لماذا يعادي التيار الإسلامي السياسي المشروع الثقافي و السياسي للحركة الامازيغية الجزء الثالث ؟

مهدي مالك في الأحد ٠٤ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

لماذا يعادي التيار الإسلامي السياسي المشروع الثقافي و السياسي للحركة الامازيغية الجزء الثالث ؟

الدخول الى المسالة السياسية الامازيغية و تعارضها مع مشروع التيار الإسلامي السياسي ببلادنا                                   

بعد خطاب اجدير التاريخي في يوم 17 أكتوبر 2001 باعتباره قد اعلن عن ولادة الشرعية الثقافية و اللغوية للامازيغية رسميا من خلال احداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كمؤسسة استشارية و اكاديمية عملت على ادماج اللغة الامازيغية في التعليم ابتداء من سنة 2003 من خلال 350 مدرسة عمومية .

لكن  قبل ذلك وقعت أولى المعارك الفكرية و الأيديولوجية بين الامازيغيين و الإسلاميين في عهد الملك محمد السادس حول الحرف الذي ستدرس بها اللغة الامازيغية و ستكتب بها رسميا الخ .

و يرى الجانب من الحركة الثقافية الامازيغية ان الحرف المناسب لكتابة الامازيغية هو الحرف اللاتيني باعتباره منتشر في العالم بشكل عظيم بينما يرى الجانب الاخر من الحركة الثقافية الامازيغية ان الحرف المناسب لكتابة الامازيغية هو حرفها الأصلي تيفيناغ في بلادنا لعهود غابرة لان المغرب يعتبر مهد للبشرية حسب احدث الدراسات في علوم الاثار و الانسان القديم مما سيعني ان اللغة الامازيغية و حرفها الأصلي تيفيناغ هي اقدم لغة عرفتها الإنسانية في العالم و هذا يشكل امتيازا كبيرا للمغرب على الصعيد الدولي الان ..

اما التيار الإسلامي السياسي فانه كان تحت ضغط خطاب اجدير التاريخي و تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بشكل عظيم باعتباره لم يعمل شيئا يذكر لصالح الامازيغية كلغة و كثقافة منذ أواسط سبعينات القرن الماضي الى حدود سنة 2002 حين ظهور معركة الحرف حيث اصر هذا الاخير على فرض الحرف العربي لكتابة الامازيغية تحت حجة ان اجدادنا الكرام قد كتبوا به لغتهم الاصلية لكنني أتساءل هنا لماذا لم يطالب هذا التيار الأيديولوجي السلطة العليا بتدريس اللغة الامازيغية و لو بالحرف العربي منذ تسعينات القرن الماضي ؟ او ادماج اللغة الامازيغية باعتبارها لغة الشأن الديني الرسمي بالمغرب منذ تسعينات القرن الماضي ؟ الخ من هذه الأسئلة الجوهرية .

لقد حسم اختيار الحرف المناسب لتدريس الامازيغية لصالح حرفها الأصلي داخل المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية و بهذه المناسبة قد ارسل الملك محمد السادس رسالة تهنئة لهذه المؤسسة الاستشارية و الاكاديمية و تم بثها على مختلف وسائل الاعلام من الإذاعة و التلفزة وقتها.

لقد قلت في مقال اخر ان النقاش الدائر حول العلمانية بالمغرب قد انطلق بشكل علاني منذ 21 سنة أي منذ احداث 16 ماي 2003 الإرهابية بقلب المغرب الاقتصادي النابض أي الدار البيضاء فطالبت بعض مكونات الحركة الامازيغية بالعلمانية بدون أية احالات او تاصيل في تاريخنا الاجتماعي كما اتذكره وقتها و ربما أكون مخطئ في هذه النقطة . ..

 و من بين هذه المكونات الأستاذ احمد عصيد الذي كتب كثيرا حول هذا الموضوع في تلك الفترة في الجرائد مثل العالم الامازيغي الخ فردت الحركة الإسلامية عليه كما هي العادة سنة 2004 بمطلب لم افهمه آنذاك على الاطلاق الا و هو اسلمة الامازيغية الغريب و العجيب بالنسبة لي الان و ليس آنذاك

.

 ان فكرة اسلمة الامازيغية و قضيتها الشمولية هي اكذوبة حقيرة قد ظهرت في سنة 2004 في جرائد الإسلاميين بغية تحقيق مجموعة من الأهداف الأيديولوجية بالاساس من قبيل تحويل دعاة العلمانية من الامازيغيين من موقع الاصالة التاريخية و الاجتماعية الى موقع التغريب و معاداة الدين الاسلامي علما ان الدولة المغربية تطبق القوانين الوضعية الفرنسية أي العلمانية الفرنسية منذ سنة 1956 الى يوم الناس هذا و لم تطبق الشريعة الإسلامية او حدودها على الاطلاق طيلة هذه الفترة....

بمعنى اخر ان الإسلاميين لم يستطيعون انتقاد علمانية الدولة المغربية بشكل صريح و واقعي  خصوصا عندما صعدوا لقيادة الحكومة المغربية منذ يناير 2012 الى صيف 2021 في اطار العمل بالقوانين الوضعية الفرنسية في الابناك و في سير مؤسسات الدولة الحديثة الخ من هذه المعاملات العادية داخل دولتنا المغربية الحديثة منذ الاستقلال الشكلي الى الان بفضل العلمانية الفرنسية و ليس بفضل علمانيتنا الامازيغية الاصيلة كاحدى مداخل للمرجعية الامازيغية الإسلامية الى جانب الإسلام الامازيغي و الفدرالية او الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية بطبيعة الحال .

ادا كان القصد من اسلمة المسالة الثقافية الامازيغية هو إطفاء الصبغة الإسلامية على الثقافة الامازيغية فهو وهم أيديولوجي عظيم و خطير للغاية لاعتبارات كثيرة أولا ان الثقافة العربية نفسها  ما بعد الإسلام لم تتغير كثيرا بل رجعت الى جاهلتها الأولى في عز الدولة الاموية من خلال الانحلال الأخلاقي العلاني داخل قصور الخلافة من شرب كؤوس الخمر مع الجواري الجميلات من كل انحاء الدنيا نتيجة للغزو الاموي لاحتلال الأراضي و اغتصاب النساء المتزوجات او البنات على حد السواء ثم ارسلهن للخليفة للاستمتاع بهن في الفراش خارج أي زواج مقدس أي العلاقات الرضائية او بالاكراه على ممارسة الفحشاء بين الخليفة و احدى الجواري و ثمرة هذه العلاقة هو ولد أي ابن الزنا أي خارج الزواج الشرعي كما يقول الفقهاء الان بغية تعطيل الاجتهاد الديني الضروري في حياتنا العصرية ...

 و بالله عليكم هل هذا يعتبر من قيم الإسلام العليا الحريصة على حفظ العرض و الكرامة ام يعتبر هذا من العادات الجاهلية للعرب ما قبل اسلامهم و ما بعد اسلامهم  على حد السواء ؟

ثانيا ان اجدادنا الامازيغيين قد اسلموا منذ 14 قرنا و بالتالي فاصبحت ثقافتهم الاصلية هي الثقافة الإسلامية الاصيلة بالمغرب في العديد من المظاهر و العادات و التقاليد و حتى في الفنون التقليدية رغم من الاختلاط بين الرجال و النساء او بين الأولاد و البنات امام الجمهور الغفير و المتكون من كبار السن و من الفقهاء في وقت من الأوقات الخ في اطار الوقار و الاحترام..

و شتان بين من يعرض المراة عارية تاما امام الجميع في أسواق النخاسة بالمشرق العربي و الاندلس تحت الحكم الاموي و بين  من يقدم المراة كشاعرة و كراقصة بملابسها التقليدية الكاملة من الراس الى الاقدام امام الجمهور الغفير من العائلات المحترمة ..

ثالثا ان تنصير الامازيغيين هي ام الأكاذيب و الخرافات بدائل لا اول لها او أخير لها من قبيل ما وجدنا عليه اجدادنا من طبائع التدين الصوفي و حب الدين الإسلامي و التقاليد المحافظة بجانبها الإيجابي او السلبي على حد السواء بمعنى لا يوجد أي مؤشر مهما كان حقير على صحة اكذوبة تنصير الامازيغيين على الاطلاق.

و أتساءل هنا اين هي طبائع الدين المسيحي في قبائلنا الامازيغية الى حد الان؟ من قبيل الاحتفال بأعياد الميلاد و لبس ملابس بابا نويل الخ من بطائع الدين المسيحي المحترم بالنسبة لي كمعاق ..

بل على العكس من ذلك نجد ان القبائل الامازيغية اكثر تمسكا بالدين الاسلامي  رغم التهميش المقصود لغتهم الجميلة داخل حقلنا الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى حدود سنة 2007 تاريخ ظهور أولى البرامج الدينية الناطقة بالامازيغية على قناة السادسة الخاصة بالشان الديني وفق شعار العروبة و الإسلام و أيديولوجية الظهير البربري كما اسميها ..

اذن ان اسلمة الامازيغية و ثقافتها هي وهم أيديولوجي خالص قد ظهر في سنة 2004 اي في  سياق صدور كتاب ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية لسيدي الحسين جهادي اباعمران ثم اعداد قناة الجزيرة الاخباري لتقرير صحفي حول هذا الإنجاز التاريخي ...

و بالإضافة الى حوار المرحوم احمد الدغرني المهم لجريدة تيلواح المحسوبة على التيار الإسلامي السياسي بالمغرب حيث اعلن فيه عن ولادة مصطلح جديد لكنه قديم في عمقه التاريخي الا و هو الإسلام الامازيغي لمواجهة اسلام المخزن العتيق و لمواجهة التيار الإسلامي السياسي ببلادنا دون ادنى شك..

ان من اهم تجليات عدم تجذر التيار الإسلامي السياسي بالمغرب كامتداد تاريخي و حضاري امازيغي إسلامي هو عدم اعترافه على الاطلاق بالقوانين الوضعية

الامازيغية العريقة باعتبارها تعبر عن مدنية نادرة لدى اجدادنا الامازيغيين المسلمين من طبيعة الحال و مدى عقلانيتهم نحو التنوير و الاجتهاد الديني و السير على خطى الحداثة و العلمانية و الديمقراطية المحلية قبل ظهور الدول الحديثة في أوروبا و في أمريكا الشمالية ربما .

ان هذه الأنظمة المتطورة لدى اجدادنا الامازيغيين هي مصدرا للفخر للاسلام اولا كدين يدعو الى استخدام العقل لمسايرة الأزمنة و المواقع المكانية عبر العالم ...

و مصدا للفخر للمغرب ثانيا باعتباره مهد البشرية الان حسب احدث الدراسات في علم الاثار و الانسان القديم حيث لو  كان فقهاء الدين عقلاء لبحثوا عن اثار ابونا ادم في المغرب لكي يظهرون صحة كتاب الله العزيز كما يفعل رموز التنوير الإسلامي من الاجتهادات الجديدة في شتى المجالات و الميادين خدمة لديننا الحنيف ........

 لكن فقهاءنا المحترمين مازالوا  غارقين الى القاع في أوهام العقل السلفي و خصوصا فقهاء الجاهلية الوهابية و فقهاء تيارات الإسلام السياسي  ....

للحديث بقية                                       

المهدي مالك                                             

اجمالي القراءات 206