عراقيل أمام استرداد ثروات الحكام المستبدين

في الجمعة ٠٨ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

عراقيل أمام استرداد ثروات الحكام المستبدين

   
 
كتبت صحيفة نيويورك تايمز أنه عقب الثورة ضد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي، بدأت الحكومات والبنوك الأجنبية في تجميد مليارات الدولارات من ممتلكات عائلته وحكومته مثلما فعلت في حسابات الحكومتين اللتين أسقطتا في تونس ومصر.

لكن المستبدين وبطانتهم الداخلية قضوا عقودا في تكديس وإخفاء ثروات هائلة ولم تكن معظم هذه الثروات سهلة العثور عليها.

ويقول المحققون الليبيون إنهم وجدوا عشرات مليارات الدولارات في البنوك السويسرية وحدها لم يمسها أي تجميد كلها مستخلصة من الثروة النفطية الهائلة ومخفية تحت أسماء غير معروفة. وفي تونس ومصر تسعى الحكومتان الجديدتان لتتبع العقارات الخارجية واليخوت الفاخرة والحسابات المصرفية التي قيل أيضا إنها تقدر بالمليارات.

وذكرت الصحيفة أن المحققين في كل الدول الثلاث يقولون إنهم يواجهون اليوم عراقيل هائلة في تتبع واستعادة الأموال. ففي ليبيا غالبا ما كانت عوائد النفط المنهوبة تُغسل عبر شركات أجنبية معقدة أعطتها مسحة من الشرعية. وفي مصر وتونس تحاول الحكومتان الجديدتان استعادة أموال الأسرتين الحاكمتين والموالين لهما في قطاعي التجارة والصناعة التي يقولون إنها اكتسبت من خلال المحسوبية والفساد، إن لم يكن من خلال السرقة الصريحة. لكن إثبات أن تلك الثروات جُنيت بطريقة غير قانونية يمكن أن يكون أمرا في غاية الصعوبة، خاصة عندما تكون الأجهزة القانونية متورطة.

وفي بعض الحالات يكون الأشخاص الذين يعرفون مكان وجود المال في خطر، ليس فقط لأنه يُنظر إليهم كمجرمين في أوطانهم ولكن أيضا لأنهم يخفون أسرارا لصفقات مشبوهة أو فاسدة تورط شركات وحكومات في العالم العربي والغربي. ومن هؤلاء شكري غانم، وزير النفط الليبي السابق الذي فر من البلاد العام الماضي، والذي وجد مقتولا في ظروف غامضة في شقة بالعاصمة النمساوية فيينا. وقبل ذلك بأيام كان قد عرض إبلاغ المسؤولين الليبيين بكل شيء كان يعرفه عن مجموعة من الصفقات النفطية المشبوهة مقابل حصانة من الملاحقة القضائية، بحسب رجلين كانا قد تحدثا إليه.

دعاوى قضائية
وأشارت الصحيفة إلى أن كل الأموال المخفية تقريبا لم تُسترد حتى الآن. لكن من بين الذي استعادت ملكيته السلطات الليبية في مارس/آذار الماضي منزلا بقيمة 15 مليون دولار في شمال لندن للساعدي القذافي، أحد الأبناء، وطائرتين في فرنسا وسويسرا للمستبد التونسي السابق زين العابدين بن علي قيمتهما ثلاثون مليون دولار نُقلت إلى الحكومة الجديدة العام الماضي.

أما بقية الأموال، كما يقول بعض المحققين والمحامين المنشغلين باستعادتها، فمن الصعب إيجادها لأنها غالبا ما تكون مخفية وراء واجهات متعددة تسير في خطوط متعرجة بين عدد من الدول. ونظريا معظمها يمكن أن تُصرف نقدا بواسطة الوسطاء الوهميين الذين أودعوها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الساعدي القذافي، الموجود حاليا في النيجر، يسعى للدفاع عن ملكيته لمنزل لندن. وقد وكل هو وأخته عائشة نك كاوفمان المحامي الإسرائيلي والمدعي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية.

ومن جانبه قال روبرت بالمر -محقق بمجموعة غلوبال ويتنيس (الشاهد الدولي) لمكافحة الفساد- إن استعادة هذه الأموال ليس بالأمر السهل لأنه أولا يجب إيجاد الأموال وثانيا يجب إثبات أنها مملوكة للشخص الذي نحن بصدده وثالثا يجب إثبات أنها كانت فاسدة وهذا يتطلب جمع أدلة من قبل الدولة الطالبة وهذا في حد ذاته مكلف وصعب ويستغرق وقتا طويلا.

حتى بعد إيجاد الأموال وتجميدها أدت التأخيرات في عملية استعادتها إلى توترات بين الحكومات الجديدة والدول الغربية. ففي مارس/آذار رفعت سلطة الكسب غير المشروع بالحكومة المصرية دعوى قضائية ضد وزارة المالية البريطانية محاولة إجبارها على تقديم معلومات مطلوبة للمساعدة في استرداد نحو 135 مليون دولار في حسابات مصرفية تخص 19 شخصا في حاشية الرئيس السابق حسني مبارك. ومن جانبهم يقول المسؤولون البريطانيون إنهم ملتزمون بالقانون البريطاني بأن يقدم المصريون إدانات جنائية أولا. وما زالت سويسرا تعرقل تسليم نحو 450 مليون دولار في حسابات أسرة مبارك بانتظار قرار مطالبة من الحكومة المصرية.

وعلى الصعيد الليبي ذكرت الصحيفة أن المسؤولين الليبيين، الذين نشروا هذا الشهر قائمة بـ338 شخصا وكيانا مرتبطا بالأموال المسروقة، يؤكدون على أهمية استعادة الأموال بسرعة لأن بعض الدول الأفريقية بدأت تؤمم الاستثمارات الليبية ومنها زيمبابوي التي استولت في يناير/كانون الثاني على شركة زامتل أكبر شركة هاتف ليبية.

اجمالي القراءات 1989