الذقن في الإسلام

رضا البطاوى البطاوى في الأربعاء ١٩ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الذقن في الإسلام
الأذقان في القرآن :
بين الله لنبيه (ص)أن الكفار فى النار جعل فى أعناقهم أغلالا إلى الأذقان والمراد وضع فى رقابهم سلاسلا فهى ممتدة حتى عظمة الفك وهم مقمحون أى محضرون أى معذبون فى العذاب مصداق لقوله :
"فأولئك فى العذاب محضرون "
وبين لنا سبب دخولهم النار وهو أنه جعل من بين أيديهم سدا والمراد وضع الآن حاجزا أى كنا فى أنفسهم ومن خلفهم أى وفى مستقبلهم فى أنفسهم سدا أى حاجزا أى كنا يمنعهم من الإسلام مصداق لقوله :
"وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه "
ومن ثم فهم لا يبصرون أى لا يفقهون أى لا يفهمون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله :
"وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون "
وفى هذا قال تعالى :
"إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالا إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
خرور الأذقان سجدا :
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :
آمنوا به أى صدقوا بالوحى أو لا تؤمنوا أى أو لا تصدقوا بالوحى فهذا شأنكم ،ويبين لنبيه(ص)أن الذين أوتوا العلم وهم الذين علموا الوحى من قبل بعث محمد(ص)إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا والمراد إذا يبلغ لهم الوحى يعملون للنفوس طائعين الوحى المقروء عليهم وهذا يعنى أنهم يطيعون الوحى لنفع أنفسهم ويقولون :
سبحان ربنا والمراد الطاعة لوحى إلهنا واجبة إن كان وعد ربنا مفعولا والمراد إن كان قول خالقنا بالبعث حادثا وهذا يعنى أنهم يؤمنون بالبعث ،وهم يخرون للأذقان يبكون أى يعملون للنفوس يطيعون ويفسر هذا بأنهم يزيدهم خشوعا أى يمدهم إيمانا مصداق لقوله :
"ويزيدهم إيمانا"
وهذا يعنى أن الوحى يجعلهم يستمرون فى طاعتهم
وفى هذا قال تعالى :
"قل آمنوا أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا مفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا"
وقد عرف اللغويين الذقن كما قالت الموسوعة الفقهية :
"مجْتمع اللّحْييْن منْ أسْفلهما، وهما الْعظْمان اللّذان تنْبت عليْهما الأْسْنان السّفْلى، وجمْعه أذْقانٌ ويطْلق أيْضًا على الْوجْه كلّه، تسْميةً للْكل باسْم الْجزْء، كما ورد في قوْله تعالى: {يخرّون للأْذْقان سجّدًا}
وإطْلاق الذّقن على ما ينْبت على مجْتمع اللّحْييْن من الشّعْر مولّدٌ
وفي الاصْطلاح يطْلق الذّقن على نفْس الْمعْنى اللّغويّ، كما نصّتْ عليْه عبارات أكْثر الْفقهاء في حدّ الْوجْه الْمفْروض غسْله في الْوضوء حيْث قالوا: " حدّ الْوجْه طولاً منْ نابت شعْر الرّأْس إلى أسْفل الذّقن أيْ منْتهى اللّحْييْن "
وفسّره في الدّرّ بأنّه منْبت الأْسْنان السّفْلى والْمعْنى واحدٌ"
كما تحدثت الموسوعة عن الكلمات المتشابهة في المعنى فقالت :
اللّحْية، الْفكّ، الْحنك، اللّحْي:
2 - اللّحْية اسْمٌ يجْمع من الشّعْر ما نبت على الْخدّيْن والذّقن، أوْ هي الشّعْر النّازل على الذّقن
والْفكّ بالْفتْح اللّحْي، والْفكّان اللّحْيان، وقيل مجْتمع اللّحْييْن عنْد الصّدْغ منْ أعْلى وأسْفل قال في اللّسان نقْلاً عن التّهْذيب:
الْفكّان ملْتقى الشّدْقيْن
واللّحْي عظْم الْحنك، وهو الّذي عليْه الأْسْنان وهو من الإْنْسان حيْث ينْبت الشّعْر والْحنك من الإْنْسان والدّابّة باطن أعْلى الْفم من الدّاخل، وقيل: هو الأْسْفل في طرف مقدّم اللّحْييْن منْ أسْفلهما ومنْه تحْنيك الصّبيّ، وهو مضْغ التّمْر ثمّ تدْليكه بحنكه
قال الدّسوقيّ: حاصله أنّ ضبّة الْحنك السّفْلى قطْعتان كلٌّ منْهما يقال لها لحْيٌ ومحل اجْتماعهما هو الذّقن "
وقد قام الفقهاء بعمل أحكام للذقن وهى :
الأول:
غسْل الذّقن وقد اتّفق الْفقهاء على أنّ الذّقن من الْوجْه، فيجب غسْله في الْوضوء لقوْله تعالى:
{يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمْتمْ إلى الصّلاة فاغْسلوا وجوهكمْ} "
وقد اتفقوا على غسل اللحية حتى يصل الماء إلى جلد الوجه
وسواء كانت اللحية خفيفة أو ثقيلة فيجب ايصال الماء لجلد الذقن
والموضوع الثانى :
وجوب الدّية الكاملة في اللحية وهى الذقن لأنها ضياعها هو :
تشويه لجمال الوجه
وهو كلام لا يعقل فالدية أيا كانت تجب على من عنده مال وأما من ليس عنده مال فليس عليه دية وإنما عليه :
صيام
كما قال تعالى في دية القتل الخطأ
وفى هذا قال تعالى :
"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"
والموضوع الثالث :
حلق أو تقصير اللحية
والفقهاء متفقون على وجوب اعفاء اللحية وهو :
عدم حلقها أو تقصيرها طبقا للروايات :
293- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي الاِسْتِنْجَاءَ.
قَالَ زَكَرِيَّا : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. 145 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ - يَعْنِى الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ - حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ زَوْرَانَ عَنْ أَنَسٍ يَعْنِى ابْنَ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ « هَكَذَا أَمَرَنِى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ ابْنُ زَوْرَانَ رَوَى عَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ وَأَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّىُّ.
522- [53-...] وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ : أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ ، وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ.
1396- [225-642] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ ، الَّتِي يَقُولُهَا النَّاسُ الْعَتَمَةَ ، إِمَامًا وَ خِلْوًا ؟ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : أَعْتَمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ ، قَالَ : حَتَّى رَقَدَ نَاسٌ وَاسْتَيْقَظُوا ، وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : الصَّلاَةَ ، فَقَالَ عَطَاءٌ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَخَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً ، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ ، قَالَ : لَوْلاَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ
قَالَ : فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً ، كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ، ثُمَّ صَبَّهَا ، يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ ، حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ ، ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ ، لاَ يُقَصِّرُ وَلاَ يَبْطِشُ بِشَيْءٍ ، إِلاَّ كَذَلِكَ ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ : كَمْ ذُكِرَ لَكَ أَخَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي.
قَالَ عَطَاءٌ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَهَا إِمَامًا وَخِلْوًا مُؤَخَّرَةً كَمَا صَلاَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ ذَلِكَ خِلْوًا ، أَوْ عَلَى النَّاسِ فِي الْجَمَاعَةِ ، وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ ، فَصَلِّهَا وَسَطًا ، لاَ مُعَجَّلَةً ، وَلاَ مُؤَخَّرَةً. 6154- [109-...] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ سِمَاكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ ، يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ ، وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ ، وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ ؟ قَالَ : لاَ ، بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ.
وهذا مخالف للتالى :
أن كل الشعر يحلق ويقصر
وفى هذا قال تعالى :
" محلقين رءوسكم ومقصرين "
وعليه :
لا يوجد ما يسمى باعفاء اللحية من الحلق وهو :
الإزالة الكاملة لشعر الذقن أو تقصيرها
فكل واحد حر في إطالتها نوعا ما وليس إطالتها مسافة كبيرة وكل واحد حر في تقصيرها وهو ما يسمونه :
تهذيب أو تشذيب اللحية
والموضوع الرابع هو :
تغيير لون شعر اللحية
والمراد صبغها وغالبا صباغتها بالحناء والكتم وقد اختلف الفقهاء في تحريم وتحليل الصبغ فقد أباح بعضهم الصبغ بكل الألوان وقد ورد هذا في أحاديث متعددة منها :
"إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم"
والبعض الأخر استثنى السواد من الصبغ به كما في أحاديث :
" غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد"
والبعض الأخر طالب بعدم تغيير الشيب كما في أحاديث :
"لا تَنْتِفوا الشَّيْبَ، فإِنه ما من مسلم يَشِيبُ شَيبة في الإسلام، إلا كانت له نوراً يوم القيامة "
"لا تنتفوا الشيب، فإنه نورٌ يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام، كُتب له بها حسنة، وحُطّ عنه بها خطيئة، ورُفِع له بها درجة"
والحقيقة أنه لا يجوز تغيير الشيب بالصباغة او بالنتف أو بغيره لأنه تغيير لخلقة الله التى خلق الإنسان عليها لأن هذا استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله علينا فقال :
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "