بسم الله الرحمن الرحيم.
****
هل لأولئك الذين أشربوا في قلوبهم العجل
من حيلة ؟ إلَّا الردود والمواقف الوقحة ؟
****
جاء تساؤله سبحانه وتعالى في الآيتين: 51 + 52، في سورة العنكبوت، كما يلي، واضحا صريحا، لا يقبل أي لبس: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا ۖ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِل ِوَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52)(العنكبوت).
إن الظاهر يفيد، بأنه : بقدر ما كان تساؤل الله عز وجل، مباشرا، واضحا، وصريحا، بقدر ما كان رد أولئك الذين لم يكتفوا فعلا بما أنزل الله على عبده ورسوله محمد، بل لم يحرك فيهم ساكنا أن ما أنزله هو رحمة لقوم يؤمنون، وكان رفضهم واضحا معبرا بأنهم غير معنيين بذلك ما داموا غير مؤمنين أصلا.
وبالمقابل فإن أولئك الذين تجرأوا، وصرّحوا عن موقفهم الرافض للإيمان، وزادوا فأكدوه، مرات ومرات بذلك الكم الهائل مما افتروه، وألفوه، أو ألّف لهم، وبكل ما تمكنوا من اصطياده بعد تلك الصولات، والجولات والحملات، والرحلات المحمومة، تلك التي لا يعلم عدد تلك الإبل التي ألهبت أكبادها من |أجل كل ذلك، إلاّ هو سبحانه تعالى. أما عما يمكن تسميته حصيلة صيدهم أو غنيمة، فتشير إليها تلك المجلدات الصحاح حسب زعمهم، من البخاري، ومسلم، والكافي، وغير ذلك لأن القائمة ممتدة ومسترسلة، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على شيء واحد، أي على غجابة صريحة مباشرة بليغة (أو لعل الصحيح : وقحة حتى) موجهة إلى الله العظيم جل وجلاه عندما تساءل في محكم تنزيله : (...... أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب....).
وهكذا فإن الحقيقة الصارخة تقول، وتقوله بدويّ وأصوات، وضجيج، بمكن إدراجه في خانة "أنكر الأصوات" نعم إن لسانهم ولسان حالهم يقول : نعم نحن لم نكتف بما أنزلت على عبدك ورسولك، ولم نقتنع به، وإنه لم يشف غليلنا، لأننا ما زلنا نعاني من قلوبنا، من تلك القلوب التي ما زالت غير متورعة في أن تتقدمها وقاحة، وأيما وقاحة هي، تلك التي أشربت العجل حتى الثمالة.
*****************************************