الدكتور شحرور ومعنى (الترتيل ) .
قرأت كلاما مكتوبا منسوبا للدكتور -محمد شحرور -عن معنى (الترتيل ) يقول فيه ::::(((هو جمع الآيات ذات الموضوع الواحد فى رتل. مثل آيات الترتيل التى تتعلق بموضوع خلق آدم أو خلق الكون . والترتيل يكون لمواضيع القرءان فقط لقوله تعالى ( ورتل القرءان ترتيلا) المزمل 4 . وتاتى عملية تأويل القرآن بعد ترتيلها ))).
==
التعقيب::
ما قاله وكتبه الدكتور محمد شحرور قولا و مفهوما خاطئا لأن الذى جمع القران على صورته الحالية وعلى ما هو عليه الآن بين أيدينا هو رب العزة جل جلاله وليس النبى محمد عليه السلام . فلو كان (الترتيل) بمعنى جمع القرءان فى موضوعات منفصلة كل موضوع فى سورة أو ربع أو جزء لوحده لكان المصحف الآن مختلفا عما هو عليه الآن ، ولأصبح النبى محمد عليه السلام مخالفا لأمر الله ولم يجمع القرءان كما أمره ربه سُبحانه وتعالى ، ولكان مثله مثل كل الكُتب والمؤلفات البشرية التى تبوب محتواها فى أبواب وفصول كل باب وكل فصل فيها يحوى موضوعا مُستقلا بنفسه .وهنا سيكون إتهام المشركين والملحدين للقرءان وللنبى عليه السلام بانه هو الذى ألف هذا الكتاب أو أنه نقله عن الكاهن (ورقة بن نوفل) يكاد يكون صحيحا أو فيه نسبة كبيرة من الشك . ولكن القرءان الكريم عكس هذا تماما ،فموضوعاته مُجملة ومُفصلة ومنثورة عبر كل سوره وصفحاته وآياته ،وهذا لحكمة يعلمها المولى جل جلاله وسر من أسرار حفظ القرءان لنفسه بحفظ الله له ،وإستحالة أن يأتى الإنس والجن بمثله ليس فى المحتوى والمضمون فقط ولكن حتى فى نظام توزيع موضوعاته وأحكامه وتشريعاته وعظاته وأوامره ونواهيه وقصصه عن الأنبياء السابقين وأقوامهم وعلوم غيب الآخرة وما فيها من بعث وحشر وحساب وثواب وعقاب وجنة ونار على كل سوره وآياته وصفحاته .......
فالترتيل من وجهة نظرى هو مثله مثل القراءة والتلاوة والتعبد والتقرب إلى الله جل جلاله بالقرءان وتدبره للوصول إلى حقائقه وتشريعاته . وانه نزل على فترات ومرات متتالية أوكما قال القرءان الكريم (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا).
وقوله جل جلاله ((يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا.نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا.أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا.إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا))
==
فليس معنى المصطلح فى اللغة العربية أنه كذا وكذا أن يكون صحيحا ومُنطبقا على معناه فى القرءان الكريم .لا لا لا ... فمصطلحات القرءان تُفهم من القرءان نفسه بعد عرضها على سياق الأيات التى ورد فيها وعلى كل ما يُماثلها فى آياته الكريمات وتتوافق معها .
ثم على المسلمين المؤمنين الحقيقيينأن يحتكموا فى معناها الموجود فى القواميس والمعاجم اللغوية إلى معناها الحقيقى فى القرءان الكريم الذى جاء ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور ليس فى الهداية فقط ولكن فى شتى مناحى حياتهم ومنها الفهم الصحيح والدقيق لمعانى الكلمات والمُصطلحات .
==
للاسف الشديد لم اجد أظلم من الدكتور - شحرور - للقرءان الكريم فيمن ينتسبون لتيار التنوير .فلم أجد له جُملة أو عبارة واحدة فى فهمه للقرءان وشرحه له تتوافق مع معناها الحقيقى للقرءان الكريم .وأعتقد أن هذا راجع لنفس الخطأ الذى وقع ويقع فيه كثير ممن ينتسبون لتيار التنوير والإصلاحى الدينى زورا وبهتانا وهو أنهم لا يبحثون عن معنى المصطلحات داخل سياق الآيات القرءانية ولكنهم وللاسف الشديد يهرولون إلى معاجم اللغة وقواميسها ويبحثون عنها فيها ثم يسحبونها على مصطلحات القرءان وفهمهم لها فيضلوا ويُضلوا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا
فليس المهم أن ترمى حجرا فى بركة مياة التراث الراكدة ،ولكن المُهم أن تستخدم بعد ذلك فلاتر تنقية المياة الصالحة للتكرير وإنقاذ البشرية ... فهنا يتحقق قول الله جل جلاله عن القرءان الكريم (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) إبراهيم -1
أما لو رمى حجرا فى مياة التراث العفنة ثم إستخدم فلاتر أكثر عفنا لتنقية مياهها فهو اسوأ ممن تسبب فى فسادها وتعفنها .