الزواج بالإكراه وحدود ولاية الأب على ابنته.
أب يضرب ابنته حتى الموت لأنها رفضت الزواج من إبن عمها الذى يكبرها بأكثر من 20 سنة .
فى قرية من قرى مركز ومدينة (ديرب نجم بالشرقية مصر ) ضرب أب ابنته (عمرها 14 سنة ) حتى الموت وفارقت الحياة تحت يده لأنها رفضت الزواج للاسباب الأتية لأنها صغيرة وتريد أن تُكمل تعليمها ، لا تريد الزواج لأنها تُساعد أبيها فى الشغل لتصرف على نفسها وإخوتها ، ولأنها لا تريد أن تتزوج من ابن عمها وخاصة أنه يكبرها بأكثر من 25 سنة ... فضربها والدها ليُجبرها على الزواج من ابن أخيه لأنها أحرجته قدام أخوه ،و(صغرته قدام العيلة وظهر إنه مش قادر يربيها ، وما بتسمعش كلامه ) فماتت بين يديه من شدة الضرب ...
فهل يجوز للأب أو الأخ (فى غياب الأب) أو أى أحد أن يُجبر فتاة عذراء، أو مُطلقة ، أو أرملة ويُكرهها على الزواج ، أو أن يمنعهن من الزواج ؟؟؟
===
التعقيب ::
أولا ::
هى حادثة مؤسفة ومأساوية ،ويستحق والدها المُحاكمة على جريمته جريمة القتل الخطأ (حتى لو كانت الضحية ابنته ) .
ثانيا ::
من شروط صحة الزواج بلوغ العريس والعروس سن الرُشد العقلى وليس الجسدى والفسيولوجى فقط فزواج الأطفال وحتى لو كان عُمره أو عمرها من 20 إلى 25 سنة ممنوع لأنهما لم يبلغا سن الرُشد العقلى والقدرة على إتخاذ قرارات سليمة ، وعلى تحمل المسئولية ،والثبات والصمود والصبر على مشاكل الحياة العامة والحياة الأُسرية بينهما لينجوا بسفينتهما بعيدا عن بحور ومُحيطات(الطلاق ) بأمواجهما المرتفعة المُتلاطمة ،والتى تُخلف ورائها أطفالا يتامى (يتامى الطلاق ) مرضى بأمراض وجروح نفسية غائرة حتى لو بدا عليهم وظهر عليهم أنهم أصحاء وعاديين .فهم ليسوا أصحاء ولا عاديين ولكنهم شبه الأصحاء وشبه العاديين . فالزواج فى هذه الأعمار يكون زواجا تحت تأثير مُخدر الهرمونات الذكورية والأنثوية وليس على تأثير الرشد والعقل وخبرات الحياة .وهذا خطر كبير عليهما .
ثالثا :::::
تقف حدود الولاية على الشباب والفتيات عند حدود النصيحة ومناقشة الموضوع (وهنا نتحدث عن موضوع الزواج ) وتبعاته إيجاب وسلبا ..، وأن تكون المناقشة مناقشة موضوعية ومُحايدة وخالية من أى تأثير عاطفى أو تأثير إحراج من طرف ثالث لظروف عمل أوصداقة مُشتركة أو لأنه من عائلة الأب أو الأُم فيصعب رفضه لأسباب لا علاقة لها بمضمون الزواج فى حد ذاته ..ثم يترك الأب أو الأخ او الولى فى غيابهما(الخال- العم أو الجد مثلا ) لهما حرية القرار دون أى مُحفزات لقبول هذا الزواج (حأديلك كم الف جنيه أو نص فدان أو أو أو ) ودون تهديد بعقوبات (إن لم تتزوج أو إن لم تتزوجى من العريس ده حأقطع عنك مساعداتى وحأحرمك من الميراث .... أو لو تزوجت بنت فلان ده ،او لو تزوجتى ابن فلان ده حأحرمك من الميراث ولن أدخل لك بيتا ) فهنا يكون إكراه وإجبار على الزواج ، ويكون الزواج باطلا .
فالولاية أو القوامة تكون فى تربية الطفل أو الطفلة ،وفى الإنفاق عليه فى مراحل تعليمه ، وفى منعه من الزواج قبل بلوغ سن الرُشد العقلى ، وفى وضعه فى إختبارات حقيقية لبناء شخصيته أو شخصيتها والتأكد من قدرته أو قدرتها على إتخاذ القرارات السليمة والقدرة على التعامل مع المشاكل وحلها والتغلب عليها والتفكير بشكل عقلانى وليس بالعاطفة والغضب ....فعندما يصلا لهذه المرحلة تسقط الولاية بمعنى (الإنابة ) عنهما فى إتخاذ قرارات حياتهما وأولها ولايتها الكاملة بنفسها فى زواجها ، وتكون وجود ولاية أبيها أو أخيها أو عمها أو خالها أو جدها نيابة عنها فى عقد القران (كتب الكتاب) لو أرادت ولاية شرفية للمظاهر والعادات الإجتماعية فقط .
...... وينطبق هذا على العكس وهو محاولة منع الشاب أو الفتاة أو المُطلقة أو الأرملة من الزواج ممن يريد أو تريد فهذا أيضا ممنوع وحرام ومنهى عنه تماما ....وكما قلنا تنتهى الولاية عليهم وعليهن عند بلوغ سن الرُشد العقلى ....... فالمنع هذا يُسميه القرءان الكريم ب(العضل == أى المنع) ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ)).
==
الولاية فى الزواج واجبة فقط فى الزواج من الجوارى والإماء .فهنا يجب أن يكون لها وليا ينوب عنها لضمان حقوقها فى عقد النكاح وما يترتب عليه من حقوق فى المسئولية المُشتركة بينهما ، وفى نسب الأطفال ، وفى المواريث بينهم ، وفى مُحرمات الزواج فى عائلاتهما (محرمات الزواج من أهلها - أمها ، والجمع بينها وبين أُختها فى وقت واحد وووووو) ومحرمات الزواج عليها من (أبيه وإبنه وجده ) . والولى هنا قد يكون أبيها أو أخيها أو القاضى أو عمدة القرية أو شيخ القرية أو مندوب وكاتب العدل فى المحكمة أو الشهر العقارى ..((وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ )) .
===
الخلاصة ::
المجتمع الإسلامى يحتاج لأن يتعرف على دينه الصحيح ،دينه الذى ورد فى صراط الله المستقيم فى قرءانه الكريم وحده بشكل عام . ويحتاج لأن يتعرف على شروط وأركان الزواج الصحيح من حيث حدود الولاية على الفتاة والمُطلقة والأرملة ، وعلى ضرورة الإيجاب والقبول والرضا التام بينهما دون إجبار وإكراه أو خداع أو تهديد أو أى مؤثرات خارجية لقبول أو رفض هذا الزواج ...ويحتاج لأن يتخلص من كل روايات عفن التراث وتُرهاته وتخاريف فقه الرواية والأحاديث التى تقضى بإمكانية الزواج من الطفلة قبل بلوغها سن الرُشد ، وبإمكانية الزواج منها طالما تُطيق (الوطء والعملية الجنسية ) ، والتخلص من فقه جواز مُفاخذة الرضيعة (أعوذ بالله منهم ومن فقههم ورواياتهم ) ، والتخلص من روايات جواز عقد القران على الطفلة وهى مازالت جنينا فى رحم أُمها طالما علموا وتأكدوا أنها طفلة وليست طفلا ..... وعليه أن يتخلص من فرض سطوته وسيطرته وتدخله فى زواج المُطلقات والأرامل ...فالزواج القرءانى الصحيح لابد أن يكون خاليا من كل ما فيه إجبار أو إكراه ولو من على بُعد 100كم ،وإلا أصبح العقد باطلا ، ويأثم الذى أجبرها على الزواج إثما وذنبا عظيما .
=
فهل يستطيع الإعلام المصرى والعربى والإسلامى أن يقوم بدوره فى مناقشة هذا الأمر وخطورته ،وبيان حدود الولاية فى الزواج كموضوع دينى وإجتماعى وأمنى ،وبعيدا عن خرافات التراث وفقه أحكام (وطء ومُفاخذة الرضيعة ) ؟؟؟؟
نتمنى هذا لأن صمام أمان المُجتمع يبدأ بزواج صحيح مبنى على بلوغهما سن الرُشد العقلى وقدرتهما على ولاية أنفسهما وإتخاذ قرارات سليمة عقلانية وموضوعية فى حياتهما العامة والأُسرية ........ لو حدث هذا فستختفى معظم حالات الطلاق ولن نرى (يتامى الطلاق بمشاكلهم النفسية والإجتماعية) إلا ما ندر .