قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. الجن 1.

إبراهيم دادي في الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. الجن 1.

عزمت بسم الله.

إن الله تعالى اصطفى من الناس رُسلا، وأنزل إليهم الألواح والكتب ليبشروا وينذروا قومهم بما شرع لهم الله تعالى، ومن بين الرسل خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل السلام، وكان آخر رسالة أرسلت للناس كتاب القرآن الحكيم المجيد، ليكون النبي، الرسول شاهدا على قومه يوم الفرقان. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. البقرة 143. لقد أخبرنا الله تعالى بما سيشهد الرسول على قومه أنهم اتخذوا القرآن مهجورا. وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا الفرقان 30. (ولم يقل: اتخذوا القرآن وسنتي مهجورة). نعم يا ربي ونحن نشهد أن المسلمين هجروا القرآن واتبعوا السبل وما افتراه المجرمون من روايات نسبوها إلى الرسول، والرسول منها براء لأنك يا ربي قد قلت: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ. الحاقة 44/47. هل لو كان الرسول قد تقول بغير ما أنزل الله عليه في الكتاب هل سيغفر له؟ أم سينفذ فيه أمره؟

بعد هذه المقدمة أحيلكم إلى أدلة قاطعة في نظري، لا ريب فيها على أن الرسول لم يتقول على الله تعالى ولم يشرع مع الله سبحانه شيئا، بل كان الصحابة يسالونه وينتظر الفتوى والجواب من ربه سبحانه، (يسألونك قل) وليس له وحي ثاني مع القرآن العظيم أبدا، لأن الله تعالى قال له: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. الجن 1. إن القرآن الذي أوحي إلى الرسول يهدي إلى الرشد. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. الجن 2. فمن آمن واستمسك به ولم يشرك بربه أحدا فإنه يأتي ربه يوم القيامة آمنا. أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. فصلت 40. رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. آل عمران 53. لقد أمر الله تعالى الرسول أن يستمسك بالذي أوحي إليه، وأنه على صراط مستقيم، ولا يمكن أن يحيد عن الرسالة المنزلة إليه، وأنها أي (القرآن) لذكر له ولقومه وسوف تُسألون عن القرآن، لا عن غيره مما كتبت أيدي البشر ليضلوا الناس عن الصراط المستقيم. فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ. الزخرف 43/44. ثم أوحى الله تعالى لرسوله وإلى الذين من قبله، لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. الزمر 65. ومعنى الشرك في نظري هو أن يُشرك ما أنزل الله تعالى عليه في القرآن بغيره من أقوال البشر. وحتى الكتب المنزلة السابقة فقد جعل الله تعالى القرآن هو المهيمن عليها. وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. المائدة 48. لقد أمر الله تعالى رسوله أن يتلو ما أوحي إليه من الكتاب، أي القرآن لا غير. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ. العنكبوت 45. وما يؤكد ذلك آيات كثيرة منها: وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا. الكهف 27. أمر الله تعالى الرسول أن يقول: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا* قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا* قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا* إِلاَّ بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا. الجن 20/23. ومن يعص الله ورسوله، تعني الرسول لما كان حيا يرزق، لأنه لا يعصي الله تعالى ويتبع ما يوحى إليه وينطق به دون إرادته، وبعد موته يصبح الرسول هو كتاب القرآن المحفوظ بقدرة الله تعالى الذي بين أيدينا إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. مما أنزل الله تعالى على رسوله المحرمات من المأكل موجودة في كتاب القرآن فقط لا شريك له. قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. الأنعام 145. لقد حدد الله تعالى مهمة رسوله وهي تبليغ ما أُنزل إليه في الكتاب، وهو القرآن لا شريك له. اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. الأنعام 106. لأن الله تعالى يشهد بما أنزل إلى رسوله فقد أنزله بعلمه والملائكة يشهدون. لَّكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا* إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلالاً بَعِيدًا. النساء 166/167. وحذر الله عباده أن يفتروا على الله تعالى الكذب، أو ينسبوا إلى الوحي ما ليس من عند الله تعالى، فسوف يُجزون عذاب الهون بما كانوا يقولون على الله غير الحق وما كانوا عن آياته (القرآن) يستكبرون. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ. الأنعام 93.

إن أكثر رجال الدين والدكاترة المتخرجين من الجامعات الإسلامية يجعلون القرآن عضين، لكن المؤمنين الموقنين بيوم الدين والحساب يصدعون بما أنزل الله تعالى على رسول في كتاب القرآن ولا يخافون لومة لائم، استنادا إلى أمر الله تعالى لرسوله الذي قال له ربه سبحانه: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ* كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ* الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ* فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ* وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ* وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ. الحجر 89/99.

ختاما أرجو من الذين استمسكوا بالوحي الثاني مع القرآن، أن يقدموا للناس آية واحدة تأمر الناس باتباع ما كتبت أيدي البشر، كالبخاري والكافي وغيرهما، الذي نجد فيها اختلافا كثير كما أخبرنا الله تعالى. أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا. النساء 82. ونجد فيها التناقض الكثير مع القرآن العظيم، ولكي يتمكنوا من تضليل الناس اخترعوا الناسخ والمنسوخ، وضياع آيات من القرآن وهذا كفر بالله تعالى الذي لم يقدر على حفظ كتابه، من أكل داجن لآية الرضاعة والرجم، وتحريم الوصية للوالدين والأقربين، وتلاعب في الميراث وظلم الإناث في ذلك، وما إلى ذلك من الخرافات المضلة عن سبيل الله تعالى المخالفة لما بلَّغه الرسول عن ربه. يقول سبحانه:قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِوَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ. الأنبياء 45.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.