ف 7 : لماذا إستمر الأزهر وحده بعد العصر المملوكى . ب 1 تاريخ الأزهر. كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٠ - نوفمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

ف 7  : لماذا إستمر الأزهر وحده بعد العصر المملوكى . ب 1 تاريخ الأزهر. كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر

أولا : الأوقاف هي السبب

1 ـ  إستلزم الكهنوت الدينى المملوكى التوسع فى إقامة مؤسّسات تعبّر عن التصوف السّنى من مساجد وجوامع وقباب وخوانق وأربطة وزوايا وتُرب وقبور مقدسة ، ليس فقط لإقامة الشعائر بل أيضا للتعليم والتدريس والتفرغ للعبادة الصوفية ، وكان يقيم فيها الطلبة والمدرسون والموظفون والفقراء أى ( الصوفية ) . وهذا التوسع إحتاج بدوره الى من ينفق عليه فى تأسيس تلك المؤسسات وصرف مرتبات المقيمين فيها ، وتكفلت الأوقاف بهذا الدور .

2 ـ نوعان من الوقف ( الخيرى ) والوقف ( الأهلى )  

أنفق الفاطميون على الأزهر ومساجدهم من الأوقاف الخيرية . أي من إيرادات الدولة ، ومن تبرعات الأفراد . لم تكن في عهدهم ( أوقاف أهلية ) .

الأوقاف الأهلية تعنى أن أفرادا يوقفون ممتلكات لهم من أراض زراعية وحوانيت ودكاكين تجارية ، ويجعلونها بالوقف محصّنة من المصادرة ، بهذا الوقف كانوا يجعلون أنفسهم القائمين المستفيدين من هذا الوقف ، بإنشاء مؤسسة ينفقون من بعض ريع الأرض والحوانيت على هذه المؤسسة ، ومعظم الباقى يكون حكرا عليهم وذريتهم .

3 ـ شبح المصادرة كان عاملا أساسا فى إنتشار الوقف الأهلى . فلا يجوز شرعا بيع العين الموقوفة ، ولا يجوز مصادرتها أو التصرف فى ريعها خارج شروط كتاب الوقف .  وكان لكل وقف كتاب يحدد كل التفصيلات .   وكانت الأوقاف الأهلية والخيرية تحت إشراف قاضى القضاة الشافعى لأنه كان الأبرز بين قضاة المذاهب . واشتهر القضاة بالفساد ، وكان أبرزهم القاضي الشافعى المؤرخ إبن حجر العسقلانى ، وسبق أن كتبنا عنه وعن فساده ، ودوره في تخريب الأوقاف الأهلية .

 

4 ـ  أى إنّ أوقاف البر ( الأوقاف الخيرية ) إتجهت نحو الأزهر ، بينما اتجهت الأوقاف الأهلية شطر أصحابها من السلاطين والأمراء وأصحاب النفوذ ، تحمى ثرواتهم من المصادرة . لم يكن الأزهر في العصر المملوكى أبرز المؤسّسات الدينية . تفوّق عليه في الأهمية المؤسّسات التي أقامها المماليك وأتباعهم من ذوى النفوذ . وحتى الآن تترصّع القاهرة وضواحيها وما حولها بآثار دينية مملوكية ، بل إن خانقاه الناصر محمد بن قلاوون بالقرب من القاهرة أصبحت تسمى ( الخانكة ) ، ولا تزال تحتفظ باسمها حتى الآن ، وأصبحت بلدة معروفة . أصبحت تلك المؤسّسات التي أنشاها المماليك وأعوانهم خاوية على عروشها ، وضاعت أوقافها الأهلية بالفساد والسرقات ، بينما إستمر الأزهر حيّا يؤدى دوره التعليمى الهابط بسبب أن الانفاق عليه ليس من الأوقاف الأهلية بل من الأوقاف الخيرية .

 5 ـ لم تكن المصادرة وحدها من عوامل إنتشار الوقف المملوكى ، بل كان الاعفاء من الضرائب على الموقوفات سببا آخر . وقتها كان هناك ما يعرف بديوان (المواريث الحشرية ) الذى يستولى على التركات التى لا وارث لها ، أو التى يوجد لها وريث لا يرث كل التركة مثل البنت أو الأخت . لذا لجأ للوقف الأهلى من لا وارث له أو له وارث لا يستحوذ على كل التركة . وحين يوقف ضياعه وعقارته وقفا أهليا تنجو من ( المواريث الحشرية ).

6 ـ أموال السلاطين والأمراء وأصحاب النفوذ وكبار الفقهاء والقضاة كانت بالظلم ، ومعظم مؤسّساتهم تمّت بالسُّخرة . فقهاؤهم  كانوا الأكثر فسادا . وهذا ما شرحناه فى كتاب ( المجتمع المصرى فى عصر قايتباى فى ظل تطبيق الشريعة السّنية ) وهو منشور هنا . أولئك الفقهاء هم الذين إبتدعوا ( الوقف الأهلى ) لينجو صاحب المال الحرام من المصادرة ومن ضرائب المواريث الحشرية ، وهم الذين ابتدعو مزيجا من الوقف الأهلى والخيرى ليبيحوا لصاحب السلطة أن يغتصب المزيد من العقارات ويوقفها بحيث يزيد ريعها على المصاريف فتتم إضافتها الى الواقف . هؤلاء الفقها هم أيضا الذين أخترعوا ( السّم ) والترياق المضاد له . هم الذين أخترعوا للسلاطين الوقف الأهلى ، ثم هم الذين إخترعوا لهم طرق التحايل على الاستيلاء على الوقف ، بما يعرف بالاستبدال .

ثانيا : إغتصاب الأوقاف بالاستبدال

1 ـ شاع الاستيلاء على الأوقاف الأهلية بالاستبدال . فقد أجاز فقهاء الشرع السّنى الحق فى استبدال العين الموقوفة بعين أخرى بنفس شروط الوقف ، أى إذا أوقف شخص أرضا زراعية مساحتها مائة فدان يمكن للسلطان أن يستبدلها بمائة فدان فى الصحراء مثلا ، أو يمكنه أن يبيع المائة فدان الزراعية ويشترى بثمنها مائة فدان أخرى فى الصحراء . ولا بأس بهذا مع النصّ على تماثل هذه بتلك على الورق فى كتابة العقد . المهم وجود السلطة التى تتحكم والفقيه الذى يفتى والكاتب الذى يسجل العقد على هوى صاحب السلطة. طبقا لهذا فقد استولى الأمير قوصون على وقف حمّام قتّال السبع عام 730 ، وعلى وقف الدار البيسرية عام 733 ، وكان هذا فى عصر المماليك البحرية.

2 ـ وانتشر الاستيلاء على الأوقاف بحجة الاستبدال فى عصر المماليك البرجية فتم الاستيلاء على أوقاف المماليك البحرية السابقين على يد المتسلطين فى عصر المماليك البرجية ، فيقول المقريزى فى الخطط عن الأوقاف فى هذا العصر إنّها ( إختلّت وتلاشت فى زماننا هذا ، وعما قليل لن يبقى لها أثر البتّة ) ( الخطط 2 / 296 ) . واشتهر السلطان برسباى بالاستيلاء على كثير من الأوقاف ، وأعاد وقفها على منشئاته ، وفعل ذلك السلطان الغورى عام 908 .

3 ـ على أن أشهر سارق لأوقاف الغير بحجة الاستبدال كان الأمير جمال الدين الاستادار ، وهو صاحب خانقاة مشهورة . تعاون جمال الدين الاستادار مع قاضى القضاة الحنفى إبن العديم ، فكان جمال الدين الاستادار إذا أعجبه وقف من الأوقاف وأراد الاستيلاء عليه أقام شاهدين يشهدان بأن هذا العقار يضرّ بالجيران وبالمارة فى الشارع . وبهذه الشهادة يحكم  قاضى القضاة ابن العديم لجمال الدين باستبدال العقار الموقوف بغيره . وبذلك استولى جمال الدين على أفخم القصور العامرة بمقابل من أراضى بور وخرائب ، يقول المؤرخ ابن حجر المعاصر لجمال الدين الاستادارعنه إنّه :(استولى على القصور العامرة بشىء من الطين من الجيزة وغيرها )( إنباء الغمر بأبناء العمر2 / 446 : 447). استولى جمال الدين الاستادار على أفخر العقارات ، وأعاد وقفها على خانقاته أو مدرسته ، ومن الأوقاف التى استولى عليها قصر بشتاك التابع للسلطان الناصر حسن بن قلاوون ، وكان أعظم مبانى القاهرة ، واستولى على قصر الحجازية وعمارة أم السطان وحمّام الخراطين . ومن كان يرفض التنازل عن الوقف من الورثة يستأجر جمال الدين الاستادار عمالا يقومون بتخريب العقار الموقوف ليرغم صاحب الوقف على قبول الاستبدال .

4 ـ ويقول المقريزى فى الخطط عن جمال الدين الاستادار والقاضى ابن العديم : ( والناس على دين ملوكهم ، فصار كل من يريد بيع أو شراء وقف سعى عند القاضى المذكور ( يعنى ابن العديم ) بجاه أو مال ( أى باستغلال النفوذ أو بالرشوة ) فيحكم له بما يريد ). ويستطرد المقريزى ( ثم تطور الأمر الى أن يشهد شاهدان بأن الوقف ضار بالجار وبالمار وأن المصلحة فى بيعه أنقاضا ، فيحكم القاضى الشافعى ببيع تلك الأنقاض .) أى دخل فى اللعبة قاضى القضاة الشافعى المهيمن على الأوقاف الخيرية و الأهلية ، وأصبح سهلا تخريب العقارات وبيعه"

5 ـ وهناك حيل أخرى مثل : إباحة القضاة للسلطان بتعمير الوقف القديم مقابل أن يكون للواقف الأصلى جزءا منه . ومنها تأجير الوقف لأصحاب النفوذ ، وشاع هذا فى سلطنة برقوق ، ومنها الاقتراض من ريع الأوقاف كما فعل الأمير منطاش عام 791 ، أو فرض الغرامات على الوقف كما كان يفعل السلطان الكامل شعبان عام 746 .

6 ـ وقام بعض السلاطين بحلّ أوقاف السلاطين القدماء والاستيلاء عليها أو على بعضها ، فالناصر محمد ابن قلاوون استولى على أوقاف غريميه السلطان بيبرس الجاشنكير والأمير سلار ، وكانا من قبل يتحكمان فيه فلما تغلب عليهما وقتلهما استولى لنفسه على اوقافهما . والسلطان الناصر فرج بن برقوق استولى على أوقاف الطواشى فيروز الخازندار عام 814 . ثم استولى الأمير شيخ قبل توليه السلطنة على بعض أوقاف الناصر فرج بن برقوق عام 815. أى كانت أوقاف السابقين غنيمة للّاحقين ، فالسلطان برسباى استولى على بعض أوقاف الناصر صلاح الدين الأيوبى ، والسلطان عثمان بن جقمق استولى على أوقاف الاستادار الزينى ، واستولى السلطان خشقدم على أوقاف الأمير جانبك عام 868 .

7 ـ وحاول بعض السلاطين فى وقت الأزمات الحربية والاستعداد للقتال الاستيلاء على كل الأوقاف بحجة أنها فى الأصل ملك لبيت المال تبعا لنظرية أن مصر قد تم فتحها عنوة ، ومن السلاطين الذين حاولوا الاستيلاء على الأوقاف قطز عام 657 ، والظاهر بيبرس ثم الناصر محمد ابن قلاوون عامى 699 ، 738 والناصر فرج بن برقوق عام 803  وبرسباى فى عامى 837 ، 839 وقايتباى فى اعوام 872 ، 877 ، 894 ، 896 . والغورى عام 906

8 ـ وترتب على هذا ظاهرة فريدة أن العقار الواحد يتم الاستيلاء عليه عدة مرات فى عصور مختلفة خصوصا إذا كان عريقا فى القدم ، ومنها قيسارية القاضى الفاضل فى العصر الأيوبى التى تم الاستيلاء عليها بضع عشرة مرة الى عهد المقريزى .

9 ـ وقد أدّى هذا الى خراب الأوقاف ليس فقط بهدم بعض العقارات وتخريب الحوانيت و( القيساريات أى الأسواق الكبرى )، ولكن أيضا فى نهب الأوقاف الزراعية، فالذي يستولى على ما ليس له يحاول الاستفادة منه بأسرع ما يمكن قبل أن يضيع منه ولا يقوم بإصلاحه واستثماره بطريقة أمثل.

أخيرا 

1ـ ودخلت الدولة المملوكية فى دور الضعف الداخلى بسبب فساد جندها من المماليك الجلب واستيلاء الأوقاف على معظم الأراضى الزراعية واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وتحول التجارة العالمية اليه بدلا من البحر الأحمر . فى هذا الوقت أسّس شيعة ايران بالتصوف الشيعى الدولة الصفوية التى أخذت تتوسع غربا لتواجه قوتين سنيّتين :الدولة العثمانية فى شبابها والدولة المملوكية الهرمة المترهّلة . إنتهى الصراع بسقوط الدولة المملوكية وتحول مصر والشام والحجاز لولايات عثمانية. كان المفروض أن تتحالف الدولتان السنيتان (العثمانية والمملوكية ) ضد إسماعيل الصفوي الذى أنشأ شبكة من دعاته (القزل باش) لإقامة حكم شيعى على حساب المماليك والعثمانيين معا . ولكن تمكن إسماعيل الصفوى من الوقيعة بين الغورى وسليم العثمانى، فاجتذب السلطان الغورى إلى صفه وجعله يحارب العثمانيين على غير استعداد تام منه لحربهم وعلى غير نية حقيقية من العثمانيين لتدمير الدولة المملوكية. 

2 ـ دولة إسماعيل الصفوى قامت وتوسّعت وانتصرت ثم انهزمت واندثرت من خلال جماعة القزل باش ، هم الذين قاموا برعاية اسماعيل الصفوى فى طفولته ومحنته وهم الذين أسسوا له دولته ، وكانوا جند اسماعيل الصفوى وقادة دولته من الدعاة والسياسيين الذين أقاموا شبكة من العملاء انتشرت من مصر الى العراق والشام وآسيا الصغرى لتعيد المجد الفارسى باسم التشيع . تسلل الشيعة القزل باش لمصر، وجعلوا الأزهر قبلتهم، فشل شيعة القزل باش فى إستعادة الخلافة الفاطمية أدى الى تقديس(الأزهر) الأثر الباقى من الفاطميين ، فجلبوا له الكثير من الأوقاف فانتعش من العصر العثمانى بينما اندثرت المؤسسات الدينية المشهورة الأخرى التى أقامها السلاطين والأمراء المماليك.

3 ـ  كان ظهير الدين الأردبيلي (أحد مشاهير العلماء السنيين فى تبريز) عميلا سريا للقزلباش ، اى كان شيعيا من القزل باش تنكر وسط المحيط السّنى فى تبريز، واشتهر بينهم الى درجة أن السلطان سليم العثمانى إعتقد فى إخلاصه للسّنة ، فاصطحبه سليم وأخذه معه إلى عاصمته العثمانية ، وعيّن له كل يوم ثمانين درهما . ثم أرسله السلطان سليم مرشدا ومعلما للوالى العثمانى على مصر ، وكان أحمد باشا مملوك سليم ، وخادمه الأمين المخلص . وبوصول ظهير الدين الأردبيلى الى القاهرة فقد نجح فى إستمالة الوالى العثمانى أحمد باشا وجعله ينقلب على سيده السلطان سليم ويثور ليحوّل مصر إلى الدولة الشيعية ، ولكن أسرع الجيش العثمانى فى مصر بقتل الوالى العثمانى الثائر ، وأفشل ثورته.

3 ـ إنتشر القزلباش في الأزهر، و تميزوا بطربوش أحمر مستدير يتدلى منه (زرّ) بلون مختلف أسود أو أزرق أو أخضر ، وتغطيه عمامة صغيرة بيضاء ، وانتشرت هذه الموضة بين رواقات الأزهر وطلبة العلم فيه . وبعد سقوط الدولة المملوكية تولى هؤلاء القزلباش فى مقرهم السرى بأروقة الأزهر مهمة العمل على أقامة الدولة الشيعية فى مصر  

5 ـ  المفاجأة :

1 ـ معنى القزلباش  أى "ذوو الرؤوس الحمر". والرأس الأحمر فى الطقوس القزلباشية كان يرمز للعضو الذكرى للرجل ، أى القضيب . وكان الطرطور الأحمر المنتصب هو الرمز للقضيب !!.

2 ـ تذكروا هذا كلما رأيتم شيخا من شيوخ الأزهر يتيه تقديسا بالزى الأزهرى ، وهو لا يعرف أن ذلك الطربوش المقدس يعنى ( العضو الذكرى ، أو القضيب ) .

3 ـ تذكروا منظر الامام الأكبر شيخ الأزهر وهو يسير متفاخرا بالزى الأزهرى المقدس وفوق رأسه رمز القزلباش ،أى القضيب ..!!

4 ـ و..يحيا الجهل ..!!

 شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 265