التبشير فى الإسلام
التبشير فى القرآن:
القرآن بشرى للمؤمنين :
بين الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين والمقصود أن القرآن مشابه للذى عند الله فى أم وهو أصل الكتاب بلا زيادة ولا نقص وهو هدى والمقصود بشرى والمراد طريق يوصل إلى رحمة الله التى هى نصيب المسلمين وفى هذا قال تعالى:
"مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين"
القرآن بشرى للمسلمين :
طلب الله من نبيه(ص) أن يقول عن القرآن :نزله روح القدس أى أوحاه جبريل (ص)وهو مبعوث الله من الرب وهو الله بالحق وهو العدل وهذا يعنى أن القرآن عدل سبب نزوله أن يثبت الذين أمنوا والمراد أن ينصر به الذين صدقوا وفسره بأنه هدى أى بشرى أى نفع للمسلمين وهم المطيعين لحكم الله أى المؤمنين مصداق لقوله "هدى وبشرى للمؤمنين" وفى هذا قال تعالى:
"قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا وهدى وبشرى للمسلمين"
الكتاب بشرى للمحسنين :
بين الله أن القرآن وبيانه كتاب مصدق لسانا عربيا والمراد وحى مشابه لتوراة موسى (ص)حكما مفهوما والسبب فى نزوله أن تنذر الذين ظلموا والمراد أن تبلغ الذين كفروا بعذاب الله إن كفروا به وبشرى للمحسنين أى ونفع للمسلمين إن آمنوا به وأطاعوه مصداق لقوله "وبشرى المسلمين "وفى هذا قال تعالى بسورة الأحقاف :
"وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين"
المدد بشرى للمسلمين :
بين الله للمؤمنين أن المدد جعله الله بشرى لهم والمراد أرسله الله رحمة بهم والسبب الأول للمدد أن تطمئن قلوبهم أى أن يسكن الخوف من كثرة الكفار به فى نفوسهم وفى هذا قال تعالى :
"وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم "
المسلمون لهم البشرى دنيا وأخرة :
وضح الله أن أولياء الله وهم أنصار دين الله هم الذين آمنوا أى صدقوا بدينه وكانوا يتقون أى يطيعون دينه وهم لا خوف عليهم والمراد لا عقاب عليهم من الله وفسر هذا بأنهم لا يحزنون والمراد أنهم لا يعاقبون وهم لهم البشرى وهى الرحمة وهى النصر فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وهو حكم البلاد بدين الله وفى الآخرة وهى القيامة وهو الجنة وفى هذا قال تعالى:
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة"
صفات الذين لهم البشرى :
بين الله لنبيه (ص)أن البشرى وهى الجنات هى للذين اجتنبوا الطاغوت أى تركوا الرجس من الأوثان وهو الكفر أن يعبدوها أى لا يطيعوا الكفر وفسر هذا بأنهم أنابوا إلى الله أى عادوا لطاعة حكم الله وطلب منه أن يبشر عباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والمراد أن يفرح خلقه الذين يعلمون الوحى فيطيعون أفضل أحكامه بالجنات أولئك الذين هداهم الله أى الذين رحمهم الله وفسرهم بأنهم أولوا الألباب أى أهل العقول التى أدخلتهم رحمة الله وفى هذا قال تعالى:
"والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب"
لا بشرى للكفار :
بين الله أن الكفار يوم يرون أى يشاهدون الملائكة على صورتهم الحقيقية لا بشرى يومئذ للمجرمين أى لا رحمة فى ذلك اليوم للكافرين وهذا يعنى أنهم لا يدخلون الجنة ويقولون حجرا محجورا والمراد سجنا أبديا وهذا يعنى أنهم فى النار يقيمون فلا خروج منها أبدا وفى هذا قال تعالى:
"يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا"
البشرى لإبراهيم (ص)
بين الله أن الرسل وهم الملائكة جاءوا إبراهيم (ص)بالبشرى والمراد أتوا إبراهيم (ص)بالخبر السعيد فقالوا له سلاما أى الخير لك فقال لهم سلام أى الخير لكم وفى هذا قال تعالى:
"ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى"
وقد وضح الله أن لما ذهب عن إبراهيم (ص)الروع والمراد فلما زال عن إبراهيم(ص) الخوف من الضيوف وجاءته البشرى والمراد وأتاه الخبر السعيد بولادة إسحاق(ص)يجادلنا فى قوم لوط أى يناقش فى عقاب شعب لوط(ص) وفى هذا قال تعالى :
"فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى"
بشرى السيارة :
بين الله أن سيارة أى مارة أى مسافرين أتوا بالقرب من البئر فأرسلوا واردهم والمراد فبعثوا رسولهم إلى البئر لجلب الماء فأدلى دلوه أى فأنزل دلوه وهو آنية لحمل الماء من البئر وهو ينظر فرأى غلام فقال يا بشرى هذا غلام والمراد يا فرحتى هذا ولد وهو فرح لأنه يعرف أنه سيكسب من خلفه وأسروه بضاعة والمراد واتخذوه سلعة وهذا يعنى أنهم جعلوه أسير يبيعونه وفى هذا قال تعالى:
""وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة "
تبشير الذين آمنوا بقدم الصدق :
طلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم والمراد أن يخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم مقعد عدل لدى ربهم مصداق لقوله "إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر"وهو الجنة وفى هذا قال تعالى
" وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم"
تبشير المؤمنين بالجنات :
طلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين آمنوا والمراد أن يخبر الذين صدقوا الوحى وعملوا الصالحات وفعلوا الحسنات فثوابهم هو جنات عدن التى تسير فى أرضها العيون
وفى هذا قال تعالى:
"وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار"
تبشير الذين كفروا بالعذاب :
طلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين كفروا بعذاب أليم والمراد أن يخبر الذين كذبوا حكم الله بعقاب غليظ مصداق لقوله "عذاب غليظ" أى شديد وفى هذا قال تعالى:
" وبشر الذين كفروا بعذاب أليم"
تبشير المؤمنين بالأجر الكبير :
بين الله للنبى(ص)أن هذا القرآن وتفسيره وهو وحى الله يهدى للتى هى أقوم والمراد يرشد للتى هى أحسن وهى دين الله وهو يبشر المؤمنين أى يخبر المصدقين بدينه الذين يعملون الصالحات وهم الذين يفعلون الحسنات أن لهم أجرا كبيرا أي ثوابا حسنا مصداق "أن لهم أجرا حسنا" وفى هذا قال تعالى:
" إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا"
بم يبشر المؤمنين ؟
بين الله للناس أن الكتاب يبشر المؤمنين أى ويخبر المصدقين وهم المحسنين كما قال "وبشر المحسنين"وهم الذين يعملون الصالحات أى يفعلون الحسنات أن لهم أجرا حسنا أى ثوابا كبيرا مصداق لقوله "لهم أجرا كبيرا"وهم ماكثين فيها أبدا أى مقيمين أى خالدين فيها دوما مصداق لقوله "خالدين فيه أبدا". وفى هذا قال تعالى:
" ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيها أبدا"
تبشير المؤمنين بالفضل الكبير :
طلب الله من رسوله (ص) أن يبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا والمراد أن يخبر المصدقين بحكم الله أن الله أعد لهم أجرا عظيما أى رحمة كبرى مصداق لقوله "أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيم" وفى هذا قال تعالى:
" وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا"
البشرى بالغلام :
بين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)راغ إلى أهله والمراد دخل إلى زوجته ثم جاء بعجل سمين والمراد فأتى بعجل حنيذ أى كبير مشوى فقربه والمراد فقدمه إليهم أى فوضعه أمامهم فقال ألا تأكلون أى ألا تطعمون والمراد تفضلوا الطعام فلما رأى أيديهم لا تمسك الطعام
أوجس منهم خيفة والمراد فشعر منهم بخشية من أذاهم فعرفوا هذا فقالوا له :لا تخف أى لا تخشى أذى منا وبشروه بغلام عليم والمراد وأخبروه بولادة صبى خبير له فى المستقبل القريب وفى هذا قال تعالى :
" فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم"
البشارة بالرسول (ص):
بين الله أن عيسى ابن مريم (ص)قال لقومه:يا بنى إسرائيل والمراد يا أولاد يعقوب :إنى رسول الله إليكم والمراد إنى مبعوث الرب لكم مصدقا لما بين يدى من التوراة والمراد مؤمنا لما عندى من التوراة وهذا يعنى أنه يصدق بالتوراة ،وقال ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد والمراد ومخبرا بنبى يجىء من بعد وفاتى اسمه محمد(ص)وهذا يعنى أنه أخبرهم ببعث محمد (ص)فى المستقبل بعد وفاته والسبب أن يؤمنوا به وفى هذا قال تعالى:
" وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد"
البشارة بإسحاق(ص) ويعقوب(ص):
وضح الله أن امرأة أى زوجة إبراهيم (ص)كانت قائمة أى موجودة لخدمة الضيوف فضحكت أى فقهقهت بسبب الموقف فبشرتها الملائكة والمراد فأخبرتها الملائكة بخبر سعيد هو ولادتها لإسحاق(ص)ومن وراء إسحاق يعقوب والمراد ومن بعد ولادة إسحاق ينجب إسحاق(ص)يعقوب(ص)فقالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز والمراد يا خيبتى هل أنجب وأنا شيخة وهذا بعلى شيخا أى وهذا زوجى عجوز إن هذا لشىء عجيب والمراد إن هذا أمر غريب؟وفى هذا قال تعالى:
" "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب"
البشارة بإسماعيل (ص):
بين الله أن إبراهيم (ص)دعا الله فقال رب هب لى من الصالحين والمراد خالقى أعطنى ذرية من المحسنين فبشرناه بغلام حليم والمراد فأخبرناه بصبى رحيم هو إسماعيل(ص) وفى هذا قال تعالى :
"رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى "
البشارة بيحيى (ص):
بين الله أنه أوحى إلى زكريا وحيا عن طريق الملاك فقال له فيه:يا زكريا إنا نبشرك بغلام والمراد إنا نخبرك بولادة صبى لك اسمه يحيى (ص)وهذا يعنى أن على زكريا (ص)أن يسمى الولد عند ولادته يحيى (ص)وقال لم نجعل له من قبل سميا أى لم نخلق له من قبل شبيها وهذا يعنى أن يحيى (ص)متفرد بشخصيته حيث لا يوجد مثيل له وفى هذا قال تعالى:
"يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا"
البشارة المتأخرة فى رأى إبراهيم(ص):
بين الله لنا على لسان رسوله(ص) أن إبراهيم (ص)لم يصدق ما سمعه من الزوار لأنه يخالف قوانين الناس فقال لهم أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون والمراد أخبرتمونى بعد أن أصابنى العجز فبم تخبرون؟وهذا يعنى أنه لم يتخيل وجود ولد له بسبب كبره وعقم زوجته فسخر من قول الضيوف فقالوا له بشرناك بالحق والمراد قلنا لك الصدق فلا تكن من القانطين والمراد فلا تصبح من اليائسين وهذا يعنى أنهم أكدوا له صدق الخبر الذى قالوه ويطلبون منه ألا ييأس من رحمة الله فقال لهم ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون أى ومن ييأس من روح الله إلا الناس الكافرون
وفى هذا قال تعالى:
" قال أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون"
تبشير المؤمنين بالوحى :
بين الله لنبيه(ص)أنه يسر القرآن بلسانه أى أنه فسر الوحى بحديث محمد(ص)والسبب لتبشر به المتقين أى ليخبر بالقرآن المطيعين له أن لهم أجرا حسنا مصداق لقوله "ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا "وأن ينذر به قوما لدا والمراد أن يخبر بالقرآن ناسا ظالمين دخول النار وفى هذا قال تعالى :
"فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا"
البشارة بالأنثى :
بين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له وفى هذا قال تعالى :
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب
الاستبشار بالمطر :
بين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى يرسل الرياح فتثير سحابا والمراد الذى يحرك الهواء فيزجى أى فيكون غماما فيبسطه فى السماء والمراد فيمده والمراد فيؤلف بينه فى الجو ويجعله كسفا والمراد فيخلقه ركاما أى طبقات فترى الودق يخرج من خلاله والمراد فتشاهد المطر يسقط من خرومه وهذا يعنى أن السحاب له خروم كالمصفاة ينزل المطر منها فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون والمراد فإذا أسقطه الله على من يريد من خلقه إذا هم يفرحون بالمطر وقد كانوا من قبل نزول المطر مبلسين أى مجدبين والمراد عندهم حالة جفاف كادت تهلكهم وفى هذا قال تعالى :
" الله الذى يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه فى السماء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل لمبلسين"
استبشار الكفار بآلهتهم المزعومة :
بين الله أن الله إذا ذكر وحده والمراد إذا أطيع حكمه وحده أى إذا دعى الله وحده كان موقف الكفار هو أن قلوبهم اشمأزت أى نفوسهم حزنت أى اغتمت أى كفرت به وهم الذين لا يؤمنون بالآخرة والمراد وهم الذين لا يصدقون بالقيامة وأما إذا ذكر الذين من دونه والمراد إذا اتبع حكم الذين من سواه أى إذا أشرك به وهم الآلهة المزعومة إذا هم يستبشرون أى إذا هم يفرحون بذلك أى يؤمنون مصداق لقوله "ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا" وفى هذا قال تعالى:
"وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون"
استبشار من دخلوا الجنة بالمسلمين الأحياء فى الدنيا :
بين الله أن الشهداء فرحين أى مسرورين والمراد متمتعين بما أتاهم الله من فضله والمراد بالذى أعطاهم الله من رحماته وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد أن الشهداء يطلبون الفرحة بالذين لم يصلوا للجنة من الدنيا لأنهم لم يموتوا بعد من المسلمين ،ويبين له أن الشهداء لا خوف عليهم أى لا عقاب عليهم فهم لا يدخلون النار وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعذبون فى البرزخ والقيامة وفى هذا قال تعالى:
". فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
الاستبشار بنعمة الله :
بين الله أن الشهداء يستبشرون بنعمة من الله أى فضل والمراد يطلبون الخبر المفرح عن رحمة الله وهى متاعه للمؤمنين ،ويبين لنا أنه لا يضيع أجر المؤمنين أى لا ينقص ثواب المصدقين بحكم الله وهذا يعنى أنه لا يحبط ثواب عملهم وفى هذا قال تعالى:
"ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"
استبشار المؤمنين بالوحى :
وضح الله أن إذا ما أنزلت سورة والمراد أذا أوحيت مجموعة آيات فمن المنافقين من يسأل :أيكم زادته هذه إيمانا والمراد أيكم أضافت الآيات تصديقا لتصديقهم السابق بأخواتها ؟والغرض من السؤال هو أنهم يختبرون الناس من معهم ومن ليس معهم من خلال الإجابة ،ويبين لهم أن الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فزادتهم إيمانا أى فأضافت الآيات تصديقا لما سبق نزوله من آيات الله وهم يستبشرون أى يفرحون بها أى يؤمنون بها وفى هذا قال تعالى
"وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون"
استبشار قوم لوط (ص) بضيوفه :
بين الله لنا أن أهل المدينة وهم رجال البلدة لما علموا بوجود رجال فى بيت لوط(ص)جاءوا يستبشرون والمراد أتوا يستمتعون بهم فخرج لهم لوط(ص)وقال إن هؤلاء ضيفى أى زوارى فلا تفضحون أى فلا تذلون وهذا يعنى أنه لن يقدر على حماية زواره ويطالبهم بعدم فضحه وهو إذلاله بسبب ضيفه وقال واتقوا الله أى وأطيعوا حكم الله ولا تخزون أى ولا تهينون،وهذا يعنى أنه طلب من القوم ألا يذلوه بأنه لن يقدر على الدفاع عن ضيوفه وفى هذا قال تعالى:
"وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفى فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون "
الرسول (ص)بشير ونذير :
بين الله لنبيه (ص) أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون وفى هذا قال تعالى :
" وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
الرسول (ص) بشير بالحق :
وضح الله لنبيه (ص)أنه أرسله بالحق بشيرا أى نذيرا والمراد أنه بعثه بالوحى وهو العدل مخبرا أى مبلغا له وفى هذا قال تعالى:
"إنما أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا"
القرآن بشير :
بين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل كتاب فصلت آياته من الرحمن الرحيم والمراد آيات عادلة ايحاء قرآن بينت أحكامه من النافع المفيد وهذا يعنى أن القرآن نزل كل مجموعة آيات عادلة مفرقة عن الأخرى وقد فصلت أى بينت أى أحكمت آياته وهى أحكامه والكتاب هو قرآن عربى أى حديث أى حكم واضح مفهوم وقد نزل لقوم يعلمون بشيرا أى نذيرا والمراد وقد نزل لناس يطيعون مبلغا أى مخبرا وفى هذا قال تعالى:
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا"
مجىء البشير للناس :
خاطب الله أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق مبينا لهم أنهم قد جاءهم رسوله يبين لهم والمراد أنهم قد أتاهم مبعوث الله يبلغ لهم أحكام الله على فترة من الرسل والمراد قبل انقطاع بعث الله للأنبياء(ص) والسبب أن يقولوا والمراد حتى لا يقولوا بعد إبلاغ الوحى :ما جاءنا من بشير ولا نذير والمراد ما أتانا من مخبر بالوحى أى مبلغ لحكم الله ويبين لهم أنهم قد جاءهم البشير وهو النذير والمراد قد أتاهم المبلغ أى المخبر بالوحى وفى هذا قال تعالى:
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير أو نذير فقد جاءكم بشير ونذير "
الرسول (ص) بشير للمؤمنين :
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا والمراد لا أحدث لذاتى خيرا أو شرا إلا ما شاء أى أراد الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء والمراد لو كنت أعرف المجهول وهو هنا المستقبل لاستزدت من النفع وما أصابنى الضرر إن أنا إلا نذير أى بشير والمراد مبلغ أى مخبر للوحى لقوم يؤمنون والمراد لناس يصدقون فيطيعون حكم الله وفى هذا قال تعالى:
""قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"
الرسول (ص) بشير من عند الله :
طلب من نبيه(ص)أن يقول للناس :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تتبعوا وحى سوى وحى الله ،إننى لكم منه نذير أى بشير والمراد إننى لكم منه مبلغ أى مخبر بأحكام الله وفى هذا قال تعالى:
" ألا تعبدوا إلا الله إننى لكم منه نذير وبشير"
البشير ليعقوب (ص)
بين الله لنبيه(ص)أن البشير وهو أحد الأبناء الذى كان عند يوسف(ص)لما جاء ألقى القميص على وجهه والمراد لما حضر أمام الأب رمى الثوب على دماغ الأب فقال الأب لهم ألم أقل أنى أعلم من الله ما لا تعلمون والمراد ألم أحدثكم أنى أعرف من الله الذى لا تعرفون وفى هذا قال تعالى :
"فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم أنى أعلم من الله ما لا تعلمون"
تبشير المنافقين :
طلب الله من نبيه(ص) أن يبشر المنافقين والمراد أن يخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عذابا أليما والمراد لهم عقابا مهينا والمنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وفى هذا قال تعالى:
"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما"
تبشير شارى لهو الحديث بالعذاب :
وضح الله لنبيه (ص)أن الكافر شارى لهو الحديث إذا تتلى عليه آياتنا والمراد إذا تبلغ له أحكام الله كانت النتيجة أن ولى مستكبرا أى أعرض مكذبا لها كأن لم يسمعها أى لم يبلغ بها كأن فى أذنيه وقرا والمراد كأن فى سمعه ثقل وهذا يعنى أنه يشبه فى عدم سماعه الوحى الأصم الذى لا يسمعه لو قيل له ويطلب منه أن يبشره بعذاب أليم والمراد أن يخبره بدخوله عقاب شديد وفى هذا قال تعالى:
" وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم"
تبشير الأفاك بالعذاب :
بين الله لنبيه (ص)أن الويل وهو العذاب هو نصيب كل أفاك أثيم أى مفترى ظالم والأثيم هو الذى يسمع آيات الله تتلى عليه والمراد الذى يعلم كلام الله يبلغ له ثم يصر مستكبرا والمراد ثم يظل عاصيا لحكمه كأن لم يسمعها أى كأن لم يعلمها ويطلب منه أن يبشره بعذاب أليم والمراد أن يخبر الأثيم بعقاب مهين وفى هذا قال تعالى:
"ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم "
البشارة فى الفقه :
تحدث الفقهاء عن استحباب تبشير المسلم للمسلم بالخير وقد بنوا حكمهم على حديث كعب بن مالك المخرج في الصحيحين في قصة توبته قال: وسمعت صوت صارخ يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك. أبشر، فذهب الناس يبشروننا، وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة، ويقولون: لتهنك توبة الله تعالى عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول، حتى صافحني وهنأني، وكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو يبرق وجهه من السرور -: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك "
والحق أن المسلم مطالب بالاخبار بالخير والشر ففى بعد الوقت الذى بشرت فيه إبراهيم(ص) بولادة ابنه أخبروه بهلاك قوم لوط(ص) فجادلهم فيه وفى هذا قال تعالى :
"فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ"
وتحدث عن الفقهاء عن استحباب حمد الله بعد البشارة وقد بنوا حكمهم على أحاديث مثل :
روي في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون، في مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في حديث الشورى الطويل: أن عمر رضي الله عنه أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة يستأذنها أن يدفن مع صاحبيه، فلما أقبل عبد الله، قال عمر: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت. فقال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إلي من ذلك ."
والحق أن حمد الله واجب عند البشرى وعند الخبر السيىء حتى فهو صفة المؤمنين بمعنى :
طاعة الله فى أى ظرف كما قال تعالى :
"التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"