لو قامت الخلافة المسماة بالاسلامية في المغرب ماذا سيحدث بالضبط الجزء الأول ؟
مقدمة متواضعة
منذ سقوط ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية بتركيا 1923 اصبح مسلمي المشرق احرار ليس من الدين الإسلامي كشعائر و كقيم عليا تتمثل أساسيا في العقل الذي هو مناط التكليف و المسؤولية عن الأفعال او عن الاقوال مهما كانت إيجابية او سلبية على حد السواء...
ثم الحرية المطلقة و في الإرادة الحرة قبل كل شيء ثم تاتي القيم الأخرى من قبيل بر الوالدين و من قبيل الاحسان الى الجار و من قبيل تكريم المراة بالمطلق و من قبيل الاحسان الى اهل الكتاب بالتي احسن ..
و بالإضافة الى الانتقال من ظلمات الجاهلية العربيية و الأحادية القروية الى رحاب المدنية و الشورى الخ من قيم ديننا الحنيف العليا .....
لقد قلت اصبح مسلمي المشرق انذاك احرار من الوصاية الدينية الفوقية التي مارسها فقهاء الخلافة الاسلامية باسم الله و رسوله لان المؤمن الحقيقي هو الذي يستخدم عقله بغية تحقيق استخلافه في الأرض بالتراكم المعرفي و الحضاري من طرف الإنسانية جمعاء و ليس الغرب المسيحي بالضرورة أي ان مسلمي المشرق العربي كانوا يتوفرون على الفرصة الذهبية للتحرير من قيود اساطير العقل السلفي الكثيرة الى افاق الاستخلاف في الأرض بمعنى الكلمة عبر انشاء الدول المدنية الحقيقية و تشجيع البحث العلمي و العسكري لمالا لمسايرة أطماع الغرب المسيحي الكثيرة و الانتصار على إسرائيل بالعلم و بالديمقراطية و بالعدالة الاجتماعية الخ من الأسس الحكيمة لاية نهضة في عصرنا الحالي و ليس بالسيف و ببيع العبيد و الجميلات في أسواق النخاسة الخ من هذه الأمور المتجاوزة الان بالعقل و بالحكمة........
لكن مسلمي تلك البلدان فضلوا انذاك الرجوع الكلي الى سلف الامة الصالح بالنسبة لهم بغية تحقيق النهضة الإسلامية عبر إعادة فقه الخلافة الإسلامية كما هو الى حيز الوجود حيث تصوروا ان السعودية بجلال قدرها إسلاميا و دوليا قد تركت بيع العبيد و الجواري في أسواق النخاسة ابتداء من ستينات القرن الماضي تحت الضغط القوي من طرف الغرب المسيحي ......
و ليس تحت ضغط شيوخ الوهابية الاماجد الذين يحرمون كل شيء حتى الهاتف الثابت في ثلاثينات القرن الماضي بالسعودية حسب ما سمعته منذ سنوات و انني أتساءل ساخرا بطبيعة الحال هل بمثل هذه النماذج سنغلب إسرائيل؟ كقوة إقليمية لها مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة الامريكية و مع الاتحاد الأوروبي ............
اذن منذ اكثر من 100 سنة من سقوط الخلافة المسماة بالاسلامية لم يستطيع المسلمين في المشرق العربي او المسلمين في شمال افريقيا او المسلمين في جنوب الصحراء الافريقية ابداع دول مدنية حقيقية بغض النظر كونها ملكية او جمهورية بسبب ان الوهابية كمذهب وحشي من شبه الجزيرة العربية اشتغلت لاكثر من 90 عام على احياء اساطير العقل السلفي الكثيرة في مجتمعاتنا الإسلامية بعد سبعينات القرن الماضي تحت شعارات بارقة للعقول السطحية و المستعدة لقبول الخطاب الخرافي و المغلف بالدين من قبيل ان الإسلام هو الحل و من قبيل الولاء و البراء و من قبيل تكفير كل الأنظمة الإسلامية التي لا تطبق الشريعة الإسلامية و تطبق بالمقابل القوانين الوضعية يرجع اصلها الى الغرب المسيحي بغية تحديث الدولة و المجتمع كما يسمى لانني اؤمن ان التحديث يجب ان يأتي من الداخل و ليس من الخارج لان كل المجتمعات الإنسانية بصفة عامة لها كل مقومات النهضة الحضارية و العلمية و السياسية بشروط أولها الإصلاح الديني العميق كما حدث في أوروبا منذ قرون عديدة و ثانيها بناء الدول المدنية على أساس التراكم التاريخي و الحضاري و الديني لكل مجتمع إسلامي داخل هذه الجغرافية الشاسعة.....
و ليس الاتباع الاعمى للنقل حتى أصبحت الامة الإسلامية كلها تنتظر الان الخلاص من طرف الله بارسال المهدي المنتظر او انزال عسى ابن مريم في إشارة الى يوم القيامة الخ من اساطير العقل السلفي كاهم ثمار الوهابية المتوحشة و التيار الإسلامي السياسي داخل مجتمعاتنا المؤمنة بالإسلام أصلا منذ 14 قرن من الزمان أي ان العقل السلفي ظل يغيب الفعل الإنساني في اطار الممكن سياسيا من طبيعة الحال لان التغيير يأتي بالتدريج أي شيئا فشيئا عبر مراحل مثل الانسان الذي يمر من مرحلة الطفولة ثم مرحلة المراهقة ثم مرحلة الشباب ثم مرحلة الكهولة أي ان كل هذه المراحل لها خصوصياتها و تحدياتها ...............
الى صلب الموضوع
ظل المغرب يشكل استثناء منذ فجر التاريخ عموما و منذ الغزو الاموي له خصوصا لان هناك حضارة مجذرة في هذه الأرض منذ مئات القرون و هي استقبلت بالاحضان كل الثقافات الوافدة و الديانات السماوية أي اليهودية و المسيحية و الإسلام كخاتم هذه الرسالات السماوية الكريمة أي ان حضارتنا الامازيغية قد امنت بالتراكم على المستوى الحضاري و على المستوى الديني لكن ليس على حساب أنظمة هذه الحضارة القانونية و الأخلاقية الرفيعة....
و من هذا المنطلق امن اجدادنا الامازيغيين بالرسالة الإسلامية باعتبارها جاءت أصلا لتحرير الانسان من الاصر و الاغلال و من عبودية الانسان لاخيه الانسان أي ان اجدادنا الكرام قد ادركوا مبكرا ان الخلافة الاموية شيء و الدين الإسلامي شيء اخر سامي الف مرة من هذه الخلافة العاهرة بصريح العبارة حيث تصوروا معي ان خليفة المسلمين كما يسمى كان يطالب بإلحاح كبير جنوده بارسال السبايا من هنا بالاف اليه بغية الاستمتاع بهن في فراش الخليفة بشكل عادي للغاية ك الله تعالى لم يحرم الزنى أي العلاقة الجنسية بين الرجل و المراة خارج اطار الزواج الشرعي و الادهى من ذلك ان ابن هذه العلاقة الفاسدة لا يعتبر ابن الزنى بل هو يعتبر امير اموي عربي مثل الحسن الداخل حسب ما سمعته بمعنى ان هذه الوثائق السرية لم و لن تدمج في اطار الخطاب الديني للعوام و للخواص في المساجد و في البرامج الدينية على أمواج الإذاعة و شاشات التلفزيون حتى ترجع الخلافة المسماة بالاسلامية يوم ما الى حيز الوجود كما يحلم شيوخ الوهابية و الحركات الإسلامية بها داخل اوطاننا الإسلامية ......
و من هذا المنطلق تم طرد الغزاة الامويين من المغرب من طرف اجدادنا المقاومين سنة 740 للميلاد حيث منذ ذلك الحين استقل المغرب نهائيا عن دولة الخلافة لان الامازيغيين المسلمين أرادوا ابداع نموذجهم الحضاري و القائم على المرجعية الامازيغية الإسلامية من طبيعة الحال مع توالي الدول المتعاقبة على حكم المغرب و كلها امازيغية بالطبع بمعنى ان المغرب هو غير خاضع اصلا لدولة الخلافة حتى سقوطها سنة 1923 بفضل عبقرية الامازيغيين عبر قرون عديدة من الزمان من خلال القوانين الوضعية الامازيغية التي خرجت عن اطار العقل السلفي الجامد لكنها لم تخرج عن المقاصد العليا للشرع الإسلامي بحرف واحد قط بل اضافت هذه القوانين روحا اصلية للاسلام ببلادنا خصوصا و دول المغرب الكبير و دول جنوب الصحراء الافريقية عموما نحو الديمقراطية و نحو حقوق الانسان عموما و حقوق النساء خصوصا بعدما تم طمس هذه الروح الاصلية للدين الإسلامي حين قيام الخلافة الاموية بالسيف و انتهاك الاعراض في مدينة رسول الله بعد اكثر من 60 سنة من هجرته المباركة الى مدينته المنورة .....................
ان المغرب الان بعد 26 سنة من العهد المحمدي المبارك بالإصلاحات الجوهرية في كل الميادين و المجالات حيث انني ملكي حتى النخاع لان النظام الملكي بالمغرب هو تراث اجدادنا الامازيغيين قرون عديدة ما قبل الإسلام و ما بعده......
و ليس معنى كلامي هذا ان المغرب هو جنة فوق الأرض من ناحية الديمقراطية و من ناحية حقوق الانسان و من ناحية الخدمات الاجتماعية في قطاعي الصحة و التعليم الخ من هذه الاختلالات الناجمة عن ارث الماضي الثقيل أي في عهد المرحوم الحسن الثاني الذي لم يحقق أي تراكم في هذه الجمالات و بالإضافة الى مجال المسالة الثقافية الامازيغية آنذاك الخ..
ان سؤال هذا المقال المتواضع يبدو خرافي و خيالي للغاية لان أولا ان الله قد قرر التطور و التطوير في هذا الوجود ضمن قوانينه السامية سبحانه و تعالى منذ البداية الى قيام الساعة و لم يقرر الجمود و التبات كما يؤمن شيوخ الوهابية و دعاة الإسلام السياسي على امتداد عالمنا الإسلامي او على امتداد دول الغرب المسيحي..
ثانيا ان الخلافة المسماة بالاسلامية زورا و بهتانا ليست فريضة دينية على الاطلاق لان الله قد علم يقينا بانه ستاتي المرحلة ستكون العقول المسلمة بالحاجة الى الدول المدنية مسايرة للعصر كما فعل المسيحيين في القرون الماضية ..........
ثالثا ان المغرب قد تحرر من فجور دولة الخلافة منذ سنة 740 للميلاد الى سقوطها النهائي في سنة 1923 ميلادية أي انه طور الإسلام بجعله دين يقبل الديمقراطية و حقوق الانسان و العلمانية بفضل عقلانية اجدادنا الكرام حيث انني أقول دائما لو لم تظهر الحركة الوطنية في سنة 1930 لاصبحنا دولة علمانية اصيلة بدون الحاجة الى فرنسا في الأصل على الاطلاق .....
و لو نفترض جدلا لا قدر الله قيام دولة الخلافة بالمغرب فسنصبح مثل أفغانستان او اكثر من ذلك حيث ستمنع نساءنا من مجرد الخروج من بيوتهن و ستمنع بناتنا من التعليم على الاطلاق ....................
للحديث بقية
المهدي مالك