في الوقت الذي يتمسك فيه الشعب الفلسطيني بحلم إقامة دولة مستقلة على حدود 1967، تواصل حركة "حماس" بكل عناد إجهاض هذا الحلم وتخريبه عن سبق إصرار.
ألف:
منذ نشأتها عام 1987، لم تكن "حماس" سوى كيان متمرد على الإجماع الوطني، يتغذى على الفوضى، ويرفض أي حل سياسي مع إسرائيل. لقد شكلت خطراً موازياً للقيادة الفلسطينية الشرعية، وسعت إلى تقويض أي محاولة للتقدم نحو السلام. تبنّت العمل المسلح لا كوسيلة مقاومة، بل كأداة لتصفية خصومها السياسيين وإشعال الساحة الفلسطينية بالاقتتال الداخلي، مما أدى إلى شلل كامل في المشروع الوطني وحرف البوصلة عن المسار الصحيح.
الزاوية الأولى :
رفض حماس الاعتراف باتفاق أوسلو: منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، أعلنت حماس رفضها الكامل له واعتبرته "خيانة" للقضية الفلسطينية، وواصلت عملياتها العسكرية ضد إسرائيل.
الأدلة : أعلنت حماس رفضها التام لاتفاق أوسلو واعتبرته تفريطاً بالحقوق الوطنية.
الأثر: هذا الرفض المستمر قوض الثقة الدولية والإسرائيلية في قدرة القيادة الفلسطينية على تنفيذ الاتفاقات، مما أعاق جهود السلام. ساهم في تقويض شرعية الاتفاق داخلياً، وأفشل فرص البناء عليه لتحقيق حل الدولتين.
الزاوية الثانية :تنفيذ عمليات عسكرية في أوقات حرجة للمفاوضات:
خلال مراحل حساسة من المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، نفذت حماس عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية خلال مراحل مفصلية من مفاوضات السلام أدت إلى ردود عسكرية إسرائيلية وتعليق المفاوضات.
أمثلة:
1. سلسلة العمليات في التسعينات وفي بداية الألفية (مثل تفجيرات الحافلات)، أدت إلى تأجيج الرأي العام الإسرائيلي ضد التسوية.
2.عام 2006، نفذت حماس عملية "الوهم المتبدد" التي اختطفت فيها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ما أدى إلى ردّ إسرائيلي واسع عبر عمليتي "أمطار الصيف" و"غيوم الخريف".
3.في عام 2008، أطلقت حماس وابلاً من صواريخ القسام على المدن الإسرائيلية، ما دفع إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية واسعة سُمّيت "الشتاء الساخن".
4. كثّفت حماس بين عامي 2008 و 2009 إطلاق الصواريخ وبدأت بحفر أنفاق هجومية، ما دفع إسرائيل إلى شنّ عملية "الرصاص المصبوب" التي أسفرت عن دمار واسع وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين.
5. في عام 2011، نفذت حماس عمليات إطلاق نار استهدفت مدنيين وعسكريين إسرائيليين، مثل عملية "إبلات"، مما دفع إسرائيل إلى الرد بقصف مكثّف على قطاع غزة.
6. في بداية عام 2012، واصلت حماس إطلاق صواريخ على أهداف إسرائيلية، إلى جانب تنفيذ عمليات عسكرية متفرقة. ردّت إسرائيل بتنفيذ "عملية إعادة الصدى"
7.في نهاية عام 2012، صعّدت حماس من هجماتها عبر إطلاق أكثر من 100 صاروخ باتجاه المدن الإسرائيلية، ما دفع الجيش الإسرائيلي للرد بشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق حملت اسم "عمود السحاب"
8.في عام 2014، أقدمت حماس على تنفيذ عملية تمثلت في خطف ثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية، ما أثار توتراً واسعاً. ورداً على ذلك، أطلقت إسرائيل عمليتين عسكريتين متتاليتين، الأولى حملت اسم "حارس أخي" وشملت حملة اعتقالات ومداهمات في الضفة، تلتها عملية واسعة في قطاع غزة تحت اسم "الجرف الصامد"، استهدفت خلالها البنية التحتية لحماس والأنفاق العسكرية.
الزاوية الثالثة:
الخطاب الأيديولوجي المعادي لحل الدولتين:
تروج حماس لخطاب يرفض الاعتراف بإسرائيل ويعتبر فلسطين من النهر إلى البحر "أرضاً إسلامية"، ما يتناقض مع رؤية حل الدولتين ويضعف التأييد الدولي للحقوق الفلسطينية.
وبهكذا خطاب تعارض بوضوح فكرة حل الدولتين وتكرّس ثقافة المقاومة المسلحة فقط كخيار.
الأثر: هذا الطرح يُضعف الدعم الدولي لحل الدولتين ويزيد من الانقسام الداخلي الفلسطيني بين مؤيد للمفاوضات ومؤيد للمقاومة المسلحة.
باء:
حماس لم تكتفِ بتقسيم الصف الفلسطيني، بل مضت في فرض سلطتها القمعية على غزة بقوة السلاح، وأقامت كياناً موازياً يخدم أجنداتها الخاصة. الأخطر من ذلك، أن هذه الحركة ليست مجرد فصيل فلسطيني، بل ذراع لتنظيم "الإخوان المسلمين" العالمي، المعروف بتسلله إلى المجتمعات العربية وزرع خلايا الفوضى والتخريب فيها. من غزة إلى الأردن، تنشط هذه الشبكة في بثّ الفتن وإثارة القلاقل، ما يجعل من "حماس" تهديداً مباشراً ليس فقط للقضية الفلسطينية، بل لأمن واستقرار العالم العربي بأسره.
جيم : تعزيز سلطة حماس على حساب المشروع الوطني الفلسطيني
عمدت حماس إلى تكريس سلطتها في غزة عبر تشكيل حكومة موازية، وتعطيل جهود المصالحة الوطنية رغم توقيع عدة اتفاقيات. كما أنها استغلت الأزمات الإنسانية لفرض واقع سياسي خاص بها، معتمدة على تحالفات إقليمية خارج إطار التوافق الفلسطيني، ما زاد من عزلة القضية الفلسطينية داخلياً وخارجياً.
دال: تأثير سلبي على العلاقات العربية:
تسببت سياسات حماس في إحداث توتر مع العديد من الدول العربية، خاصة تلك التي تدعم مشروع حل الدولتين وتسعى إلى استقرار إقليمي. وقد أدّى هذا التوتر إلى إضعاف الدعم العربي التقليدي للقضية الفلسطينية، وسهّل على بعض الدول العربية المضي في مسار التحالف مع إسرائيل، متذرعة بانقسام الصف الفلسطيني وغياب شريك موثوق.
ثانياً: حماس – من شعارات المقاومة إلى استبداد
نهج إخواني: الحكم أولاً... وفلسطين لاحقاً . في أواخر الثمانينات، ظهرت "حماس" مدعيةً أنها تمثل "المقاومة الإسلامية"، تتغنى بخطاب ديني مشحون بالعواطف، وتسوّق نفسها كحاملة للواء التحرير. لكن الوقائع أثبتت عكس ذلك. استخدام حماس لإحداث انقسام داخل الصف الفلسطيني لتدمير مشروع السلام وحل الدولتين وتقويض اتفاق أوسلو:
الأدلة: انقلابها الدموي على الشرعية الفلسطينية في غزة في يونيو عام 2007،قامت حماس بانقلاب عسكري في قطاع غزة ضد السلطة الفلسطينية، وسيطرت بالكامل على القطاع بعد اشتباكات دموية مع حركة فتح. انكشفت الحقيقة: سلاح "حماس" ليس لتحرير فلسطين، بل لإخضاع الفلسطينيين أنفسهم، وبسط سلطة قمعية لا ترحم.
الأثر: هذا الانقسام بين الضفة الغربية (السلطة الفلسطينية) وقطاع غزة (حماس) أدى إلى انقسام جغرافي وسياسي وأضعف الموقف الفلسطيني الموحد و شلل سياسي فلسطيني، وأضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني أمام إسرائيل وأفشل الجهود الدولية لإحياء مفاوضات السلام.
منذ ذاك الانقلاب، تحولت غزة إلى سجن مفتوح، تحكمه منظومة أمنية بوليسية، تُلاحق المعارضين، وتكتم أنفاس المواطنين. لا ديمقراطية، لا حرية، ولا مجال لصوت يخالف تعليمات الجماعة. كل دعوات المصالحة وطيّ صفحة الانقسام قُوبلت من حماس بالرفض والعرقلة، لأن الشراكة الوطنية لا تخدم مشروعها الضيق، القائم على السلطة المطلقة.
ولعل الأخطر أن هذا النهج لم يكن استثناءً، بل هو امتداد طبيعي لفكر "الإخوان المسلمين"، الذين وضعوا السلطة فوق الوطن، والتنظيم فوق القضية. لقد تبنت "حماس" بشكل واضح أولوية الحكم، ولو على أنقاض غزة، وبقايا حلم الدولة الفلسطينية. فبين تعطيل كل مبادرة للوحدة الوطنية، وتكريس الانقسام، وقمع الحريات، أصبح من الواضح أن حماس لا تسعى إلى تحرير فلسطين، بل إلى تمكين نفسها تحت عباءة الدين، وباسم المقاومة.
ثالثا:
تحالفات على حساب القضية
لم تتردد حماس في الارتماء في أحضان محاور إقليمية على خلاف مع دول عربية مركزية. من إيران إلى قطر، جمعت الحركة الدعم بعيداً عن التوافق العربي، وهو ما أدى إلى تآكل الدعم الإقليمي للقضية الفلسطينية، وانزلاق بعض الدول الى دعم لإسرائيل، تحت ذريعة غياب الشريك الفلسطيني الموحد.
رابعا:
الأردن : الخلية الإخوانية – نسخة مكررة من حماس
في أبريل 2025، كشفت السلطات الأردنية عن خلية سرّية تُصنع صواريخ داخل أراضيها، تابعة للإخوان المسلمين. المشهد يُشبه تماماً ما حدث في غزة: سلاح في الخفاء، وهدفه ليس الاحتلال، بل تقويض الاستقرار الداخلي. ما فعلته حماس على مدار سنوات، تسعى نسخها الإخوانية لتكراره في الدول المجاورة.
الخلاصة :
1.لا فرق بين "حماس" في غزة وخلايا "الإخوان المسلمين" في الدول العربية الأخرى؛ المشروع واحد، والعقلية واحدة، والهدف واحد: ضرب الاستقرار، تقويض اتفاق اوسلوا ، وإفشال جهود السلام.
2.تمزيق وحدة الصف الفلسطيني.
3.إضعاف الموقف الفلسطيني أمام الاحتلال.
4.تقويض فرص السلام القائم على حل الدولتين.
5.تفكيك الدعم العربي والإقليمي للقضية الفلسطينية.
6. كل عملية أو تصعيد من طرف حماس يُقابل برد عسكري واسع من إسرائيل.
7. يُظهر النمط الزمني أن التصعيد المتبادل هو لتعطيل السلام في المنطقة ودعم الاخوان وحماس والهيئة في سوريا.