الفصل الرابع عشر
الدواب والطيور يبعثون ويسجدون في السموات

أسلفنا في رسالتنا هذه ان المثل ثابت في القرآن الكريم بالنسبة للانسان ، فهل ثابت بالنسبة لباقي المخلوقات ؟
الجواب نعم فكل شئ له مثل ولكن رب العالمين ليس كمثله شئ فهو ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) اما كيف ان للأشياء جميعها مثل فهذا أقره القرآن إقراراً بليغا فقال ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ ؟ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )( سورة المائدة الاية 36 ) وقال أيضا ( وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ )( سورة الزمر الاية 47 )
اذا فجميع الكائنات لها مثل والله ليس كمثله شئ وكتابه ليس كمثله كتاب واذا كانت جميع الدواب والطيور لها أمثال عند الله في السماء فلابد من بعثها مثل الانسان تماما وحشرها الى الله ولانستطيع ان نقول هذا الا بدليل قرآني نستند اليه
ويلتزم هذا الدليل بإيضاح مثلية البعث والحشر ولابد ان يكون ذلك في آية محكمة لا تشابه فيها وأليك هذه الآية ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )( سورة الانعام الاية 38 )
هذه الاية تدل دلالة واضحة ان جميع الطيور و الدواب أمم مثل الانسان تماما ولها كتاب لم يفرط الله فيه بشئ ولهم موعد لن يخلفوه ويبعثون ويحشرون وجميع هذه المخلوقات التي حشرت وتحشر كل يوم ماذا تفعل في السموات ياترى ؟ انها تسجد لربها وتسبح بحمده كلا في ارضه ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) والسموات السبع ملئت بالوحوش التي حشرت وبجميع الدواب التي تحشر كل يوم وجميع الطيور التي تطير بجناحها ولا يختلف أحد معي ان الملائكة تسجد لربها في السموات ولكن قد يختلف الكثير ان قلت له ان الدواب جميعها التي حشرت والطيور التي حشرت والوحوش التي حشرت جميعها الان في السموات السبع تسجد لربها وتسبح بحمده مثل الملائكة تماما ، وهنا يقع علي الإثبات
أولاً نثبت أن في السماء دواب قال تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ )( سورة الشورى الاية 29 ) هذه الاية تثبت فقط وجود الدواب في السماء ولكن ما يدل على وجود الدواب في السموات السبع وسجودها لربها فيها وقد ذكرها الله قبل الملائكة فقال أصدق القائلين ( وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )( سورة النحل الاية 49 و 50 ) وعموماً يا إخوتي عندما نبعث ويأتينا قطار السفر السريع جداً سنرى آيات ربنا في الأفاق وفي أنفسنا ويتبين لنا أنه الحق الذي أنبأنا به القرآن إنه حقاً لنبؤً عظيم ويستحق منا هذا الإهتمام
وأختم كلامي بكلام رب العالمين ( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ )( سورة فصلت من الآية 47 الى 54 )
لقد صدق الله ورأى قوم محمد أيات الله في أفاق السموات وفي أنفسهم وتبين لهم أنه الحق وذلك يوم بعثهم الله ، وعلموا أن الله على كل شئ شهيد فلو كانت هذه الأيات في الدنيا فهل الذين تحضروا في هذا القرن وهذا العصر تبين لهم أنه الحق إنهم في ضلالهم يعمهون ولا يعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الأخرة هم غافلون والأية تقول سنريهم إنها تتحدث عن المكذبين في عهد خاتم النبيين فهل فهل رأوا التقدم الصناعي في القرن العشرين او الواحد والعشرين وانما رأوا بالفعل آيات الله يوم وفاتهم وبعثهم في آفاق السموات وفي أنفسهم حيث بعثوا في لمح البصر أو أقرب وتبين لهم أنه الحق وعلموا ان الله على كل شئ شهيد
والدليل الدافع على ذلك أن الأيات الأولى تتحدث عن البعث والأية الأخيرة تتحدث عن اللقاء يوم البعث
( أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ )
تمت رسالة الساعة قائمة إلى مرساها بحمد وعون الله العلي القدير