لماذا يعادي التيار الإسلامي السياسي المشروع الثقافي و السياسي للحركة الامازيغية الجزء الرابع ؟
الدخول الى المسالة السياسية الامازيغية و تعارضها مع مشروع التيار الإسلامي السياسي ببلادنا
ان الأنظمة القانونية و السياسية و الاقتصادية لدى اجدادنا الامازيغيين هي كثيرة و متنوعة ما قبل الإسلام بقرون كثيرة و ما بعد الإسلام الى سنة 1956 أي ان المسرحيات الحقيرة التي قامت بها ما يسمى بالحركة الوطنية سنة 1930 في مساجد فاس و الرباط و سلا لم تستطيع توقيف العمل بهذه الأنظمة الاصيلة في بلادنا لقرون غابرة لا يعلم عددها الا الله سبحانه و تعالى............
و يعبر هذا المؤشر العظيم للغاية ان اسلافنا الكرام قد كانوا امة مدنية سواء قبل الإسلام و بعده لان المدنية هي مصطلح يتناقض بشكل صراخ مع مصطلحات مثل الجاهلية و الأحادية و الوثنية الخ من هذه المصطلحات المعادية لنشوء اية حضارة إنسانية تستعمل العقل أولا ثم المرجعية الدينية ثانيا قصد استخراج نصوص وضعية لتنظيم المجتمع و الدولة الحديثة منذ قرون عدة في أوروبا او في أمريكا الشمالية...
ان الغرب المسيحي قد استطاع ان يقود العالم الحديث منذ اربعينات القرن الماضي بفضل الاستكشافات المهمة في ميادين العلم و الاختراعات و القارة الامريكية منذ القرن الخامس عشر الميلادي ..
و بفضل كذلك القوانين الوضعية الغربية التي أصبحت بمثابة مواثيق لحقوق الانسان و الحقوق السياسية و الاقتصادية و الثقافية و اللغوية داخل منظمة الأمم المتحدة لو داخل الجمعيات الحقوقية عبر العالم برمته حيث انني لن أقول ان الغرب المسيحي هو ملاك امين قد نزل من السماء ليعلمنا باعتبارنا مسلمين الديمقراطية او الحداثة او المدنية او العلمانية لان أي مجتمع مهما كانت مرجعيته الدينية او السياسية يمكنه ان ينتج عبقريته الحضارية و السياسية و النهضوية الخ بالمعزل عن الغرب المسيحي كما فعل الامازيغيين حتى بعد اسلامهم بكل التأكيد في بناء عبقريتهم الحضارية و المؤسسة على الجمع بين القوانين الوضعية الامازيغية و التشريع الإسلامي لان الإسلام قد انزله الله للعالمين الى قيام الساعة أي 14 قرن من تغير الأحوال و الأوضاع بكل ابعادها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية أي فهم الناس للدين الإسلامي قد اختلف بين المذاهب الأربعة الرسمية نفسها و بين السنة و الشيعة باعتبارهما اتجاهان عظيمان في الإسلام الى حد الان و بالإضافة الى الفرق الكلامية مثل المعتزلة و القرانيين الخ...
ان القوانين الوضعية الامازيغية او الأعراف الامازيغية هي تشريعات مكتوبة على الواح من طرف مجلس قبيلة امازيغية ما على امتداد ترابنا الوطني الشاسع آنذاك و كانت تعتبر دستور او دساتير تنظم الحياة العامة و الجنائية الخ داخل القبائل الامازيغية و المعترفة بسلطة الملك الروحية باعتباره امير المؤمنين فقط و اما سلطة المخزن فلا على الاطلاق لان نظام الامازيغيين كان ديمقراطي عبر انتخاب رئيس القبيلة لمدة معينة ثم يترك المجال لرئيس اخر أي التداول السلمي على السلطة لدى الامازيغيين أي لا يسطر اي احد على السلطة حتى وفاته كما يحدث عند الاخرين كما يعلم العقلاء .
ان نظام الامازيغيين هي مبني على الانتماء الجغرافي و على المؤسسات الكثيرة و بالمسمات المختلفة حسب المناطق و الجهات من قبيل مؤسسة اكادير أي المخزن الجماعي في منطقة سوس العالمة كما سماها المرحوم سيدي المختار السوسي حيث تقوم مؤسسة اكادير بالعديد من المهام و المسؤوليات أي انها كانت المقر الرسمي لاجتماع مجلس القبيلة و وضع القوانين الوضعية الامازيغية و اشهارها داخل القبيلة الخ من هذه المراحل كاننا امام ممارسات الدولة الحديثة في أوروبا الخ.
و قبل ذلك يتم عرض هذه القوانين على فقيه المسجد او أستاذ احدى المدارس العتيقة الخ لبيان مدى توافقها مع المقاصد العليا للشرغ الإسلامي الحنيف في إشارة واضحة على اجدادنا الكرام كانوا يعطون القيمة المستحقة لراي الدين في سياق البيئة الامازيغية الإسلامية وقتها ...
و بالإضافة الى قيام مؤسسة اكادير بدور البنك كمؤسسة عصرية ظهرت في أوروبا في عهد الدول الحديثة هناك على ما اظنه و الله اعلم حيث كانت هذه الأخيرة بتخزين كل الأشياء الثمينة لدى الأجداد الكرام من قبيل الحبوب و الحلي و الوثائق الخ من هذه الأشياء الثمينة أي ان اجدادنا الكرام قد اخترعوا أولى النماذج للابناك العصرية و المتواجدة في كل بقاء العالم الان ..
ان الحديث عن القوانين الوضعية الامازيغية هو حديث طويل تحدثت فيه باسهاب كبير في كتابي الأخير أي الامازيغية و الإسلام و أيديولوجية الظهير القامعة لهما حيث انها تعبر عن مدى وعي الامازيغيين بأهمية تجاوز الفقه القديم السياسي لدى الخلافة المسماة بالاسلامية في المشرق العربي او لدى السلطة المركزية في مدينة فاس و انتاج فقه جديد يساير مع طبيعة المجتمع الامازيغي و فلسلفته للحياة بصفة عامة لان هذه القوانين الوضعية هي تجسيد عميق لرغبة الامازيغيين للاستقلال الذاتي عن فقه الخلافة الاموية بالتحديد و القائم على الجاهلية العربية في ابهى صورها مثل احتقار المراة بشكل شديد عبر تحويلها من فاعلة في صدر الإسلام مع الرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام الى مجرد عورة لا قيمة لها او دور في الحياة و في المجتمع سواء ان تكون في بيت زوجها باعتبارها امراة حرة او ان تكون جارية تظهر محاسنها الجسدية او تكون عارية تاما في أسواق النخاسة في دعارة واضحة لا تحتاج الى أي تفسير او تاويل من أي كان بالنسبة لي .
و اما في مجتمعنا الامازيغي فكانت المراة تحكم في شمال افريقيا قبل الإسلام و بعد الإسلام حاول الأجداد الامازيغيين الحفاظ على هذا الامتياز التاريخي للمراة طيلة المرحلة الإسلامية من خلال العديد من القوانين الوضعية الامازيغية بالتنسيق مع فقهاء سوس العظماء آنذاك مثل قانون الكيد و السعايا المثير للجدل من طرف الإسلاميين باعتبارهم غرباء عن المغرب و تاريخه الامازيغي الإسلامي بشكل كلي على الاطلاق..
ان القوانين الوضعية الامازيغية تقدس الحياة و جسد الانسان و اعتباره في المجتمع حيث انها لا تطبق حكم الإعدام على المجرم الذي قتل انسان اخر او اعتدى على شرف عائلته باي شكل من الاشكال الخ بل تطبق عليه حكم النفي من القبيلة لمدة 30 سنة او اقل من ذلك او اكثر من ذلك ..
ان حكم النفي من الأرض هو مذكور في القران الكريم بعد القتل و الصلب الخ حيث ان الامازيغيين هو شعب حضاري و تشريعاته هي مبنية على عدم التشجيع على القتل أصلا كما هو الحال بالنسبة للعرب منذ الفتنة الكبرى ..
ان المرحوم المفكر الإسلامي محمد شحرور قد ذهب الى ما ذهب اليه اجدادنا الكرام منذ قرون من الزمان أي الحدود العليا مثل القتل و الحدود الدنيا بدون ذلك أي ان اجدادنا الامازيغيين المسلمين قد سبقوا عصرهم بقرون كثيرة في تنظيم مجتمعاتهم بشكل مدني و علماني و ديمقراطي دون الحاجة الى الغرب المسيحي أصلا و الذي دخل الى المغرب رسميا يوم 30 مارس 1912 على اثر توقيع عقد الحماية بين المخزن المركزي و الجمهورية الفرنسية التي استعمرت المغرب منذ ذلك الحين الى سنة 1956 ثم رحل جنودها و قواتها لكن لم ترحل قوانينها الوضعية او علمانيتها على الاطلاق بل تعايشت مع المخزن التقليدي و خطابه الديني السلفي على طول الخط الأيديولوجي لما يسمى بالحركة الوطنية و التيار الإسلامي السياسي بعد ذلك ....
ان من بين أنظمة اجدادنا الكرام المتطورة هي النظام الفدرالي او نظام الحكم الذاتي حيث كانت مجموعة من القبائل الامازيغية تعمل من اجل التنظيم على شكل الكونفدراليات المجهوية مثل كونفدرالية اداوتنان باعتبارها مسقط راس الوالدين و المتواجدة في نواحي إقليم اكادير و كونفدرالية ايت عطا المتواجدة في الجنوب الشرقي حيث لعبت هذه الأخيرة أدوار مهمة في التنمية المحلية و تعزيز الانتماء الى الأرض المغربية بخيراتها المادية و الرمزية من قبيل العادات و التقاليد و المواسم الدينية التي لها جانب سلبي يتمثل بالشعوذة و الخرافات و هذا معطى طبيعي في أي مجتمع متدين مثلنا .
لكن هذه المواسم الدينية لها جانب إيجابي يتمثل في الحفاظ على هويتنا الإسلامية للمغرب من ناحية الطرق الصوفية الاصيلة في تاريخنا خلافا لموجات الإسلام السياسي التي دخلت الى المغرب على مراحل ابتداء منذ سنة 1930 الى سنة 1979 .......
منذ سنة 1956 تحول المغرب الى دولة مركزية بإفراط شديد حيث تمت اعدام المرجعية الامازيغية الإسلامية بصفة نهائية و تم تهميش المناطق المحافظة على امازيغيتها على مختلف الأصعدة و المستويات ..........................
للحديث بقية في الجزء الخامس و الأخير و اشير انني اعتذر ادا نسيت شيئا لم اذكره في أنظمة اجدادنا المتطورة او الوضعية الخ ...
المهدي مالك