الاستشراف في الإسلام

رضا البطاوى البطاوى في الإثنين ١٠ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الاستشراف في الإسلام
الاستشراف هو :
طلب الشرف وهو العلو والمقصود طلب معرفة الشىء لحسن استعماله
وفى كتب اللغة يقال ان معناه :
وضع اليد على الحاجب من اجل النظر
وهذه العملية القصد منها معرفة الطريق أو المكان ومقدار البعد عن المكان المراد الوصول له لمعرفة الوقت اللازم وتنظيم الجهد للوصول له
وقد استخدمه الفقهاء في امور متعددة :
الأول :
استشراف الأضحية والمقصود النظر المتعمق في البهيمة لمعرفة عيوبها لاستبعاد ما لا يصلح منها للهدى الذى يطلقون عليه الضحية
الثانى :
معرفة المال المرسل ويقولون انه يكون بالقول :
سيبعث إلى فلان
او القول:
يبعث
الثالث :
التعرض للسؤال وهو :
طلب الطعام أو المساعدة أوغير هذا
وقد اختلف الفقهاء في كونه أمر عملى أو أمر قلبى ومما يحكى عن أحمد القول التالى :
"الاسْتشْراف بالْقلْب وإنْ لمْ يتعرّضْ، قيل له: إنّ هذا شديدٌ، قال: وإنْ كان شديدًا فهو هكذا، قيل له: فإنْ كان الرّجل لمْ يودّ في أنْ يرْسل إليّ شيْئًا، إلاّ أنّه قدْ عرض بقلْبي، فقلْت: عسى أنْ يبْعث إليّ، قال: هذا إشْرافٌ،فإذا جاءك منْ غيْر أنْ تحسّه، ولا خطر على قلْبك، فهذا الآْن ليْس فيه إشْرافٌ "
وأما الأحكام التى تحدثوا عنها في الموضوع فهى :
1- استشراف الأضحية:
والمراد به هو :
النظر لأعضاء البهيمة سواء كانت جمل او ناقة او بقرة أو ثور أو خروف أو ماعز لمعرفة هل هى سليمة او بها عيب من العيوب والمقصود الأمراض سواء كان مولود بها كالعمى أو منتقل له أو حادث له فيما بعد كالعرج
والدليل على الحكم عند الفقهاء هو :
حديث عليٍّ رضي اللّه تعالى عنْه :
أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم أنْ نسْتشْرف الْعيْن والأْذن، وإلاّ نضحّي بمقابلةٍ، ولا مدابرةٍ، ولا شرْقاء، ولا خرْقاء. رواه أبو داود والنّسائيّ وغيْرهما، وصحّحه التّرْمذيّ .
2- استشراف المال والمقصود به :
النظر في اموال الناس
والمراد :
طلب الفرد المال ممن وجد لديه مال
والمسألة التى تحدثوا عنها هو :
أن الحديث عن مال الغير قلبيا والمراد داخل النفس ولم يخرج للغير فقد عفا الله عنه
والمعروف أن لا يعفو أى لا يغفر إلا لمن استغفر من الذنب كما قال تعالى :
"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
كما أن طلب المحتاج المال من الغير مباح سواء كان المطلوب هبة أو هدية أو دينا
واما الحديث عن مال الغير الكثير وطلبه دون ان يكون الإنسان محتاج لبعض منه لأن عنده ما يكفيه او عنده ما يفيض فهو محرم
وفى نفس استشراف المال تحدثوا عنه بمعنى :
قبول المال من الغير دون استشرافه وهو طلبه في النفس أو طلبه بالكلام منقسمين إلى ثلاثة اقوال :
الأول :
قبول المال من الغير واستدلوا بحديث حكيم بْن حزامٍ رضي اللّه عنْه قال:
" سألْت رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم فأعْطاني، ثمّ سألْته فأعْطاني، ثمّ سألْته فأعْطاني، ثمّ قال: يا حكيم إنّ هذا الْمال حلْوةٌ خضرةٌ، فمنْ أخذه بسخاوة نفْسٍ بورك له فيه، ومنْ أخذه بإشْرافٍ لمْ يباركْ فيه، وكان كالّذي يأْكل ولا يشْبع، والْيد الْعلْيا خيْرٌ من الْيد السّفْلى. قال حكيمٌ: فقلْت: يا رسول اللّه والّذي بعثك بالْحقّ لا أرْزأ أحدًا بعْدك شيْئًا حتّى أفارق الدّنْيا، فكان أبو بكْرٍ رضي اللّه عنْه يدْعو حكيمًا ليعْطيه الْعطاء فيأْبى أنْ يقْبل منْه شيْئًا، ثمّ إنّ عمر رضي اللّه عنْه دعاه ليعْطيه فأبى أنْ يقْبله، فقال: يا معْشر الْمسْلمين أشْهدكمْ على حكيمٍ أنّي أعْرض عليْه حقّه الّذي قسم اللّه له في هذا الْفيْء فيأْبى أنْ يأْخذه، فلمْ يرْزأْ حكيمٌ أحدًا من النّاس بعْد رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم حتّى توفّي رواه الْبخاريّ ."
والحديث لا يمكن تصديقه فإعطاء المال في الإسلام يكون بالعدل وليس بغرفه لبعضهم حتى يغتنى دون بقية المسلمين والقاعدة هى قوله تعالى :
" كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"

وقد بين الله أن اقتسام أقوات الأرض يكون بالسواء وهى العدل في قوله :
" وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين"
الثانى أخذ المال وعدم رده ودليل القوم هو حديث سالم بْن عبْد اللّه بْن عمر عنْ أبيه عنْ عمر رضي اللّه عنْه قال:
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم يعْطيني الْعطاء، فأقول: أعْطه أفْقر منّي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم: خذْه، وما جاءك منْ هذا الْمال وأنْت غيْر سائلٍ ولا مشْرفٍ فخذْه، وما لا فلا تتْبعْه نفْسك، قال: فكان سالمٌ لا يسْأل أحدًا شيْئًا، ولا يردّ شيْئًا أعْطيه رواه الْبخاريّ ومسْلمٌ .
الثالث استحباب الاخذ ودليلهم القول الذى جاء في شرْح مسْلمٍ:
" الصّحيح الّذي عليْه الْجمْهور: يسْتحبّ الْقبول في غيْر عطيّة السّلْطان، وأمّا عطيّة السّلْطان فحرّمها قوْمٌ، وأباحها قوْمٌ، وكرهها قوْمٌ، قال: والصّحيح إنْ غلب الْحرام فيما في يد السّلْطان حرّمتْ، وإلاّ أبيح، إنْ لمْ يكنْ في الْقابض مانعٌ منْ الاسْتحْقاق "
قطعا أخذ المال في تفرقة ثمار الاقوات وهى كل منافع أرض المسلمين واجب لأنه تطبيق لقوله تعالى في تقدير الأقوات ومن رفضه فقد كفر بكلام الله
3- التعرض للسؤال وهو :
سؤال الفرد الأخر البعض من المال وكان السؤال واجب للسائل وهو المحتاج له مثل اليتيم أو الأسير الذى لا يجد ضرورياته أو المسافر الذى فقد ماله في المرحلة المكية والمراد :
التواجد في مجتمع كافر به العديد من المسلمين الأغنياء
وفى هذا قال تعالى :
" والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"

اجمالي القراءات 190