الخداع فى الإسلام
الخدع فى القرآن
ظن الكفار خداعهم لله
بين الله أن المنافقين يخادعون الله والذين أمنوا وهو ما فسره قوله بسورة النساء"إن المنافقين يخادعون الله"وقوله بسورة يونس"إذا لهم مكر فى آياتنا "فخداع المنافقين لله يعنى مكرهم فى آيات الله والمراد تحريفهم لأحكام وحى الله ،وأما خداعهم للذين أمنوا فهو الكيد للإضرار بهم أى إيذاءهم بشتى الوسائل الممكنة كما قال تعالى بسورة آل عمران "لا يضركم كيدهم شيئا"
"يخادعون الله والذين أمنوا "
خداع الكفار لأنفسهم
بين الله أن المنافقين وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"وهو ما فسره قوله بسورة الأنعام"وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"فالخداع هو المكر بالنفس وقوله "وما يشعرون "يفسره قوله بنفس السورة "ولكن لا يعلمون "فأهل النفاق يظنون خداعهم وهو عملهم عمل حسن كما قال تعالى بسورة الكهف "الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "ولهذا هم لا يشعرون أى لا يعلمون بأنهم هم الذين يضرون أنفسهم وليسوا يضرون دين الله والمؤمنين
وفى هذا قال تعالى :
"وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"
إرادة الكفار خداع النبى(ص):
بين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يريدوا أن يخدعوه والمراد إن يحبوا أن يخونوه مصداق لقوله بسورة الأنفال"وإن يريدوا خيانتك"فإن حسبك الله والمراد فإن حاميك من أذاهم هو الله وهو الذى أيدك بنصره والمراد هو الذى نصرك بجنده وبالمؤمنين أى بالمصدقين بحكمى وألف بين قلوبهم والمراد ووحد بين نفوس المؤمنين بطاعتهم حكم الله
وفى هذا قال تعالى :
"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم "
ظن المنافقين خداع لله
وضح الله لنبيه(ص)أن المنافقين وهم المذبذبين بين الكفر والإسلام يخادعون الله والمراد يظنون أنهم يمكرون أى يلحقون الأذى بدين الله ولكن الحادث هو أن الله خادعهم أى ملحق بهم الأذى هم وحدهم
وفى هذا قال تعالى :
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم "
الخداع فى الفقه :
الخداع فيما بين أيدينا من المصحف هو فى خداع الكفار والمنافقين لله ورسوله(ص) والمؤمنين حيث يظهرون عكس ما يبطنون بغرض الإيذاء
وأما الخداع فى الفقه فقد استعمل فى أمور متعددة منها المباح ومنها المحرم
أول الأمور :
خداع المسلم للكفار الحربيين حيث أباح الله له أن يخفى إسلامه ويعلن كفره تاركا الطاعات التى يظهر بها أنه مسلم مثل قصر الصلاة وهو تركها نهائيا والسبب هو :
ألا يفتنوه والمقصود ألا يعذبوه حتى الموت
وفى هذا قال تعالى :
"وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا"
وقال:
" إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ "
وثانى الأمور :
البعد عن ادخال الكفار المعاهدين ضمن المجاهدين لأنهم سيكذبون عليهم حتى يوقعوا بينهم الخبال وهو الهزيمة كما قال تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ"
وثالثها :
الخداع الحربى وهو ما يطلق عليه الحرب خدعة وهو :
الأمور التى تؤدى للنصر بأقل الخسائر فى الجانبين ويطلق عليه فى أحيان الاحتيال
ورابع الأمور :
حرمة الخداع فى أثناء مدة السلام بين المسلمين والكفار المعاهدين بعد حرب أو دون حرب فقد أوجب الله على المسلمين أن يوفوا بشروط السلام جميعا فقال :
"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"
وقال:
"فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم"
وقال :
" فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم "
وخامسها :
الخداع فى المعاملات فى دولة العدل وهى دولة المسلمين لا يجوز فيها فى المعاملات بين الناس فى أى شىء سواء كانت المعاملات بين المسلمين وبعضهم البعض أو بين المسلمين والمعاهدين
ومن الصور التى جاءت فى الفقه :
البائع الغشاش الذى يظهر البضاعة الحسنة فوق البضاعة السوء ويبيعهم السوء
البائع الذى يضيف إلى اللبن أو العسل أو غيرهم سوائل أخرى تزيد فى الكيل أو الوزن
البائع الذى يقوم بجعل الحيوانات تشرب كميات كبيرة من الماء كى يزداد وزنها وتصبح كبيرة أمام الشراة
البائع الذى يحبس اللبن فى ضروع الأنعام لكى تظهر على غير هيئتها الحقيقية أمام الشراة
وكل هذا وغيره من وسائل الخداع محرمة لكونها خيانة لأمانة المسلم كما قال تعالى :
" والذين لأماناتهم وعهدهم راعون"
وأما فى المجتمعات الكافرة التى يعيش فيها مسلمون يجوز للمسلم إذا عرف أن جاره أو صاحبه سيظلمه فى شىء أن يخدعه لكى يعدل الوضع للعدل الصحيح مثل :
من أمثلة ذلك :
وجود جدار بين الاثنين يريد الكافر أخذه كله فينحت المسلم الجدار من جهته حتى يظهر أن سمك الجدار هو نصفه الحقيقى فيعطي نصفه فى المنحوت للكافر معلنا له أنه يتنازل عنه له فيكون الكافر قد أخذ حقه كاملا ويكون المسلم قد أخذ حقه الذى نحته كاملا
ومن الأمثلة المعطاة فى القرآن عن الأمر :
الأول :أن العبد الصالح (ص) قام بتعديل الجدار الذى كان يريد أن يقع خداعا لكفار القرية التى رفضت أن تعطيه هو وموسى(ص) حق الضيافة والسبب هو :
الحفاظ على حق اليتامى فى مال أباهم الذى دفنه فى الجدار أو بجواره
وفى هذا قال تعالى :
"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا"
الثانى خداع العبد الصالح(ص) للملك الكافر المغتصب لسفن الناس بعمل عيب فى سفينة المساكين حتى لا يغتصبها منهم وفى هذا قال تعالى :
"أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا"