نحو نقد عقلاني اتجاه العقل السلفي
مقدمة متواضعة
ان المسلمون قد فشلوا منذ 120 سنة او اكثر في عملية التحديث و الملائمة بين حاجات الدولة الحديثة و الإسلام كدين و كفكر انساني قابل للتطور و التطوير حسب السياق التاريخي و السياق الحضاري و السياق السياسي لان أي دين سماوي يرمي في نهاية المطاف الى تخليق الحياة العامة والحياة الخاصة و الى نشر قيم السلام و المحبة بين العالمين على أساس العيش المشترك و تحديث المفاهيم المتعلقة بحقوق الانسان و بالديمقراطية و بالعلمانية بمعنى أي دين سماوي هو تجسيد لهذه القيم العليا في التخليق و في الخير المطلق و في اعمال العقل المسؤول عن تصرفات الانسان و افعاله اذ هو مناط التكليف و المسؤولية الكاملة املم خالق هذا الوجود سبحانه و تعالى عن ما يشركون في كل زمان او مكان من الاصنام المادية او التاريخية او الذي يستغل أي دين سماوي للتحكم في رقاب المؤمنين به كأنعام في القرون الماضية في المشرق العربي او في الغرب المسيحي على حد السواء.......
ان الله سبحانه و تعالى قد خلق الانسان لهدف واحد الا و هو الاستخلاف في الأرض من حيث مقومات الحضارة من القراءة و الكتابة و الرياضيات و الفنون و المعمار...........
و الدين في حد ذاته باعتباره رسالة عظيمة من طرف الخالق الى الانسان العاقل لان المجنون قد رفع عليه القلم أصلا حيث ان الدين يحتاج الى الايمان و الايمان محله في العقل باعتباره علة التكليف و المسؤولية و القران الكريم قد أشار في اياته الكثيرة الى ضرورة اعمال العقل و التفكر في خلق السماوات و الأرض و السير في الأرض و بدء الخلق الخ من هذه الايات الكريمة ......
ثم مسايرة العصور و الحقب التاريخية لان الله وحده بصريح القران الكريم هو عالم الغيب و المستقبل القريب و البعيد و ليس الامام البخاري او الامام مسلم او حتى الخليفة عمر بن الخطاب الخ من اهل السلف باعتبارهم في نهاية المطاف بشر يصيبون و يخطئون التقدير في هذه الحياة الإنسانية .......
و بالتالي فان الاستخلاف في الأرض لا يقتصر فقط عن فعل العبادات بين المؤمن و خالق هذا الوجود العظيم او إقامة دولة الخلافة كما يتوهم البعض بل ان الاستخلاف في الأرض هو اكبر من هذا او ذاك بكثير أي فعل الصالحات في الإنسانية بدون أي تمييز في الدين او في اللون او في الجنس .......
فان الذي اخترع الطائرة على سبيل المثال فحسناته كبرى عند الله العادل بين عباده المؤمنين بالديانات اليهودية و المسيحية و الإسلامية و الطائرة هي اختراع مفيد للإنسانية جمعاء حيث يركبها المؤمنين للحج منذ اكثر من 80 سنة او اقل من ذلك و الاختراعات هي اكبر الصالحات و الصدقة الجارية تصديقا لحديث منسوب للرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم قال ادا مات ابن ادم انقطع عمله الا بثلاث و هن الصدقة الجارية و العلم ينتفع به و الولد الصالح يدعو له بمعنى ان الانسان بغض النظر عن معتقده الديني ادا ترك اثار استخلافه في الأرض سيجزه الخالق احسن الجزاء في الاخرة ..........
لكن الغريب و العجيب في نفس الوقت ان خطباء وطئ الجواري و الاماء لا يعترفون بهذه المعاني الراقية باعتبارهم مازالوا يسالون الله ان يهلك اليهود و المسيحين طيلة عقود من الزمان دون اية نتيجة تذكر على الاطلاق لان الله يرى تخلف المسلمين العميق و بعدهم عن ابعاد الاستخلاف في الأرض الحقيقية أي الاختراع و انتاج الدولة الحديثة من وحي قيم الإسلام العليا و ليس السفلى التي جاءت بعد تولي بني امية الحكم أي انطلاق الانحراف الحقيقي عن الدين الإسلامي الحنيف بصريح العبارة ................
الى صلب موضوعنا
ان حاجة الانسان الى الدين هي حاجة جوهرية لا يمكن لاحد الاعتراض عليها او التشكيك فيها من طبيعة الحال حيث ان المؤمن عندما يقترب شهر رمضان فانه يستعد لاستقباله على المستوى الروحي و على المستوى الايماني بحكم ان الصيام في نهاية المطاف هو عبادة فردية بين المؤمن و خالق هذا الوجود العظيم بمعنى ان لا احد يناقش هذه الأمور الايمانية الراسخة في وجداننا منذ 13 قرن .......
لكن بالمقابل هناك خلل عميق في فكرنا الديني الجامد منذ 12 قرن من الزمان بسبب العقل السلفي الذي يميل الى السكون و الى التبات كصنم من بين الاصنام و الى الجمود ك ان الله سبحانه و تعالى لم يخلق انسان ذو العقل و الارادة الحرة بل خلقه عبد مقيد العقل للنص القراني في القرون الثلاث الأولى من الإسلام بشبه الجزيرة العربية فقط لا غير ......................
و هذا طبعا يتعارض بشكل مطلق مع قوانين الله في هذا الوجود العظيم اي التطور و التطوير و الاختلاف و التعددية الخ من هذه القوانين الإلهية و الموجودة منذ بداية هذا الوجود الى ما شاء الله ..................
ثم ان العقل السلفي قد نشا في ظروف الخلافة الاموية و العباسية أي انه لم يشئ في عهد الرسول الاكرم او في عهد خلفاءه الراشدون بدليل ان الرسول الاكرم كما يعلم العام و الخاص بانه لم يكن يسمح بتدوين أي شيء الا القران الكريم و كذا خلفاءه الراشدون من بعده.....
و بالتالي فالعقل السلفي كان حاجة جوهرية لدى السلطة المطلقة أي الخليفة في تبرير شرعيته الدينية كامير المؤمنين و تبربر استبداده و فساده الأخلاقي بشكل علاني للغاية عبر احداث احاديث مكذوبة عن الرسول الاكرم تمنح الهالة من القدسية للخليفة باعتباره ظل الله في الأرض أي ان الله له شريك في الحكم و في الملك في الأرض أي الاستخلاف فيها ........
ان خلفاء بني امية باستثناء عمر بن عبد العزيز كانوا فساق من الدرجة الرفيعة أي ليس لهم اية صلة بالتدين أصلا بل لهم صلة بالزنى من خلال وطئ الجواري من مختلف الاجناس من قبيل الروم و من قبيل الامازيغيين المسلمين وقتها و اللواط مع الغلمان بمعنى ان الدولة الاموية و الدولة العباسية لم تطبقان قيم الإسلام العليا مثل العدل و الرحمة و المساواة بين المسلمين انفسهم و الشورى و الدعوة للاسلام بالتي هي أقوم و احسن بل العكس الذي حدث تماما.......
ان العقل السلفي هو الابن الشرعي لنظام الخلافة الاستبدادي و القمعي تجاه النساء بتصنيفهن الى الحرة التي تجلس في بيت زوجها و لا تخرج الا باذنه و انها عورة من الراس الى الاقدام و انها ناقصة العقل و الدين ...
و الى الجارية حيث ان عورتها هي من السرة الى الركبة كما قال فقهاء الخلافة المسماة زوروا و بهتانا بالاسلامية حيث انها تباع و تشترى في أسواق النخاسة بدون اية ملابس داخلية كاننا نشاهد احد الأفلام الإباحية بصريح العبارة أي ان العقل السلفي يعلمنا بإمكاننا ان نمارس الجنس خارج اطار الزواج الشرعي منذ قرون طويلة تحت غطاء ايات ملك اليمين التي نزلت في سياق تاريخي لمعالجة قضية العبيد و الاماء لان الأصل في الإسلام هو وضع الاصر و الاغلال عن الانسان رجل كان ام امراة كانت ........
و لا يجب اغفال ان الغرب المسيحي نفسه لم يستطيع التخلص من هذه الظاهرة العالمية الا في القرن الثامن عشر الميلادي بعد الحرب الشهيرة بين الشمال و الجنوب بالولايات المتحدة الامريكية ............................
لكن دعاة الإسلام السياسي و الوهابية يتهمون الغرب المسيحي بانه مصدر للانحلال الأخلاقي بشكل مطلق و نهائي و في حين يتجاهلون عن قصد صريح فقه الجواري و الاماء بغية إرضاء الخليفة باعتباره ظل الله في الأرض و وزراءه و علية القوم ..........
و يتهمنا دعاة الإسلام السياسي و الوهابية بطرق غير مباشرة باننا بعيدين كل البعد عن اتباع السلف الصالح و أتساءل هنا عن أي سلف صالح يقصدون بالضبط ؟ هل العهد النبوي الموقر بالنسبة لي على اقل باعتباره عرف الانتقال من الأحادية الى افاق المدنية و الشورى الخ من مقومات النهضة النسبية حسب شروط تلك المرحلة المتواضعة علميا و معرفيا و إنسانيا...
ام يقصدون عهد خلفاءه الراشدون البشري باعتباره احداث جسام من قبيل الفتنة الكبرى بين الصحابة حيث قتل بعضهم بعضا الخ ....
ام يقصدون عصر الخلافة الاموية المليء بالجور و الظلم و قتل ابساط الرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام ..
انني اتكرر سؤالي الا و هو أي هل الله قد خلق الانسان ذو العقل او الارادة الحرة للتطور و التطوير ام خلقه ذو عقل مقيد لعصر الرسول و ما بعده بكل تفاصيله التاريخية و الاجتماعية و القيمية ؟
و بالتالي فان الله قد خلق الانسان و منحه العقل و الإرادة الحرة للافضل في كل العصور من حيث المعارف و الاختراعات و الحضارة المدنية الخ و ليس ان يبقى جامد في القرون الثلاث الأولى من الإسلام كما يريده اصنام العقل السلفي و ليس ديننا الإسلامي الحنيف ......................
توقيع المهدي مالك