من هم الذين يَكْذِبُونَ ويُكَذِّبُونِ بيوم الدين؟

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الأحد ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

 

إن الرحيم الرؤوف بالعباد الودود سبحانه، أرسل النبيين والرسل مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم (الكتاب) بالحق بين الناس. كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِوَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِمِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. البقرة 213.

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. الحديد 25.

وكان آخر ما نزل للعالمين من الحق كتاب القرآن العظيم، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، لكن الشيطان الرجيم قد أخلص في وعده لله تعالى أن يتخذ من عباد الله تعالى نصيبا مفروضا، وفعلا لقد اتبعه أكثر الناس (خاصة رجال الدين) فأضلهم عن الذكر وشاركهم في أموالهم وزين لهم الحياة الدنيا فأنساهم الحياة الآخرة التي هي الحياة الدائمة الأبدية، لقد بلَّغ أخر الأنبياء كتاب الفرقان المهيمن على ما سبقه من الكتب ليكون للعالمين نذيرا. تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا* الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا* وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا* وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا* وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا* قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا. الفرقان. 1/6. مباشرة بعد وفاة آخر الأنبياء أنقلب البعض على أعقابهم، كما انقلب عبدة العجل لما ذهب موسى عليه السلام لما وعده الله تعالى أربعين ليلة، لقد كذَّب قوم محمد عليه السلام ما أنزل الله تعالى عليه، رغم أنهم وعدوا الله تعالى. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ*وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ. البقرة. 8/10. وحسب ما أخبرنا به الله تعالى فإن أكثر الناس يكذبون ومنافقون. فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ. التوبة 77. وكذَّبوا بالحق لما جاءهم. قال رسول الله عن الروح عن ربه:وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ* كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ* ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ. المطففين 10/17. وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ* بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ* وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ* فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. الانشقاق 21/24. لكن سوف يأتي اليوم الذي لا ينطقون فيه لأنهم كانوا يكذبون بآيات الله تعالى. وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ. النمل 83/85.

فَيَاما كذب رجال الدين على الله تعالى ورسوله، وكتموا ما نزل من الحق، فبدلوا وغيروا آيات الله وأحكامه بروايات تنسب إلى النبي ظلما وافتراء، مرة رُفِع حكم الآية وبقيت تلاوتها، ومرة كانت آيات تتلى فنسخت وبقي حكمها، مثل هذه الرواية عن ابن عباس وعمر:156 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال هشيم مرة ثم خطبنا فحمد الله تعالى وأثنى عليه فذكر الرجم فقال لا تخدعن عنه فإنه حد من حدود الله تعالى ألا إن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قد رجم ورجمنا بعده ولولا أن يقول قائلون زاد عمر في كتاب الله عز وجل ما ليس منه لكتبتهفي ناحية المصحف شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال هشيم مرة وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قد رجم ورجمنا من بعده ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال وبالشفاعة وبعذاب القبر وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا.

مسند أحمد ج 1 ص 23 قرص 1300 كتاب.

إن هذه الرواية تخالف حكم الله تعالى في الزانية والزاني، رغم أن هذا الحكم جاء في سورة النور ببداية خاصة بها، لأنها سورة أنزلها الله تعالى وفرضها وأنزل فيها آيات بينات لعلكم تذكرون: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ. النور 2/1. دائما مع المكذبين بأحسن الحديث المجرمين: فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُبِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ. القلم 44/45. هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ* يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ. الرحمان 43/44.

وفي سورة الماعون أُلاحظ فيها أن الله تعالى بدأها بسؤال تقشعر له جلود المؤمنين. أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. وجاء الجواب مباشرة من العليم الحكيم. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. سؤالي لأولي الألباب ما علاقة المكذب بيوم الدين الذي يدُعُّ اليتيم ولا يَحُضُّ على طعام المسكين؟؟؟  وما علاقتهم بالذين هم عن صلاتهم ساهون؟؟؟ ولا يقيمون الصلاة إلا ليراهم الناس ويمنعون الماعون. يقول سبحانه:أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ. الماعون 1/7. صدق الله العظيم.

في نظري إن المكذب بيوم الدين لا يردعه رادع، لأنه لا يؤمن بالغيب ولا بيوم الحساب، لذلك يدعُّ اليتيم استكبارا ولا يحض على طعام المسكين لأن قلبه قاس فلا رحمة ولا شفقة فيه، وصلاته الحركية لم تنهه عن الفحشاء والمنكر وكان يمنع الماعون، أي لا يقدم عونا لليتامى والمساكين، بل كان يستكبر عنهم ويستهزئ بهم، وربما لأنه كان يؤدي الصلاة مجاملة ورياء وخوفا من الناس، فهو عنها ساهٍ، لكن المصلين الذين مدحهم الله تعالى هم الذين على صلاتهم دائمون، والذين هم في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين لأنهم من عذاب ربهم مشفقون. قال رسول الله عن الروح عن ربه:إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلاَّ الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ* وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ* وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ* إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ. المعارج 19/35. أستنتج من هذه الآيات أن الذي على صلاته (صلته) بالله تعالى يحافظ، ولا يكذب آيات الله تعالى وموقنا بيوم الدين، لا يمكن أن يكون ممن يدعُّ اليتيم ولا من الذين لا يحضون على طعام المسكين، فهو على صلاته وصلته بربه دائم ومشفق من عذابه.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

اجمالي القراءات 1188