الوعظ قتلا في كتابات ( إبن تيمية ) ج 1 / 2 ). الاستتابة او القتل . ( كتاب الفقه الوعظى )
أولا :
تعطّف ابن تيمية فجعل الإستتابة ( توبة المتهم ) سبيلا للنجاة من القتل . ننقل عنه بإيجاز:
في العبادات
( الذى يجهر بالنيّة في الصلاة ، ومن لا يلتزم بالصلاة في وقتها والذى يحضر المسجد ولا يشارك في صلاة الجماعة . )
( ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة: كالصلوات الخمس،وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق أو جحد تحريم بعض المحرمات الظاهرة المتواترة:كالفواحش، والظلم والخمر والميسر والزنا وغير ذلك، أو جحد حل بعض المباحات الظاهرةالمتواترة: كالخبز واللحم والنكاح ـ فهو كافر مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإنأضمر ذلك كان زنديقًا منافقًا ،لا يستتاب عند أكثر العلماء، بل يقتل بلا استتابة،إذا ظهر ذلك منه.)
( والرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس، أو تركبعض فرائضها المتفق عليها، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. )
( فمن سافر إلى المسجد الحرام أو المسجد الأقصى أو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى في مسجده ؛ وصلى في مسجد قباء وزار القبور كما مضت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو الذي عمل العمل الصالح . ومن أنكر هذا السفر فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل .)
( سُئل عن رجل منقطع في بيته لا يخرج ولايدخل، ويصلي في بيته، ولا يشهد الجماعة، وإذا خرج إلى الجمعة يخرجمغطى الوجه، ثم إنه يخترع العياط من غير سبب، وتجتمع عنده الرجال والنساء، فهل يسلمله حاله ؟ أو يجب الإنكار عليه؟ فأجاب : ( هذه الطريقة طريقة بدعية، مخالفة للكتاب والسنة، ولما أجمع عليهالمسلمون... فإن التعبد بترك الجمعة والجماعة، بحيثيرى أن تركهما أفضل من شهودهما مطلقًا كفر، يجب أن يستتاب صاحبه منه، فإن تاب وإلاقتل. )
( ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة: كالصلوات الخمس،وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق أو جحد تحريم بعض المحرمات الظاهرة المتواترة:كالفواحش، والظلم والخمر والميسر والزنا وغير ذلك، أو جحد حل بعض المباحات الظاهرةالمتواترة: كالخبز واللحم والنكاح ـ فهو كافر مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإنأضمر ذلك كان زنديقًا منافقًا ،لا يستتاب عند أكثر العلماء، بل يقتل بلا استتابة،إذا ظهر ذلك منه.)
( ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين: هل يباح له ذلك؟ قال:نعم، فإذا قيل: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة، قال: إن فعلهعلى هذا الوجه حرام منكر، يستتاب فاعله، فإن تاب وإلا قتل.)
في المعتقدات
الذى يقول عن البيت الحرام انه الصنم المعبود ( ولو قال هذا من قاله لكان كافراً يستتاب فإن تاب وإلا قتل )
( من ادعى أن شيخًا من المشايخ يخلص مريديه يوم القيامة من العذاب،فقد ادعي أن شيخه أفضل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومن قال هذا فإنهيستتاب، فإن تاب وإلا قتل)
( وكذلك من يقول بالحلول ..فهو مُلْحِدضال، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. )
( من قال: إن الله لا يقدر على مثل إماتة الخلق وإحيائهم منقبورهم وعلى تسيير الجبال وتبديل الأرض غير الأرض فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.)
( الذين يزعم أحدهم أنه يرى ربه بعينيه، وربمازعم أنه جالسه وحادثه أو ضاجعه! وربما يعين أحدهم آدميًا؛ إما شخصًا، أو صبيًا،أو غير ذلك، ويزعم أنه كلمهم، يستتابون، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم وكانواكفارًا . )
( فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح ..، وجعل فيه نوعًا من الإلهية ..فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل. ..فمن اعتقد في بشر أنه إله، أو دعا ميتًا، أو طلب منه الرزق والنصروالهداية، وتوكل عليه أو سجد له ـ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه.ومن فضَّل أحدًا من المشائخ على النبي صلى الله عليه وسلم، أو اعتقدأن أحدًا يستغنى عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ استتيب، فإن تاب وإلا ضربتعنقه. وكذلك من اعتقد أن أحدًا من أولياء الله يكون مع محمد صلى الله عليهوسلم، كما كان الخضر مع موسى ـ عليه السلام ـ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه )
( من اعتقد أن في أولياء اللّه من لا يجب عليه اتباع المرسلين وطاعتهمفهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، )
( أصحاب جهم يريدون أن يقولوا:إن اللّه لم يكلم موسى،ويريدون أن يقولوا: ليس في السماء شيء، وأن اللّه ليس على العرش، أرى أنيستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا.)
ـ ( ومن قال: إن آدم ما عصى فهو مكذب للقرآن، ويستتاب، فإن تاب وإلاقتل، )
ـ ( ..وأما قول القائل:هذا السجود لله تعالى فإن كان كاذبًا في ذلك فكفىبالكذب خزيا، وإن كان صادقًا في ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، )
( ومن هؤلاء من يستحل بعض الفواحش: كاستحلال مؤاخاة النساء الأجانبوالخلو بهن، زعمًا منه أنه يحصل لهن البركة بما يفعله معهن وإن كان محرمًا فيالشريعة. وكذلك من يستحل ذلك من المردان ويزعم أن التمتع بالنظر إليهم ومباشرتهمهو طريق لبعض السالكين حتى يترقى من محبة المخلوق إلى محبة الخالق ويأمرون بمقدماتالفاحشة الكبرى، وقد يستحلون الفاحشة الكبرى، كما يستحلها من يقول: إن التلوطمباح بملك اليمين. فهؤلاء كلهم كفار باتفاق المسلمين، وهم /بمنزلة من يستحل قتلالمسلمين بغير حق، ويسبي حريمهم ويغنم أموالهم، وغير ذلك من المحرمات، التي يعلمأنها من المحرمات تحريمًا ظاهرًا متواترًا.)
( بل إذا فهم مضمون قوله: من لم يقرأها فهو كافر، وأصر عليه بعدالعلم، كان هو الكافر المستحق لأن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. )
( فأما الشرع المنزل: فهو ما ثبت عن الرسول من الكتاب والسنة، .. ومنلم يلتزم هذا الشرع، أو طعن فيه أو جوز لأحد الخروج عنه، فإنه يستتاب فإن تاب وإلاقتل.)
عن حفلات الرقص الدينى في التصوف : ( فأما [السماع] المشتمل على منكرات الدين فمن عده من القربات استتيب فإن تابوإلا قتل. )
عن إستحلالهم المحرمات : ( من ادعى أن المحرمات تحريمًا عامًا: كالفواحش، والظلم والملاهي،حرام على الناس حلال له فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، )
( ولم يكن أحد من الصحابة يستخفبحرمة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر. ومن فعل ذلك فهو كافر ومن اعتقد هذابالنبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. .)
( جميع هذه الأحاديث ( احاديث أهل الصفة ) أكاذيب مختلقة، ليتبوأمفتريها مقعده من النار.لا خلاف بين جميع علماء المسلمين ـ أهل المعرفة وغيرهم ـأنها مكذوبة مخلوقة، ليس لشيء منها أصل؛ بل من اعتقد صحة مجموع هذه الأحاديث فإنهكافر؛ يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل .)
(. إذا فهم مضمون قوله: من لم يقرأها فهو كافر، وأصر عليه بعدالعلم، كان هو الكافر المستحق لأن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. والله أعلم.)
( ومن هؤلاء: من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس، ثم يحملهفيرده إلى مدينته تلك الليلة، ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله، ولا يعرف أنهيجب عليه أن يتوب من هذا، وإن اعتقد أن هذا طاعة وقربة إليه، فإنه يستتاب، فإن تابوإلا قتل؛
الاعتقاد في الوسائط ( الأولياء الصوفية ) ( ... فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه، فهو كافر مشرك، يجب أنيستتاب، فإن تاب وإلا قتل. .. ( وأما فعل ذلك تدينًا وتقربًا فهذا من أعظم المنكرات، ومن اعتقد مثلهذا قربة، وتدينًا فهو ضال مفتر، بل يبين له أن هذا ليس بدين ولا قربة، فإن أصر علىذلك استتيب، فإن تاب وإلا قتل.) ( فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه، فهو كافر مشرك، يجب أنيستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ) ( دعاؤه وشفاعته، وهذا أيضًا نافع يتوسل به من دعا له وشفعفيه باتفاق المسلمين. ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتديستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدًا. )
ثانيا :
هذا الهُراء
1 ـ أصله إفتراء ( حد الردة ) ، أو قتل المرتد إن لم يتب . ولنا كتاب في نفى ( حدّ الردة ) منشور هنا .
2 ـ ردّده فقهاء الاخوان المسلمين والسلفيين في عصرنا .
الشيخ سيد سابق فى كتابه (فقه السنة) يقول بوجوب استتابة المرتد ولو تكررت ردته ويمهله فترة زمنية يراجع فيها نفسه وتفند وساوسه وتناقش فيها أفكاره ، فإن عدل عن موقفه وبرئ من كل دين يخالف دين الإسلام قبلت توبته وإلا أقيم عليه حد الردة وقتل..ويقول (وقدر بعض العلماء هذه الفترة بثلاثة أيام وترك بعضهم تقدير ذلك مع تكرير التوجيه والنقاش حتى يغلب على الظن أنه لن يعود إلى الإسلام، وحينئذ يقام عليه الحد وقيل يجب قتله فى الحال..).
3 ـ وقد جعلوا السبب الموجب للاتهام بالردة مائعاً غير محدد يسهل تفسيره حسب الهوى، وهو إنكار المعلوم من الدين بالضرورة. (والمعلوم من الدين بالضرورة) مصطلح فقهى متأخر غير محدد وغير متفق عليه، ولم يكن معروفا قبل العصر المملوكى . ولا توجد قائمة محددة ومتفق عليها بذلك المعلوم من الدين بالضرورة في كتابات الفقهاء أنفسهم.. والدليل على ذلك أن كل فقيه يضع أمثلة للمعلوم من الدين بالضرورة، مجرد أمثلة قابلة للزيادة والنقصان، ومجرد قائمة تعبر عن رأى ذلك الفقيه وعصره ومستواه وعقليته..
4 ـ والشيخ سيد سابق فى كتابه (فقه السنة) أورد أمثلة للمعلوم من الدين بالضرورة يعبر فيها عن آرائه وموقفه من بعض مظاهر حياتنا السياسية المعاصرة ، يقول فى المرتد الذى ينكر المعلوم من الدين بالضرورة والذى يستحق القتل،(.. إنه يستحل المحرم الذى أجمع المسلمون على تحريمه ويحرم الحلال الذى أجمع المسلمون على حله، أو يسب النبى ويسب الدين ويطعن فى الكتاب والسنة ويترك الحكم بهما ويفضل القوانين الوضعية عليهما، أو يدعى الوحى، أو يلقى المصحف فى القاذورات أو كتب الحديث مستهيناً بهما مستخفاً بهما..إلخ). ولم يكن من بنود المعلوم من الدين بالضرورة فى العصور السابقة وفى كتابات الفقهاء السابقين الحكم بالكتاب والسنة على القوانين الوضعية، لأن تطبيق الشريعة لم يكن شعاراً سياسياً فى العصرين العباسى والمملوكى، أى أن الشيخ سيد سابق جاء بمعلوم جديد من الدين بالضرورة لم يعرفه الفقهاء السابقون، لأن عصر السيد سابق يموج بحركة علمانية تتخذ موقفاً من دعوة التيار الدينى لتطبيق الشريعة، وحينئذ نفهم لماذا يهددهم الشيخ بحد الردة لأنهم ــ عنده ـ أنكروا معلوماً من الدين بالضرورة ، وهى فى الحقيقة قائمة تزيد وتنقص حسب الأحوال وحسب رأى كل فقيه وكل عصر، وتبدأ من الإلحاد والكفر لتشمل إلقاء كتب الحديث فى القاذورات. كما قال الشيخ سيد سابق أو إلقاء كتب الفقه أيضاً كما يقول الشيخ الجزرى فى كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) الذى يضيف أن البصاق على كتب الفقه أو تلطيخها به من مسوغات الاتهام بالردة وبالتالى القتل، حتى لو كان البصاق طاهراً!!
وليس عجيباً بعد هذا أن يتضمن المشروع المقدم لمجلس الشعب لتطبيق الشريعة الإسلامية حد الردة، ويضع تعريف حد الردة بأنه (إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة).. ويظل ذلك المفهوم المطاط سيفاً على رقبة كل من يخالف الفقهاء، إلا أن المشروع كان كريماً مع الضحايا فأعطى ثلاثين يوماً لاستتابة المرتد قبل قتله أو بمعنى آخر إعلان عبوديته للفقهاء والكهنوت وإلا فالقتل بتهمة الردة..
إلا أن خطورة الاتهام بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة لا تتوقف على مجرد إنه اتهام مطاط وليس محدداً ببنود معينة معلومة للكافة لا تقبل الزيادة والنقصان والإضافة والحذف، ليس ذلك هو وجه الخطورة الوحيد.ولكن يضاف إليه أن مفردات الاتهام نفسها قابلة أيضاً للتفسير والتأويل والمط حسب الهوى..
فالشيخ سيد سابق يقول مثلاً أن المرتد هو الذى يطعن فى الكتاب والسنة، وذلك اتهام مطاط فى حد ذاته ففى القرآن الكريم قضايا فكرية وكلامية اختلف فيها المسلمون ولا يزالون مثل قضية الاستواء على العرش ورؤية الله والقضاء والقدر وكل فريق يستشهد بما يؤيد وجه نظره من القرآن وكل فريق يمكن أن يتهم الآخر بأنه يطعن فى الكتاب.وبالنسبة لمدلول السنة فإنه أكثر غموضاً، فأئمة الحديث كل منهم جمع وصحح من الأحاديث ما اعتبره سنة الرسول، وكلهم مختلفون، ثم جاء من بعدهم فكانوا أكثر اختلافاً وذلك يعطى كل فريق الحجة فى أن يتهم خصومه بأنهم يطعنون فى السنة.
أخيرا :
1 ـ إبن تيمية أورد حقائق تاريخية عن عصره المملوكى حيث سيطر التصوف وتحكّم شيوخه ، وكان هو من ضحاياهم . ومن هنا نفهم :
1 / 1 ـ حدّته في الهجوم عليهم بإستغلال حدّ الردة ــ الذى كان معلوما من دينهم السنى بالضرورة .
1 / 2 ـ إستحالة تنفيذ حدّ الردة على الأغلبية العظمى من ( الناس )، وإلّا فربما لن يبقى ( ناس ). لذا كان المخرج هو بالاستتابة .
2 ـ قلنا سابقا إن إبن تيمية وصل الى حضيض الكفر بقوله بقتل الزنديق وإن تاب . وقلنا إن فقهاء السلفية ردّدوا هذا الهُراء في عصرنا . نقول هنا إن موضوع الإستتابة يثبت أيضا أنه هبط الى حضيض الكفر .
3 ـ موعدنا في المقال القادم والأخير عن إبن تيمية .. فقد مللنا منه ومن حضيض كفره . عليه لعنة الله جل وعلا والملائكة والناس أجمعين ، ذلك الذى جعلوه ( شيخ الإسلام ) وهو شيخ الضلال .!
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )