والشام إلى مصر ، ولكن فرقة الاغتيال كانت قد سبقت فى الوصول للقاهرة . وانتقل البحث عنهم الى ضواحى القاهرة ، وأحست فرقة الاغتيال ـ وكانوا عشرة ـ بالخناق يضيق عليهم ، فاجتمعوا سرا في بيت مهجور وتشاوروا وهم يتوقعون الإيقاع بهم في أي وقت ، فقال أحدهم : الرأي أن تقتلوا رجلا منكم وتلقوا برأسه في منطقة " بين القصرين " في القاهرة لتنظروا ، فان عرفه الآمر فثقوا أنهم يعرفون صوركم وملامحكم فلابد أن تفروا ، وان لم يتعرفوا على الرأس المقطوع ، فاطمئنوا واعرفوا أن القوم في غفلة عنكم وأتموا مهمتكم . فقالوا له : ما ينبغي لنا أن نقتل واحدا منا وينقص عددنا ، فقال لهم صاحب الرأي : إن هذا مصلحة لنا ولسيدنا ، وما دللتكم إلا على نفسي. وأسرع فقتل نفسه بسكين ومات . وأخذوا رأسه ورموه في الليل بين القصرين وأصبحوا ينظرون ماذا يفعل الناس ، فاجتمع حوله الناس ولم يتعرف عليه أحد من الناس أو من السلطات ، ففرح الباطنية المتآمرون وعزموا على تنفيذ المهمة .
2 ـ كانوا قد تعرفوا على تحركات الخليفة الآمر والطرق التى يسلكها موكبه ، وعلى أساسها وضعوا خطة إغتياله ؛ كمنوا له ينتظرون موكبه ، وانتظروا في الطريق فى نقطة بين الشاطىء والجسر حين يتوقف الموكب وينزل الخليفة ليركب السفينة للنزهة المعتادة . سار الموكب على الشاطىء ونزل الخليفة إلى الجسر، وقبل أن يلحق به بقية الحرس وثب عليه المتآمرون التسعة وثبة رجل واحد يضربونه بالخناجر والسكاكين ولحق بهم الحرس فقتلوهم جميعا ، ولكن الخليفة كان قد شبع موتا. وحملوا الخليفة المقتول إلى قصر البدوية العالية ، كأنه قد صمم على الذهاب إليها حتى بعد مصرعه .
3 ـ ولا نعرف كيف استقبلت جثته ..! هل بالحزن على زوج عاشق ولهان ؟ أم بالسرور لأنها تخلصت من زوج مزواج سجّان .!! .
الله جل وعلا هو الأعلم ....
7 ـ مجرد سؤال برىء :
الذين كانوا يؤمنون بألوهية الخليفة الفاطمى وعلمه بالغيب لماذا لم يعتبروا بمقتل ذلك الخليفة المأفون ؟ لماذا ظلوا على كفرهم ؟ الجواب لأنهم لا يسمعون ولا يعقلون ولا يبصرون ، أسوا حالا من الحيوانات . وهذا حال كل أتباع الديانات الأرضية الشيطانية .
آه . يا بقر !!
أحسن الحديث :
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ(171)البقرة )
2 ـ ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ(22)وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ(23)الأنفال )
3 ـ ( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ(42) وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ(43) يونس )
4 ـ ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا(43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا (44)الفرقان )
5 ـ ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) ( 179 ) الأعراف )
6 ـ ( وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) ( 198 ) الأعراف )
ودائما : صدق الله العظيم
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran