( القرآن الكريم وعلم النحو ) . الكتاب كاملا .

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٥ - أكتوبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

( القرآن الكريم وعلم النحو ) . الكتاب كاملا .

هذا الكتاب : ( القرآن الكريم وعلم النحو العربى )

بعضهم ـ بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ـ يسارع بإتّهام القرآن الكريم بأن فيه أخطاء نحوية ، يجعلون علم النحو البشرى المُخترع بعد القرآن الكريم حكما على القرآن الكريم . هذا مع إن القرآن الكريم فوق علم النحو هذا ، وأن علم النحو هذا فيه نواقص كانت ولا تزال . لهذا نضع النقاط فوق الحروف فى هذا الكتاب .

فهرس كتاب ( القرآن الكريم وعلم النحو العربى )

المقدمة  

 الباب الأول :

بين اللسان القرآنى العربى والألسنة العربية الأخرى

 الفصل الأول  : بين اللسان  القرآنى واللسان العربى ولهجاته . 

  الفصل الثانى :  فضل اللسان العربى القرآنى على اللسان العربى  

   الباب الثانى :

علماء النحو و( المصطلحات )

مقدمة  للباب 

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة ) بين الاسلام والكفر

 

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

 

الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم 

    

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

 

  الباب الثالث :

 تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

مقدمة

  الفصل الأول :  مرجع الضمير فى القرآن الكريم

 الفصل الثانى : الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم

 الفصل الثالث : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم  

الفصل الرابع : الاستفهام 

(هل )  

 ألم تر ؟ أرأيت ؟  

فى القصص

فى الخطاب الالهى للبشر  

 الفصل الخامس

  الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم

 

الباب الرابع

  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن :

الباب الرابع

  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن :

الفصل الاول :

الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود اليوم الآخر

 الفصل الثانى :

معضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية

الفصل الثالث :

فشل النحويين فى موضوع الأمر

الفصل الرابع :

 التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى: الانتقال بين الأزمنة

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو :

 عن الماضى فقط . معانى ( ما كان ، ما يكون )،  بمعنى الاستمرار ،

 بمعنى المستقبل وتنوع الأزمنة / الشرطية / أصبح

 الباب الخامس : عن علم النحو

 الفصل الاول :لمجرد التذكير : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو

الفصل الثانى : الخليل بن أحمد العبقرى مبتدع علمى النحو و العروض

الفصل الثالث : سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم                         

الفصل الرابع : الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية

 

  الخاتمة

 

 

المقدمة  

 الباب الأول :

بين اللسان القرآنى العربى والألسنة العربية الأخرى

 الفصل الأول  : بين اللسان  القرآنى واللسان العربى ولهجاته . 

  الفصل الثانى :  فضل اللسان العربى القرآنى على اللسان العربى  

   الباب الثانى :

علماء النحو و( المصطلحات )

مقدمة  للباب 

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة ) بين الاسلام والكفر

 

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

 

الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم 

    

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

 

  الباب الثالث :

 تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

مقدمة

  الفصل الأول :  مرجع الضمير فى القرآن الكريم

 الفصل الثانى : الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم

 الفصل الثالث : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم  

الفصل الرابع : الاستفهام 

(هل )  

 ألم تر ؟ أرأيت ؟  

فى القصص

فى الخطاب الالهى للبشر  

 الفصل الخامس

  الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم

 

الباب الرابع

  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن :

الفصل الاول :

  فشل النحويين فى موضوع ( الأمر ) :

الفصل الثانى :

الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود اليوم الآخر

الفصل الثالث :

معضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية.

الفصل الرابع :

 التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى: الانتقال بين الأزمنة

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو :

 عن الماضى فقط . معانى ( ما كان ، ما يكون )،  بمعنى الاستمرار ،

 بمعنى المستقبل وتنوع الأزمنة / الشرطية / أصبح

 

 الباب الخامس : عن علم النحو

 الفصل الاول :لمجرد التذكير : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو

الفصل الثانى : الخليل بن أحمد العبقرى مبتدع علمى النحو و العروض

الفصل الثالث : سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم                         

الفصل الرابع : الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية

 

  الخاتمة

 

 

المقدمة  

 الباب الأول :

بين اللسان القرآنى العربى والألسنة العربية الأخرى

 الفصل الأول  : بين اللسان  القرآنى واللسان العربى ولهجاته . 

  الفصل الثانى :  فضل اللسان العربى القرآنى على اللسان العربى  

   الباب الثانى :

علماء النحو و( المصطلحات )

مقدمة  للباب 

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة ) بين الاسلام والكفر

 

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

 

الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم 

    

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

 

  الباب الثالث :

 تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

مقدمة

  الفصل الأول :  مرجع الضمير فى القرآن الكريم

 الفصل الثانى : الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم

 الفصل الثالث : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم  

الفصل الرابع : الاستفهام 

(هل )  

 ألم تر ؟ أرأيت ؟  

فى القصص

فى الخطاب الالهى للبشر  

 الفصل الخامس

  الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم

 

الباب الرابع

  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن :

الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود اليوم الآخرمعضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية.

  فشل النحويين فى موضوع ( الأمر ) :

  التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى: الانتقال بين الأزمنة

  معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو :

 عن الماضى فقط . معانى ( ما كان ، ما يكون )،  بمعنى الاستمرار ،

 بمعنى المستقبل وتنوع الأزمنة / الشرطية / أصبح

 الباب الخامس : عن علم النحو

 الفصل الاول :لمجرد التذكير : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو

الفصل الثانى : الخليل بن أحمد العبقرى مبتدع علمى النحو و العروض

الفصل الثالث : سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم                         

الفصل الرابع : الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية

 

  الخاتمة

 

 

المقدمة .

بعضهم ـ بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ـ يسارع بإتّهام القرآن الكريم بأن فيه أخطاء نحوية ، يجعلون علم النحو البشرى المُخترع بعد القرآن الكريم حكما على القرآن الكريم . هذا مع إن القرآن الكريم فوق علم النحو هذا ، وأن علم النحو هذا فيه نواقص كانت ولا تزال . لهذا نضع النقاط فوق الحروف فى هذا الكتاب . وفى هذه المقدمة نعرض لآيات قرآنية ليس فيها الإلتزام بقواعد النحو . بعضها عرفها أولئك السطحيون ، وبقيتها من بحثنا القرآنى . كما نوجز السبب .

أولا : نماذج من آيات قرآنية تخالف قواعد النحو العربى :

يقول جل وعلا :

1 ـ (  لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ  ) ( البقرة 177 ) . على حسب القاعدة النحوية كان ينبغي أن تكون كلمة ( البر ) الأولى مرفوعة لأنها أسم ( ليس ) وهي من أخوات ( كان ) التي ترفع الاسم وتنصب الخبر .. وكلمة ( البر ) الثانية في قوله تعالى ( ولكن البر ) جاءت منصوبة على القاعدة . فهي اسم ( لكن ) وهي من أخوات ( إن ) التي تنصب الاسم وترفع الخبر . وجدير بالذكر أن نفس كلمة ( ليس البر) جاءت في موضع آخر متمشية مع القاعدة النحوية ، في قوله سبحانه وتعالى (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا )  ( البقرة 189 ) . فكلمة ( البرٌ ) هنا مرفوعة لأنها اسم ( ليس ) . أي جاءت كلمة ( البر) على حسب القاعدة النحوية ، وجاءت مخالفة لها أيضا .

2 ـ (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( المائدة 69 ) . كلمة ( الصابئون ) جاءت مرفوعة بالواو لأنها جمع مذكر سالم ،مع أنه حسب القاعدة النحوية ينبغي أن تكون منصوبة بالياء لأنها معطوفة على أسم ( إن ) وهو ( الذين آمنوا ) . وجدير بالذكر أن نفس الكلمة جاءت منصوبة على القاعدة في قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة : 62 ) .

3 ـ ( فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) ( الفجر : 25 – 26 ) . أي أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا مثل ذلك العذاب ، ولا يوثق أحدا مثل ذلك الوثاق . وحسب القاعدة كان ينبغي أن يقال " فيومئذ لا يعذب عذابه أحداً ولا يوثق وثاقه أحدا " لأن كلمة " أحداً " موقعها في الجملة مفعول به منصوب ، ولكن جاء المفعول هنا مرفوعا .

4 ـ في قصة موسى وهارون (  قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء : 15 -16 ).فالله سبحانه وتعالى يتحدث عن اثنين هما موسى وهارون ، وبضمير المثنى " فاذهبا " " فقولا " . ومع ذلك استعمل ضمير الجمع للاثنين على خلاف القاعدة فقال " إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ " ولم يقل" أنا معكما " .. ثم عبر عن المثنى بالمفرد فقال : " إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ولم يقل " إنا رسولا رب العالمين " . وجدير بالذكر أنه في نفس القصة في سورة طه قال جل وعلا : (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ )( طه : 47 ) . أي جاءت على القاعدة .

5 ـ (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النساء : 162 ) . ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ) معطوفة على ( الرَّاسِخُونَ )، أى حسب القاعدة النحوية تكون ( والمقيمون الصلاة ) . جدير بالذكر أن ما بعدها جاءت على القاعدة ، وهى ( وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ )

6 ـ ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) المسد  ) . ( حَمَّالَةَ ) منصوبة بالفتحة .  نحويا تكون مرفوعة بالضمة أنها وصف لما قبلها ( وَامْرَأَتُهُ )

7 ـ ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ) (52) النمل ). ( خَاوِيَةً ) منصوبة بالفتحة . نحويا تكون مرفوعة بالضمّة لأنها خبر لمبتدأ هو ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ )

 8 ـ ( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ الْمُثْلَى (63) طه  ). ( هَذَانِ ) هنا مثنى مرفوع بالألف . نحويا هو إسم ( إنّ ) أى يكون منصوبا بالياء ( إن هذين ).

 9 ـ ( يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (31)الانسان ) . ( وَالظَّالِمِينَ ) هنا مبتدأ ، يعنى نحويا يكون مرفوعا بالواو لأنه جمع مذكر سالم . ولكنه قرآنيا جاء منصوبا بالياء .

 10 ـ ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5) الكهف ) . ( كَبُرَتْ كَلِمَةً ) كلمة هنا فاعل يعنى يكون نحويا مرفوعا بالضمة ، لكن قرآنيا جاءت منصوبة بالفتحة .

11 ـ  ( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) المزمل ). هنا شاهدان :

11 / 1 : ( أَنْ سَيَكُونُ ) نحويا يقال ( أن سيكون ) بالفتح لأن ( أن ) من أدوات النصب . ولكن قرآنيا جاء مرفوعة بالضّمّ .

11 / 2 : ( هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً  ). نحويا يقال ( هو خير وأعظم ). لأن ( هو )  مبتدا ، و( خير ) خبر ، وأعظم معطوف بالواو على الخبر المرفوع فيكون مرفوعا . 

ومن قواعد النحو عندهم أن الضمير يرجع الى الأقرب ، بالتالى فقوله جل وعلا :( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) ( 1 )( الفرقان ) يعنى أن الضمير المستتر فى الفعل ( ليكون ) يرجع على كلمة : ( عبده ) لأنه الأقرب . أى إن ( محمدا ) هو النذير للعالمين الى قيام الساعة . وهذا خطأ لأن محمدا بشر مقضىّ عليه بالموت ، وقال له ربه جل وعلا حين كان حيا : (  إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر ) . الذى سيبقى الى قيام الساعة هو ( الفرقان / القرآن ).

هذا دليل ضمن أدلّة كثيرة على أنهم حين وضعوا قواعدهم النحوية لم يتدبروا القرآن الكريم ، وإتّخذوه مهجورا .!

ثانيا : السبب بإيجاز :

1 ـ من الإعجاز القرآنى التعبير عن كلام البشر ب ( اللسان ). سيأتى فيما بعد خطأ أن يقال ( لُغة ). يقول جل وعلا : 

1 / 1 : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) (4) ابراهيم ). أى كل رسول ينزل عليه كتاب ب ( لسان ) قومه ليبين لهم . لم يقل ب ( لُغة قومه ).

1 / 2 : وعن ( لسان ) القرآن الكريم قال جل وعلا :

1 / 2 / 1 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ) (97) مريم   )

1 / 2 / 2 : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)  الشعراء   )

1 / 2 / 3 :( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ) (58 ) الدخان )

1 / 2 / 4 : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً )(12) الأحقاف )

2 ـ إن الله سبحانه وتعالى قد جعل من آياته خلق السماوات والأرض واختلاف السنة البشر فقال "  وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ " ( الروم : 22 ) . والعالمون أو العلماء لابد أن يدركوا إن اختلاف الألسنة والألوان البشرية من سنة الله تعالى في البشر ، ونحن نرى تلك الآية فينا . ففي إطار اللسان   الواحد ترى لهجات مختلفة متباينة ، وفي إطار الوطن الواحد ترى لهجات مختلفة ، وكل مدينة لها لهجتها ، بل كل قرية .. ومن الصعب مع وجود تلك الاختلافات أن ترى إجماعا على النطق في وطن من الأوطان وبالتالي فلا يمكن إخضاع أى لسان إلى قاعدة جامعة مانعة . ويظهر هذا فى الألسنة الأوربية وقواعدها واضحا جليا . وبالنسبة للجزيرة العربية قد كانت قبائلها تنطق العربية بلهجات مختلفة . ولذا فمن الخطأ أن تخضع كل القبائل وكل لهجاتها إلى قاعدة واحدة ، لأن ذلك يجافي منطق الطبيعة التي خلقها الله تعالى فينا .. إذ لابد أن تكون هناك أغلبية وأقلية في القواعد النحوية ، فلا يمنع أن يأتي الفاعل منصوبا في كلام فصيح ، وليس عيبا أن يكون أسم ( ليس ) منصوبا ، فذلك من المسموح به ، لأن القاعدة النحوية تسمح دائما بوجود الشواذ في النحو ،والقياس لا محل له هنا ، لأن البشر ليسوا جمادا وليسوا مواد ميتة يمكن وضعها في أنابيب الاختبار ، والكلمة المنطوقة هي في حقيقتها كائن حي تكتسب خلفية ثقافية واجتماعية ، وقد تندثر أو تختلف مدلولاتها حسب الزمان والمكان .. وكل ذلك يستعصي على القياس السرياني الذي افتتن به أهل العراق في العصر العباسي وقبل العصر العباسي ، وطبقوه على حتى على الفقه والمنطق . لذا كان القرآن الكريم هو الذي يعبر في الحقيقة عن اللسان العربي حين نزل به كما يستعمله العرب ، أي بدون ذلك الالتزام الصارم بالقواعد النحوية ، أو بذلك القياس السرياني الذي يريد أن تخضع له كل شاردة وواردة في كلام العرب رغم انف العرب . إن القرآن الكريم هو الأقرب لطبيعة اللسان العربي لأنه لم يلتزم تماما بالقواعد النحوية ، وجاء يمثله بأغلبيتها التي تتمشى مع قواعد النحو وبالأقلية فيها التي تعطي قواعد النحو ظهرها ، وهي مع ذلك فصيحة غاية في الفصاحة . 

أخيرا :

وتأتى التفصيلات فى هذا الكتاب . والله جل وعلا هو المستعان .

تعليقات

سعيد على

 مقدمة رائعة و مشوقة حفظكم الله جل و علا

 
حفظكم الله جل و علا و لعل جملة : و هذا دليل ضمن أدلة كثيرة على أنهم حين وضعوا قواعدهم النحوية لم يتدبروا القران و اتخذوه مهجورا تشي بمحتوى متضمن أدلة كثيرة على نقص هذه القواعد و أذكر لكم : اللام المفخمة في لفظ الجلالة و الضمير ( هو ) الذي هو ضمير مفرد غائب ! جل جلاله فهو الحاضر دائما و لا تأخذه سنه و لا نوم .

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:

جزاك الله جل وعلا خيرا على حضورك المُضىء ، وأرجو ألّا تغيب عن موقعك أهل القرآن ، وجودك فيه هو الذى سيبقى لك فى الأجيال القادمة إن شاء الله جل وعلا ، وسبحانه الذى لا يضيع أجر من أحسن عملا .

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الأول : بين اللسان القرآنى العربى والألسنة العربية الأخرى

 الفصل الأول  : بين اللسان  القرآنى واللسان العربى ولهجاته . 

مقدمة :

1 ـ كلمة ( اللغة العربية ) خطأ فادح . لا نستعمله هنا . ونستعمل المصطلح القرآنى ( اللسان ). والمقصود باللسان القرآنى العربى ، وهو ما جاء فى قوله جل وعلا :

1 / 1 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ) (97) مريم   )

1 / 2  : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)  الشعراء   )

1 / 3 :( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ) (58 ) الدخان )

1 / 4 : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً )(12) الأحقاف ) .

2 ـ هناك ( ألسنة عربية ) أخرى ، نطقت وتنطق بها ( ألسنة ) المتحدثين بالعربية . وهى نوعان :

2 / 1 : نوع إندثر ( مثل بعض ألفاظ العصر الجاهلى ) ونوع يستمر إندثاره بفعل التطور مثل ألفاظ رصدتها القواميس العربية ، وهى تحوى ألفاظا عربية لم تعد مستعملة .

2 / 2 : اللهجات العربية التى نمت وإنتشرت الى جانب العربية الفصحى . وهذه ( العامية ) هى ( لكنات ) مختلفة حسب الزمان والمكان ، وهى مختلفة فى نطق بعض الحروف العربية ، خصوصا القاف والجيم والكاف .. وهى مفهومة بين المتحدثين بها وعسيرة الفهم على غيرهم من أصحاب اللهجات ( اللكنات ) العربية الأخرى فمن الصعب على المصرى فهم اللهجة المغربية . والاختلاف فى اللهجات تراه فى الوطن الواحد ، ففى مصر هناك اللهجة الصعيدية والنوبية والقاهرية والسكندرية والشرقاوية ..الخ . وانتشرت اللهجة القاهرية فى مصر ، بل أصبحت معروفة ومحببة خارج مصر .

3 ـ خارج اللسان العربى القرآنى وغيره ــ ما إندثر منه وما لا يزال موجودا من لهجات ـ  يوجد اللسان غير العربى . هذا اللسان غير العربى ــ بكل أنواعه ــ مذكور فى القرآن الكريم بمصطلح ( الأعجمى ). قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)  النحل )

3 / 2 : (  وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) فصلت )

ندخل على الفصل الأول من هذا الباب :

أولا :

 ( 1 )

فى تاريخ إبن كثير ( البداية والنهاية ) قصة ظريفة عن عيسى بن عمرو الثقفى ، وكان من موالى خالد ابن الوليد واستاذا للخليل بن أحمد الفراهيدى وسيبويه ، ومن أوائل علماء النحو . وإشتهر بإلتزامه فى كلامه بالغريب من الألفاظ العربية التى إندثرت . وقد حكى الجوهري عنه في الصحاح: أنه سقط يوما عن حماره فاجتمع عليه الناس فقال:  ( مالكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي مرة؟ افرنقعوا عني.) . تفسير كلامه : مالكم تجمعتم علي تجمعكم على مجنون؟ انكشفوا عني.

( 2 )

القاضى الأموى يحيى بن معمر كان أيضا مغرما بالغريب من مفردات اللسان العربي القديم الذى تم هجره لتحل محله مفردات جديدة بالظروف الجديدة فى  العصر الأموى ، وكان يستعملها ليدل على علمه وفصاحته . قال عنه المؤرخ ابن الجوزى فى تاريخه ( المنتظم ) : (كان صاحب علم بالقرآن والعربية‏ ، وولي القضاء وكان عالمًا فصيحًا ثقة‏.‏.) ، أى كان يعلم اللسان القرآنى واللسان العربى . ويتفاخر بهذا فى كلامه . وحكى ابن الجوزى هذه القصة التى حدثت فى مجلسه فى القضاء : ( ‏ كان يحيى قاضيًا فتقدم إليه رجل وامرأته، فقال يحيى للرجل‏:‏ أرأيت إن سألتك حق شكرها وشبرها أنشأت تطلها وتضهلها‏ ؟ .‏ فقال الرجل لامرأته‏:‏ لا والله لا أدري ما يقول. قومي حتى ننصرف  .!).

من المفروض أن يتكلم الفقيه العالم مع الناس بطريقة يفهمونها ، أى بلسان ميسّر سهل ، وقد قيل إن أساس البلاغة هو مراعاة حال المخاطب ( بفتح الطاء ) أى المستمع ، أى ان تخاطب الناس على قدر عقولهم وبما يفهمون ، ولكن هذا القاضى المتحذلق يحيى بن معمر استخدم مهارته اللسانية و فصاحته المبالغ فيها حتى فى مجلسه فى القضاء. جاءت اليه زوجة تشكو زوجها فلما استمع اليها خاطب الزوج بلسان عربي قديم لم يكن مفهوما فى ذلك العصر الأموى .قال للزوج :( أرأيت إن سألتك حق شكرها وشبرها أنشأت تطلها وتضهلها‏ ؟) وترجمة هذا الكلام من العربية الى العربية : هل لأنها طلبت منك حقها كزوجة فترد عليها بأن تبطل حقها أو تعطيها حقها قليلا قليلا؟ فالشكر و الشبر كناية عن النكاح وحق الزوجة، و ( تطلها ) أى تبطل حقها ، و ( تضهلها ) أى تعطيها حقها قليلا قليلا. وطبعا لم يفهم الرجل المسكين ما يقوله القاضى ، ولم تفهم المسكينة زوجته أيضا ،و لا بد أن الزوجين وجدا نفسيهما فى مشكلة أعقد من الخناقة الأصلية التى جاءا من اجلها للقاضى ، ولا بد أن الزوج قرر أن الأيسر له أن يفر من أمام هذا القاضى الذى ( يرطن) بلسان غير مفهوم ...تقول الرواية : (فقال لامرأته ‏:‏ لا والله لا أدري ما يقول. قومي حتى ننصرف) يعنى قال بلهجتنا المصرية العربية المعاصرة : ( علىّ النعمة ما أنا فاهم حاجة. قومى يا وليّة نفلسع من الراجل المناخوليا ده !! ) هذا عن اللسان المصرية ( اللهجة المصرية فى عصرنا ، فماذا عن عصر هذا الفقيه المتحذلق ، وهو يتكلم بلسان عربى لم يعد مفهوما فى عصره فى القرن الأول الهجرى ؟ وان كان العصر الأموى ـ الذى حدثت فيه هذه القصة ـ لا يمكن أن يفهمها فكيف بعصرنا ؟!! هذا القاضى الذى مات سنة 89 هجرية استعمل ألفاظا عربية كان قد بطل استعمالها فى هذا العصر المبكر. فكيف بعصرنا بعده بأربعة عشر قرنا ؟

( 3 )

3 / 1 : قبل ذلك لم يكن للقبائل العربية لسان عربى واحد متفق عليه . كان هناك اختلاف فى الكلمات بين القبائل ، خصوصا بين قبائل اليمن ( العرب القحطانية ) وقبائل عدنان / نزار ( مضر / قيس ) ( العرب المستعربة ) من نسل اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . قبائل اليمن القحطانية ـ  مثلا ــ كانت تقول عن ( الملك ) (قيل ) أى الذى يقول ، فيطاع قوله . المقابل له فى لسان العرب المستعربة هو ( الزعيم ) أى الذى يزعم شيئا فيصدقونه .

3 / 2 : الملاحظ أن لفظ ( قيل ) لم يرد فى اللسان القرآنى بمعنى الملك الحاكم ، بل جاء مبنا للمجهول من الفعل ( قال ) وتكرّر كثيرا ، ومنه الآيات الكريمة التالية من سورة البقرة : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)) ، ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) ) ومن سورة النحل (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (24) ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30).

3 / 3 : المصطلح ( زعم ) مستعمل كثيرا فى اللسان القرآنى . نقرأ الآيات الكريمة : ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) التغابن) ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) الاسراء ) ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48) الكهف ) ( وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (52) الكهف ) ( سَلْهُم أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) القلم ) (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) يوسف ) . وواضح أن معناه غالبا فى الزعم الكاذب .

3 / 4 : وقالت العرب المستعربة ( ما لسان حمير واقاصى اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا )، وقال النحوى إبن جنّى : ( لسنا نشك فى بُعد لغة حمير ونحوها عن لغة بنى نزار ). هذا إعتراف بعُمق الاختلاف بين لسانين عربيين .

( 4 )

4 / 1  ـ الفتوحات العربية فى القرن الأول الهجرى أحدثت إنفجارا فى اللسان العربى على عدة مستويات : إختلطت القبائل العربية ، وإنساحت فى القارات الثلاث ، وإختلطت أيضا بشعوب لها ألسنة مختلفة ، قبل ذلك كان لكل قبيلة لهجتها ، وألفاظها العربية ، بالفتوحات حدث تواصل وتلاقح بين لهجات اللسان العربى ، وبالتعامل مع الأمم المفتوحة تم تناسى ألفاظ عربية صميمة ، بحيث كان ذكرها تقعّرا ، وحتى إن بعضهم أراد التميّز بإستعمال هذه المفردات العربية المهجورة ، فيسخر منه الناس .

4 / 2 :  اللسان البشرى أو ( الكلام البشرى ) كائن حىّ يتطور باستمرار، تموت منه ألفاظ وتتولد ألفاظ جديدة ، و بالاحتكاك بالألسنة الأخرى يتم التلقيح وتوالد واستعارة ألفاظ اجنبية وتعريبها. كل هذا يؤكّد  أنّ إختلاف الألسنة آية جاءت ملحقة بآية خلق السماوات والأرض . قال جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ )  الروم ). الطفل يتأقلم لسانه ومخارج حروفه على نطق معين ، ينشأ عليه ويستمر معه . ونرى هذا التنوع اللسانى على مستوى الأمكنة والأزمنة . ومهما يتعلم الانسان لسانا آخر ـ غير لسانه الأم ـ فتظل له ( لكنة ) حين ينطق باللسان الجديد الذى تعلمه . وترى هذا فى أمريكا بين المهاجرين وأولادهم المولودين أمريكيين . الوالدان لهم لكنة ، بينما أولادهم ينطقون اللسان الأمريكى بطلاقة . بل تراه بين الأمريكيين من أصول أفريقية ، مهما إختلفت الولايات التى يعيشون فيها ترى لهم لكنة مميزة ، ونفس الحال مع الآسيويين الأمريكيين ومع الأسبان الأمريكيين . هذا ما لاحظته بنفسى .  

4 / 3 ـ اللهجات العربية الآن :

4 / 3 / 1 : تختلف فيها نطق الحروف ، مثل حروف الضاد / الزاى ، الزاى / الزين / الجيم / القاف / الكاف / السين والثاء ..الخ .

4 / 3 / 2 : تختلف فيها معانى بعض الكلمات ، وينتج عن ذلك سوء تفاهم ونوادر :

4 / 3 / 2 / 1 : تعرفنا الى سيدة مغربية فى بوسطن. رأتنا فى موقف اتوبيس ، قالت لنا بعدها : أنا عيطت عليكم . تقصد ناديت عليكم بصوت مرتفع . عندنا ( عيّط ) يعنى بكى بصوت مسموع .

4 / 3 / 2 / 2 : مدرس مصرى فى العراق ، كان مع زملائه سألوه : كيف حالك ؟ قال ( مبسوط ) فاندهشوا وقالوا له : من بسطك ؟ فقال أنتم . زادت دهشتهم . ( بسط ) فى اللهجة العراقية تعنى ضرب ، وفى اللهجة المصرية تعنى السرور .

4 / 3 / 2 / 3 : مدرس مصرى فى دولة خليجية أراد أن يمدح شخصا فقال له : إنت صاروخ ، فغضب الشخص لأن صاروخ عندهم يعنى الشاذ جنسيا .

4 / 3 / 2 / 4 : المطرب اللبنانى وديع الصافى فى حفلة فى ليبيا قال يشكر ويُحيّى الجمهور : ( الله يعطيكن العافية ) فتجهموا وبان الغضب عليهم ، فأسرع متعهد الحفل وقال له : إن العافية تعنى الموت ، يعنى انت تدعو عليهم بالموت . فأسرع وديع الصافى وقال لهم : الله لا يعطيكن العافية . هلّلوا !.

أخيرا :

لم نذكر قصة ذلك النحوى وذلك القاضى الأموى المتحذلق للتسلية ، ولسنا هنا فى مجال التقصي فى فقه اللسان العربي وتطوره وأسراره ، ولكنه تمهيد لموضوعات لاحقة فى الفصول والأبواب التالية .  

 

 ب 1 ف 2 : فضل اللسان العربى القرآنى على اللسان العربى

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الأول   :بين اللسان القرآنى العربى والألسنة العربية الأخرى

الفصل الثانى :  فضل اللسان العربى القرآنى على اللسان العربى  

 أولا :

القرآن حفظ اللسان العربى العادى من الاندثار

( 1 )

أعظم تكريم للسان العربي أن اختاره رب العزة جل وعلا ليكون اللسان الذى نزل به القرآن ولتتكلم به خاتمة الرسالات السماوية حتى قيام الساعة . ولا يزال اللسان القرآنى العربى يحمل الهداية للبشرية بعد نزوله بخمسة عشر قرنا من الزمان ، وبه إستمر اللسان العربى ـ خارج القرآن الكريم ـ مستمرا ، حتى لقد تميّز به الناطقون به ، فأصبح ما يسمى بالعالم ( العربى ) وما يسمى ب القومية العربية والتراث العربى والحضارة العربية .

( 2 )

الشعوب التى تعتنق الاسلام ( المحمديون ) لديهم رصيد من الألفاظ العربية فى ألسنتهم القومية من فارسية وأردية وتركية ..الخ ، ويؤدى معظمهم شعائر الاسلام وخصوصا الصلاة باللسان العربى . كان اللسان العربى مؤهلا للانتصار على الألسنة المعاصرة له وقت نزول القرآن الكريم  ، وبعضها اندثر وانهزم أمام اللسان العربي الوافد ..وبعضها عاش ولكن يحمل الكثير من ألفاظ اللسان العربي ، بل وأحيانا طريقة رسمه وكتابته.  لقد حمل الاسلام اللسان العربى الى العالم المعروف عبر القرآن الكريم .  على أن أكبر خدمة قدمها الإسلام والقرآن للسان العربي هي في ديمومة فيما يُعرف بالفصحى  حية حتى اليوم .وكان اللسان العربى مرشحا لأن تندثر ويموت في الجزيرة العربية ويتحول إلى لهجات قبلية مثل اللسان السواحيلي ولهجاته في شرق إفريقيا ، لولا الإسلام . وهذا بفضل القرآن الكريم ـ الذي حفظه الله تعالى إلى يوم القيامة . ويكفي في إعجاز القرآن وفضله على اللسان العربي أن المتكلمين بالعربية تختلف لهجاتهم إلى درجة يصعب معها التفاهم أحيانا ، ولكن حين يقرأون القرآن الكريم أو يتكلمون بالفصحى يفهم بعضهم بعضا . ولو أفترضنا أن بعض الصحابة بعثه الله سبحانه وتعالى فى عصرنا فلن يفهم كلام الناس فى الجزيرة العربية أو خارجها . ولكن يختلف الوضع  إذا قُرىء القرآن الكريم . إننا نقرأ القرآن ،أي نقرأ نفس الكتاب الذي كان يقرؤه خاتم النبيين بلا اختلاف ، وحين نقرأ القرآن تتكون تلك الصلة بيننا وبين رسول الله محمد عليه السلام ،إذ ننطق ما كان ينطق ، ونتلفظ نفس ما كان يتلفظه. وهذه الصلة هى حقيقة الصلاة على النبى محمد عليه السلام.

( 3 )

 ديمومة اللسان العربي  ـ غير القرآنى ـ  جعلت له مستويين : لسان الفصحى و اللهجات المحلية العربية فى كل قطر عربى ، كما جعلها تختلف فى ألفاظها من عصر الى آخر، بل من مكان الى آخر.

( 4 )  ظهر اللسان العربي قبل نزول القرآن الكريم بقرون ، وهو لا يزال حتى الآن ممثلا فى العربية الفُصحى ، أى هو الأقدم فى الألسنة الحية . ولا يزال اللسان العربي ( الفصيح ) حيا حتى الآن لسببين : القرآن الكريم و تأدية الصلاة اليومية . وإنصافا ل ( اللسان العربى ) نقول إنه حين نزل القرآن كان هذا اللسان العربى محليا ينطق به سكان الجزيرة العربية في داخلها ، ولكنه كان يحمل فى داخله خصائص التطور والانطلاق نحو العالمية والصمود أمام الألسنة الأخرى التى توارت لتفسح له الطريق مثل اللسان القبطى ( المصرى ) والنوبى والأمازيغى والسريانى ، وهى ألسنة شعوب ذات حضارات وتراث وأفكار تسبق العرب . 

 ( 5 )

 حين نزل القرآن الكريم كان اللسان العربى محصورا فى الصحراء العربية بعيدا عن الحضارة الأوربية حول البحر المتوسط ، والتى تتكلم  وقتها باللسان اللاتينى واليوناني ، ومرت الأيام واندثر هذا وذاك . تحول اللسان اليونانى وتقزّم فيما ينطقه سكان اليونان اليوم ، واندثر اللسان اللاتيني وتحول الى لهجات ، ما لبث أن أصبحت ألسنة مستقلة مثل الفرنسية والأسبانية والإيطالية والبرتغالية ولهجات أخرى كثيرة، وانفصلت الإنجليزية والألمانية عن اللسان التيوتوني . وكل منها اكتملت وأصبح لها معاجمها وقواعدها.وقد أتى حين من الدهر في العصور الوسطى كان فيه اللسان العربي هو اللسان العالمي الأول وربما الوحيد، بل إن بعض مفردات اللسان العربى غزت أوربا مع علاقات التجارة والحروب على جانبى البحر المتوسط ، وترتب على ذلك أن اكتسبت ألسنة أوروبا كثيرا من الألفاظ العربية ، فالقيثارة أصبحت جيتار ، ودار الصناعة أصبحت ( Arsenal). وفي عصور ضعفنا استعدنا نفس الألفاظ فنقول جيتار وترسانة .

ثانيا :

القرآن الكريم وتوسيع اللسان العربى

( 1 )

1 / 1 : إنعزال العرب فى صحرائهم وبساطة معيشتهم وعزوف أغلبهم عن التفاعل مع غير العرب ( الفرس والروم ) جعل إحتياجهم قليلا للألفاظ العربية التى يستعملونها .

1 / 2 : هذا مع مرونة اللسان العربي ، وقدرته الفائقة على التشكّل والاشتقاق ، وما يصحب هذا من تغييرات فى المعانى ، وكل منها يعبر عن معنى جديد . وعلى سبيل المثال ـ ونظريا ـ  فكلمة ( ضرب) فيها الفعل الماضي  : ( ضَرَبَ ) وفيها المصدر :( ضَرْب) والمفعول المطلق ( ضرباً) وإسم الفاعل : ( ضارب) والمفعول به: ( مضروب) وإسم الآلة وإسم الزمان وإسم المكان حسب القرينة : ( مضرب)، وصيغ المبالغة (ضرَّاب) (ضَربٌ) ( مضراب) ( ضروب) الخ ..، وذلك بالإضافة إلى صيغ الطلب ( استضرب) وصيغ الفعل ( ضرب) ( يضرب) ( اضرب) وتصريفات المجرد والمزيد ، والمزيد بحرف والمزيد بحرفين والمزيد بثلاثة أحرف (ضَّرب) (تضَّرب) ( مستضرب) ( استضرب) .. وهكذا ، تتسلسل الاشتقاقات في مرونة فائقة لتعطي معاني جديدة . لم يكن العرب فى الجاهلية بحاجة الى هذا كله .

1 / 3 : القرآن الكريم استغل هذه المرونة اللفظية في اللسان العربي وأنتج منها القرآن استعمالات جديدة في الألفاظ ، واشتقاقات جديدة فرضت نفسها في الواقع اللسانى العربى المُعاش والواقع الحياتي بل والواقع الديني حتى الآن. ويكفى أن تراجع مصطلح ( ضرب ) ومشتقاتها وتنوع معانيه فى سياقاته القرآنية .

( 2 )

2 / 1 :  لم يتوسع اللسان العربى الجاهلى فى إستعمال ألفاظ من الخارج ،  ولكن اللسان العربي القرآنى إستوعب الكثير من الألفاظ الأجنبية لتصبح من مفردات اللسان العربى شأنها شأن المفردات العربية الأصيلة . منها :أسماء المواد والأدوات ( إستبرق ، سندس ، زنجبيل ) وأسماء المخلوقات الملائكة :( ميكال ، جبريل ) علاوة على أسماء الأنبياء ( نوح وإبراهيم ولوط واسماعيل واسحاق ويونس ..الخ ) وشخصيات تاريخية مثل ( طالوت ، جالوت ) . ولفظ الجلالة (الله) ليس عربيا ، لأن نطق اللام فيه بالتعطيش ،و ليست اللام الثقيلة المعطشة من حروف اللسان العربي ، ومنطقي أن يكون لفظ الجلالة قبل نزول القرآن الكريم وقبل العرب والناس أجمعين .

2 / 2 : توسّع اللسان العربي بعد نزول القرآن فاستوعب الاشتقاقات الجديدة التي جاء بها القرآن ، ثم استوعب مفردات الألسنة الأخرى بعد الفتوحات العربية وقيام الحضارة العربية في العالم ، وترجمة التراث الشرقي واليوناني والهلليني ، وامتص اللسان العربي المصطلحات الجديدة وهضمها واستوعبها في بنائه وأصبحت فلسفة اليونان وحكمة الهند وتراث فارس ينطق باللسان العربي في العصر العباسي ، تماما مثلما ينطق اللسان العربي الآن بالمصطلحات الإنجليزية وأصبحت من الكلمات العربية مثل " فيلم " " سيجارة " " سينما " بل يُخضعه للإعراب ، تقول ( رأيت فيلما ).

ثالثا :

 اللسان القرآنى و تحسين اللسان العربى الفصيح

( 1 )

الضمائر المفرد والمثنى والجمع

1 / 1 : فى اللسان العربى تتنوع الضمائر بين مثنى مذكر ومثنى مؤنث وجمع مذكر وجمع مؤنث وجمع تكسير . لم يكن للمرأة فى الجاهلية أن تتساوى بالرجل ، وكانت حقوقها مهضومة لذا فلم يكن هذا التنوع موجودا فى اللسان العربى الجاهلى قبل نزول القرآن الكريم . إختلف الوضع بالاسلام وتشريعاته .

1 / 2 : الجاهلية العربية تذكّرنا بقواعد اللسان الانجليزى . فليس فيها مثنى ، والجمع فيها يبدأ بعد المفرد . والجمع فيها لا فارق فيه بين المؤنث والمذكر . فكلمة "  they" يراد بها المثنى المذكر والمثنى المؤنث ، والجمع المذكر والجمع المؤنث ، ولا فارق فيها بين الاثنين أو الجمع الذي يبلغ الألوف . وحين تتحدث بالإنجليزية عن العلاقات التشريعية عن الزوج وزوجته والأهل والعمّ والخال والعمة والخالة تدرك تقاصر الإنجليزية عن الوفاء بالمعنى بنفس ما تستطيعه العربية بألفاظ قليلة .لأن اللسان العربي فيه ضمائر للمفرد المذكر والمفردة المؤنثة والمثنى المذكر والمثنى المؤنث ، والجمع المذكر والجمع المؤنث ، وبذلك يتم تحديد المقصود بالتشريع أن كان الزوج أو الزوجة أو هما معا أو المثنى المذكر أو المؤنث . ونعطى أمثلة :

1 ـ يقول سبحانه وتعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ) ﴿١٥﴾ النساء )  . والواضح أن الحديث عن النساء لأن كلمة " اللاتي" تفيد الجمع المؤنث فقط ، ولكن اللسان  الإنجليزي يجعلها those who "" ومع أنهما كلمتان إلا أنهما تشملان الجمع مذكرا ومؤنثا بدون تحديد ، ولذلك لابد أن تقول في ترجمة الآية الآتي " Thos ( women )who"فنضيف كلمة" women "  لتفيد أن المقصود هو النساء .. والآية التالية تقول (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ) ﴿١٦﴾ ) (النساء)  أي " اللذان " من الرجال لأن الكلمة تفيد المثنى المذكر فقط أي تتحدث عن الشذوذ الجنسي بين الذكور . ولكن الترجمة الإنجليزية تقول نفس الكلمة " Those who "وحين تترجم الآية لابد أن تحدد فنقول "Those ( two males )who"فتضيف " Two males "لتفيد أن المقصود " ذكرين " أو " اثنان من المذكور " .

2 ـ والتذكير و التأنيث مشكلة فى اللسان الانجليزي حتى فى التعامل مع المفرد ، فلو كتبت : (  Reda Talks) فلا يعرف القارىء (رضا ) هذا هل هو مذكر أم مؤنث. ولكن لو كتبت نفس الجملة بالعربية لقلت ( تحدث رضا ) فى المذكر ، و( تحدثت رضا ) فى المؤنث ، أى تأتى تاء التانيث فى الفعل لتحدد الذكر من الأنثى . وهذا مهم فى التشريع وحقوق الناس من ذكور وإناث حيث لا بد من توضيح هذا من هذه. أى إن عبقرية اللسان العربي هنا إستعمله اللسان القرآنى أروع ما يكون فى التشريع لتكون أحدى مظاهر الفصاحة القرآنية وآياته .

 3 ـ ولكن القرآن الكريم يستعمل هذا أيضا فى إعجازاته العلمية التى سبق بها العلم الحديث ، فحين يقول سبحانه وتعالى (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ) ( العنكبوت 41) فكلمة (اتَّخَذَتْ ) لا تدل إلا على العنكبوت الأنثى ، وهى التى تهيىء عش الزوجية للذكر ليلقحها فاذا اتم التلقيح قتلته والتهمت راسه ، وهذا عرفه العلم حديثا ، والمعجز هنا فى حرف (تاء التانيث ) فى كلمة (اتَّخَذَتْ ) . وبالمناسبة فهذه الاية القرآنية المعجزة علميا تحتوى على اسلوب مجازى رائع يعتمد على ما يسميه علماء البلاغة بالتشبيه التمثيلى الحركى الذى يركز ويكثف أحداثا متحركة نابضة فى صورة مجازية تنطبق على شىء حقيقى واقع ، فالمشرك الذى يذهب الى الضريح متوسلا يتمسح بالاعتاب راجيا الخير من صاحب الضريح انما يذهب الى التهلكة بمثل ما ينخدع ذكر العنكبوت .

بهذا ندخل على الموضوع التالى :

( 2 )

الاسلوب التقريرى والاسلوب المجازى

2 / 1 :اللسان العربى ( الجاهلى ) قبل نزول القرآن الكريم كان محدود الخيال ، وكان إستعمال المجاز فيه بسيطا وبُدائيا ، معبرا عن عصره ، بتشبيهات واستعارات محدودة إذ لم يكن هناك ما يستدعى هذا التعقيد فى أغراض الشعر الجاهلى من وصف ومدح وفخر وهجاء وغزل بالنساء .

2 / 2 : فى القرآن الكريم كان اسلوب المجاز ضروريا بنفس ضرورة الاسلوب العلمى التقريرى. فهو كتاب فى الهداية أساسا ، وفى الهداية يأتى التشريع باسلوب علمى تقريرى كما يأتى الوعظ والحديث عن الغيبيات بالاسلوب المجازى ، مع الجمع بين هذا وذاك .

2 / 2 / 1 :  عن الاسلوب العلمى التقريرى فى التشريع القرآنى نقرأ قوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( البقرة 173 ) فالتشريع هنا واضح محدد باسلوب تقريرى لا لبس فيه و لا مجاز من تشبيهات و استعارات وكنايات .

2 / 2 / 2 : وأسلوب المجاز تراه فى :

2 / 2 / 2 / 1 : خطاب الوعظ والدعوة ، ومنه  : ضرب الأمثلة كقوله جل وعلا :  ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً )(5) الجمعة ).

2 / 2 / 2 / 2 : وفى عوالم الغيب في الآخرة نقرأ قوله سبحانه وتعالى عن نعيم الجنة : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ) ( محمد 15) هنا لا يذكر حقيقة نعيم الجنة ولكن يقربه الى الذهن عن طريق التشبيه وضرب المثل .

2 / 2 / 2 / 3 : وفى الحديث عن رب العزة يأتى المجاز ، ومنه أسلوب المشاكلة ، كقوله جل وعلا  : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)  الأنفال ).

2 / 2 / 3 : مع ملاحظة أن أسلوب المجاز يخضع لأسلوب تقريرى مُحكم . عن نعيم الجنة يقول جل وعلا : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) السجدة 17 ) ، وعن رب العزة جل وعلا : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(11) الشورى ). 

التعليقات

سعيد على 

كتاب جميل رغم فصله الثاني و عديد النقاط دونتها عنه.

حفظكم الله جل و علا و بارك في علمكم و وقتكم .. رغم أننا نقرأ فصله الثاني إلى أن كل فقرة في هذا الفصل عنوان لكتاب .. و اقتبس هذه الفقرة الرائعة : و حين نقرأ القران تتكون تلك الصلة بيننا و بين رسول الله محمد عليه السلام إذ ننطق ما كان ينطق و نتلفظ نفس ما كان يتلفظه و هذه الصلة هي حقيقة الصلاة على النبي محمد عليه السلام.

* عندما ينصف الدكتور أحمد يقول : اللسان العربي كان يحمل في داخله خصائص التطور و الانطلاق نحو العالمية و الصمود أمام الألسنة الأخرى التي توارت لتفسح له الطريق مثل اللسان القبطي و النوبي و الأمازيغي و السرياني و هي ألسنة شعوب ذات حضارات و تراث و أفكار تسبق العرب.

و هنا لا بد من وقفة تأمل .. و أسئلة تجول في الخاطر و تبدأ بكلمة ( كيف ؟ ) ( ازاي !! ) كيف لجيش مكون من ٤ الآلاف بقيادة عمرو بن العاص و قد ساعده المصريون في ( فتح .. غلق .. أي حاجة !! ) أن يسيطر لسان هؤلاء على اللسان القبطي كيف و ازاي ؟ مصر من أقصاها لأقصاها .. أدناها .. أي حاجة المهم المساحة ( ديه كلها ) .. البشر ( دول ) كلهم يتخلوا عن لسانهم القبطي و النوبي و يستبدلوه بلسان عربي مبين .. مش مبين .. أي حاجة ! المهم كيف و ازاي .
لدي أسئلة أخرى و إن شاء الله يسعفني الوقت لكتابتها قبل صدور المقال الثالث.

أحمد صبحى منصور  

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :  :

قلت فى الباب الثانى ـ حسبما أذكر ـ إن هذا الكتاب مثل معظم كتاباتى عمل رائد. والأعمال الرائدة تكون بداية ، وتحتاج لمن يبنى عليها وينقدها ويملأ الفراغ فيها . بهذا تتقدم مسيراتنا . الباب الذى أكتبه الآن أعايشه فى يقظتى ومنامى ، وأعدت صياغته لأرضى عنها . الهاجس الذى أعيش فيه دائما أن هذا هو ما سيبقى منى بعد موتى جسديا.

سعيد على

و قد أتى حين من الدهر في العصور الوسطى كان فيه اللسان العربي هو اللسان العالمي الأول و ربما الوحيد . 

هذه الفقرة رغم شعور من ينطق باللسان العربي عند قرأتها يشعر بالفخر للوهلة الأولى ! ثم يبدأ بالتساؤل: كيف .. ازاي ؟ اللسان العالمي !! يعني الصين و هي حضارة قديمة و لغة قديمة بالمناسبة أنا أحب الصين و الصينيون و مغرم بتأثير الحضارة الصينية على الشخصية الصينية فمثلا : منشيوس ( ت ٢٨٩ ق م ) المعلم الثاني للفلسفة الكونفوشية بعد المعلم الأول كونفوشيوس ( ت ٤٧٩ ق م ) و في كتاب ( منشيوس ) يقول : الذي لا يمتلك قلبا رحيما متعاطفا ليس بإنسان فكل البشر يتمتعون بقلب رحيم يأسى لعذابات الآخرين الملوك القدماء كان لديهم قلوب رحيمة و قد انعكس ذلك في ممارستهم للحكم الرؤوف بقلب حنون و حكم رؤوف تنقاد البلاد إلى الحاكم و تغدو طوع بنانه و ما أعنيه بقولي أن كل البشر يتمتعون بقلب رحيم يأسى لعذابات الآخرين هو : لو أن انساناً رأى فجأة طفلا على وشك السقوط في بئر فسيتحرك في داخله شعور بالجزع و التعاطف لا طلبا للشكر و العرفان من أبويّ الطفل و لا طمعا في مديح جيرانه و أقربائه و لا لنفوره من سماع صراخ الطفل من هنا يمكن القول بأن الذي لا يمتلك قلبا رحيما متعاطفا ليس بإنسان . فهل هذه الحضارة بهذا الرقي و هذا العمق الرحيم تستبدل لسانها بلسان عربيا حتى لو كان مبينا!

أحمد صبحى منصور 

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول 

الصين  فى القرون الوسطى حجزت نفسها عن العالم بسورها العظيم ، لم يعد مجرد سور مادى ، بل هو سور داخل أنفس الصينيين. بعيدا عنهم توجد العالمية فى البحر المتوسط وشرق آسيا والهند . وهى المنطقة التى توسع فيها العرب فى الفتوحات ، وسارت من قبلهم فيها الصراعات من إسكندر الأكبر الى حروب فارس والروم، وهى منطقة الأغلبية من الأنبياء ، والمذكورين فى القرآن الكريم .  فيما بعد كانت الكشوف الجغرافية والاستعمار . وحاليا بدأت الصين تفُكُّ عُزلتها وتتوسع إقتصاديا ..

سعيد على :

رائع جدا جدا بو محمد حفظكم الله و محظوظ جدا جدا من قرأ لك و ناقشكم في فقرة . أسعد أوقاتي في مقالاتكم
أن تخصص من وقتكم الثمين جزء للرد فهذا والله فخر و عز .. أن تحاور عقلا كعقل الدكتور أحمد فهذا والله شرف و وسام يفخر به مثلي لو شئت و تمنيت لعلقت ردك بغرفتي و لسال دمعي و هذا ليس مجاملة أو نفاقا حاشا و كلا و قسما دكتور أحمد لو أخذ أصحاب القرار بآراءك لنصلح الحال و لكان أفضل بكثير مما هو كائن .. رد في منتهى العقلانية و بالمثل : فهل السور التي بنته اسرائيل سيكون له تاثير فكري كما كان للصنينيين ؟ أعلم أن الهدف أمني بحت ! و هل سيكون مصيره كمصير سور برلين ؟ و هل الأسوار حلا ؟

احمد صبحى منصور

شكرا جزيلا ابنى الحبيب سعيد على ، وأقول :

للإسرائيليين عُقدة متوارثة فى التحصّن خلف حصون وأسوار و( كيبوتز ) و ( سدود ) . كان هذا وهم يجاورون المدينة والتى كانت مدينة مفتوحة برغم ما فى داخلها من منافقين ، و من هم بجوارها من اليهود والأعراب الأشد كفرا ونفاقا . لم تغن عن اليهود وقتها حصونهم لأن الرُّعب يكمن فى قلوبهم . نقرأ قوله جل وعلا :

1 ـ ( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ (26)  الأحزاب ) . الصياصى هى الحصون .

2 ـ ( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ )(2)   الحشر )

3 ـ ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (14)   الحشر ).

هو نفس الحال اليوم . لم ينفعهم سد بارليف ، ولا السور الحاجز . ولن يقضى عليهم سوى السلام ـ وليس الحرب ، لأن بأسهم بينهم شديد ، وسيشتعل حربا داخلهم إذا سالمهم الفلسطينيون والعرب .  ولكن هذا مستحيل لأن المحمديين إستقوا أديانهم الأرضية من الاسرائيليات .

 

الباب الثانى :

علماء النحو و( المصطلحات )

مقدمة  للباب 

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة ) بين الاسلام والكفر

 

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

 

الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم 

    

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

 

 

مقدمة الباب الثانى من الكتاب : علماء النحو و( المصطلحات )

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

مقدمة الباب الثانى من الكتاب : علماء النحو و( المصطلحات )

أولا :

1 ـ كلمة ( مصطلح ) يُراد بها ما تعارف عليه قوم أو إصطلحوا عليه بإسم أو وصف . وغنى عن البيان أنه لم يرد فى اللسان العربى القرآنى ولا فى اللسان العربى الجاهلى . هو نتاج الحركة الفكرية والدينية ل ( المسلمين ) ولانقساماتهم الدينية والفكرية التى نبتت فى أواخر العصر الأموى ثم ترعرعت وانتشرت فى العصرين العباسى والمملوكى ، وتنوعت سياسيا وفكريا ودينيا ومكانيا وزمانيا .

2 ـ فى بحث الدكتوراة ( 1975 : 1977 ) عن ( أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ) واجهت مُعضلة المُصطلحات . لا يمكن بدونها فهم الموضوع وبحثه . مبلغ علمى أن منهجية البحث بتحديد المصطلحات لم تكن معروفة قبلى ، كانت الأبحاث التاريخية والأصولية والقرآنية تتم بدونها ، مجرد نقل عن أبحاث سطحية سابقة ، وما يعرف بالنقل واللزق إعتمادا على أن الأساتذة يتفوقون فى الجهل ويتنافسون فيه ، ويهمهم أن يكون التلميذ أعمق منهم جهلا . ولهذا قوبلت رسالتى للدكتور برفض إستمر ثلاث سنوات ، الى أن ووفق على مناقشتها بعد حذف ثلثيها تقريبا ، أى ما يخص أثر التصوف الدينى والأخلاقى . وتم نشر معظمها لاحقا .

المصطلحات كانت أساس هذه الرسالة العلمية التى تبحث أثر التصوف فى كل مناحى العصر المملوكى ، فلا بد من التعرف على مصطلحات:

 2 / 1 : دين التصوف ، وفى مصطلحاته كُتُب خاصة .

2 / 2 : الدولة المملوكية ، وفى نُظُمها ورسومها وطقوسها كُتُب خاصة وموسوعات أهمها ( صبح الأعشى ) للقلقشندى .

2/ 3 : العلوم التى أثّر فيها التصوف وتأثر بها حيث ساد التصوف السُنّى ، والتعليم السنى فى التفسير والحديث .

2 / 4 : اللسان الذى كان يكتب به مؤرخو العصر والفوارق بينهم ، وهى ناحية دقيقة وهامة ، فاسلوب المقريزى مثلا يختلف عن اسلوب ابن إياس تبعا لاختلاف الزمن والثقافة والمنشأ .

3 ـ بعدها فى منتصف التسعينيات أتممت بحثا منشورا هنا فى ( مقدمة إبن خلدون : دراسة تحليلية أصولية تاريخية ). أتمّ إبن خلدون كتابة المقدمة وتاريخه ( العبر .. ) فى قلعة بنى سلامة ، فى شمال أفريقيا بعد حياة مليئة بالتنقل بين الاندلس وشمال أفريقيا ، ثم حلّ وإستقرّ فى مصر المملوكية حيث قضى فيها حوالى ربع قرن الى أن مات عام 808 . فوجئت فى بحث ( مقدمة ابن خلدون ) بأن له فيها مصطلحات غريبة عن المصطلحات السائدة فى الشرق وفى مصر المملوكية . إستدعى هذا أن أجعل النصف الأول من البحث فى إعادة صياغة المقدمة بأبوابها وفصوله لتكون مفهومة للقارىء فى عصرنا بعيدا عن مصطلحات ابن خلدون وكتابته المغربية . ثم كان النصف الآخر فى البحث والتحليل .

الى هذه الدرجة تبلغ أهمية المصطلحات .

4 ـ تتعقّد مشكلة المصطلحات فى البحث فى التراث والتاريخ نظرا لتنوعها الشديد موضوعيا وزمنيا ومكانيا ، ولكن مع هذا يحتفظ المصطلح الواحد بمفهوم واحد فى موضوعه. ليس هذا هو الشأن  فى التدبّر القرآنى ، حيث يختلف معنى كلمة ، بل وقد يتناقض حسب السياق . وهذا مع اختلافها عن مصطلحات التراث . لذا فإن منهج البحث أو التدبر القرآنى يحتّم تتبع المصطلح فى السياق المحلى ( الآية وما قبلها وما بعدها ) وسياقها الموضوعى فى القرآن الكريم كله ، ليس هذا فقط ، بل تتبع الموضوعات القريبة من نفس الموضوع . ثم لا بد أن يكون هذا كله طلبا للهداية ومعرفة الحق بتجرّد وموضوعية ، وبدون هوى أو غرض مسبق لاثبات شىء أو نفيه .

5 ـ غاب هذا تماما عن علماء النحو العربى . لا نقول إنهم أهملوا ( المصطلحات ) بل هم أول من إبتدعها وأسهم فى نشرها ، يكفى أن :

5 / 1 : علومهم تحمل مصطلحات من صنعهم مثل : النحو ، البلاغة ، الأدب ، العروض ، الاعراب ، البناء ..الخ ).

5 / 2 : هم الذين إنتهكوا بمصطلحاتهم قُدسية القرآن الكريم ففرضوها عليه أكاذيبهم وشائعاتهم ( العلمية ) تحت مصطلح ( التفسير ) و ( الحديث ) و ( الاسناد ) و ( التأويل ) و ( النسخ ) و ( القراءات ) ..الخ .. ولا يزال المحمديون يحملون هذه الأوزار حتى الآن ، يتأكّد بها هجرهم للقرآن الكريم .

5 / 3 : البداية أتت من علماء النحو بالذات . ( الكسائى ) إمام مدرسة الكوفة النحوية هو أيضا من أئمة مبتدعى ما يعرف ب ( القراءات ) ، لا يدانيه فى شهرته العلمية سوى شهرته فى الشذوذ الجنسى بالغلمان فى عصر تمتع فيه بالحظوة من البلاط العباسى .!

6 ـ موضوع المصطلحات غابة إستوائية متكاثفة ، أرهقنى البحث فى مسالكها . حتى لقد أُضطررت الى إعادة كتابة هذا الباب وفق ترتيب موضوعى وليس زمنيا . أى أن أبدأ بالأساس : الفصل الأول فى مصطلح ( الكلمة ) قرآنيا بين الايمان والكفر ، والفصل الثانى فى مصطلح ( الكلمة ) بين ( اللغة ) و ( اللاجوس ) إسلاميا ويونانيا ومسيحيا ، الفصل الثالث : فى توضيح الاختلاف بين ( اللسان ) و ( اللغة ) . والفصل الأخبر ( الرابع ) فى لمحة عن شلّال المصطلحات الدينية والسياسية والفكرية والطائفية ..

أخيرا

1 ـ فى عصر السقوط الأخلاقى والقيمى والسياسى ـ وكل شىء ـ يعلو الفاسد والفساد ، إنه العصر الذى إشتهر فيه فنكوش عبعال صاحب علاج السرطان بجهاز الكفتة ، والذى حصلت فيه الآنسة فيفى عبده على لقب ( الأم المثالية ) للمصريين بسبب إجتهاداتها فى الدين ، وهو العصر الذى يُقدّس شيخ أزهر ليس سوى مركوب للفرعون ، وعصر فرعون يزعم الوحى الالهى و ( ففهمناها سليمان.. غانم ) . قدرنا أن نعيش عصر السقوط هذا ، وأن نقوم بالاجتهاد فى الممنوع والمحظور .

2 ـ هذا الكتاب ـ شأن معظم ما نكتبه ـ كتاب رائد . له سبق الريادة ، ولكنه يحتاج الى الزيادة . يحتاج الى من يكمله وينقده عن علم ودراية ، فبهذا يتقدّم العلم والفكر . وهذه رسالة العلماء والراسخين فى العلم . ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) يوسف ).

والله جل وعلا هو المستعان . 

 التعليقات

سعيد على 

قدرنا أن نعيش عصر السقوط هذا ، وأن نقوم بالاجتهاد فى الممنوع والمحظور.

حفظكم الله جل و علا و بارك في عمركم و سبحانه الذي لا يضيع أجر من أحسن العمل و أنت أحسنت العمل و جودته.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ،  وأقول :

          نحن نعيش عصر السقوط هذا معا ، ونحن نقهره معا .. وفى النهاية فإن الزبد سيذهب جُفاءا ، وما ينفع الناس هو الذى يمكث فى الأرض
أبشروا أحبتى .. أهل القرآن.

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة  )بين الاسلام والكفر  

المصطلح القرآني : ( الكلمة ) يأتى بالمعانى الآتية :

 اولا :

 كلمة الحق ، وكلمة الباطل :

1 ـ بمعنى كلمة الاسلام : ( لا إله إلا الله ) وما تعنيه من الكفر بأى إله مع الله جل وعلا ونبذ أى عبادة أو تقديس لغير الله جل وعلا ، وهذا هو فحوى الحوار مع أهل الكتاب  .

يقول جل وعلا :

1 / 1 : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران ). ونبذ الكفر اساس ملة ابراهيم ، وهو ( الكلمة ) التى توارثها ابناؤه وأحفاده ، 1 / 2 : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)الزخرف).

2 ـ ( كلمة التقوى ) التى يلتزم بها المؤمنون الحقيقيون وهم الأحق بها خصوصا فى أحلك الظروف ، يقول جل وعلا : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ) (26) الفتح )

 3 ـ القرآن الكريم كلمة الله جل وعلا :

الله جل وعلا هو الذى نحتكم اليه فى أى خلاف فى الدين ، والاحتكام اليه جل وعلا أى الى القرآن الكريم ، وهو ( كلمة الله ) الذى أتمها رب العزة صدقا وعدلا ، ولا تبديل لهذا القرآن ، يقول جل وعلا : ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الانعام  ).

 وفى الأديان الأرضية قاموا بمحاولات تبديل ( معانى القرآن الكريم ) وإلغاء احكامه بزعم النسخ والتفسير والتأويل ، وتعرضنا لدحض ذلك كله فى ابحاث منشورة هنا . وكفار قريش سبقوا أئمة الديانات الأرضية المحمديين بأن طلبوا من النبى محمد أن يأتى لهم بقرآن يتفق مع أهوائهم ، أى طلبوا تبديل كلام الله ، وفى هذا يقول جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس ).

4 ـ وكما أن هناك كلمة حق للاسلام وكلمة الرحمن وهى القرآن فإن للكفر كلمة ، إذا قالها شخص كفر بها وحوسب عليها ، يقول جل وعلا عن بعض المنافقين : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) التوبة ).

ويقول جل وعلا ينذر من زعم أن لرب العزة جل وعلا ولدا : ( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5) الكهف ).

هذا الكافر عند الاحتضار يقول  ( كلمة) يرجو بها إن يُعطى فرصة ليستمر فى حياته لعله يعمل صالحا ، وهى ( كلمة ) لا جدوى منها لأن وراءه برزخا تدخل فيه نفسه الى يوم البعث ، يقول جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون )

 5 ـ وفى مقارنة بين كلمة الاسلام وكلمة الكفر يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ابراهيم )، وفى الآية التالية يأتى ( القول ) بمعنى الكلمة : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم ).

 ولنتذكر أن ( القول ) يعنى ( الكلمة ).

ثانيا :

 الكلمة  الالهية أو ( القول الالهى ) بمعنى القضاء الالهى والأمر الالهى :

1 ـ القضاء الالهى والأمر الالهى يأتى فى موضوعين : فى التشريع ، وفى الخلق والايجاد . البشر أحرار فى تطبيق تشريع الله جل وعلا فى هذه الدنيا ، وسيتم حسابهم على ذلك فى الآخرة .أما القضاء الالهى والأمر الالهى فى الخلق والايجاد فليس للبشر فيه حرية أو إختيار . هو من الحتميات ، والتى لن يُحاسب عليها البشر يوم القيامة .

2 ـ فى الأمر التشريعى . يقول جل وعلا ـ مثلا ـ ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل ).

وفى القضاء التشريعى يقول جل وعلا : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الاسراء )

3 ــ وفى الخلق : فالله جل وعلا ـ  خالق كل شىء ـ  هو الذى (يأمر) بكلمة ( كُن ) وهو الذى ( يقضى)  بكلمة : (كُن) ، أى يقول للشىء كلمة ( كُن ) وسرعان ما يكون .

وعن ( كلمة الله ) جل وعلا فى الخلق يأتى ( أمر الله ) جل وعلا مرتبطا بقضائه ، كقوله جل وعلا : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117 ) البقرة ) ( هُوَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) غافر) ( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم). وفى خلق عيسى بلا أب:( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) آل عمران ).

4 ـ يدخل فى الحتميات الخاصة بالبشر : الميلاد والموت والرزق والمصائب من خير أو شر . وفى بعضها يأتى مصطلح ( الكلمة ) الالهية كقوله جل وعلا عن إهلاك فرعون وقومه ووراثة بنى اسرائيل :( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف ).

وعن إنقاذ خاتم النبيين وهو فى الغار رغم انوف المشركين المعتدين ، يقول جل وعلا :( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)التوبة ).

5 ـ ويأتى مصطلح (الكلمة الالهية) مرتبطا بحرية البشر وإختلافهم فى الدين وتأجيل الحكم فى الاختلاف بينهم الى يوم الدين، يقول جل وعلا:( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس)( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (14) الشورى) (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه )، وعن بنى اسرائيل يقول جل وعلا:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (110)هود)(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (45)فصلت).

والحكم فى هذا الاختلاف يعنى عقوبة الكافرين بالنار ، وهى كلمة الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود ) ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى )

6 ـ وتبعا لحرية البشر فإن من يصمم على الكفر فلا أمل فى هدايته، فالله جل وعلا يهدى من البشر من يشاء منهم الهداية ، والذى يشاء منهم الضلال يُضله الله جل وعلا ( الكهف 29 فاطر 8 )، وهو جل وعلا يزيد المهتدى هدى ويزيد الضال ضلالا ( مريم 75 : 76  محمد 17  العنكبوت 69 ). وبالتالى نفهم قوله جل وعلا عن كلمته الالهية:( كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33) يونس)( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (97) يونس )، ويوم القيامة ستحلُّ بهم الكلمة الالهية بالعذاب ، ولا يستطيع أى نبى إنقاذهم منه ، فهذا ما قاله جل وعلا لخاتم النبيين : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر)، وهذا ينفى هجص أحاديث الشفاعة لدى المحمديين . وعندما يُساقون الى جهنم سيقولون أنه حقت عليهم كلمة العذاب : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) يؤكد هذا قوله جل وعلا :( وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)غافر)، وسيقولها جل وعلا يوم القيامة أنه لا تبديل لقوله وكلمته الالهية (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ق). 

 

ف 2 ب 2 : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى المسيحى

آحمد صبحي منصور Ýí 2024-08-07

ف 2 ب 2 : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى المسيحى  

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

أولا : ( الكلمة الالهية ) فى الرسالات الألهية السابقة والأمم السابقة :

1 ـ كل ما سبق فى القرآن الكريم عن الكلمة الالهية نزل فى الكتب الالهية السابقة ، وقال به كل رسول بلسان قومه ، والله جل وعلا لم يقص علينا كل الرسل ، قال جل وعلا : (وَرُسُلاً  قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)(164)النساء).

2 ـ وجاء نذير فى كل أمة ومجتمع . قال جل وعلا :( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر). والنُّذر نوعان : أنبياء مرسلون ، ودُعاة مسلمون على دين الأنبياء المرسلين يتطوّعون لاصلاح أقوامهم .

3 ـ  وهناك عادة سيئة لدى البشر هو أنهم سرعان ما يكذبون برسولهم فى حياته وبعد مماته ، حدث هذا فى الرسل السابقين، قال جل وعلا :  (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (44) المؤمنون )، وحدث هذا مع خاتم النبيين،عليهم جميعا السلام.

4 ـ ومع التكذيب والتحريف فى الرسالات الالهية يتبقى شىء من معالمها مختلطا بمزاعم الكفر وتقديس البشر. وحدث هذا مع تعاملهم مع مفهوم ( الكلمة الالهية ) أو القول الالهى :( كن فيكون ) .

5  ـ بالتطبيق على تاريخ مصر القديمة فقد عرفت الكثير من الأنبياء.

ترددت إشارات فى قصة يوسف تؤكد معرفتهم بالله جل وعلا بل والتوبة اليه ، نقرأ الآيات الكريمة التالية :

5 / 1 :( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)يوسف  )

5 / 2 : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف  )

 وفى قصة موسى مع فرعون :

5 /  3 ـ إستغل موسى معرفتهم بالله جل وعلا فى وعظهم ، فقال لهم : (  أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)  الدخان ) .

5 / 4 : ومؤمن آل فرعون إستخدم ثقافته الدينية فى وعظ قومه وذكّرهم برسالة يوسف من قبل : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)) ... ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)  ) غافر )

6 ـ الشائع فى دين الكفر فى كل زمان ومكان هو إنهم ــ  مع معرفتهم بالله جل وعلا ــ يعبدون معه آلهة وأولياء يخترعون لها أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . ونعطى أمثلة :

6 / 1 :  قال يوسف لصاحبيه فى السجن : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يوسف 40)

6 / 2 : قبله قال النبى هود لقومه عاد : ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ )(71)الاعراف 71 ) .

6 / 3 : قبلهم كان قوم نوح يعبدون أسماء أطلقوها على آلهتهم ـ مع معرفتهم بالله جل وعلا . ولبث نوح 950 عاما يدعوهم بلا فائدة : ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) نوح ) .

7 / 4 ـ وقت نزول القرآن الكريم كانت فى العرب تعبد الأسماء التى إخترعتها وما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وفى خطاب مباشر قال لهم الله جل وعلا :  ( أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23)  النجم 23 ).

7 / 5 : المفترض أن المحمديين يقرأون القرآن الكريم ، ولكنهم حتى الآن يقدسون أسماء مثل ( البخارى و ابو بكر وعمر وعلى والحسين وعائشة و ابى هريرة وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ )!. وهى أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وهكذا فالكفر ملّة واحدة . مهما إختلف الزمان والمكان واللسان .

 وهنا ندخل فى ( الكلمة الالهية ) ، والتحريف الذى حلّ بها .

ثانيا : تحريف الكلمة الالهية الى اللاجوس اليونانى والمسيحى :

1 ـ  إندثر العلم بالتاريخ الفرعونى مع إنقراض العلم باللسان المصرى القديم ، ولكن انتقلت بعض أفكار الحضارة المصرية القديمة الى اليونان وأسهمت فى نهضتها الفكرية ، علاوة على ان اوربا وكل العالم القديم لم يخلُ من ارسال رسل ورسالات سماوية ، ولم يخلُ أيضا من تحريفها . ولكن الذى يعنينا فيما يخصّ موضوعنا عن ( الكلمة الالهية ) أنه تم تحويرها وتحريفها لتكون ( اللوغوس ) بمعنى الكلمة الالهية والخطاب و ( اللغة ) التى ينطق بها الناس ، ثم تحولت فى المسيحية الى الاله والمسيح ، وتحورت فى الفلسفات التالية الى ( العقل الكلى ) الذى صدرت عنه المخلوقات . 

2 ــ ولسنا فى موضع الاستطراد فى هذا ، ولكن نقول سريعا أن ( الكلمة ) بمعنى( اللغة ) اللوغوس اليونانى قد غزت بالفلسفة الاغريقية الثقافات والمدارس الفلسفية فى منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط ( الاسكندرية والرها وإنطاكية ..الخ ) ، ومثلا، فإن هرقليطس : إعتبر الكلمة ( اللغة / اللاغوس ) هو القانون الكلى للكون ، ويراه الفيلسوف اليهودى فيلون أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً.

3 ـ وتداخلت معها المسيحية فى الجدل حول طبيعة المسيح فصارت ( الكلمة / اللغة / اللوجوس ) أكثر غموضا ، وعندهم فى العهد الجديد قالوا (" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان".) ثم جعلوها المسيح . ثم تطرفوا فقالوا أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة. وبثّ فيهم الحياة الخالدة ,انه أبناء الله جل وعلا وأحباؤه .

4 ـ ثم تعقدت خلافاتهم بالربط بين ألوهية المسيح واللوغوس. وعن نسبة ما فى المسيح من ألوهية . ودخلت الفلسفة فى الجدل القائم فإزداد الأمر تعقيدا فى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد.

5 ـ وأخيرا وصلت الى العرب كلمة ( اللاغوس ) محرفة محمّلة بهذا الرجس ، فأصبحت :( لغة ) ، بمعنى الكلمة ثم بمعنى ( اللسان ) فأصبح يقال ( اللغة العربية) بدلا من قول ( اللسان العربى ).

أخيرا

 ونحتكم الى رب العزة فى هذا الهجص المتوارث :

1 ـ عن القول الالهى والكلمة الالهية بالخلق والايجاد يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس )( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) النحل ).

2 ـ ونزل جبريل ( الروح ) متجسدا فى شكل بشر الى مريم العذراء يحمل معه كلمة ( كن ) : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) مريم  ) (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) الانبياء ).

بكلمة ( كُن ) خلق الله جل وعلا آدم بلا أب ولا أم ، وبكلمة ( كن ) خلق الله جل وعلا عيسى بلا أب ، وعن الصلة بين آدم وعيسى فى خلقهما بكلمة ( كن ) يقول جل وعلا : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران ) .

لهذا يوصف عيسى بوصفين تميز بهما ، أنه ( كلمة الله ألقاها الى مريم ) وأنه ( روح منه ) نسبة الى الروح جبريل . وفى الحالتين فهو مخلوق ، وبالتالى فإن تأليهه غلوُّ فى الكفر ، يقول جل وعلا فى خطاب مباشر لأهل الكتاب : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) النساء ). وقال جل وعلا عمّن يؤله المسيح وأُمّه : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة )

وقد جعلوا أنفسهم آلهة بالتناسخ من الروح القدس فقال جل وعلا عنهم :  ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة ).

2 ـ وقد كرر المحمديون نفس هذا الهجص فى إفتراء شخصية الاهية لمحمد تتشابه مع الزيف الذى جعله أسلافهم للمسيح . يظهر هذا فى أحاديث مثل : ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين / كنت نبيا وآدم لا ماء ولاطين ) ( أول ما خلق الله نور نبيّك يا جابر ) . ثم توسع الصوفية فى عقدة ( الحقيقة المحمدية ) فجعلوا ( النور المحمدي) يتنقل من ألاههم محمد الى أوليائهم . وقبلهم نقل البخارى الزيف الذى جاء فى سفر التكوين عن أن الله جل وعلا خلق آدم على صورته .  

التعليقات

بن ليفانت

كن فيكون
أولًا: الله يعطيك العافية أخ أحمد (العافية بمعناها في بلاد الشام وليس في ليبيا).
لدي وجهة نظر وتساؤل في موضوعين: تعدد الآلهة وكلمة كن .
تعدد الآلهة: كان الناس في أغلب الأحيان يؤمنون بالله ويتخذون وسطاء من أجل التواصل معه. كانوا ربما يؤمنون بأنهم ليسوا بالمستوى الذي يسمح لهم الاتصال بالله مباشرة، فيلجؤوا إلى مخلوقات اخرى يفترضون أنها تمتلك تفويض إلاهي لمتابعة الأمور. في حال أن الله بعث لهم رسولًا ورسالة يؤمنون به وبها، تتضمن أنه على اتصال مباشر معهم، يسمع كل صغيرة وكبيرة، فلماذا يصرون على الاتصال الغير مباشر معه؟ بصراحة لا أجد جوابًا لهذا السؤال، وبغض النظر عن الكفر والاشراك الخ، هل عندكم جواب على على ذلك وتفسير لهذا السلوك؟.

كلمة كن: من وجهة نظري، كلمة "كن" تجسد تدبير الله لارادته (إذا قضى أمر)، ولو أراد الله تأويلها وشرحها، لن يفهمه أحد. على كل الاحوال، ليست "كن" كلمة كما نفهم نحن الكلمة.

لدي بعض التساؤلات: الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. كن جاءت بعد الخلق. ثم الآية: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. ألا يتبع خلق الله لشيء، الإرادة في أن يخلقه، وبهذا تدخل "كن" على الخط؟ إذا كان كذلك، فلقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، يعني لا يوجد لـ "كن"  تحديد للوقت.  

أحمد صبحى منصور

شكرا أخى بن ليفانت ، أكرمك الله جل وعلا ، واقول :

1 ـ عن تعليل الشّرك بالله جل وعلا وإتّخاذ وسائط .

لا يمكن إقتلاع أو تبديل الفطرة التى فطر الله جل وعلا الناس عليها ، أى بإنكار الألوهية للخالق جل وعلا . ولكن يمكن ( تغييرها ) بالايمان بالله وبآلهة معه ، يلعبون دور الوسيط . وتأتى تبريرات شتى للمشركين ، منها إستكثار أن يكون النبى بشرا مثلهم . ومنها الجهل الذى يجعلهم يريدون إلاها ماديا يرونه ويلمسونه ويتبركون به .واسطة  عن الله جل وعلا الذى لا تدركه الأبصار  .

2 ـ لا أستطيع سوى الايمان بما قاله ربى جل وعلا عن كلمته ( كُن ). لا أفهم علاقتها بالزمن ، لأن قائلها رب العزة جل وعلا هو خالق الزمن وهو فوق الزمن . أخشى على عقلى من التفكير فى هذا .

 

 

ف 3 ب 3 : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان ) 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

مقدمة :

1 ـ  من الأخطاء الشائعة قولنا ( اللغة العربية ، اللغة الانجليزية ..اللغة الفرنسية ..الخ ) . كلمة ( لغة ) من الكلمة اليونانية ( لاغوس ) ، ومنها الكلمة الانجليزية :(Language ) . أما فى اللسان العربى الأصيل وفى اللسان القرآنى فإن ( لغة ) من ( اللغو ). المعنى العربى القرآنى هو ( اللسان العربى ) وليس ( اللغة العربية ) .

نعطى تفصيلا :

أولا : ( اللغة )

قرآنيا :

( اللغة ) من ( لغا /  لغوا )، فما هو معنى  مصطلح ( اللــغـــو )  في القرآن الكريم ؟ :

1 ـ اللغو بمعنى الكذب : يقول جل وعلا : (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35

2 ـ اللغو بمعنى الإثم : يقول جل وعلا : (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ) الطور:23 ) (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)الواقعة:25 ) . ولذا فلن يكون فى  الجنة  (لغو ) ، يقول جل وعلا :(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاماً ) مريم:62 ) ، (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35 ، (لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً)الغاشية:11)

3 ـ اللغو بمعنى ( الهجص أو الكلام الهزل )، يقول جل وعلا :(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) البقرة:225 )(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) المائدة:89 )

4 ــ لغو المشركين حين يُتلى القرآن الكريم  : وقد يكون اللغو خوضا فى آيات الله حين يُتلى القرآن الكريم ، ويتنوع الخوض من الثرثرة وعدم الانصات حين يُتلى القرآن الكريم عصيانا لقوله جل وعلا:( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الاعراف ) الى إتخاذ القرآن الكريم تسلية للسمر ، وهذا أيضا ما كان المشركون يفعلونه ،  يقول جل وعلا : (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67)المؤمنون )، وكل ( لغو ) يمنع هداية القرآن الكريم من الوصول الى قلب المستمع ، اى يسمع صوت القارىء دون أن يسمع القرآن نفسه ، وهذا أيضا ما كان يفعله المشركون ، يقول جل وعلا : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ويتوعدهم رب العزة بعذاب شديد : ( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)) فصلت ). لم يقل رب العزة ( الذين كفروا من قريش أو فى مكة ) وإنما جعلها عن الذين كفروا فى كل زمان ومكان .

وكل ما سبق هو نفس ما يفعله المحمدون فى تعاملهم مع القرآن من خوض ولغو وتسلية فى مناسبات العزاء وعلى المقابر وفى الحفلات، وهم فى كل الأحوال يسمعون ( صوت ) الذى يتغنى بالقرآن أو ( المقرىء / المنشد )الذى ( يُنشد ) القرآن ، ويتصايحون إعجابا بصوته ، دون أن يستمعوا وينصتوا ويفقهوا القرآن نفسه .

5 ـ أخبث أنواع اللغو ، هو ( لغو) الدين الأرضى . هنا يكون ( اللغو )، بترديد أكاذيب الأحاديث والمنامات وخرافات الكرامات .  المؤمن مأمور بالاعراض عن هذا اللغو الكافر الذى ينتقص حق رب العزة جل وعلا بتقديس غيره.

5 / 1 : والأمر بالاعراض عن المشركين تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ليس الاعراض عن أشخاصهم ولكن عن أقوالهم وأفعالهم والتى تعتبر خوضا ولهوا ولعبا ولغوا.  ونتدبر قوله جل وعلا : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )(68) الانعام ) (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ  )  (140) النساء).

5 / 2 :  ويقول جل وعلا فى صفات المؤمنين المفلحين : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) المؤمنون:3 ). فالمؤمن الذى يخشع فى صلاته ويستحضر تركيزه فى الصلاة خشوعا هو نفسه الذى يُعرض عن لغو الخرافات والمفتريات الدينية . 

5 / 3 : والمؤمن لا يشهد الزور ، بمعنى لا يقول زورا شاهدا فى محكمة ، ولا يشهد بمعنى لا يحضر مجالس الزور التى تتناقل زورا خرافات الكرامات والأحاديث الشيطانية المنسوبة كذبا لله جل وعلا ورسوله ، ولا يحضر أو يشهد ( موالد ) الأولياء والأئمة . وإذا مرّ بها صدفة مرّ مرور  الكرام ، يقول جل وعلا فى صفات (عباد الرحمن ):( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) الفرقان:72 ).

5 / 4 : والمؤمن إذا سمع هذه الأحاديث المزورة لا يكتفى بالاعراض وإنما يقول لأصحابه : لكم دينكم ولى دين ، يقول جل وعلا عن صفات المؤمنين الحقيقيين : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)القصص:55 ).

أخيرا :

فى كل ما سبق لا علاقة مطلقا بين كلمة ( لغا ، لغوا ) وكلمة ( لغة ) . البديل لمعنى كلمة (لغة ) هو ( اللسان ) تقول ( اللسان العربى ) ولا تقول ( اللغة العربية )

ثانيا : اللسان :

مقدمة :

1 ـ اللسان هو عضو النطق الأساس فى جسد الانسان ، تشترك معه الشفتان فى نطق بعض الحروف ( الباء و الفاء والميم )، يقول جل وعلا عن اللسان والشفتين :( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ):9 البلد ). والله جل وعلا هو الذى ( أنطق كل شىء ) فى الدنيا والآخرة ( فصلت 21 ) ، وقد أعطى الله جل وعلا لداود وسليمان معرفة منطق الطير والنمل ( النمل 16 ــ ). وليس الصوت وحده وسيلة النطق والاتصال . وحتى الانسان يتفاهم ويتواصل بالاشارات . وهناك دواب تنطق بالرائحة وبالضوء وقرون الاستشعار والحركة والرقص وذبذبات الأمواج والهواء . وكل هذا من آيات الخالق جل وعلا ، والتى لا يزال يتعرف عليها العلم الحديث .

2 ــ ولكن رب العزة أشار الى آية عظيمة فينا تختص باللسان واللون ، يقول جل وعلا : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)الروم:22 ). هنا ربط بين آية خلق السماوات والأرض وآية إختلاف ألسنتنا وألواننا . يمكن القول بأن الصلة بينهما هى العظمة الهائلة فى خلق السماوات والأرض وفى إختلاف ألسنتنا وألواننا بحيث يكونان معا آيات للعالمين . وقد يكون فهم هذه العظمة الهائلة فوق طاقتنا الآن ، ولكن ربط إختلاف ألسنتنا بإختلاف ألواننا يستدعى بحثا علميا مقدورا عليه . وربما له صلة بالتعليم الالهى لآدم ( الأسماء كلها ). قال جل وعلا : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) البقرة ).  يرث الطفل من أبناء آدم قدرة غريبة على التعلم والنطق بما يدور حوله ، ويتكيّف بهذا لسانه . لقد خلق الله جل وعلا اللسان البشرى ناطقا معبرا عن العقل البشرى ، وأعطى الطفل فى سنواته الأولى قدرة عجيبة يتمكن بها لسانه من تعلم لهجة أهله  بسرعة . ومن يهاجر الى بلد آخر يتكلم ( لسانا مختلفا ) يعانى فى نطق ( اللهجة ) التى ينطق بها الوطن الذى هاجر اليه ، لأن لسانه قد تعود وتمحور وتشكل من طفولته على لهجة بلده الأصلى .  ولو كان معه إبن صغير فإن هذا الابن سرعان ما يستوعب لهجة الموطن الجديد ويتكلم بها كأهلها .

 4 ــ وحين ترحل فى شبابك الى وطن جديد وتتكلم دائما بلسان هذا الوطن الجديد بحيث تنسى لسانك الأصلى فإنك حين ترجع لوطنك الأصلى لتتكلم باللسان القديم يكون نطقك معوجا . وهناك من يعيش فى أوربا ردحا من الزمن ينسى فيه لسانه المصرى ثم يعود وقد (إعوجّ ) لسانه ، فيتندر عليه اهله وعلى لسانه ( المعووج ) وأنه أصبح ( خواجة ). وموسى عليه السلام ترك مصر وعاش ردحا من الزمن مع أهل مدين ، ينطق بلسانهم ، وحين عاد الى مصر ونزل عليه الوحى بتكليف برسالة الى فرعون ـ دعا ربه جل وعلا فقال : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي  يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) طــه:27 : 28 ). هذا لأن لسانه قد تعود على لسان أهل مدين .

5 ــ ونعطى تفصيلات أخرى عن معنى اللسان .

اللسان بمعنى القول الذى ينطقه عضو اللسان

لأن اللسان هو الذى ينطق بالأقوال فإن رب العزة يستعمل ( اللسان ) بمعنى القول . ومنه :

1 ـ يقول جل وعلا لخاتم النبيين : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)القيامة:16 ). ويقول عنه (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)النحل:103 ). والتفاصيل فى بحثنا عن ليلة القدر وليلة الاسراء وان النبى محمدا هو الذى كتب القرآن بيده .

2 ـ وجاء عن موسى وهارون : (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ) الشعراء:13 ) ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)القصص:34 )

3 ـ وعن المنافقين فى موقعة الأحزاب : ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) الأحزاب:19 )، وعن منافقى الأعراب : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) الفتح:11 )

4 ـ وعن المتلاعبين بالكتاب من أهل الكتاب ، وكيف أنهم كانوا ينطقون كلاما من عندهم بلهجة من يتلو الكتاب خداعا للمؤمنين ، يقول جل وعلا : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ ) آل عمران:78 ).(مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ  )النساء :46 ). وعن لعن الكافرين على لسان داود وعيسى يقول جل وعلا : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) المائدة:78 )

5 ـ وعن المشركين الكافرين وما ينطقون من مزاعم يقول جل وعلا :(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى ) النحل:62 ). وعنهم حين يحاربون المؤمنين بالسنان واللسان يقول جل وعلا :  (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ) الممتحنة:2 ).

6 ـ وتحذيرا للمؤمنين من التقول على رب العزة فى الحلال والحرام إفتراءا وكذبا يقول جل وعلا : (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ )  النحل:116 )، وعن موضوع الإفك وكيف تداولته ألسنتهم يقول جل وعلا مؤنبا المؤمنين : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) النور:15 )

لسان الرسالة السماوية :

1 ــ كل رسول نطقت رسالته بلسان قومه وليس ب (لغة قومه ) يقول جل وعلا : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ  ) إبراهيم:4 )

2 ـ ونطقت الرسالة الخاتمة باللسان العربى ، وليس باللغة العربية ، يقول جل وعلا : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً ) الأحقاف:12 )، (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء:195 ) (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)مريم:97 )(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)الدخان:58 ).

الحساب على ما تلفظ به اللسان :

يقول جل وعلا :  (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)النور:24 )

اللسان بمعنى الذكرى الطيبة :

دعا ابراهيم عليه السلام فقال (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ)الشعراء:84 )، وإستجاب له ربه جل وعلا : يقول جل وعلا : (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً) مريم:50 ).

التعليقات

حمد حمد

عقدة اللغه العربيه

 
بارك الله جل وعلا بعلمك وعمرك دكتور أحمد المحترم. لقد أحببت هذا الكتاب المميز (القرآن الكريم والنحو العربي)، وبيان الفرق  بين مصطلح  اللغه واللسان). معلومهات مهمه وكانت مغيبه عنا منذ بداية تعليمنا ، كنت ممن يكرهون مادة اللغه العربيه وخاصه  النحو والصرف والبلاغة والإعراب والنقد وغيرها الكثير، وكنت  أحصل على علامات لاتتجاوز الجيد فقط لاجتازها وكنت اقول دائما هذه اللغه صعبه جدا وهل يعقل لكي أفهم القرآن وتفاسيره أن أتقن كل ذلك  حسب ماكنا نتلقاه من تعليم على ايدي أساتذة اللغه العربيه ، وماده الفقه وغيرها ممكن لكي اعرف اكتب او أعبر او أصبح كاتبا مميزا ، ولكن تعقيدها كان يكرهني الماده. ، ولكن أسلوبك بالكتابه دكتور احمد جدا راقي ويصل إلى القلب والعقل في آن واحد هذا ليس مدح والله العالم ولكن حقيقه مع اني قرأت لكثير مثل طه حسين والعقاد وسيد قطب فأسبوع الكتابه فيه مفردات وكلمات صعب فهمها يمكن لعدم خبرتي الجيده في فهم ودراسه مايسمى اللغه العربيه. ولكن دائما اتسائل لماذا بعض الكتاب يكتب بأسلوب معقد مع انه صاحب  فكر او صاحب فكره يود طرحها لعامة الناس. مع خالص التقدير لكم دكتور

 

أحمد صبحى منصور

شكرا جزيلا استاذ حمد ، واقول :

1 ـ روعة القرآن الكريم أنه ( ميسّر للذكر ). يعنى صعب ولكن تم تيسيره . والتدبر فيه يكون بفهم مصطلحاته من داخله ، وتفسيره به .

2 ـ  الكتابة فى ( الأصوليات ) سهلة ويسيرة على السطحيين الذين يرددون المكتوب وينقلونه دون فهم لمنهجية البحث وللمصطلحات الخاصة بموضوع البحث ، ولا يتأتى هذا إلا لمن يتعمّق فى التاريخ . فالتاريخ هو الأرضية التى تم فيها كتب الأصوليات السنية والشيعية والصوفية . وعاش فيها أولئك المؤلفون القدامى ، تأثروا بمن سبقهم وأثروا فيمن جاء بعدهم .

3 ـ  السطحيون ـ بغض النظر  عن شهرتهم ـ  بعيدون عن منهجية البحث . لا فارق بين العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل ..الأسوأ منهم تلك المواشى الأصولية التى تكتفى بالنقل دون فهم وتسعد بعدم فهم الناس ما يقولون لأنهم هم لايفهمون .

4 ـ  التحدى الذى واجهته ــ بعد فهم الأرضية التاريخية والمصطلحات ـ كانت فى صياغة تلك المعلومات الأصولية لتكون مفهومة لعصرنا . ليس هذا سهلا .

سعيد على

اللغو : الكذب .. التأثيم.

كتاب رائع و توصيف رائع و هذه البداية و أتمنى أن يتسع وقتكم الكريم لتفريغ الفصول فعنوان كهذا فيه الكثير من التفاصيل التي يجب أن تفصل و توضحْ .. هذا الكتاب ربما الأول في مجاله و حتى و إن تطرق له أحد فمن الصعب أن يحوي تفصيل مرتبط بالقران الكريم فشكرا للخاطر الذي أتاك لتنبثق منه فكرة هذا الكتاب القيّم و لعله يفتح الباب لنقد النحو العربي هذا العلم الذي من أسف أن تكون قواعده حُكما ع القران الكريم و لعل مقولتكم أن القران الكريم يفهم من خلال ( السياق ) و هي عبارة قالها عبد القادر الجرجاني كذلك و أسلوبكم الرائع في فهم القران الكريم جعلنا نفهم القران و أول ما يتبادر لأذهاننا لمعرفة قضية معينة فيه نلجأ لقواعدك التي وضعتها بعد بحث و تقصي كبير و هي : أن ترتل الايات أي تجمع الايات محل البحث و ما قبلها و ما بعدها ليتضح لك المعنى كما و أن ما توصلت اليه لا يعدو كونه رأي لا تفرضه على أحد و لا تطلب أجره من أحد .. و القاعدة الذهبية التي وضعتها في التشريع : الأمر التشريعي و القاعدة التشريعية و المقصد التشريعي كلها قواعد تساعد الباحث للوصول أو الاقتراب من الفهم و الاستيعاب .. و لدي هنا تساؤل حول ربط الكلمة الثانية بالأولى في كلمة اللغو : ( لغوا و لا كذابا= الكذب ) ، ( لا لغو فيها و لا تأثيم = تأثيم ) فهل الكذب و التأثيم مرادف للغو كما تفضلتم به أم زيادة و تأكيد لمعنى الكلمة.

متابع قراءة هذا الكتاب القيم و كتب الدكتور أحمد بعد تجربة السنين فيها حصاد فكر و نقد و تصحيح و تعديل لما سبق .. حفظكم الله و بارك في وقتكم الثمين

احمد صبحى منصور.

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، وأقول :

تعرضنا لموضوع المترادفات فى القرآن الكريم ، وأنها من طرق البيان والتوضيح . ينطبق هذا على اللغو والتأثيم والكذب .

أكرمكم الله جل وعلا.

 

 

 

 ف 4 ب 2 :  نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم   

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم    

 أولا :

( الله جل وعلا وأسماؤه الحسنى )

( الله جل وعلا ).

1 ـ لفظ الجلالة هو ب ( اللام ) الثقيلة ، والتى ليست من حروف اللسان العربى ، إذ أنها قبل ظهور هذا اللسان . وتكرّر لفظ ( الله ) فى القرآن الكريم بهذا النطق المميز ل ( اللام ) الثقيلة غير العربية . ثم كان العرب يقولون : ( الإله ) ويطلقونه على آلهتهم المزعومة . وجاء فى حوار رب العزة جل وعلا معهم فى أنه لا إله إلا الله . نتدبر الآيات الكريمة التالية  :

1 / 1ـ ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون ) . ( إله ) تكررت مرتين . وجاء لفظ الجلالة ( سُبْحَانَ اللَّهِ ) مجرورا بالكسرة لأنه مضاف . وهو ب ( اللام الثقيلة )

1 / 2 ـ ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ( 59 )). لفظ الجلالة هنا مرتان ، مجرورا بالكسرة فى (الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ومرفوعا بالضمة فى ( آللَّهُ ). وكلاهما ب ( اللام الثقيلة )

1 / 3 ـ (  أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ( 60 )): ( أَءِلَهٌ ) ب ( اللام الخفيفة ) ، ( مَّعَ اللَّهِ ) لفظ الجلالة ب ( اللام الثقيلة )، وهو مضاف مجرور بالكسرة. وهو نفس الحال فى الآيات التالية (  أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 61 )). ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ ( 62 )).( أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 63 )).(. أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 64 ) النمل )

 2 ـ تتميّز سورة المجادلة بتكرار لفظ الجلالة فيها ( الله ) فى كل آية مرة أو مرتين ، ومثلا :

2 / 1 : (  قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) . ( الله ) الأولى و الأخيرة مرفوعة بالضمة . والوسطى مجرورة بالكسرة . وكلها باللام الثقيلة .

2 / 2 : (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) . ( الله ) منصوب بالفتحة . وهى باللام الثقيلة .

2 / 3 : (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) . ( الله ) هنا مرفوع بالضمة ، وب اللام الثقيلة .

2 / 4 : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)) ( الله ) جاءت مرتين مجرورة بالكسرة ، وهما باللام الثقيلة .

3 ـ المشكلة التى إختلقها النحويون وتابعهم فيها مبتدعو القراءات الشيطانية أنه يقرأون لفظ الجلالة فى البسملة وفى الفاتحة فى الآية التالية باللام الخفيفة، يقرأونها  ( بسماللهى الرحمنالرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ، فيقولون ( بسم اللاهى ) و ( الحمد للاهى ) . بهذا يلحدون فى إسم الله الأعظم ، ويجعلونه ( اللاهى ) . وكفى بهذا إثما عظيما . نتذكر قوله جل وعلا :

3 / 1 :( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)  الأعراف )

3 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)  فصلت )

( الولى ):

يأتى بمعنى الولى المقدس المعبود ، وبالتالى لا يكون إلا الله جل وعلا . وهذا خلافا لتقديس الكافرين لأوليائهم . ويأتى وصفا للمؤمنين الذين يوالون الله جل وعلا ويعيشون فى تقوى الى أن يكونوا عند الاحتضار أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، مقابل أولياء الشيطان الذين تبشرهم ملائكة الموت بالجحيم . وتأتى موالاة المؤمنين بعضهم بعضا مقابل الكافرين الذين يوالى بعضهم بعضا . جاء هذا فى عشرات الآيات القرآنية ، منها قوله جل وعلا :

1 ـ (  قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (14) الانعام ).

2 ـ (  اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)الأعراف ) .

3 ـ (  إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)  الاعراف ).

4 ـ  ( إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف ).

5 ـ  ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس ) .

6 ـ ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) الكهف ) .

7 ـ ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر ) .

8 ـ ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)  الشورى )

9 ـ ( أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) الشورى ) .

10 ـ ( مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) الكهف ).

11 ـ  ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) الأنفال )

لم يلتفت النحويون الى تمييز هذا من ذاك ، مما أدّى الى انتشار وتسيد الأديان الأرضية المؤسّسة على تقديس الأولياء الأحياء والموتى .

( المولى )

يأتى إسما للخالق جل وعلا . نقرأ الآيات التالية :

1 ـ( أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة ) .

2 ـ ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51) التوبة )

( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)  الحج )

( وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) الأنفال )

2 ـ ويأتى عن إتّخاذ الكافرين مولى دون الله جل وعلا :

2 / 1 : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (41)  الدخان )

( يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) الحج )

3 ـ ويأتى بالجمع عن الأتباع من البشر . نتدبر الآيات التالية :

3 / 1 :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ )(33) النساء )

3 / 2 :( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ) (5) مريم )

( الرحمن )

كان الشائع عند العرب ان الرحمن من الرحمة ، نزل القرآن الكريم بمفهوم مختلف يعنى الهيمنة والجبروت فى الدنيا والآخرة  نفهم هذا من تدبر الآيات الكريمة التالية من سورة مريم :

1 ـ ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18 )

2 ـ ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26) )

3 ـ (  يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45)  )

4 ـ ( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (58)

 5 ـ ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61)  )

6 ـ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69)

7 ـ (  قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً (75)

8 ـ ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (77) أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (78) كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (80)

9 ـ ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96))

2 ـ رفض العرب الجاهليون هذا ، بل رفضوا إسم الرحمن :

2 / 1 :(  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً (60) الفرقان )

2 / 2 : ( قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(110) الاسراء )

تبنى علماء النحو المفهوم الجاهلى ل ( الرحمن ) .!

ثانيا :

 (الدين )

فى مفهوم القرآن يعنى الطريق، والسبيل، والصراط، والطريق قد يكون مستقيماً وقد يكون معوجاً. وقد يكون الدين أو الطريق معنوياً، أى العلاقة بالله سبحانه وتعالى. وقد يكون الدين أو الطريق حسياً مادياً كقوله سبحانه وتعالى عن أهل المدينة فى عصر النبى يعلمهم فن القتال:  ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَاْ إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة 122) فالآية سبقتها وتلتها آيات فى سياق القتال وتتحدث هذه الاية الكريمة عن النفرة للقتال، وضرورة إرسال فرقة استطلاع تتعرف على الدين أو الطريق ثم تنذر الناس وتحذرهم. ومن الخبل أن نفهمها على أن يترك المؤمنون رسول الله عليه السلام فى المدينة ثم يذهبوا للتعليم خارج المدينة، وهى موطن العلم بالإسلام، وكان غيرها مواطن الشرك فى ذلك الوقت  ولكن مصطلحات التراث جعلت التفقه قصراً على العلم بالشرع، مع أن مفهوم التفقه فى القرآن يعنى العلم والبحث العقلى والمادى فى كل شىء.

( الصحابة )

 و"الصحابة" فى التراث هم أصحاب النبى وأصدقاؤه ممن أسلموا. ولكن فى مفهوم القرآن فالصاحب هو الذى يصحب فى الزمان والمكان، وذلك تكرر فى القرآن الكريم وصف النبى عليه السلام بأنه صاحب المشركين. قال جل وعلا يخاطبهم :  ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)  النجم،) ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير )(  قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ) (46) سبأ ) .

( النسخ )

  فى القرآن الكريم يعنى الإثبات والكتابة والتدوين، ويعنى فى التراث العكس تماماً، أى الإلغاء. ولنا بحث منشور فى هذا الموضوع.

( الحُكم )

 ومفهوم الحكم فى القرآن الكريم يعنى التحاكم القضائى، وليس مقصوداً به على الإطلاق ما يتردد فى التراث من أنه الحكم السياسى أو الحاكمية .ويأتى ( يحكم بين ) أى فعلا لازما وليس متعديا ، كقوله جل وعلا : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ )(58) النساء ) ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) (42) المائدة )

أولو الأمر :

المقصود بهم فى القرآن الكريم هم أصحاب الشأن وأصحاب الخبرة والاختصاص فى الموضوع المطروح. قال جل وعلا :

1 ـ  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) النساء)

2 ـ ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (83) النساء ) وليس المقصود هم الحكام كما يتردد فى التراث.

( الحدود )

فى القرآن الكريم تعنى الشرع والحق، ولا تعنى العقوبات. وتفصيلات ذلك فى كتابنا عن حد الردة.

( المكروه والمستحب )

المكروه هو أكبر الكبائر من الكفر والقتل والزنا ..الخ ، نهى الله جل وعلا عنها ، ثم قال جل وعلا : ( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38) الإسراء )، وقال جل وعلا : ( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ) (7)الحجرات ) .

ولكن المكروه فى الفقه التراثى هو الحلال الذى يفضل الابتعاد عنه.و( المستحب ) فى التراث يعنى ما هو أقل من الفرض الواجب . بينما المستحب فى مفهوم القرآن هو الفرض الواجب .

( التعزير )

 عند الفقهاء هو الإهانة والعقوبة، ولكن التعزير فى القرآن يعنى :

1 ـ التكريم والتمجيد والتقديس لله جل وعلا : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (9)  الفتح ).

2 ـ الإعزاز والنصرة للرسل إيمانا بهم ( بمعنى الرسالة الالهية التى معهم ) . قال جل وعلا : (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ) (12) المائدة 12) ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف 157).  

التعليقات

سعيد على

   لفهم القران الكريم و مصطلحاته فالمرجع الاول هو القران الكريم نفسه.

 

حفظكم الله جل و علا .. و كم هو رائع العودة لكتاب الله و تتبع المصطلح و السياق .. اختلاف المعنى يترتب عليه اختلاف التطبيق و انظر للشيعة مثلا وفهمهم لمصطلح ( أهل البيت ) و ما ترتب عليه قيام مذهب كامل و ملايين البشر تسير خلف هذا المعنى رغم وضوحه و بيانه و حصره في زوجات النبي عليه السلام و ليس له أي علاقه لا بعلي و لا اولاده و لا زوجته .. حفظكم الله جل و علا و أنار بقلمكم طريقا مظلما.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :  
القرآن الكريم هو كلام الله الكريم . القرآن الكريم لا مثيل له ولا نظير لأنه كلام الذى لا مثيل له ولا نظير ، نؤمن به وحده حديثا كما نؤمن بالله جل وعلا وحده إلاها. النحويون كان روّادا ، ولم يقدروا القرآن الكريم حق قدره لأنهم أساسا ما قدروا الله حق قدره. تبعهم من جاء بعدهم. ونحن الآن بعدهم ب 14 قرنا نجتهد فى إصلاح ما أفسدوه ، ولا زلنا فى بداية الطريق
حفظكم الله جل وعلا أحبتى أهل القرآن .

 

 

 

 ف 5 ب 2 :  علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

السُّنّة :

   1 ـ فى اللسان العربي تعنى الشرع، تقول "سن قانوناً" أى شرع قانوناً. وفى  القرآن الكريم  تأتى منسوبة لله جل وعلا ، أى ( سُنّة الله ) .

وهذا فى التشريع بمعنى الشرع ، حتى فيما يخص النبى محمدا عليه السلام . قال جل وعلا : (  مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الأحزاب ) ، أما النبى فهو صاحب القدوة والأسوة ، وتكون فى موقف معين ، وليست مطلقة . قال جل وعلا للمؤمنين حول النبى محمد فى موقعة الأحزاب  : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21) الأحزاب ) ، وقال جل وعلا للمهاجرين القرشيين :( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) الممتحنة).

نعود للسُنّة ( سُنّة الله جل وعلا ) وعرفناها فيما يخصُّ التشريع حتى للنبى .

والناحية الأخرى هى ( سُنّة الله ) جل وعلا فيما يخُصُّ تعامله جل وعلا مع المشركين، وتكون هنا بمعنى المنهاج والطريقة . قال جل وعلا :

( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)الأحزاب 62،)

( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) فاطر 43،)

 (  فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)غافر )

( وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (23) الفتح 23) .

ولكن السنة فى التراث تعنى شيئاً مختلفاً سياسياً ومذهباً فقهياً.

1 ـ سياسيا :

1 / 1 :   في العصر الاموى استعمل مصطلح السّنة في معرض الاعتراض علي السياسة الاموية واهمية ان ترجع الي ما كانت عليه سنة النبي ،أي طريقته العادلة فى الحكم .وبها بدأ الاستعمال السياسي لكلمة السنة وقتها.

  1 / 2 : وحين نجح الشيعة الكيسانية في الدعوة للرضى من آل محمد ـ الامام المختفى غير المعلوم ـ وكان مفترضا أنه من ذرية علىّ بن أبى طالب، كان من ادبياتهم نفس الاستعمال السياسي لمصطلح السنة مع الاستعمال لمصطلح الشيعة الذى يدل على المعتقدين بأحقية ذرية على بن أبى طالب فى الحكم. وحين ظهر ان الخليفة الموعود ليس من ذرية علي وانما من ذرية ابن عباس حدث الشقاق بين انصار العباسيين القائمين مع الخليفة العباسي وبين المطالبين بأحقية ذرية علي بالخلافة دون العباسيين .وظلت كلمة شيعة أوالصحابه تطلق علي انصار العباسيين ، حتي تولي ابو جعفر المنصور الخلافة وتقاتل مع العلويين فى الحجاز فى ثورة محمد النفس الزكية فى الحجاز ، وأخيه ابراهيم فى العراق . عندها استبقي الخلفاء العباسيون لأنفسهم مصطلح السنة ،وأهملوا لقب الشيعة، فاصبح خاصّا بخصوم الدولة العباسية والخارجين عليها .

1 / 3 : فى إطار الدولة العباسية ومن يدور فى فلكها ( العالم السُنّى ) أُضيفت للشيعة اوصاف اخري سياسية وعقيدية اهمها الرافضة .

2 ـ فكريا :

 2 / 1 :  تحول مصطلح السنة في العصر العباسي الثانى بدءا من خلافة المتوكل العباسى ليدل علي الدين ( الأرضى ) السائد المعترف به من الدولة العباسية . وقد إضطهد خصوم السنيين من الشيعة والصوفية والمعتزلة والفلاسفة والمثقفين ثقافة عقلية بالفلسفة اليونانية والهلينية . وقد كانوا يطلقون على خصومهم من الفقهاء السنيين المحافظين مصطلح الحشوية ، يتهمونهم بأنهم كانوا يحشون عقولهم بروايات منسوبة للنبى يؤمنون بها ويجادلون بها الآخرين بدون عقل أو منطق متمسحين بالدين.

2 / 2 : ثم مالبث أولئك الفقهاء الحشويون السنيون أن دخلوا فى جدال مع المعتزلة ، فأصبحت السّنة تعني من ناحية العقائد والفلسفات ذلك الاتجاه الفكرى العقائدى المحافظ الذي يمثله أبو منصور الماتوريدى وأبو الحسن الأشعري بعد ان ترك المعتزلة .

3 ـ فقهيا :

3 / 1 : بسيادة الدين السُنّى أصبحت السنة تعنى المذاهب الفقهية الاربعة المنسوبة للأئمة ابي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل ،هذا في عصر الاجتهاد الفقهي .

3 / 2 : بالتعصّب بين هذه المذاهب فى عصور التقليد أواخر العصر العباسى والعصرين المملوكى والعثمانى ، تركّز ــ أكثرــ  في كتب الفقه السنى مصطلح للسُنّة يشيرالي درجة اقل من درجات الواجب ،فيقال هذا فرض واجب ،وهذا سنة .اويقال "يسنّ"بمعني يستحسن.

 الحديث

إسلاميا : يجب الايمان بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف ) ( 50 ) المرسلات ) (  تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ). كل حديث فى الدين هو حديث شيطانى ، سواء كان منسوبا لله جل وعلا أو للرسول . وهم قد جعلوا أحاديثهم ( الشيطانية ) قسمين : القدسى والنبوى .وقسّموا الحديث النبوى الى ( متواتر ) و ( أحاد ) وقسموا ( الآحاد ) الى قول وفعل وتقرير ، وهناك تقسيمات أخرى حسب تقييم الضعف والقوة طبقا لما أسموه ب ( علم المصطلح ) . هو مختلفون فى كل شىء .  .

( الشيعة )

قرآنيا :

مصطلح ( شيعة ) قرآنيا جاء فى الآيات الكريمة بمعنى الطائفة والطوائف المتحاربة والمتعادية . مثل  :

1 ـ ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) 65) الانعام )

2 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ  ) (159) الانعام )

3 ـ ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (10) الحجر )

( ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69) مريم )

( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ  ) (4) القصص )

(  وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (15) القصص )

( وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم )

طوائف الهدى من الأنبياء : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83)  الصافات )

تراثيا :

الشيعة يجمعهم مصطلح ( التبرى والتولى ) . التبرؤ من خصوم (على ) ، أى أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة والزبير وطلحة ..الخ ، وموالاة (على ) وبنيه ، وهم أصحاب المصطلح ( آل البيت ) ومن ينتسب اليهم يحملون مصطلح ( الأشراف ) بما يعنى نزع الشّرف عن بلايين المحمديين قديما وحديثا . مصطلح ( آل البيت ) قرآنيا يعنى الزوجة . وليس فى القرآن الكريم مطلقا مصطلح الشرف والأشراف .

إذا كان السنيون قد إفترقوا الى ( مذاهب ) فإن الشيعة إفترقوا الى عشرات الطوائف التى تقسّمت داخليا ، لأسباب عقيدية مثل مدى تقديس (على ) ومدى التبرؤ من خصومه . هناك معتدلون مثل الزيدية الأوائل ، وهناك من يتطرف فى تقديس على وبنيه . ثم هناك أسباب سياسية ، فى الخلاف حول ولاية العرش الفاطمى ( المستعلية والنزارية ).

فى صراعهم مع السنيين أطلقوا على السنيين مصطلح (النواصب ) أى الذين ( يناصبون أهل البيت العداء ) . ونفس المصطلح ( النواصب ) له معنى مختلف فى علم النحو إذ يعنى أدوات النصب التى تنصب الفعل المضارع أو الاسم ، بل ان كلمة ( النصب ) تعنى التحايل على الناس و( النصب) عليهم، ولا علاقة لهذا ( النصب) على الناس بعلم النحو.

التصوف :

أدخل التصوف مصطلحات دينية مستحدثة فى الحياة الدينية لم يعرفها المسلمون الأوائل فى عصر النبوة . ومنها الكرامة ، المريد، المقام ،الوقت ،الحال ، القبض ، الصحو والسكر ، الذوق الشرب ، المحو والإثبات ، الستر والتجلي، المحاضرة والمكاشفة ، الحقيقة والطريقة ، الوارد، الشاهد، السر، المجاهدة ، الخلوة ، الزهد، الولاية ، .. إلخ ، ولكل منها مدلول فى دين التصوف ، وسطرت فى ذلك الكتب ، وبالطبع هم مختلفون فى معناها وعددها.وبعض هذ الألفاظ كان مستعملا فى الإسلام بغير ما يقصده الصوفية ، إلا أنهم أولوها وأستحدثوا لها مدلولات جديدة تخرج عن الإسلام مثل (الولى والولاية ).

شلّالات المصطحات فى العلوم :

1 ـ كلمة ( النحو ) فى حد ذاتها مصطلح جديد ، ومثله المصطلحات جديدة فى إطاره مثل الرفع و الجر والسكون والاعراب و البناء و الفعل و الاسم و المبتدأ و الخبر و الفاعل و المفعول به ..الخ ..

 2 ـ و مصطلحات أخرى فى علم الصرف والبلاغة ، وقد اخترع العبقرى العربى الخليل بن أحمد علم العروض ووضع له المصطلحات مثل البحور الشعرية بمصطلحاتها المختلفة.

3 وشلالات من المصطلحات فى الفقه والتفسير والحديث والجرح والتعديل و وعلم الكلام و التوحيد و والمعتزلة و المرجئة والشيعة والسنة و الصوفية والبلاغة من استعارة وكناية وتشبيه و محسنات بديعية و معنوية و طباق وجناس و شتى مصطلحات الفنون والأداب..

الخلاصة :

1 ـ انتجت الحضارة العربية كمّا هائلا من المصطلحات الدينية والعلمية والأدبية والفنية لم تكن فى عهد ال نبى محمد عليه السلام، بعضها تمت صياغته لأول مرة وبعضها تبدل معناه واكتسب مدلولا جديدا.

2 ـ هذه المصطلحات التراثية لا يجوز فى المنهج العلمى أن نستعملها فى فهم القرآن الكريم ، ليس فقط لأنها تمت ولادتها بعد عصر القرآن متأثرة بظروف سياسية واجتماعية وفكرية ، ولكن أيضا لأن للقرآن مفاهيمه الخاصة ومصطلحاته الخاصة التى تعارض بل وأحيانا تناقض تلك المصطلحات التراثية المستحدثة.كما إنه لا بد للباحث التاريخى والأصولى أن يتفهّم مصطلحات العلم الذى يبحث فيه . 

التعليقات

سعيد على

لا تغرك الثمار و إن أينعت و برز جمالها الزائف طالما الجذور سامة نتنة!

حفظكم الله جل و علا و أنار بقلمكم دروب الظلام الدامسة .. و كم هي طويلة و متعرجة هذه الدروب و حبر قلمك لن ( يجف ) باذن الله طالما هناك عقلا يفكر و نفسا طيبة تتوق لعمل صالح من خلال تجلية حقائق الإسلام من خلال القران و لكل نفس طاقة و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. طريقة البحث في حد ذاتها علمٌ يُدرس فللبحث أصول و علمتنا أصول البحث ( التاريخي ) و ( القراني ) و هنا حضرتك تطبق على نفسك هذه الأصول و القواعد لذا سيخرج البحث و لا شك باذن الله راق و يغطي مساحة كبيرة رغم كبر و عظم و تشعب موضوع البحث .. المصطلحات و فهم جذورها و منبتها هي من تجعل الباحث يمسك بخيوط البداية لتكون النهاية رأيا سديدا لا يفرضه على أحد .. يتميز الدكتور أحمد بملكه البحث التاريخي و القراني و هو متفرد و متميز و لم يسبقه أحد و هذا ليس إطراء بقدر ما هو رد اعتبار لهذا المفكر العظيم فكرا و فكرا و فكرا .. فقط لدي تساؤل حول عبارة ( الحضارة العربية ) التي تكررت في هذا المقال و في المقالات السابقة لهذا الكتاب فهل هناك ( حضارة عربية ؟ ) و ما هي الحضارة أصلا طالما للمصطلحات أهمية في تأصيل المعنى ثم ما علاقة ( العربية كجنس أو كلسان ) بالحضارة ؟ و هل هناك حضارة أقامها العرب في شبه الجزيرة ؟ هذا مع أن أول بيت وضع للناس رفع بناءه إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام و هم قادمون من خارج شبه الجزيرة ؟
حفظكم الله جل و علا و كتاب رائع للغاية و كل يوم أنتظر فصلا منه .

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:

أكرمك الله جل وعلا وجزاك خيرا
أنا مضطر لاستعمال مصطلح ( الحضارة العربية ) لأنها كانت تنطق باللسان العربى ، والذى نطق به أعمدتها من علماء الفلسفة والطيب والكيمياء ..الخ . لم يكونوا جميعا ( مسلمين ) فلا يصح أن يقال ( الحضارة الاسلامية ).. اللسان العربى نطقت به شعوب خارج الجزيرة العربية ، وأنتجت به حضارة من ترجمة تراث اليونان والهند وفارس .

 

 

 

 

  الباب الثالث :

 تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

مقدمة

  الفصل الأول :  مرجع الضمير فى القرآن الكريم

 الفصل الثانى : الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم

 الفصل الثالث : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم  

الفصل الرابع : الاستفهام 

(هل )  

 ألم تر ؟ أرأيت ؟  

فى القصص

فى الخطاب الالهى للبشر  

 الفصل الخامس

  الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم

 

الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

مقدمة الباب الثالث :

تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

ا أولا : تجربة حياة

1 ـ لا أملّ من تكرار حكاية هذه القصة التى غيّرت حياتى ، وأثرت من خلالى فى مسيرة التفكير الدينى وظهور ما يُعرف بالقرآنيين وأهل القرآن . هى درس أراه هاما لأحبتى أهل القرآن ، بالاضافة لأهميتها فى موضوع تفوق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم .

2 ـ بعد عام ونصف العام وفى سنة 1977 قدمت رسالتى للدكتوراة عن ( أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ) كانت مكتوبة فى 1500 صفحة ، وبمئات المصادرالأصلية المخطوطة والوثائق وكتب التاريخ وشتى المصادر السنية والصوفية . لم يكن مألوفا فى أعرق جامعات مصر وغيرها بحث الحياة الدينية ل ( المسلمين ). فكيف  بجامعة الأزهر وهى مستنقع راكد ممنوع فيه التفكير والخروج عن المألوف ، بل كانوا يكرهون التاريخ أصلا ، ولهم مقالة مشهورة فيه : ( العلم به لا ينفع والجهل به لا يضرّ ). هذا مع أن أبحاث الدكتوراة فى قسم التاريخ كانت سرقة وتجميعا من كتابات سابقة ، وتحت إشراف أساتذة غاية فى الجهل والوضاعة . إرتاع المشرف على الرسالة حين قرأها ، رفضها وأذاع بعض المكتوب فيها ومنها ما إعتبره هجوما على الأولياء الصوفية والبخارى وأئمة الحديث والتفسير . وسريعا ما تكوّن ( لوبى ) يتزعمه شيخ الأزهر وقتها ( عبد الحليم محمود ) ومعه عميد الكلية ورئيس الجامعة ونائبه . كلهم ضد مدرس مساعد ( 28 عاما ). وجاء تهديدهم صريحا بإلغاء الرسالة وبحث موضوع تقليدى ، وإلّا فسيكتب المشرف تقريرا يقول فيه إننى لا أصلح باحثا ، وعندها يتم تحويلى من مدرس مساعد الى موظف إدارى ، ويتعين علىّ أن أدخل الجيش لأن التأجيل الذى معى مشروط بالحصول على الدكتوراة . المشكلة الكبرى كانت : هل معقول ان أكون أنا على الحق وكل الشيوخ على الباطل ؟ المعادلة هنا صفرية ، إما أنا على الحق وهم على الباطل ، وإما إنهم على الحق وأنا على الباطل . كان لا بد من حلّ هذه الإشكالية وليس مهما تحويلى الى موظف .

3 ـ فى رسالتى فى الدكتوراة بحثت بتمحيص المصادر التاريخية والصوفية والسنية وفق مصطلحاتها ، وكنت أستشهد بالقرآن الكريم بفهم سطحى . جاء الأوان لأحتكم الى القرآن الكريم بدراسة متعمقة متدبرة لأرى هل أنا على الحق أم هم ، ولأحدد موقفى .

بعد موت والدى ـ وكان مثلى الأعلى ـ الذى علمنى القرآن وعودنى الالتزام بالصلاة ـ وجدت نفسى يتيما مقهورا فتعلمت أن ألجأ الى ربى وحده أشكو اليه فى صلواتى ، وأورثنى هذا إعتزازا بالنفس فى مواجهة الناس حولى فإتخذت وقتها شعارا يقول :( لست أحسن من أحد ، ولكن ليس هناك من هو أحسن منى ).

فى هذه المحنة عام 1977 برز أكثر إعتزازى بعقلى الذى يمنعنى من تقديس البشر حتى الأنبياء.  لم يكن لدى أى شك فى أن التقديس كله للخالق جل وعلا وحده ، وأن محمدا بشر كما تكرر فى القرآن الكريم . القضية لم تكن ( لا إله إلا الله ) بل هل القرآن الكريم ـ بإعتباره مصدرا للاسلام ـ هل هو من عند الله جل وعلا أم تأليف ( محمد بن عبد الله بن عبد المطلب )؟ . قلت لنفسى : " إننى قد وصل لى بالتراكم علم أكبر من الذى كان عليه ( محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ) . بالتالى إذا كان هو الذى صنع القرآن الكريم وقام بتأليفه فمن السهل علىّ العثور على تناقضات وإختلافات فيه ، خصوصا مع التكرار فى القرآن والإيجاز والتفصيل . وقد سبق أن فضحت فى رسالة الدكتوراة ما فى كتب الحديث والتصوف والتاريخ من تناقضات وإختلافات حتى فى الصفحة الواحدة . سيكون الأمر أسهل لو كان القرآن الكريم صناعة بشرية صنعه رجل عربى  فى القرن السابع الميلادى ".

بدأت ببحث القرآن الكريم من أول آية فى سورة البقرة الى أن إنتهيت بعد عام من تدبر القرآن الكريم كله بمنهج علمى بارد محايد ، يريد التعرّف على الحق . كنت أسجل كل شىء ، وتجمعت لدى آلاف الصفحات ظلّت رصيدا علميا لى سنوات طويلة . إنتهيت وقد سجدت مؤمنا بأن القرآن الكريم هو كلام الله جل وعلا الذى يعلو على أن يكون صناعة بشرية .

4 ـ هذا الاكتشاف غيّر حياتى : تضاءل الشيوخ أكثر ، ورأيت كفرهم واضحا صريحا ، بل رأيت نفسى متهاونا فى مواجهتهم ، وإنه لا بد من أكون صارما معهم . وتطلّب هذا أن أستعد لأى عواقب . وضعت لنفسى قاعدة لا زلت أتمسك بها وأنا فى خريف العمر ، وهى : ( القدرة على الإستغناء ) . كنت أحلم بشراء سيارة فطردت هذا الحلم نهائيا . لا أستطيع الاستغناء عن التنفس والطعام والشراب بالقدر المعقول ، واللباس والسكن المعقول . ولا طموح فى أكثر من ذلك . وفى مواجهة كيدهم ـ وهم لا يرقبون فى مؤمن إلّا ولا ذمة ــ إعتصمت بما جاء فى القرآن الكريم من الحتميات ( فى الرزق والميلاد والمصائب والموت ) كل ذلك أقدار حتمية  لا مهرب منها ، لا يستطيع شخص أن يميتنى قبل موعد موتى ولا أن ينجينى إذا حلّ موعد موتى، ولا يستطيع أحد منع رزق كتبه الله جل لى ولا يستطيع منع أو تأجيل مصيبة . أخذت من القرآن الكريم شعارا أتمسك به ، وهو قوله جل وعلا :(  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3) الطلاق ) . وبه واجهتهم متحديا .

5 ـ فوجىء الشيوخ بموقفى الصّامد الذى يتحدّاهم ، فأشاعوا أننى مدفوع من جهات أجنبية لتدمير الأزهر ، وصدّقوا هذا فترجعوا عن التهديد بإحالتى الى عمل إدارى ، ووصلنا الى حلّ وسط ، بدلا من إلغاء الرسالة أن أحذف ثلثيها ، وتتم مناقشة الثلث فقط . وهذا ما حدث ، وحصلت على الدكتوراة فى اكتوبر عام 1980 بمرتبة الشرف الأولى .. وواصلت الطريق بعدها ، وحتى الآن . .

6 ـ بعد كل تلك السنين من عام 1977 وحتى الآن فلا يزال القرآن الكريم يُدهشنى ، ولا زلت أعرف منه المزيد ، وأتأكّد أننى لا زلت على ساحل المعرفة بالقرآن ، وأن ما أجهله أضعاف أضعاف ما أعرفه . ولذا أعرض كتاباتى للنقد بإعتبارها وجهة نظر ، راجيا أن يبنى عليها الأحبة .

ثانيا :  لماذا أذكر هذا ؟

 1 ـ لولا تقصير علماء النحو ومن تبعهم خلال 14 قرنا ما كانت مشكلتى .

بتدبر القرآن الكريم آية آية عام 1977 ، إكتشفت كنزا معرفيا لا يزال يدهشنى . أوراقى التى سجلت فيها ملاحظاتى كانت أساسا لكتب لاحقة ، وسلاسل بحثية من نوعية ( القاموس القرآنى ) و ( القصص القرآنى ) ( علوم القرآن ) و ( القرآن والواقع الاجتماعى ) وغيرها مما تم نشر بعضه هنا .

2 ـ فى تسعينيات القرن الماضى كتبت بحثا عن إعجاز القرآن الكريم للقرن القادم ( الحادى والعشرين )، كان ضمن مخطوطات مكتوبة بخطى أريد نشرها فى الموقع ، كنت قد حملتها معى فى هربى لأمريكا . بعثت به مع كتب مخطوطة أخرى ليُكتب على الكومبيوتر فى مصر، فقبض أمن الدولة على من أرسلته وصادر تلك الكتب . فى هذا الكتاب ــ عن إعجاز القرآن الكريم للقرن الحادى والعشرين ـ أذكر أننى فى الجزء الأول منه تعرضت فيه لإعجازات القرآن الكريم التاريخية ، فى الكشف عن خبايا فى التاريخ القديم للرسل والأمم ، وفى الإخبار مقدما عن أحداث ستقع بعد سنوات اثناء نزول القرآن مثل :( الم (1) غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) الروم ) ، وهزيمة الأحزاب : ( جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ (11)  ص )، وأحداث بعد انتهاء القرآن الكريم نزولا ، كالفتنة الكبرى بين صحابة الفتوحات : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الانعام ). ثم غيوب علامات الساعة وقيامها والتى لم تحدث بعد ، ومشاهد يوم القيامة . وفى الجزء الثانى انتقلت لإعجازات سيشهدها القرن الحادى والعشرين فى الإشارات العلمية القرآنية عن الجبال وتكوين الجنين والنفس والبرزخ والحشرات ( الذباب والعنكبوت والنمل والبعوض )  وإعجاز الحفظ الالهى للقرآن الكريم بكتابته  الفريدة ، وبدايات الإعجاز الرقمى المؤسس على تلك الكتابة القرآنية ثم المنتظر تطورها والوصول الى أساسها العام الذى يشمل كل التفصيلات .

3  ـ فى كل ما سبق من عام 1977 وحتى الآن لا زلت أُنظّف بالقرآن الكريم عقلى من جبال الخرافات التى تعلمتها فى الأزهر ، أقوم بتدميرها وتأسيس معالم الاسلام المنسية المهجورة .

4 ـ السؤال هنا ( لو ) : لو قام علماء النحو ـ وهم الروّاد ـ بواجبهم نحو القرآن الكريم لعرف العالم روائع القرآن الكريم العلمية والتاريخية والفصاحية . كان المفروض على علماء النحو ـ وهم الروّاد ـ أن يولوا وجوههم شطر القرآن الكريم يكتشفون كنوزه العلمية ، ولكنهم تجاهلوه فى عملهم فذهبوا الى الأعراب فى فيافى الصحراء يجمعون المفردات العربية ويقتنصون الشواهد الى تتناسب مع أرائهم ، وإن لم يجدوا شواهد إخترعوها إختراعا ، وهم فى كل هذا مختلفون . وهم فى كل هذا يؤكدون تفوّق القرآن الكريم عليهم . وإذا كان القرآن الكريم أسمى وأعزّ مكانة ان يصل الى مستواه الراسخون فى العلم فما بالك بالراسخين فى الجهل .!

أخيرا :

1 ـ موضوع تفوق القرآن الكريم على علماء النحو ـ وغيرهم ـ يشمل فصلين : الأول عن الفصاحة والآخر عن موضوع الزمن .  

2 ـ وسيظل ما نكتبه هنا مجرد وجهات نظر ، نرجو أن تثير شهية التفكير لدى من يهمهم الأمر . والله جل وعلا هو المستعان .

التعليقات

سعيد على

كفاح من أجل المعرفة و إيصال الحق القراني و الخوف من كتم ما أنزل الله من البينات و من الكتاب.

جهاد عظيم و تمسك بكتاب الله العظيم و الحق جل و علا يقول : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون ) البقرة ١٥٩.. ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب و يشترون به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار و لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم) البقرة ١٧٤.

عندما يصر صاحب الحق على حقه و يقف شامخا أمام سيل قذر من الجهل ذاك هو الدكتور أحمد حفظه الله .. أنظر لبدايات التحدي ليس لشخصه الكريم بل لعقله الذي خصص سنة كاملة من البحث و التدبر في كتاب الله و والله لو أفنينا عمرنا كله في تدبر كتاب العمر القران الكريم ما ضاع و عمر و انقضى في سبيل المعرفة بهذا القران العزيز .. شكرا من القلب لمن علمنا و يعلمنا كيف نتدبر القران و كيف نقرأ القران .. دمت سالماً معافى و لأحبتك كاتبا متألقا في فضاء هذا البيت الكريم أهل القران.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:

              أحيانا يكون اليُتم نعمة . يتوقف هذا بالطبع على شخصية اليتيم ووضعه وثروته او فقره .وأيضا عمره حين فقد أباه . أتكلم عن يتيم الأب فقط. قد يصبح من كان يتيما حاقدا كارها للناس ( هتلر ، صدام ) ، وقد يكون رحيما متعاطفا مع المحتاجين يريد أن يجنبهم بعض ما عاناه . تزداد معاناة اليتيم مع شدة فقره واحتياجه ومعاناته من ظلم أقرب الناس اليه ومعرفته بمدى هذا الظلم وتيقّظ عقله وإعتداده بنفسه ، وبحثه عن مكانة يستحقها وطموح كبير لديه يكون صعبا جدا تحقيقه فى بيئة تكره المتفوقين وتكبتهم . اعتقد ان هذا يستحق بحثا متعمقا أرجو أن ينجزه بعض الأحبة.  

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الأول : مرجع الضمير فى القرآن الكريم  

توضيح سريع :  

 1 ـ الضمائر فى اللسان العربى : متكلم ومخاطب وغائب . ومتصل ومنفصل وظاهر ومستتر ، ومفرد ومثنى وجمع . ومذكر ومؤنث . لا مجال لشرح هذا .

2 ـ عود الضمير على ما قبله لا بد ان يكون مماثلا له من حيث الافراد والتثنية والجمع ومن حيث التذكير والتانيث .

لمحة عن أهمية الموضوع :

الضمير هنا يفُضُ الإشتباك الذى يقع فيه ( المسلمون ) فى موضوع طاعة الله جل وعلا ورسوله .  ولو بدأ النحويون بتوضيح هذا الموضوع فربما ما إخترع المحمديون أديانهم الأرضية الشيطانية والتى يتم فيها تقديس ما أسموه ( محمدا ) ونسبوا أحاديثهم الشيطانية له زورا وبهتانا . ونعطى لمحة سريعة عن الرسول والنبى :

1 ـ بين الرسول والنبي
يخطئ الناس في فهم الأمر بطاعة الرسول واتباع الرسول ، وذلك لأنهم يخطئون في فهم الفارق بين مدلول النبي ومدلول الرسول..
"النبي" هو شخص محمد بن عبد الله في حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله ، وتصرفاته البشرية.
ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى ، لذا كان العتاب يأتي له بوصفه النبي ، كقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ؟!..﴾ (التحريم 1) . ويقول تعالى في موضوع أسرى بدر ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (الأنفال 67) ، ويقول له ﴿ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ (آل عمران 161) ، وحين استغفر لبعض أقاربه قال له ربه تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ (التوبة 113) ، وعن غزوة ذات العسرة قال تعالى ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ..﴾ (التوبة 117).
وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينهاه عن طاعة المشركين ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً  وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ..﴾ (الأحزاب 1: 3). كل ذلك جاء بوصفه النبي.
وكان الحديث القرآني عن علاقة محمد عليه السلام بأزواجه أمهات المؤمنين يأتي أيضاً بوصفه النبي ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾ (الأحزاب 28) ، ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً..﴾ (التحريم 3) ، وكان الله جل وعلا يخاطب أمهات المؤمنين ، فلا يقول يا نساء الرسول وإنما : ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ.). ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾ (الأحزاب 32، 30) ، وكان الحديث عن علاقته بالناس حوله يأتي أيضاً بوصفه النبي : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ﴾ (الأحزاب 59) ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ (الأحزاب 6) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ... ) (الأحزاب 53) ﴿ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ... ﴾ (الأحزاب 13).

وهكذا فالنبي هو شخص محمد البشرى في سلوكياته وعلاقاته الخاصة والعامة ، لذا كان مأموراً بصفته النبي باتباع الوحى الذى ينزل عليه باعتباره رسولا .

 حين ينطق النبي بالقرآن فهو الرسول الذى تكون طاعته طاعة لله . قال جل وعلا : ﴿مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ.).(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ (النساء 80، 64)

والنبي محمد بصفته البشرية أول من يطيع الوحى القرآني وأول من يطبقه على نفسه.. وهكذا ففي الوقت الذى كان فيه (النبي) مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أي طاعة النبي حين ينطق بالرسالة أي القرآن ، وهذا معنى قوله جل وعلا : ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ..﴾ (النور 54). ولم يأت مطلقاً في القرآن "أطيعوا الله وأطيعوا النبي" لأن الطاعة ليست لشخص النبي وإنما للرسالة أي للرسول. أي لكلام الله تعالى الذى نزل على النبي والذى يكون فيه شخص النبي أول من يطيع ، كما لم يأت مطلقا في القرآن عتاب له عليه السلام بوصفه الرسول.

ولكلمة النبي معنى محدد هو ذلك الرجل الذى اختاره الله من بين البشر لينبئه بالوحى ليكون رسولاً ، أما كلمة الرسول فلها في القرآن معان كثيرة هي:
• الرسول بمعنى النبي: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ (الأحزاب 40).
• الرسول بمعنى جبريل ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) ( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ  ) ( مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ (التكوير 19: 23).
• الرسول بمعنى الملائكة:

ملائكة تسجيل الأعمال ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ (الزخرف 80).

ملائكة الموت ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ (الأعراف 37).
• الرسول بمعنى ذلك الذى يحمل رسالة من شخص إلى شخص آخر، كقول يوسف لرسول الملك "ارجع إلى ربك" في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ...﴾ (يوسف 50).

إذن فالنبي هو شخص محمد في حياته الخاصة والعامة ، أما الرسول فهو النبي حين ينطق القرآن وحين يبلغ الوحى ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ (المائدة 67)
وفى الوقت الذى يأمر الله فيه النبي باتباع الوحى فإن الله تعالى يأمرنا جميعاً وفينا النبي- بطاعة الله والرسول، أي الرسالة ، ولم يأت مطلقاً "ما على النبي إلا البلاغ"، وإنما جاء ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ ﴾ (المائدة 99) فالبلاغ مرتبط بالرسالة كما أن معنى "النبي" مرتبط ببشرية الرسول وظروفه وعصره وعلاقاته.

عودة الضمير بالمفرد فى موضوع الرسول ليدل على القرآن الكريم فقط ( كلام رب العالمين ) هو الرسول  :

1 ـ  الرسول بمعنى القرآن أو الرسالة الالهية يعنى أن رسول الله قائم بيننا حتى الآن وهو كتاب الله الذى حفظه الله إلى يوم القيامة ، نفهم هذا من قوله سبحانه وتعالى : ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ (آل عمران 101) أي أنه طالما يتلى كتاب الله فالرسول قائم بيننا ومن يعتصم بالله وكتابه فقد هداه الله إلى الصراط المستقيم . ينطبق ذلك على كل زمان ومكان طالما ظل القرآن محفوظا ، وسيظل محفوظا وحجة على الخلق الى قيام الساعة..
2 ـ وكلمة الرسول في بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد كقوله سبحانه وتعالى ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾(النساء 100).فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد عليه السلام. فالهجرة في سبيل الله وفى سبيل رسوله - أي القرآن - قائمة ومستمرة بعد وفاة النبي محمد وبقاء القرآن أو الرسالة.
3 ـ وأحياناً تعنى كلمة "الرسول" القرآن فقط وبالتحديد دون معنى آخر كقوله سبحانه وتعالى ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ (الفتح 9)، فكلمة "ورسوله" هنا تدل على كلام الله فقط ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد ، والدليل أن الضمير في كلمة "ورسوله" جاء مفرداً فقال تعالى ﴿ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ والضمير المفرد يعنى أن الله ورسوله أو كلامه ليسا اثنين وإنما واحد فلم يقل"وتعزروهما وتوقروهما وتسبحوهما بكرة وأصيلا" ، والتسبيح لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى وحده، ولا فارق بين الله تعالى وكلامه ، فالله تعالى أحد في ذاته وفى صفاته ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾.

4 ـ ويقول سبحانه وتعالى : ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ﴾(التوبة 62)، ولو كان الرسول في الآية يعنى شخص النبي محمد لقال تعالى "أحق أن يرضوهما" ولكن الرسول هنا يعنى فقط كلام الله لذا جاء التعبير بالمفرد الذى يدل على الله تعالى وكلامه.
 5 ـ ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (2) التوبة ). لم يقل ( وجهاد فى سبيلهما ) . فالرسول هنا هو كلام الله جل وعلا .

6 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) الانفال ). لم يقل ( ولا تولوا عنهما )

7 ـ ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) النساء ). لم يقل ( حدودهما ) ( يدخلانه ).

8 ـ  ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ )(74) التوبة ) . لم يقل ( من فضلهما ).

9 ـ ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) النور ) لم يقل ( ليحكما )  

 10 ـ ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (51)  النور )

11 ـ يضاف الى ما سبق : مرجع الضميرعلى القرآن الكريم فقط فى قوله جل وعلا :

11 / 1 : (وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) (231) البقرة ) . لم يقل ( يعظكم بهما )

11 / 2 : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء ). ألا تكفى كلمة ( وحده ) التى تعود على الله جل وعلا وحده وعلى القرآن الكريم وحده ؟

12 ـ وبهذا نفهم أن الرسول فى الآيات التالية تعنى القرآن الكريم كلام رب العالمين :

12 / 1 ـ  ( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً (31) الاحزاب )   

12 / 2  ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) الحديد )

12 / 3  ـ ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) الحشر ).

12 / 4 ـ ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) التغابن )

12 / 5 ـ (  قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) الجن )

12 / 6 ـ ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36) الأحزاب ) بعدها جاء اللوم التقريع للنبى : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39) الاحزاب ). 

ونختم بقوله جل وعلا : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) التوبة ). ما هو مرجع الضمير فى ( ورسوله ) ؟

التعليقات

بن ليفانت

النبى والرسول

مع ذكر كلمتي "نبي" و "رسول" متجاورتين في القرآن، لا يسعني إلا القول بأن هناك اختلاف بين هاتين الكلمتين. وكما ذكرتم في المقال، فالنبي تعود خصوصيته إلى الانسان الذي اختاره الله نبيًا، يعني الكلام هنا عن شخص له صفات مميزة (وإنك لعلى خلق عظيم) واختارة الله للنبوة. أما الرسول، فهو، كما يفهمه كل انسان، شخص حُمّل رسالة، والمهم في الأمر هي الرسالة وليس حامل الرسالة، ووظيفة الرسول تبليغ الرسالة، لا أكثر ولا أقل. بكلمة أخرى، تعود خصوصية الرسول على الرسالة، وليس العكس، ولو كان الأمر غير ذلك، لذكرت كلمة اخرى غير "رسول". لنتصور أن رسولًا لدولة شمال ستان (سفير) جاء برسالة خطية من رئيس الجمهورية إلى رئيس دولة جنوب ستان، ثم ذكر له السفير أن لديه زيادات على الرسالة، فمن المؤكد أن رئيس دولة جنوب ستان سيستغرب ويقول للسفير، لماذا لم يكتب الأفندي الزيادات في الرسالة؟

تساؤل: الآية  وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. يأمر الله نبيه ورسوله أن يقول (بما معناه): أبالله وآيات الله ورسول الله (ليس "وبي") تستهزئون؟ فهو الرسول والسائل. هل كلمة الرسول هنا لهذا السبب لا تعني محمد (شخص محمد) نفسه؟ بل تعني خصوصية الرسول –كما ذكرت سابقًا؟

سؤال: الآية  وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴿الأحزاب: ٣١﴾‏ لماذا جاءت "يقنت" مذكر وليس "تقنت" مؤنث؟ بعدها جاءت "تعمل" بالتأنيث. مع الشكر على الاجابة.

 

أحمد صبحى منصور :

شكرا جزيلا استاذ بن ليفانت . أكرمك الله جل وعلا . وأقول :

1 ـ آيات سورة التوبة ( 64 : 66 ) مرجع الضمير على القرآن الكريم وهو الرسول . والدليل كلمات:  ( سُورَةٌ ) ( إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ) ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) (قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ِ.

2 ـ سؤالك ذكىُّ جدا عن ( وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا  ). وجهة نظرى :

( من ) إسم موصول يؤتى به للذكر والأنثى . نفهم هذا من قوله جل وعلا عن قواعد التشريع فى الدنيا : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) النساء ).

وفى الآخرة : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) النساء ) (  وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112) طه ) ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ).

همسة ليست حائرة .!:

مصطلح ( خُلُق ) لا يعنى الأخلاق ، وإنما الدين . والدين نوعان نقيضان :

1 ـ الدين الفولكلورى المتوارث من الآباء أو ( الثوابت ) بتعبير مواشى عصرنا . وقوم عاد قالوا لنبيهم هود : ( قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ (137)   الشعراء )

2 ـ الاسلام / القرآن الكريم / نعمة الرحمن جل وعلا . وهذا ما قاله جل وعلا لخاتم النبيين ردا على من إتهمه بالجنون : ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم )


 

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الثانى :  الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم:

 معنى الجملة الاعتراضية :

1 ـ هى جملة توضيحية زائدة توضع فى سياق الكلام ، ويمكن حذفها دون أن يتأثر المعنى ، كأن تقول فى حديث عادى ( وقعد صاحبك ، اللى بالى بالك ـ وفتح الموضوع وقال وعاد ) كلمة (اللى بالى بالك ) جملة اعتراضية ، يمكن حذفها ولا يتأثر المعنى فتقول ( وقعد صاحبك وفتح الموضوع وقال وعاد ) . وكأن تقول فى كلام مكتوب ( وقف الخطيب ـ لا فض فوه ـ وهاجم الحكومة ) فعبارة ( لا فض فوه ) جملة اعتراضية تفيد الدعاء للخطيب ـ ويمكن حذفها فتقول ( وقف الخطيب وهاجم الحكومة ) .

2 ـ هل كان استعمال الجملة الاعتراضية معروفا قبل نزول القرآن الكريم فى الأدب الجاهلى من شعر أو نثر ؟

لا أعتقد  ..ربما يجيب على هذا السؤال بدقة من تخصص فى العصر الجاهلى ، ولكن قراءاتى  ـ حتى الان ـ تؤكد لى أن استعمال الجملة الاعتراضية لم يكن موجودا وقتئذ. .

ملاحظة : كلمة ( ـ حتى الآن ـ ) جملة اعتراضية ، ولها معنى مفهوم ، ولكن يمكن حذفها.

3 ـ هل التفت علماء النحو ثم (المفسرون ) الى وجود الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم ؟ وهل حللوا دلالات ورودها فى السياق القرآنى ؟

حسب علمى لم يحدث  ..

4 ـ هل هناك فارق بين وجود الجملة الاعتراضية فى القرآن عنه فى الكتابات العربية البشرية ؟

نعم . الجملة الاعتراضية فى الكتابات العربية ـ غير القرآن الكريم ـ يمكن حذفها بدون أن يتأثر السياق كثيرا ، والأمر يتوقف على فصاحة الكاتب و تمكنه من فن الكتابة العربية.

أما فى القرآن الكريم فالجملة الاعتراضية تدخل فى إطار التفصيلات القرآنية ، أى إنها جزء أساس فى النظم القرآنى و النسق القرآنى ، مع أنها ـ عرفا ـ جملة اعتراضية.

وهذا الوضع من الاعجاز فى القرآن الكريم ، حيث يجمع الاعجاز هنا بين شيئين متناقضين فيما يخص الجملة الاعتراضية : كونها ـ نظريا ـ يمكن الغاؤها ، وكونها ـ فعليا ـ لا يمكن إلغاؤها لدورها الأساس فى السياق ، ولأن إلغاءها سيؤثر كثيرا جدا على المعنى ، فمع أنها جمل اعتراضية إلا أن الفصاحة فى الاتيان بها فى سياقها يجعل حذفها يؤثر على المعنى ، فقد جاءت كل جملة اعتراضية لتؤدى دورا هاما مرسوما لها بدقة وهذه الخاصية لا توجد إلا فى القرآن الكريم فيما يخص وجود الجملة الاعتراضية فيه. وهذا من أوجه التفوّق القرآنى ، والذى لم يلتفت اليه علماء النحو .

5 ـ يبقى أن تعطى نماذج من الجمل الاعتراضية فى القرآن الكريم ، و أثرها ودلالاتها فى السياق الذى جاءت فيه.

أنواع الجملة الاعتراضية فى القرآن الكريم ( بسيطة ومركّبة ):

أولا :

جملة إعتراضية بسيطة :

نبدأ بمثل واضح جاءت فيه الجملة الاعتراضية ، وهو أيضا يربط وجودها بتفصيلات القرآن التى هى جزء منه ، يقول جل وعلا : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  ) ( الأعراف 52 ). الجملة الاعتراضية هى : ( على علم ). ولا يمكن حذفها لأنها توصيف دقيق لتفصيلات القرآن الكريم ، والتى ليست إطنابا وحشوا ، لأن القرآن الكريم كما قال جل وعلا : ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود ) ( تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) فصلت ) ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق   )

جملة إعتراضية فى القصص القرآنى :

1 ـ فى قصة ابراهيم ولوط :

 1 / 1 ـ (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) ( هود 74 ـ ). الجملة الاعتراضية ( إن ابراهيم لحليم أوّاهُّ منيب ). وصف لابراهيم ، فهو النبى الوحيد الذى حين إنتقده ربه جل وعلا ـ مدحه .! 

1 / 2 : (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) ( وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ  ) ( هود 77 ـ ). الجملة الاعتراضية هنا ( ومن قبل كانوا يعملون السيئات ).

2 ـ  فى قصة يوسف :

2 / 1 : ( قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخَاسِرُونَ (14) يوسف ). الجملة الاعتراضية : ( ونحن عصبة )

2 / 2  ـ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يوسف) الجملة الاعتراضية : ( وإدّكر بعد أُمّة ) . اى تذكّر بعد عدة سنوات .

2 / 3 ـ (فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) ( قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ ؟قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ  ) ( يوسف ـ 71 ـ 72 ).

الجملة الاعتراضية هنا ( وأقبلوا عليهم ). أهمية هذه الجملة أنها تعطى حركة داخل القصة . وسبق لنا التدبر دراميا فى قصة يوسف فى سورة يوسف ، بتقسيمها الى مشاهد درامية بالحوار والأحداث .

3 ـ فى قصة موسى :

3 / 1 :( فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص ) الجملة الاعتراضية هنا : ( من خير ).

3 / 2 : ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) القصص ) الجملة الاعتراضية هنا ( تمشى على إستحياء ). هى وصف ضرورى للفتاة .

4 ـ فى القصص الخاص بالنبى محمد :

4 / 1 (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا  ) ( الاسراء 47 ). هذا عن مشركى مكة ، والجملة الاعتراضية هنا : ( وإذ هم نجوى ). هى وصف لتناجى الكافرين وتآمرهم .

4 / 2 ـ (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( آل عمران 168 ).  الجملة الاعتراضية هنا هى ( وقعدوا ) . فى غزوة أحد انتهز بعضهم الفرصة فى أن النبي لم يسمع رأيهم بالانتظار فى المدينة وخرج للقاء المشركين عند ( أحد ) حسب رأى الأغلبية المؤمنة المتحمسة ، ولذلك رأوها حجة مناسبة للتخلف فى المدينة ، فلما انهزم المسلمون فى أحد رأوها فرصة أخرى فى التشفي والانتقام للنبي والمؤمنين ، ونزل القرآن الكريم يرد عليهم وعلى أقوالهم : (  الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا ) آل عمران 168)  هنا جملة اعتراضية ساخرة وهو قوله سبحانه وتعالى يصف حال أولئك " الفلاسفة " ـ وقعدوا ـ أى أنهم فى  داخلهم جبناء جبنوا عن المواجهة ،وبعد انتهاء المعمعة أخذوا يتشدقون  ويزايدون وينتقدون متناسين إنهم آخر من يتكلم فى الحرب وابعد من يشارك فيها .

4 / 3 ـ ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) النساء ). الجملة الاعتراضية هنا هى : (  كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ).

 فى الحوار والدعوة :

قال جل وعلا :

1 ـ (قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) ( الاسراء 42  ) . الجملة الاعتراضية ( كما يقولون ) . هذا مهم جدا فى نفى مزاعمهم .

2 ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ  كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )( محمد 2 ) .الجملة الاعتراضية هنا ( وهو الحق من ربهم ).  هذا مهم جدا فى تأكيد الايمان ليس بمحمد ولكن بالقرآن الذى أُنزل على محمد .

3 ـ (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ   وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )( آل عمران 135 ). الجملة الاعتراضية هنا : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ).

4 / 1 ـ (  وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة )

4 / 2 : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا )( الانسان 8 ).

الجملة الاعتراضية فى الآيتين : ( على حبّه ). أى الإنفاق من ( أحبّ ) المال ، ومن ( أحبّ ) الطعام .

5 ـ ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ  وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ)  (الرعد 1 ). الجملة الاعتراضية : ( والذى أُنزل اليك من ربك هو الحق ). هو تأكيد على الحق القرآنى .

6 ـ  (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )(الرعد 11 ). الجملة الاعتراضية : ( يحفظونه ). وهو إشارة لدور ملائكة كتابة الأعمال فى حفظ الأعمال .

7 ـ (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ )( الأنبياء 26 ). الكلمة الاعتراضية: ( سبحانه )

8 ـ (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )(يس 78  ) . الجملة الاعتراضية : ( ونسى خلقه ). ذلك المأفون تكلم وقد نسى من خلقه ، وكيف خلقه .

9 ـ ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف ). الجملة الاعتراضية : ( ولو حرصت ).

 عن المجرمين فى الجحيم :

قال جل وعلا :

1 ـ (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ  )( الشعراء 94 : 98 ). الجملة الاعتراضية ( وهم فيها يختصمون ) وهى وصف لحالهم .

2 ـ ( وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) الشورى ) . الجملة الاعتراضية ( وهو واقع بهم ) . وهى وصف لحالهم .

ثانيا :

جمل إعتراضية معقدة

قال جل وعلا :

2 ـ (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ( 75 )وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( 76 ) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ( 77 ) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ( 78) ( الواقعة ) . المعنى كالآتى : (  فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون ). جاءت جملة إعترضية كبرى ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) . وفى داخلها جملة إعتراضية صغرى ( لو تعلمون ) . وهذا كله فى هول وتصور مواقع النجوم ، لأن من النجوم ( والمجرات ) ما إنتهى من بلايين السنين ، وبيننا وبينها بلايين السنين الضوئية ، ولكن لا يزال يصل نورها من مواقعها الذى كانت فيه قبل تفجرها وفنائها .

جمل إعتراضية كثيرة

قال جل وعلا فى قصة يوسف :

( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) يوسف ).

الآية 36 عن سؤالهما ليوسف تفسير المنام . الآية 41 فى التفسير . وما بينهما ( آيات 37 : 40 ) هو دعوة يوسف لهما للإيمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له . وهى جمل إعتراضية . 

 

تعليقات

بن ليفانت

شكرًا
أولًا : شكرًا لـ "همسة ليست حائرة" على تعليقي في المقال السابق بخصوص "خُلُق"! لقد كتبت مداخلة في موضوع المصطلحات الذي تكلمتم عنه في مقال لكم سابق، وذكرت أنه من الخطأ أن يُفهم مصطلح جاء في القرآن بمعنى المصطلح الحالي. و أنا أقع في نفس الخطأ، ولن أتهم الشيطان بذلك، بل معلوماتي المتواضعة في "اللسان" العربي.

ثانيًا هناك مقال عن الجملة الاعتراضية في الويكيبيديا يُذكر فيه عن "الزركشي" بأنه عرّف الجملة الاعتراضية الخ. المعلومة منقولة عن كتاب لـ سامي عطا الجيتاوي، والذي يمكن الوصول إليه عبر المرجع 2 في أسفل الرابط الموجود في الأسفل. في هذا الكتاب يُذكر مرجع الزركشي : الزركشي : بدر الدين محمد بن عبد الله ( 794هـ) : البرهان في علوم القرآن . ج3/ ص 62

الرابط لصفحة الويكيبيديا:


https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%85%D9%84%D8%A9_%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%B6%D8%A9


أحمد صبحى منصور :

جزاك الله جل وعلا خيرا اخى بن ليفانت .  واقول :

Bottom of Form

1الزركشى من أعلام العصر المملوكى ، وقد درست مؤلفاته حتى المخطوط منها ـ وقتها ـ ، وأرى فيه رأيا طيبا مقارنة بغيره من أعلام عصره والذين هم أكثر شهرة منه ، خصوصا الأفّاق المسمّى بالسيوطى . هناك إجتهادات متفرقة فى النحو وغيره كانت ( جُملا ) إعتراضية فى مسيرة العصر المملوكى ، وأعتبر منهم ابن القيم والزركشى . التركيز فى هذا الكتاب على العصر العباسى عصر الروّاد.

2 ـ أسعد جدا بتعليقاتك وعقلك المُضىء 

 

 

 

 

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الثالث : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم

مقدمة :

1 ـ تجاهل النحويين ومن جاء بعدهم لأسلوب السخرية فى القرآن الكريم له تأثير فى قراءة وتلاوة القرآن الذى يجب أن نتلوه بمضمونه ، إذا كان إستفهاما فلا بد أن يظهر الاستفهام فى طريقة التلاوة ، وإن كان سخرية فلا بد أن تبدو فى طريقة التلاوة . وهكذا فى الوعظ تبشيرا وإنذارا ووعدا ووعيدا وتهديدا وتقريعا . هذا هو المقصود بقوله جل وعلا : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (121)البقرة ). تلاوة القرآن الكريم حق تلاوته دليل الايمان به ، وهى التى توضّح المعنى وتثبت أن القرآن الكريم مُيسّر للذكر والهداية . غير ذلك يقومون بوضع حجاب بين القرآن الكريم ومن يتلوه أو يستمع اليه ، وتتنوع الحُجُب ، من خزعبلات القراءات والتغنى بالقرآن . أساس هذه الجريمة هم النُّحاة ، لأنهم الروّاد لمن جاء بعدهم .

2 ـ على أن مصطلح ( سخر ) جاء فى القرآن الكريم فى سياقات متنوعة .

2 / 1 : عادة الكافرين السخرية من المؤمنين . قال جل وعلا :

2 / 1 / 1 : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا )(212)  البقرة )

2 / 1 / 2 : (  وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (41) الأنبياء )

2 / 1 / 3 : (  أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً ) (32) الزخرف )

2 / 2 : قوم نوح :

( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)  هود )

2 / 3 :فى عصر النبى محمد :

2 / 3 / 1 : فى مكة : ( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) الصافات )

2 / 3 / 2 : فى المدينة : (  الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)التوبة )

2 / 4 : تحريم سخرية المؤمنين بعضهم بعضا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ) (11) الحجرات )

فى الآخرة :

( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56)  الزمر )

السخرية إستهزاءا ، بدون مصطلح السخرية : سخريتهم من النبى محمد عليه السلام :

1 ـ (  وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ) (36) الأنبياء )

2 ـ ( وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41)  الفرقان )

ونعطى لمحة  عن أنواع السخرية الالهية من الكافرين :

السخرية بالجملة الاعتراضية :

قال جل وعلا :

1 ـ ( الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( آل عمران 168 ).  الجملة الاعتراضية هنا هى ( وقعدوا ) وفيها سخرية واضحة .

2 ـ  ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) النساء ). الجملة الاعتراضية الساخرة هنا هى : (  كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ).

السخرية بالتبشير بالعذاب :

العادة أن التبشير يكون بما تحب وليس بما تكره . يأتى التبشير بالعذاب سخرية . وهذا عن من :

1 ـ يؤمن بحديث آخر غير القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) الجاثية )

2 ـ ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)  لقمان ) ( ومن الناس ) يعنى حيث يوجد ناس فمنهم ..أى ينطبق على كل مجتمع .

3 ـ المكذبين بالقرآن الكريم : ( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25) الانشقاق )

3 ـ يتاجر بالدين ويكتنز الذهب والفضّة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)  التوبة )

المنافقين :

 ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) النساء )

الكافرين المعتدين : (  وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) التوبة )

اليهود قتلة الأنبياء ومن يقتل المصلحين . قال جل وعلا : ( ) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)  آل عمران )

 السخرية بالتصوير الحركى العادى :

قال جل وعلا عن منافقى اليهود الذين يزعمون الايمان : ( وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) المائدة )

 السخرية واضحة وواقعية فى تصوير النفاق فى داخلهم ، فهم يدخلون يعلنون الإيمان ، بينما يدخلون بالكفر ويحتفظون به وهم يسمعون المؤمنين ثم يخرجون بالكفر أيضا .. صورة ساخرة غاية فى الإعجاز وفى التصوير النفسي الواقعي .. وهى تنطبق على المنافقين فى كل زمان ومكان .

 بالتصوير الكاريكاتورى الضاحك :

قال جل وعلا  عن واحد من أعمدة الكفر فى مكة :

   ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)  المدثر )  

 فى الآيات أسلوب رائع فى السخرية بالتصوير الواقعي الحركي ، فذلك الرجل ظل يقدح زناد فكره لكي يصل إلى اتهام القرآن ، وهو بالطبع جاهل وأقل شأنا من أن يكون مفكرا وعالما ولكنه يتشبه بالعلماء ويدعى الأهمية والخطورة وهنا منبع السخرية به فى الآيات الكريمة ، يقول تعالى عنه " إنه فكر وقدر " ونتخيله وهو يضع رأسه بين يديه مستغرقا فى التفكير كأنه مفكر عظيم الخطر والشأن ، ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يعلم جهله وادعاءه يقول عنه ساخرا : فقتل كيف قدر ، ثم قتل  كيف قدر ؟ لم يقل كيف فكر لأنه بوسع أى إنسان أن يستغرق فى التفكير ، ولكن المفكرين الحقيقيين وحدهم هم الذين يصلون بتفكيرهم إلى التقدير السليم للموضوع الذي يفكرون فيه ، ولذلك كان التكرار الساخر فى قوله تعالى " فقتل ، كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر " وبعد التظاهر بالتفكير فإن صاحبنا بدأت ملامح وجهه تكتسي بالجدية والصرامة إذ أصبح واضحا أنه على وشك الوصول إلى القرار الحاسم يقول سبحانه وتعالى يصور ذلك " ثم نظر " أى نظر حواليه إلى القوم المشدوهين الذين تتعلق عيونهم به وبما سيقول " ثم عبس وبسر" أى قطب جبينه ليدخل الرعب على الجمهور الذي ينتظر تصريحه على أحر من الجمر ، ولكي يزيد من تشوق الجمهور فإنه لم يكتفي بالنظر والتكشير وإنما وقف وتأخر مدبرا ، ثم أتخذ لنفسه هيئة الاستكبار، أو كما يقول سبحانه وتعالى  : " ثم أدبر وأستكبر " وبعدها أخيرا جاء التصريح الكاذب التافه " فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر " ويرد عليه رب العزة " سأصليه سقر " .

التشبيه :

قال جل وعلا عن المنافقين فى المدينة :  

( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ) ( المنافقون 4 ) . من حيث المظهر يحوزون على الإعجاب ، لكنهم حين يتكلمون يفضحون أنفسهم بحمقهم حيث تتعجّب ممّا تسمع ، وتدرك أنهم كخشب يستند على الحائط

بالتناقض بين المظهر والمخبر .

قال جل وعلا : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) التوبة )

 فى غزوة ذات العسرة " تبوك " التى حدثت فى قيظ الصيف  تسارع كبار المنافقين للاستئذان من النبي بأن يظلوا فى المدينة دون الخروج من الجيش المحارب ، وصارت عادة لهم إنه إذا نزلت آية قرآنية تحث على الجهاد فإنهم يسارعون بالاعتذار عن الخروج للحرب ، والله جل وعلا  يصور ذلك التناقض بين مظهرهم وحقيقته فيقول : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) التوبة )

وعنصر السخرية هنا يكمن فى التناقض الحاد بين مظهر المنافقين الجسدي ومخبرهم النفسي فهم من حيث المظهر " أولوا الطول " أى ضخام الأجسام والمكانة والمنتظر منهم أن يكونوا أصحاب جرأة وشجاعة ولكن من حيث المخبر هم يتذللون حتى يكونوا من القاعدين ويرضون لأنفسهم أن يكونوا مع الخوالف ، أى مع من يتخلف عن الجيش من العجائز والصبيان والفتيات والنساء ، وكلما نزلت آية بالقتال سارعوا للنبي بقاماتهم الطويلة وأجسادهم الضخمة يرجونه أن يتركهم مع الأطفال بعيدا عن الحروب ، أليست هذه سخرية مريرة ..وواقعية ؟  

فى ضرب الأمثال

قال جل وعلا :

( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)  الجمعة ). حمار يحمل أسفارا من الكتب لا يدرى عنها شيئا . أذكر اننى كنت فى ندوة أنتقد البخارى ووقف شيخ سلفى ظل يصرخ : وماذا أفعل بمكتبتى المليئة بكتب التراث . هذا ينطبق عليه مثل الحمار الذى يحمل أسفارا .

  فى الاستفهام الإنكارى

قال جل وعلا :

(  كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) الذاريات ). كل الكافرين من قوم نوح الى العرب ـ ومع إختلاف الزمان والمكان واللسان ـ إتفقوا على إتّهام الرُّسُل بالسحر أو الجنون . وهنا التساؤل الساخر : هل تواصوا على ذلك ؟

فى عذاب الجحيم لسادة الكافرين :

قال جل وعلا :

(  إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)  الدخان ). تخيّل وهو فى هذا العذاب ثم يقال له على سبيل السخرية : ذُق إنك أنت العزيز الكريم . كان فى الدنيا يقال له ( العزيز الكريم ) إحتراما وربما تقديسا ، ثم سيأتى الوقت الذى سيقال له نفس الوصف سخرية مريرة ـ وهو تحت العذاب الخالد ـ تحقيرا وتقريعا .!  

التعليقات

سعيد على

عندما يسخر الاله جل و علا.

حفظكم الله جل و علا و هذا الكتاب الجميل و يزداد جمالا بفصوله المتتابعة .. اتّبعت طريقتك في ( تخيل المشهد الذي وصفه القران الكريم أكان حوارا أو وصفا .. و ما أكثر الحوارات في القران الكريم و ما أجمل تخيل الشخصيات التي تتحاور فحينها يتمثل لك المشهد وكأنك تشاهده واقعيا فتتضح لك القضية بكاملها و قد تُنصب نفسك حكما و قاضيا و تحتكم إلى القران الكريم و هذا يؤكد ما وصلت اليه في القصص القراني و قلت : أن القصص القراني لا يؤخذ منه حكما شرعيا.

أن ( يسخر الاله من مخلوق خلقه كالحمار ) لا أعتقد تحقيرا للحمار فهذا المخلوق الجميل ( جميلا غصبا عن كارهيه و واصفيه بالغباء ! ) فما ذنب هذا المخلوق الجميل الذي خلقه خالق الجمال جل و علا .. من أسف أن يقال ( كالحمار ) في وصفهم غباء شخص و المعنى الذي وصفه الحق جل و علا مختلف عن ما يصفه الناس و ربطهم هذا الحيوان الجميل و الذكي بالغباء.

ملاحظة أخيرة : تكرر ذكر كلمة ( غزوة ) و في هذا المقال ذكرتم غزوة ذات العسرة ( تبوك ) و في المقال السابق ( غزوة أحد ) و أتذكر حضرتكم استبدلتموها ب ( معركة ) و هو الصحيح كما هي في أبحاثكم المميزة للغاية . دمتم بخالص الود و عظيم التقدير حفظكم الله جل و علا.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ،  وأقول ::

1 ـ من الحيوانات التى يحتقرها المحمديون ( الكلب والحمار ) . لم يكن الكلب محتقرا فى جاهلية العرب ، ولكن تحقيره جاء من أبى هريرة ، ولنا مقال عن أبى هريرة والكلاب . الله جل وعلا سخّر لنا الأنعام ، وفضّلنا عليها  . المشكلة فى الانسان ــ الذى ميّزه الله جل وعلا بالعقل على الحيوان ـ أن يقدس الأحجار هاجرا عقله وتمييزه. هنا يكون أسوأ من الكلب والحمار وسائر الدواب التى لا عقل لها. أى نتفق فى أنه  تحقير للمشرك وليس للأنعام .

2 ـ قلنا سابقا : إن تعبير الغزو يأتى عن القتال ، ولكن حكمه قد يكون دفاعيا متفقا مع شرع الله جل وعلا أو لا يكون. وأنا لا أحب مصطلح الغزو.

بن ليفينت

وجهة نظر :
في الفقرة 2/1/3 تحت عنوان "عادة الكافرين السخرية من المؤمنين" جاء في الآية كلمة "سُخْرِيًّا"، وأعتقد أن الكلمة هنا تعني استخدام أو توظيف الناس لبعضهم وليس السخرية منهم.

عن غزوة تبوك وما جاء في المقال: " فى غزوة ذات العسرة " تبوك " التى حدثت فى قيظ الصيف  تسارع كبار المنافقين للاستئذان من النبي بأن يظلوا فى المدينة دون الخروج من الجيش المحارب". عندي هنا وجهة نظر، رغم أنها لا تتعلق بموضوع المقال، لكني أنتهز الفرصة لابدائها وباختصار شديد: إذا تابعنا ما جاء في كتاب الطبري "سيرة الرسل والملوك" أو في سيرة ابن هشام، واكثره نقلا عن ابن اسحاق عن هذه الغزوة المفترضة، نجد سلسلة من الحوادث التي حصلت منذ التجهيز للغزوة إلى بلوغ تبوك. الغزوة حسب المرجع حصلت ضد الروم، وجيش المسلمين كان قوامه 30000 (ثلاثون ألف). الحوادثالتي ذكرها الطبري كان الراوي فيهايربطها بنزول آيات من سورة التوبة، واخرى بأعمال خارقة للرسول.لن أذكر جميع ما ذكر، فقط شيء واحد وهو اعتراض المنافقين على الخروج إلى الجهاد بالحر: "وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكا في الحق، وإرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم (... وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ...". تبوك تقع في شمال السعودية، تبعد عن المدينة حوالي 700 كم، مناخها معتدل في الصيف بارد في الشتاء، كانت مصيفا لقياصرة الروم، وهذا لا يتفق مع منطق الرواية، فتبوك لن تكون أحر من المدينة.برأيي أن سورة التوبة ليس لها علاقة بمثل هذه غزوة، وإنما بقريش في مكة. وبصراحة لا أعتقد وجود مثل هذا الغزوة ضد الروم، علما بأن المراجع البيزنطية لم تذكر عن هذه الغزوة.

أحمد صبحى منصور

شكرا أخى بن ليفانت ، وجزاك الله جل وعلا خيرا ، وأقول :

وجهة نظرى :

1 ـ ( سخّر ) ( بالخاء المشددة ) بمعنى التسخير من ألفاظ القرآن الكريم ، فالله جل وعلا سخّر لنا ما فى السماوات والأرض جميعا منه ( الجاثية 13 ). أمّا ( سخر ) ( بالخاء المفتوحة ) بمعنى السخرية فهى أيضا من مصطلحات القرآن الكريم ، وهى المقصودة فى هذا المقال .

2 ـ لنا أبحاث عن المفسراتية وتناقضهم مع القرآن الكريم ، ورواياتهم الغثّة . ولنا عشرات الحلقات فى برنامج ندوة الجمعة عن أكاذيب ابن اسحاق فى سيرته وهو الأصل الذى نقل عنه الطبرى وغيره . وأؤكد أن ما جاء فى سورة التوبة فى هذا الموضوع لا شأن له بقريش . بل بالمنافقين فى المدينة فيما يخص الخروج لموقعة ذات العسرة . المراجع البيزنطية ليست حكما على القرآن الكريم ، والتأريخ عند الروم البيزنطيين والايطاليين أقل وأدنى منه عند العرب .

 

 

 

 

ف 1 / 4 /  ب 3 : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى القرآن الكريم : ج 1 عن ( هل )

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

 

الفصل الرابع  : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى القرآن الكريم  ج1

عن (هل )  

 

مقدمة فى الموضوع :

1 ـ فى حياتنا العادية نحن نسأل لنعرف ، أو لنستفهم عن شىء ما ، كأن تقول لإبنك : متى ستذاكر ؟ هنا السؤال يأتى على حقيقته  . وقد يتحول نفس السؤال من غرض الاستفهام الى أغراض أخرى ، كالتأنيب أو التعجب أو الانكار ، إذ تقول لابنك اللاهى العابث : ( متى ستذاكر ؟!! ). هنا يكون السؤال مجازيا بغرض آخر.  طريقة السؤال قد تحدد المعنى ، هل تستفهم فعلا أم لك غرض آخر . 

2 ـ الاستفهام فى النسق القرآنى ممّا غفل عنه النحويون ، ومعرفته اساس فى تلاوة القرآن الكريم حق تلاوته ، لأن طريق التلاوة بالاستفهام تختلف من كونه إنكارا او تعجبا او نقاشا . أو أن يكون سؤالا حقيقيا يتطلب إجابة . ونرجو من يقرأ هذا المبحث أن يتلو الآيات طبقا لمعناها فتضىء له الآيات نفسها بنفسها ، وحينئذ يعلم جناية النحويين ومن جاء بعدهم فى إتّخاذ القرآن الكريم مهجورا ، بوضع الحُجُب التى تمنع وصوله الى القلب  .

3 ـ اللسان القرآنى المبين يعلو على ما تعارف عليه علماء النحو والبلاغة فى العصر العباسى . وفيما يخص موضوعنا عن الاستفهام وأدواته فليس شرطا أن تأتى أداة الاستفهام تعنى سؤالا . أحيانا يأتى لفظ الاستفهام لغير السؤال ، قد يكون للتقرير بحقيقة مثل قول الله جل وعلا : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) الانسان ) . هنا ( هل ) ليست للاستفهام ولكن بمعنى ( قد ) أو ( لقد ) .

نتوقف فى هذا الجزء هنا مع ( هل ) أشهر أدوات الاستفهام فى القرآن الكريم.

أولا :

( هل ) ليست للإستفهام بل لتقرير حقيقة ( بدون كلمة : قُل ):

بالاضافة الى المثال السابق : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) الانسان ) نتدبّر ( هل ) فى قوله جل وعلا :

1 ـ  ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ(210)البقرة ) . ما بعد ( هل ينظرون ) هو تقرير عن حقائق ستحدث يوم القيامة .

2 ـ ( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) يونس )

3 ـ ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )   (158) الانعام )

4 ـ ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ(53)الاعراف )

5 ـ ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(24)هود  )

6 ـ ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(33)النحل  )

7 ـ ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ(75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(76) النحل  )

8 ـ (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّ(65)مريم  )

9 ـ ( كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا(98)مريم  )

10 ـ ( ضَرَبَ لَكُم مَّثَلا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ )  (28)  الروم )

11 ـ ( مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ(15) الحج )

12 ـ ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ(93) الشعراء )

 13 ـ (  كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ(203)  الشعراء )

14 ـ ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ(222)الشعراء   )

15 ـ(وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(90) النمل  )

16 ـ ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(40) الروم )

17 ـ (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ  لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(3)  فاطر )

18 ـ (  ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(29)الزمر )

19 ـ ( وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(33)  سبأ )

20 ـ ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ(5) الفجر )

21 ـ ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ(17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ(18) البروج )

22  ـ ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ(1) الغاشية )، ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى) 15 )النازعات ) ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24)الذاريات )

23 ـ (  هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(66)الزخرف )

24 ـ ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ(30)ق )

25 : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ(36)ق )

26 ـ ( هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ(60)الرحمن )

27 ـ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ( 10 ) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11)   الصف )

28 ـ ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ( 3 )  الملك )

 

ثانيا :

( هل ) فى إستفهام يردُّ فيه ـ بالحقائق ـ رب العزة جل وعلا ، أو يأمر الرسول أن يقول :

1 ـ ( وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(154)آل عمران )

2 ـ ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ(59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ

وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ(60) المائدة )

3 ـ (  قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ(47)الانعام )

4 ـ ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ(50)الانعام )

5 ـ (  سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا )  (148)الانعام )

6 ـ (  قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ(52)التوبة ) .

7 ـ ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلْ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) يونس ).

8 ـ ( قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ۗ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ۚ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الرعد 16 )

9 ـ ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104)الكهف  )

10 ـ ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ( الزمر 9 )

11 ـ ( وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً(92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً(93) الاسراء   )

12 ـ (  وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ(38) الزمر ) 

 ثالثا :

( هل ) فى إستفهام فى حوارات بشرية :

فى الدنيا :

1 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا )  (246) البقرة ) .

2 ـ (  وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ )  127) التوبة )

3 ـ (  قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا(66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(67) الكهف )

4 ـ ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ ) (40)طه  ) ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ(12)القصص )

5 ـ ( فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ(38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ

 (39) الشعراء )

6 ـ ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ(71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ(72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ(77)الشعراء )

7 ـ ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ(7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ(8)سبأ  )

8 ـ (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ(3)الانبياء )

9 : وفى المواجهة الأخير بين يوسف وإخوته سألهم : ( قَالَ هَلۡ عَلِمۡتُم مَّا فَعَلۡتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذۡ أَنتُمۡ جَٰهِلُونَ ﴿٨٩﴾ وكانت الإجابة سؤالا :(  قَالُوٓاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُۖ ) وجاءت الاجابة :( قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهَٰذَآ أَخِيۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَآۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴿٩٠﴾ يوسف )

10 ـ ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)  ) المائدة )

11 ـ فى الآخرة :

( وأقبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ(53) قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ(54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ(59)الصافات )

( وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ(44) الشورى )

(  فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ(35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(36)المطففين )

 

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

 الفصل الرابع : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى القرآن الكريم

ج2 : ألم تر ؟ أرأيت ؟  

مقدمة :

يتكرر مصطلح:( ألم تر ؟ أرأيت ؟ ) ، وليس مقصودا به الاستفهام ، وإنّما لتقرير حقائق تالية ، خصوصا وأن المتكلم ـ فى الأغلب ـ هو رب العزة جل وعلا الذى يعلم كل شىء وهو الشهيد على كل شىء ، وبالتالى فلا يسأل لكى يعلم شيئا ، وإنما لهدف آخر . ثم إن كلمة ( ترى / أرأيت ) هو رؤية عقلية وليست رؤية عينية بالعين البشرية ، أى هى دعوة للتفكر والنظر العقلى .

نستعرض سياقات ( ألم تر / أرأيت ، أرأيتم )

أولا : ( ألم تر )

الياء محذوفة ، لأن ( ترى ) فعل مضارع سبقه حرف جازم ( لم )، والجزم فيه بحذف حرف العلة ، وهو هنا الياء .

سياقات ( ألم تر )

قال جل وعلا :

فى ذكر آلاء الله جل وعلا :

1 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) الحج )

2 ـ (  أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) النور )

3 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ )  (43) النور )

4 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) ابراهيم )

5 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) الحج )

6 ـ ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً )  (20) لقمان )

7 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان )

8 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) لقمان )

9 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ) (28)  فاطر )

10 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ (21) الزمر  )

11 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (45) الفرقان )

12 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة )

فى التنديد بالكافرين والمنافقين وأشباههم

1 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)ابراهيم )

2 ـ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً (83) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً (84) مريم )

3 ـ ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)الشعراء )

4 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) غافر )

5 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) آل عمران )

6 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51) النساء )

7 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) النساء )

8 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ) (77) النساء )

9 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) المجادلة )

10 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) المجادلة )

11 ـ ( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) الحشر )

فى القصص القديم :

1 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) (243) البقرة )

2 ـ  ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (246) البقرة )

3 ـ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) البقرة )

4 ـ ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر )

5 ـ ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) الفيل )

ثانيا :

( أرأيت / أرأيتكم / أرأيتم )

فى أنه لا إله إلا الله جل وعلا :

1 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِأَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (40)  فاطر )

2 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِاِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) الاحقاف )

فى آلاء الله جل وعلا :

1 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الانعام )

2 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) الأنعام )

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72) القصص )

عن القرآن الكريم :

1 ـ (  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) فصلت  )

2 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) الاحقاف )

التهديد للكافرين :

1 ـ (  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أَالآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) يونس )

2 ـ (  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) الملك )

3 ـ  ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) الملك  )

4 ـ ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ (15) العلق )

5 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)الانعام )

6 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (60)  يونس  )

التنديد بالكافرين

1 ـ ( أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان   )

2 ـ ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) الماعون ) ٌ

فى ضرب الأمثال :

( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم ) .

 

 

 

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الأول / 4 /  ب 3 : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى القرآن الكريم :

ج  3  فى ( القصص )  

4 ـ فى قصص الأنبياء يأتى إستفهام حقيقى يتطلب إجابة ، كما يأتى إستفهام مجازى بالاستنكار والوعظ . ونعطى عنه لمحة :

نوح عليه السلام :

قال جل وعلا :

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً  تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (30) هود ). الاستفهام هنا فى ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28). وهذا فى تقرير حرية الدين ، ثم إستفهام إنكارى فى :  ( وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ  ) ( أَفَلا تَذَكَّرُونَ (30) هود )

( هود ) وقومه عاد

( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (70)  الاعراف ) سؤالهم هنا إستنكارى . ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ (71)الأعراف ). إستفهامه إنكارى فى (  أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ).

 ( صالح ) وقومه ثمود

1 ـ ( قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) هود ) . هنا إستفهام إنكارى منهم .

2 ـ ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) هود ). قوله هنا إستفهام تقريرى ، فمن ينصره من الله جل وعلا إن عصاه ؟!.

3 ـ ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) الاعراف ). سؤال المستكبرين من قوم ثمود للمستضعفين منهم هو سؤال على حقيقته .

شعيب وقومه مدين :

 ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) هود ).  السؤال هنا إستنكارى ساخر .

ابراهيم :

مع أبيه ( إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً (46) مريم ). قوله لأبيه مستنكرا: ( لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً  ) سؤال الأب الكافر هو أيضا إستنكارى غاضب .

مع قومه ( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الانعام ). أسئلة لابرهيم فى حوارعقلى للهداية .

محاكمته

حدثت هذه المحاكمة من حوالى خمسين قرنا من الزمان . وتدبرها يجعلنا نتحسّر على مصر الآن حيث تلفيق التهم ، والجبس الاحتياطى بتهمة الانضمام لجماعة محظورة وتكدير الأمن العام ، وما يحدث فى السجون من تعذيب وإغتصاب وإختفاء قسرى وقتل خارج القانون .

ابراهيم كانى فتى مغمورا . عرفوه من خلال إنتقاده عبادة قومه للتماثيل ، ينحتونها ثم يعبدونها بمثل ما يفعل المحمديون الآن . ناقش قومه فعاندوه تمسكا بثوابتهم بنفس حال المحمديين اليوم . أراد ان يثبت لهم أنها مجرد أحجار . إنتهز فرصة غيابهم فذهب الى تلك التماثيل ، وكسّرها عدا أكبرها . جاء القوم فوجدوا آلهتهم محطمة ، فتساءلوا عمّن فعل هذا بآلهتهم واتهموه بالظلم  فقط ، وليس بالانضمام لجماعة تخريبية . وقيل انهم سمعوا فتى مجهولا يذكر آلهتهم يقال له ابراهيم . عندها امر الملأ الحاكم بمحاكمته علنا وليكون الناس شهداء على محاكمته . سألوه برفق وإحترام هل فعلت هذا يا ابراهيم ؟ فردّ يتهم كبير الاصنام وطلب منهم أن يستجوبوهم إن كانوا ينطقون . وفى لحظة صدق أقرُّوا على انفسهم بالظلم وبكل خزى أقرُّوا ان آلهتهم مجرد حجارة لا تنطق . بذلك أعلن لهم إحتقاره لهم . رأوا عارهم يصدر من فتى صغير فأخذتهم العزّة بالإثم ، وبشعار الانتصار لآلهتهم الحجرية ـ  التى عجزت عن حماية نفسها  ـ حكموا بحرق ابراهيم . وأنجاه الله جل وعلا .

نقرأ قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ اللاَّعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُو نَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67) الأنبياء ).

ونقول : هذه استجوابات واستفهامات حقيقية . ونتساءل : ماذا لوقام شخص بتحطيم احد القبور المقدسة فى المدينة او كربلاء أو القاهرة ؟

 ابرهيم والملائكة : استفهام حقيقى 

( وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنْ الْغَابِرِينَ (60) الحجر )

أسئلة حقيقية : ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) ، ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57).

 

وصية يعقوب بنيه : ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) البقرة ).  (  إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) الاستفهام هنا حقيقى .

  أسئلة على حقيقتها فى قصة يوسف عليه السلام :

 1 : سأل الملك النسوة محققا فى إتهام يوسف : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) يوسف51 ). السؤال هنا يتطلب إجابة ، وجاءت الاجابة .

 2 : حين دسّ يوسف السقاية فى رحل أخيه ، دار حوار فيه سؤال وجواب :

( فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ  ﴿٧٠﴾ قَالُواْ وَأَقۡبَلُواْ عَلَيۡهِم مَّاذَا تَفۡقِدُونَ ﴿٧١﴾ قَالُواْ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمٞ ﴿٧٢﴾ قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ ﴿٧٣﴾ قَالُواْ فَمَا جَزَٰٓؤُهُۥٓ إِن كُنتُمۡ كَٰذِبِينَ ﴿٧٤﴾ قَالُواْ جَزَٰٓؤُهُۥ مَن وُجِدَ فِي رَحۡلِهِۦ فَهُوَ جَزَٰٓؤُهُۥۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿٧٥﴾ يوسف ) . إستفهام حقيقى : ( مَّاذَا تَفۡقِدُونَ ) ( فَمَا جَزَٰٓؤُهُۥٓ إِن كُنتُمۡ كَٰذِبِينَ   ).

 فى قصة موسى عليه السلام : استفهامات حقيقية :

1 ـ فى أول وحى مع ربه جل وعلا : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى(21)طه )

2 ـ ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص ) : ( مَا خَطْبُكُمَا )

3  : فرعون يسأل سؤالا حقيقيا ويرد عليه موسى فى أول لقاء بينهما بعد عودة موسى رسولا . نقرأ قوله جل وعلا :

3 / 1 (  قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَٰمُوسَىٰ ﴿٤٩﴾ قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ ﴿٥٠﴾ قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ ﴿٥١﴾ قَالَ عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَٰبٖۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ﴿٥٢﴾ طه )

3 / 2 : (  قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدٗا وَلَبِثۡتَ فِينَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴿١٨﴾ وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴿١٩﴾ قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ ﴿٢٠﴾  فَفَرَرۡتُ مِنكُمۡ لَمَّا خِفۡتُكُمۡ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكۡمٗا وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ﴿٢١﴾ وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ﴿٢٢﴾ قَالَ فِرۡعَوۡنُ وَمَا رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٢٤﴾ الشعراء )

4 : فرعون مع السحرة : (  قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) (49) ، ( قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ(51)الشعراء )

5 ـ حوار غاضب تتخلله أسئلة غاضبة حين رجع موسى من ميقات ربه جل وعلا فوجد قومه يعبدون العجل ، سأل أخاه : ( قَالَ يَٰهَٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَيۡتَهُمۡ ضَلُّوٓاْ ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي ﴿٩٣﴾ وجاء الرد : ( قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَيۡنَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِي ﴿٩٤﴾ ثم سأل السامرى (  قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ ﴿٩٥﴾، وجاء الرد :(  قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي ﴿٩٦﴾، ورد موسى : ( قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا ﴿٩٧﴾ طه )

زكريا يسال مريم سؤالا حقيقيا :

(  وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) آل عمران )

اسئلة حقيقية فى قصة عيسى :

1 ـ  ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) آل عمران )

3 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ) (14) الصف ). 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الرابع : لمحة عن اسلوب الاستفهام فى الخطاب الالهى للبشر

ج  4 :  

 مقدمة  ـ

إذا كان الغرض من الاستفهام هو معرفة شىء يجهله السائل فهذا لا ينطبق على رب العزة جل وعلا عالم الغيب والشهادة الذى أحاط بكل شىء علما . إذن فالله جل وعلا حين يوجّه سؤالا فهو فى إطار الدعوة للهداية ، وما يدخل تحتها من أساليب الاستنكار والتقرير والإفحام وإثبات الحُجّة ، ويأتى فى حوار رب العزة جل وعلا مع أصناف البشر .  وفى كل ذلك لا بد أن تكون التلاوة معبرة عن المعنى المراد .

نعرض لأهم موضوعات الخطاب الالهى للبشر

الحوار فى أنه لا إله إلا الله لا شريك له جل وعلا :

ومنه قوله جل وعلا يخاطب البشر فى :

  فى أنه وحده الإله الخالق ( أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) الاعراف ) ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) النحل )

 ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر )

( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) الطور )

( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) الواقعة ).

ليس فى القرآن الكريم على الإطلاق إثبات لوجود الله جل وعلا وألوهيته فهذا لا يحتاج إثباتا لأنه فى الفطرة . الذى فى القرآن الكريم إثبات أنه لا إله سواه ، لا شريك له فى الوهيته.  

  فى آلائه ونعمائه جل وعلا :

( أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) النمل ).

( ءَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (33)  النازعات )

( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا  ٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا﴿٧﴾ وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا ﴿٨﴾ وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا ﴿٩﴾ وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا ﴿١٠﴾وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشٗا ﴿١١﴾ وَبَنَيۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعٗا شِدَادٗا ﴿١٢﴾ وَجَعَلۡنَا سِرَاجٗا وَهَّاجٗا ﴿١٣﴾ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡمُعۡصِرَٰتِ مَآءٗ ثَجَّاجٗا ﴿١٤﴾ النبأ    )

( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) الروم )

( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) المائدة 76 )

(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ ) الانعام 12 )

( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ ) الانعام 14 )

( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ) الانعام 19 )

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ ۚ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ) فاطر 40 )

سؤال والاجابة عنه مقدما :

1 ـ (  قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِالسَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ (89) المؤمنون  )

2 ـ (  قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32)يونس )

 فى الإيمان بالقرآن الكريم وحده حديثا والإكتفاء به وحده كتابا

( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)الاعراف )

( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) العنكبوت )

فى الهداية عموما :

( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) الملك )

( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ )  الانعام 164 )

( قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) الانعام 63 : 64 )

( قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا  ) الانعام 71 )  

( إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴿١٩٤﴾ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ) الاعراف 195 )

( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يونس 18 ) 

 أنّى : الى متى ينخدعون ؟

( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة )

( ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)  الزمر )

  ( وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39) النساء )

( أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الزمر )

مع كفار قريش

(  أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)المؤمنون )

( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) الشعراء )

( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) العنكبوت )

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ (42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ (43)يونس )

(  أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة )

 ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)  الاعراف 28  )

فى الحوار مع أهل الكتاب :

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) آل عمران )

(  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) آل عمران )

( وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة 80 )

 ( قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ) البقرة 139 )

( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ) آل عمران 98 )

 ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ  ) المائدة 17 )

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ ) المائدة 18 )

( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ اللَّهِ ) (140)البقرة )

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) آل عمران )  

تأنيب الصحابة :

( أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة )

( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) التوبة )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) التوبة )

( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) (82) النساء ) ( 24 محمد )

التهديد للصحابة وغيرهم :

( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد  )

 ( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً (17) المزمل )

( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42) النساء )

( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) الملك )

( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) الحج 72 )

( قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) الاحزاب 17 )

( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ(9)سبأ )

 الدعوة للسير فى الأرض للإتّعاظ من أهلاك الأمم السابقة

( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)  الحج )

( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26) السجدة )

 تأنيب الكافرين

( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ) الزمر 64 )

( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ص 28 )

( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) القلم 35 )

( أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ أَن يَسۡبِقُونَاۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ ﴿٤﴾ العنكبوت )

( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) القلم )   .

 

 

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم

الفصل الخامس : لمحة عن الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم

مقدمة

جاءت تفصيلات القرآن الكريم على علم . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الأعراف ) ، فالقرآن الكريم بتفصيلاته ومترادفاته هو: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود ). لم يلتفت النحويون لهذا الإبداع القرآنى فى التفصيل وفى الإيجاز بالحذف . ونعطى هنا وجهة نظر عن الايجاز بالحذف فى القرآن الكريم .

أولا : الايجاز يالاختصار فى القصص .

1 ـ هناك تكرار فى القصص القرآنى عن الأنبياء وأقوامهم ، وهذا قمّة فى الإعجاز . فى الكتابةة البشرية لا ينجو التكرار من التناقض والاختلاف . وهذا ما تنزّه عنه القرآن الكريم . هذا موضوع شرحه يطول .

2 ـ  فى موضوعنا عن الايجاز بالحذف فى القصص القرآنى نكتفى بما جاء عن موسى عليه السلام . قال جل وعلا : ( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ( 38 ) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ( 39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ( 40) ( طه ). مجموع الكلمات 63 . مجموع الحروف 460 . تفصيلات هذا جاء فى سورة القصص ( 2 : 30 ). من قوله جل وعلا : (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ   ) حتى (  فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  ) :  522 كلمة ، 3722 حرفا . .

أهم موضوعات الايجاز بالحذف :

( حذف الصفة ) فى موضوع العمل الصالح للمشرك والذى سيتم إحباطه :  

1 ـ يأتى الناس يوم القيامة بإيمان وعمل . قد يكون إيمانا صحيحا أو كفرا وشركا. وكل كافر  لا يخلو من عمل صالح ، والذى يحدد قبول العمل هو الايمان . المؤمن بالله جل وعلا وحده لا شريك له يغفر الله جل وعلا أعماله السيئة فلا يبقى إلا عمله الصالح الذى يضاعفه له ربه فيدخل الجنة . الذى يؤمن بالله جل وعلا ويقدس البشر والحجر له عمل سيىء وعمل صالح . ولأن الله تعالى لا يغفر جريمة الشرك لمن يموت مشركا ولأن الله جل وعلا يحبط أى يضيع ثمرة الأعمال الصالحة التى عملها ذلك المشرك فى الدنيا ، فلا يبقى للمشرك فى ميزان أعماله سوى السيئات ، وتكون تلك السيئات هى أساس تعذيبه يوم القيامة ، تعذيبا ماديا ، أما تعذيبه المعنوى فمنه الخزى و منه الحسرة. وتتجلى حسرة المشرك فى النار وهو يرى أعماله التى كانت صالحة فى الدنيا وقد ضاعت ، وتحولت الى حسرة أبدية له تزيد من آلامه وهو يتقلب فى عذاب السعير .

2 ـ ومن إعجاز الإيجاز فى القرآن الكريم حذف صفة ( الصلاح ) لعمل المشرك فى الآخرة    . يقول جل وعلا :

2 / 1 : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )( الزمر 65 ). أى هو وحى تكرر فى كل الرسالات لكل الأنبياء أن من يقع منهم أو من بقية البشر فى الشرك ويموت عليه فان الله جل وعلا سيحبط عمله الصالح ، وسيكون فى الاخرة من الخاسرين ، فطالما ضاعت أعماله الصالحة فلن يبقى له سوى أعماله السيئة فيخسر ويستحق جهنم. قوله جل وعلا (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) مفصود به ( ليحبطن عملك الصالح ) ولكن حذف الوصف ( الصالح ) لأنه مفهوم من السياق .   .

2 / 2 : (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) ( البقرة 167 ). المحذوف إيجازا هنا هو ( الصالحة ) أى ( كذلك يريهم الله أعمالهم الصالحة حسرات عليهم ). ولنتخيل المشرك وهو يتقلب فى النار وهو يتذكر ما قدمه فى الدنيا من أعمال خير  ، ولكن  ضاع ثمرتها فى الآخرة ، ولم يبق له فيها سوى الحسرة . .

2 / 3 :  (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) ( الفرقان 23 ). السياق العادى يقتضى أن يقال ( وقدمنا الى ما عملوا من عمل صالح فجعلناه هباءا منثورا ) .  كلمة ( صالح ) محذوفة .  

2 / 4 : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 39 ) وْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ( 40) ( النور ) . السياق العادى يقتضى أن يقال ( والذين كفروا أعمالهم الصالحة ) . الإشارة معجزة هنا فى التشبيه بالظلمات ، فالسيئات التى تتبقى للكافر المشرك يتحول بها وجهه الى سواد مظلم يصير به معذبا ووقودا فى النار، بينما يتحول وجه المؤمن الفائز الى نور (يصلح ) به لنعيم الجنة . إقرأ قوله جل وعلا : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ( 106 )وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (  107آل عمران  )

2 / 5 : (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ) (  ابراهيم  18 ). السياق العادى يقتضى أن يقال ( مثل الذين كفروا بريهم أعمالهم الصالحة ..). ولكن تم حذف الصفة ( الصالحة ) . هنا تشبيه تصويرى تمثيلى آخر يصور الله جل وعلا  العمل الصالح للمشرك وقد تحول الى رماد أضاعه الريح العاصف بحيث لا يستطيع المشرك الامساك به .

2 / 6 : بنفس الطريقة نرجو تدبر الآيات الكريمة التالية فى حذف صفة الصلاح ، فى سياقاتها المتنوعة :

( أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ) (19) الأحزاب ) ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة ) ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) (22) آل عمران ) ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5) المائدة ) ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) الانعام ) ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) (147) الاعراف ) ( أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) التوبة ) ( أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (69) التوبة  ) (  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود ) ( أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) الكهف ) ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) محمد )( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) محمد ) ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) محمد )

فى موضوع البرزخ :

1 ـ خلق الله جل وعلا الأنفس البشرية وصورها قبل خلق آدم والأمر بالسجود له : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) البقرة ) هذا فى البرزخ . ثم لكل نفس موعد تدخل الجنين الخاص بها ، وتخرج بجسدها تسعى فى الدنيا ، ثم تموت وتعود للبرزخ الذى أتت منه .  فى البرزخ  نوعان من الأنفس : أنفس  لم يأت دورها بعدُ لتدخل فى  إختبار الحياة الدنيا ، وأنفس دخلته وماتت  .  وفى كل الأحوال فالبرزخ  لا زمن فيه ولا إحساس . وعليه  ، فبعد أن يتم  إختبار البشر جميعا  سيتم تدمير هذا الكون بقيام  الساعة ، ويأتى البعث  .  وتستيقظ َّ الأنفس تظن أنها نامت ساعة أو يوما أو بعض يوم . قال جل وعلا :  

1 / 1 : ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ) .

1 / 2 : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ).

2 ـ آخر إحساس للفرد هو لحظة الإحتضار وأول إحساس له سيكون عند البعث وبينهما برزخ لا إحساس فيه  . ولهذا يأتى حذف فترة البرزخ فى قوله جل وعلا : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) الانعام ) . آخر إحساس هنا هو لحظة الاحتضار والكلام مع ملائكة الموت ، بعده سيقال لهم إنهم جاءوا فرادى بلا أموال ولا شفعاء .

3 ـ وقال جل وعلا : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق ). ما بين سكرة الموت ونفخ الصور والبعث برزخ لا إحساس فيه .

معلوم أن هذا لا يسرى على من يُقتل فى سبيل الله جل وعلا ، فهم أحياء فى البرزخ ، ولا يسرى على فرعون وقومه وقوم نوح فهم معذبون فى البرزخ .

مختارات متنوعة للإيجاز بالحذف .

فى حذف الموصوف والاتيان بالصفة قال جل وعلا  عن :

1 ـ ملائكة كتابة الأعمال :

1 / 1 ـ ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق )

1 / 2  ـ (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ   ) ( الرعد 11 )

 1 / 3  ـ ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11)  الانفطار )

2 ـ فى الحور العين :

2 / 1 : ( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48)  الصافات ).

2 / 2 : ( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52)  ص )

2 / 3 : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) الرحمن )

  3 ـ الغلمان المخلدون فى الجنة : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ  ) ( الرحمن 54 ) أى غلام دان قريب .

صفة البينات للكتب الإلاهية .

نكتفى بما جاء وصفا للقرآن الكريم فى سورة البقرة : (  فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) .

نماذج أخرى :

1 ـ (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ) ( الكهف  79 ) : أى كل سفينة سليمة .

2 ـ حذف (كان ) واسمها : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) ( الانسان 3 ) أى إن كان شاكرا أو إن كان كفورا .

3 ـ حذف المفعول :

3 / 1 : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ) ( يوسف 82 ). يعنى ( أهل القرية ) و ( أهل العير ). القافلة .

3 / 2 : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) ( الأنبياء 23 ) أى عما يفعلون

4 ـ  حذف المبتدأ :(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ  ) ( الرحمن 24 ). يعنى السفن الجاريات فى البحر .

5 ـ حذف الخبر  

1 ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا  ) ( الرعد  31 ). هنا خبر إنّ .

2 ـ (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ) ( الرعد 35 ). أى ( وظلها دائم ).  

 حذف نائب الفاعل :

(حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ) ( الأنبياء 96 )، أى فُتحت أبواب يأجوج ومأجوج .

حذف التمييز :

( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ) (24)  يوسف ) أى همّت به رغبة وشهوة ، وهمّ بها رغبة وشهوة حذف الفعل :.

( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) (43) ،  ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) (46) يوسف ). حذف الفعل ( يأكلهن )

 ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ )(48) ابراهيم ).أى ( تُبدّل السماوات )

ثم :

( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (14) النبأ ) أى سبع سماوات ، وشمسا سراجا ، وسحبا معصرات ومطرا منهمرا ثجّاجا . 

 

التعليقات

مصطفى اسماعيل حماد

رؤية أخرى لآية سورة الرحمن

أستاذنا ما القرينة التى جعلتك تفترض ورود الغلام فى الآية؟معنى كلمة جنى أى ثمر فيكون معمى الآية وثمر الجنتين قريب .

بن ليفانت

وجهة نظر

 :لقد جاء في المقال أن الشرك يحبط العمل الصالح، وأن ""حبطت أعمالهم" تعني "حبطت أعمالهم الصالحة". لنرى ما جاء في الآية 147 من سورة الأعراف: ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿الأعراف: ١٤٧﴾‏. إذا افترضنا أن هؤلاء المكذبين ستحبط أعمالهم (الصالحة)، فكيف تستوي الجملة الثانية؟
جملة "هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" هي للتأكيد وتقرير الجزاء على ما كانوا يعملون، ولا أظن أن الجزاء هنا على ما كانوا يعملون (صالحًا)، فالتركيز هنا على عمل وجزاء، والجزاء يتبع العمل، ويكون بمثله. بذلك يجب أن يكون المقصود هو أعمال سيئة، وأعتقد أن الآية في الجملة الاولى تقصد نفس الأعمال المذكورة في الجملة الأخيرة. هذه الأعمال ستحبط.  

أحمد صبحى منصور

شكرا د مصطفى وشكرا استاذ بن ليفانت ، أكرمكما الله جل وعلا . أقول :

1 ـ كلمة ( جنى ) فعل ماضى ، من جنى المحصول والثمار . والمفهوم ان الذين يقومون بهذا هم الغلمان المخلدون خدم أهل الجنة . قال جل وعلا :

1 / 1 :(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) الواقعة )

1 / 2 : ( وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً (19) الانسان ).

2 ـ القاعدة الأساس فى الآخرة إن الله جل وعلا لا يظلم أحدا ، وأن بالعمل نفسه يكون الجزاء . العمل الصالح الصادر عن إيمان صحيح يتحول الى نعيم لصاحبه . والعمل السىء الصادر عن كفر يتحول الى عذاب يحيق بصاحبه ويضيّع أى يحبط ما صدر منه من أعمال صالحة فيخسر . الآيات فى ذلك كثيرة . نكتفى منها بقوله جل وعلا : ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) الجاثية )

 

 

الباب الرابع

  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن :

الفصل الاول :

الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود اليوم الآخر

 الفصل الثانى :

معضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية

الفصل الثالث :

فشل النحويين فى موضوع الأمر

الفصل الرابع :

 التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى: الانتقال بين الأزمنة

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو :

 عن الماضى فقط . معانى ( ما كان ، ما يكون )،  بمعنى الاستمرار ،

 بمعنى المستقبل وتنوع الأزمنة / الشرطية / أصبح

الباب  الرابع

إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

  الفصل الاول :

الزمن المتحرّك بين خلق السماوات والأرض وبين تدميرهما وخلود اليوم الآخر

 

    أولا :

 1 ـ هذا الكون الحالى هو السماوات السبع والأرضين السبع . قال جل وعلا : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ) (12) الطلاق ). هناك ست أرضين برزخية  تتداخل فى أرضنا المادية وما بين السماوات والأرض المادية من نجوم ومجرات بالتريليونات . ويتخلل هذا العالم المادى بالترتيب برازخ الأرض الستة ثم برازخ السماوات السبع . خلق الله جل وعلا كل هذه السماوات والأرضين ليختبرنا أينا أحسن عملا . قال جل وعلا : (  وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً  ) (7) هود ). وكل هذا الكون بسماواته وأراضيه سيتم تدميره بانتهاء إختبار البشر ، وهذا هو قيام الساعة ، ويأتى بعدها اليوم الآخر بعد إنتهاء اليوم الأول ( هذه الدنيا ) . اليوم الآخر هو اليوم الخالد ، هو اليوم الذى نلقى فيه رب العالمين ليحاسبنا ، ثم نكون الى خلود فى الجنة أو خلود فى النار. اليوم الدنيوى مقداره بالتقدير الالهى خمسون ألف سنة . خلال هذا اليوم تحمل الملائكة هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه تعرج به الى الرحمن جل وعلا ، وحين تصل الى النهاية تقوم الساعة ، قال جل وعلا : ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)  المعارج ). ويأتى اليوم الآخر بسماوات بديلة وأرض بديلة ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ).

2 ـ ونلاحظ أن الزمن يغلّف حديث رب العزة جل وعلا عن الدنيا والآخرة ، ففيه ألفاظ ( اليوم ) ( الساعة ) و( الأشهر ) و( السنة )..الخ . بما يعنى أن الزمن هو ـ كما إكتشفت نظرية النسبية ـ الضلع الرابع للمادة . والمفهوم من وصفه  جل وعلا بأنه ( فاطر السماوات والأرض ) أنه خلق السماوات والأرض من لاشىء ، أى من الصفر . ونتصور إنه جل وعلا أخذ قطعة من الزمن وفجرها فكانت الانفجار العظيم الذى إنتج العالم بسماوته وأراضيه ، كما قال جل وعلا : (  أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ) (30)  الأنبباء ).  ونشأ عنه كونان نقيضان يتوسعان ، قال جل وعلا : ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)  الذاريات )، إن كل المخلوقات زوجان نقيضان . قال جل وعلا : ( وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا  ) (12)  الزخرف ) (  سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36) يس ) ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) (49) الذاريات ). الكونان النقيضان لو إلتقيا يتدمران ، ولأنهما يتوسعان بطريقة بيضاوية فسيلتقيان ويتدمران ، وهنا قيام الساعة . فى تصوير ذلك يقول جل وعلا : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) الأنبياء ). أى إن فاطر السماوات والأرض خلقهما من الصفر ، ثم يتم تدميرهما ويعودان للصفر ، ويأتى اليوم الآخر بالخلود ، حيث لا موت ، بل نعيم خالد أو جحيم خالد .

3 ـ الله جل وعلا هو خالق الزمن ، وهو الذى فوق الزمن. وهو جل وعلا يخاطبنا ونحن نعيش فى زمن متحرك . كل منا يركب قطار الحياة فى محطة ولادته ، ويظل فيه الى أن يغادره فى محطة موته ، وكل شىء محسوب مكتوب مسجل . قال جل وعلا : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) ( فاطر ). قطار الحياة هذا يسير متحركا الى الأمام ، لا يتوقف ولا يتباطأ ، وله سرعة محكومة محددة ، أى من وقت ولادتك وانت تسير نحو موعد موتك المحدد سلفا بسرعة 60 دقيقة فى الساعة . يستحيل أن تعود الى الوراء ، ونتدبر قوله جل وعلا يعظنا : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً (62)  الفرقان ) .

4 ـ فى سورة المعارج مقارنة بين يوم الدنيا ( الذى نعيشه ) واليوم الآخر ، الذى سننتهى اليه . مقدار يوم الدنيا خمسون ألف سنة بالتقدير الالهى ، وهو زمن متحرك له بداية وله نهاية ، قال جل وعلا : ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)  المعارج ). وفى يوم الدنيا هذا يقوم الروح جبريل ومن معه من الملائكة بحمل الأمر الالهى للبشر بالحتميات ( من الميلاد والموت والرزق والمصائب خيرها وشرها ) تتنزل به ليلة القدر كل عام ، وقبله كان الروح والملائكة معه يتنزلون بالوحى والرسالة السماوية على الأنبياء . وانتهى هذا بنزول خاتم الرسالات السماوية وهو القرآن الكريم ، دليلا على قُرب نهاية هذا اليوم الأول ، ولم يعد من وظيفة جبريل ( الروح ) وصحبه من الملائكة سوى النزول بالحتميات سنويا ليلة القدر بكل من سيولد ومقادير الرزق والمصائب ومن سيموت ، وموضع ووقت موته . وبعد أن تأخذ كل نفس حظها من إختبار هذه الحياة الدنيا ، أو اليوم الأول بزمنه المتحرك ، تأتى الساعة بتدمير وإنفجار العالم بأرضه وسماواته وما بينهما من كواكب ونجوم ومجرات وعوالم البرزخ . ويقول جل وعلا عن إقتراب القيامة (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَرَاهُ قَرِيباً (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) المعارج) 

5 ـ نزل القرآن الكريم محفوظا من لدن الرحمن جل وعلا حيث أنه الكلمة الأخيرة من الله جل وعلا للبشر من وقت نزوله الى قيام الساعة . وكل منّا فى فترة حياته المؤقتة فى هذه الدنيا يكون له القرآن الكريم نذيرا . قال جل وعلا : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) يس ) .

6 ـ من الطبيعى أن يكون الخطاب الالهى لنا معقدا من حيث الزمن ، فالذى يخاطبنا هو خالق الزمن وهو الذى فوق الزمن ، وهو الذى يعلم الغيب والشهادة ، بينما نحن نعلم جزءا من عالم الشهادة والمشاهدة . لذا فالزمن فى القرآن الكريم معقّد ومتداخل ، غفل عن تدبره علماء النحو الذين ــ بكل سذاجة ـ قسموا الزمن الى ماض ومضارع ومستقبل .

أخيرا

مع إن موضوعنا عن القرآن الكريم وعلم النحو إلا إن كتاباتنا كلها تهدف للوعظ بالقرآن الكريم . والزمن هنا عنصر أساس فى هذا الوعظ . ومنه فهمنا لنسبية الزمن بين الدنيا والبرزخ ثم ونحن فى الآخرة .

1 ـ النفس البشرية كائن برزخى . تدخل جسدها وتعيش به زمنها المحدد سلفا. خلال هذا الزمن تعود النفس مؤقتا للبرزخ عند النوم ، ثم تعود للبرزخ نهائيا بالموت . قال جل وعلا : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر ). فى اليقظة نحسُّ بالزمن . ولكن لا نحسُّ به فى النوم ، أو فى الإغماء . مهما طال وقت النوم ـ أو الإغماء ـ فعند اليقظة نعتقد أنه مرّ يوم أو بعض يوم .

2 ـ هناك من أماته الله جل وعلا مائة عام ثم أيقظه ، فاعتقد أنه لبث يوما أو بعض يوم . قال جل وعلا : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ) (259) البقرة ). وأهل الكهف قال عنهم جل وعلا : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25) الكهف) وعندما إستيقظوا ظنوا أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ) (19) الكهف ). وفيما عدا نعيم البرزخ للمقتولين فى سبيل الله جل وعلا وعذاب قوم نوح وفرعون وقومه ، فلا إحساس بالزمن فى البرزخ لكل من يموت من البشر.

3 ـ وبعد أن تأخذ كل أجيال البشر حظها فى هذه الحياة الدنيا تقوم الساعة ويكون البعث ، وعندها يظن الكافرون إنهم لبثوا فى البرزخ يوما أو بعض يوم أو ساعة . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ) .

3 / 2 : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).

4 ـ بل إنه عند الحشر يتذكرون حياتهم الدنيوى كيوم إلتقوا فيه ببعضهم وتعارفوا . قال جل وعلا . ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) (45)  يونس )

5 ـ ثم هذا الحوار الذى يجرى بين رب العزة جل وعلا وأهل النار ، والذى نرجو تدبره والتعايش معه : ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) المؤمنون ). برجاء تدبر الآيات الأربع الأخيرة .

6 ـ النتيجة المستفادة :  فترة البرزخ لا إحساس فيها بالزمن ، و عند البعث للجميع سيشعر الجميع أنهم لبثوا ساعة أو يوما وبعض يوم ، يسرى هذا من آدم الى آخر جيل سيموت من أبنائه . سيسرى علىّ وعليك وعليه وعليها وعليهم وعليهن . كل منا عند البعث سيظن أنه مرّ عليه يوم أو بعض يوم ، وأنه مات من يوم أو بعض يوم أو من حوالى ساعة . بالتالى فإن ما بينك وبين البعث هو ما تبقى لك من عُمر مضافا اليه فترة البرزخ ( ساعة أو يوما وبعض يوم ) . قالها جل وعلا لخصوم النبى محمد وهو حىُّ وهم أحياء . قال لهم جل وعلا :

6 / 1 :( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)  النبأ )،

6 / 2 : (  قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ). خصوم النبى محمد عليه السلام عاشوا بعد هذه الآيات المكية بضع سنوات ، سيضاف لها يوم أو بعض يوم ، ثم يرون العذاب .

التعليقات

سعيد على

أربعين ليلة ميقات ربه.

حفظكم الله جل و علا و نتوق شوقا لصدور فصول هذا الكتاب المميز .. كنت أقرأ في الأعراف و وصلت للاية الكريمة : و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة.

هنا الليالي بالحساب المعروف و المتعارف عليه ٢٤ ساعة ( رغم أن تقسيم اليوم ل ٢٤ ساعة و الساعة ل ٦٠ دقيقة و الدقيقة ل ٦٠ ثانية ) هو ابتكار بشري و لدي سؤالين ان سمح وقتكم الثمين:
الاول : لماذا لم يقل جل و علا ( و واعدنا موسى أربعين ليلة ) بدل ( و أتممناها بعشر ) ؟ نعلم يقينا بأنه جل و علا لا يسأل عما يفعل و هم يسألون لكن هل ثمة حدث ( بالتنوين الكسري ) حدث ( بفتح الثاء ) بين الثلاثين ليلة و الليالي العشر ؟ و هذا يجرنا لسؤال خارج موضوع هذا الفصل و هو عن ماذا حدث في الأربعين ليلة هذه ؟ و ما الفرق بين ( الليالي الأربعين لموسى عليه السلام لتلقي التوراه  ) و ( عدد الليالي التي تلقى فيها خاتم النبيين عليه السلام القران الكريم ).

 السؤال الثاني : طالما نتحدث عن الزمن .. الفرق بين السنة ( القمرية / ما يسمى بالهجرية نسبة لهجرة النبي محمد عليه السلام من مكة للمدينة ) و بين السنة الميلادية ( السنة التي ولد فيها عيسى عليه السلام ) حوالي ١١ يوما و بالتالي سياتي اليوم الذي يكون فيه مولد محمد عليه السلام قبل موت عيسى عليه السلام!!!!

أحمد صبحى منصور

1 ـ قوله جل وعلا : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) يدخل فى الاعجاز الرقمى (19 ) فى القرآن الكريم ، وخصوصا فى الأحرف التى تبدا بها بعض السور ، ومنها أول سورة الأعراف : ( المص (1) . وهذا ما أثبته د رشاد خليفة فى كتاب له بالانجليزية . أما حدث فى هذه الفترة فهو مذكور فى الآيات ( 143 : 147 ) وما غيره فهو غيب ليس لنا أن نتكلم فيه .

2 ـ النبى محمد تلقى القرآن الكريم مكتوبا فى فؤاده / قلبه ليلة الإسراء / ليلة القدر . ثم بعدها كان يتنزل قرآنا مقروءا حسب الحوادث . ولنا كتاب فى هذا .

3 ـ مولد عيسى فى الموعد الذى قالوه بتاريخهم الميلادى لا يتفق مع القرآن الكريم . إذ ولدته أمه صيفا حيث ينضج البلح فيكون رطبا . قال جل وعلا : ( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25)  مريم ). أما مولد النبى محمد فقد زعمه ابن إسحاق فى عام الفيل . وهى أكذوبة . وتعرضنا لهذا فى سلسلة ( ندوة الجمعة ) عن إبن إسحاق وسيرته النجسة .

 

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الثانى :

معضلة الزمن والميتافيزيقا فى رؤية قرآنية 

مقدمة :

1 ـ  قد يُقال : " تكرر فى القرآن الكريم ان الله تعالى خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ، وهناك تناقض بين الأيام الستة وعدد للأيام فى هذه الآيات : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)  فصلت ). المجموع هنا 8 أيام ، يعنى يومين زائد أربعة زائد يومين . " هل هنا تناقض ؟.

2 ـ  لا تناقض هنا ، لأن خلق كل شىء مرتبط بالزمن الخاص به عند الله جل وعلا . ولا علاقة لها بزمننا ولا أيامنا . حتى فى المجموعة الشمسية توجد اختلافات فى أزمنة الكواكب ، يوم الأرض مختلف عن يوم الزهرة عن / يوم زحل / المشترى .. وهكذا .

3 ـ ولكن السؤال يخلط بين ( الطبيعة ) و ( ماوراء الطبيعة ) أو بين ( الفيزيقا ) و ( الميتافيزيقا ) . نكتب  توضيحا :.

أولا : علمنا محصور فى ( الفيزيقا ) :

1 ـ نحن لم نشهد خلق السماوات والأرض ولا حتى خلق أنفسنا ، هذا يدخل فى الميتافيزيقا وما وراء الطبيعة . قال جل وعلا : ( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ )  (51) الكهف  ) .

2 ـ الفيزيقا ( علم الطبيعة ) بكل فروعها تدخل فى ( المشاهدة ) ، ونحن نشهد منها ما يقع فى نطاق إمكاناتنا. بالتليسكوبات والمجاهر نكتشف أعماق الذرة وأعماق المجرة وما بعد المجرة . ولأن الله جل وعلا خلق هذا الكون بحساب دقيق فيمكن بالمعادلات الرياضية الوصول الى أبعد ما تصل اليه التيليسكوبات . اينشتاين وصل الى نظرية النسبية بالرياضيات والعمليات الحسابية . والله جل وعلا أوضح أنه خلق كل شىء بقدر وتقدير . قال جل وعلا:

2 / 1 :(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)( القمر 49 )

2 / 2 :( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )( الفرقان  2 )  .

3 ـ ( الزمن ) هو معضلة الفيزيقا ، منذ أبان عنه اينيشتين فى نظرية النسبية وحتى الآن . بالتالى تكون معضلة الزمن أكبر فى عالم الغيب ، أو ( الميتافيزيقا ) ، وبالتالى ايضا تكون إشارات القرآن الكريم عن الزمن الميتافيزيقى هى مصدرنا العلمى ، ولنا أن نتدبر فيها ، وندعو العلماء المتخصصين فى الفيزياء الى الايمان بها ، والاستفادة منها ، وهم لا يزالون الآن يتخبّطون فى ( ظلام ) المادة (المظلمة ) فى الكون المحيط بنا ، والذى لا يتعدى مجرد ( ما بين السماوات والأرض ). !! 

ثانيا : الزمن أساس فى الفيزيقا والميتافيزيقا ( فى الطبيعة ) و ( ما وراء الطبيعة )

1 ـ  فى الكون الملموس والمُشاهد ( بفتح الهاء ) أثبت اينيشتاين أن الزمن هو الضلع الرابع للمادة ، وأسّس ركيزة بنى عليها آخرون . الزمن أساس فى حركة الأفلاك والشمس والقمر والليل والنهار وشهور السنة . وهو أيضا أساس فى الميتافيزيقا الغيبية، ففى القرآن الكريم نقرأ مفردات ( زمنية ) ، فهناك ( اليوم الآخر ) ، وهناك قيام ( الساعة ) .

2 ـ ( اليوم الآخر ) يعنى أن هذه الدنيا هى ( اليوم الأول ) ، وأن اليوم الآخر له زمن خالد يتناقض مع يوم الدنيا المتحرك الى الأمام بسرعة 24 ساعة فى اليوم . وكما يضم ( يوم الدنيا ) بلايين البلايين من الأيام فان ( اليوم ) الآخر يضم ( أياما عديدة ) : يوم البعث والنشور ويوم الحشر ويوم العرض ويوم الحساب أو يوم الفصل أو يوم التغابن . إلا إننا لا نعرف هل هى أيام متتابعة مثل أيام الدنيا أو متداخلة ، إنه زمن خالد راهن ثابت لا نستطيع تصوره .

ثالثا : التداخل الزمنى بين فيزياء اليوم الأول ( هذه الدنيا وهذا العالم ) وبين ( الميتافيزيقا ) الغيبية     

1   : بعد خلق السماوات والأرض جعل الله جل وعلا مدة الحياة الدنيا أو اليوم ( الأول ) خمسين ألف سنة ، بالحساب الالهى ، وليس بحساب البشر . قال جل وعلا : (  تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)  المعارج ). بعد هذا اليوم الأول يتدمر العالم بسمواته وأرضه ويأتى اليوم ( الآخر ) بأرض بديلة وسماوات بديلة خالدة . وهو يوم مجىء الله جل وعلا ويوم لقاء الله جل وعلا حين يبرز له الخلق ويتم عرضهم عليه ، قال جل وعلا :

1 / 1 :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم )

1 / 2 :(  كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22)  الفجر )

1 / 3 : ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48) الكهف )

2 ـ  قبل ( اليوم الآخر ) وفى هذا (اليوم الأول ) الدنيوى ، يكون على الملائكة والروح ( جبريل ) حمل أوامر الله جل وعلا وتدبيره لهذا الكون ، وكل منها  يستغرق مدة زمنية ، سرعتها بالأيام . واليوم فيها مقداره ألف سنة بتعداد الزمن البشرى . قال جل وعلا : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة )

  3 : اليوم الإلهى عند الله جل وعلا ( كمثل ) ألف سنة بحساب البشر . أى ليس هو تماما ، بل يشبهه ويقترب منه . كانوا يستعجلون العذاب فقال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام :  ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج ) . الفارق هنا هو قرار العذاب وليس التدبير من السماء الى الأرض ، ثم عروجه الى الرحمن جل وعلا.

  4 : صدر الأمر بقيام الساعة وفق الزمن الإلهى ، ولكن تحقيقه وفق الزمن البشرى لم يأت بعد ، لذا قال جل وعلا : (  أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) (1) النحل ) . بدأ التعبير بالماضى فى ( أتى ) أى صدر الأمر بقيام الساعة ، وهى التى تحمل عذابا للكافرين ، ثم جاء النهى لمن يستعجله ، وبالفعل المضارع :  (  فَلا تَسْتَعْجِلُوه  ) والمعنى واضح أن الأمر صدر فى الماضى ولم يحدث لكم حتى وقتها وسيحدث لكم فيما بعد ، والسبب إختلاف الزمن . وجاءت الآية التالية بعلامة إقتراب الساعة وهى نزول الرسالة الأخيرة الإلهية من الله جل وعلا للبشر ، والحديث عنها بالمضارع ، قال جل وعلا . (  يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)  النحل )

5 ـ الحديث عن إقتراب الساعة بدأ ـ طبقا لما جاء فى القرآن الكريم ـ فى أول حديث مباشر لله جل وعلا مع موسى عليه السلام عند جبل الطور . كان مما قاله له ربه جل وعلا : ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)   طه ). كان هذا من حوالى ثلاثين قرنا من الزمان . ثم من حوالى 1400 عام قال جل وعلا لخاتم النبيين عليه وعليهم السلام عن الكافرين المستعجلين للعذاب : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)  محمد ). أشراطها أى علاماتها .

6 ـ  ولا ننسى قوله جل وعلا إجابة عن سؤال متى يأتى العذاب بقيام الساعة: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) المعارج ) بعده ذكر مدة هذا اليوم الدنيوى : ( 50 ألف سنة بالحساب الالهى ) ( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) المعارج ) بعده إختلاف فى رؤية هذه الزمن ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَرَاهُ قَرِيباً (7) المعارج ) بعده كلام عن عن مظاهر قيام الساعة وتدمير العالم : ( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14) كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)  المعارج ).

7 ـ وعن إقتراب الساعة قال جل وعلا باسلوب الماضى :

7 / 1 : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) الأنبياء )

7 / 2 : (  اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) القمر ) هذا عن أحد مظاهر تدمير العالم بقيام الساعة . بعده حديث عن أول علامات إقتراب الساعة وهو نزول القرآن الكريم آخر رسالة إلاهية للبشر ، وكيف كذبوا القرآن واتهموه بالسحر متبعين أهواءهم ، مع ما جاء فى القرآن الكريم من وعظ :  ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) القمر ) ولأن الوعظ لا ينفع فالأمر بالاعراض عنهم يأتى مصحوبا بذكر أحوالهم يوم البعث : ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)  القمر ) . 

8 ـ علامات الساعة التالية بعد نزول القرآن الكريم ستحدث فى المستقبل ، ولكن ذكرها جل وعلا بالفعل الماضى ، دليلا على أن الأمر الالهى بشأنها قد صدر فعلا ، وسيتحقق فى وقته وفق زماننا . قال جل وعلا :

8 / 1 :  (  حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس). لم يقل ( ستأخذ )( وتتزين ) و( يظن أهلها ) و( سيأتيها ) و( سنجعلها ) . ولكن التعبير بالمضارع فى قوله جل وعلا : (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ). والمحمديون قوم لا يتفكّرون .!

8 / 2 : ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ) (97) الأنبياء ). لم يقل ( ستفتح يأجوج ومأجوج ) ، ( وسيقترب الوعد الحق ).

8 / 3 :(  وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ )(82)  النمل ). لم يقل ( سيقع القول عليهم وسنخرج لهم .. )

رابعا : التعبير عن مظاهر قيام الساعة بالماضى ( غالبا ) مع أنها ستحدث فى المستقبل

قال جل وعلا على سبيل المثال :

1 ـ (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) القيامة )

2 ـ ( إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ وُقِّتَتْ (11) لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) المرسلات )

3 ـ ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) التكوير )

4 ـ ( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) الانفطار )

5 ـ ( إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) الانشقاق )

ودائما : صدق الله العظيم .!

تعليقات

حمد حمد :

بارك الله جل وعلا بعلمك وعمرك دكتور أحمد المحترم، هذا الكتاب المميز نتاج تفكير وتدبر عميق وجهد قل من يقدمه بهذا النموذج بطريقه علميه بسيطه وشيقه لأعظم كتاب للبشريه وهو ألقرآن آلعظيم ويشعرك بعظمة هذا الكون وأسراره التى لاتعد ولاتحصى وهذا اللغز المرعب(الزمن) الذي يزيد المؤمن ايماناً ويقينا بربه الواحد الفرد الصمد والله دكتور أحمد اني قرأته اكثر من مره وشعرت بخوف شديد من كل شيء وكره شديد  لكل شيء في هذه الدنيا الفانيه عندما نقيس أعمارنا بعمر الكون من بدايته إلى قيام الساعه لايساوي شيء أبدا وأقل من الثانيه بكثير عندما نفهم قول الله جل وعلا أتى أمر الله فلا تستعجلوه   ، لكني لازلت احتاج فهم هذه الآيه العظيمه ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) السجدة ). ادعوا الله جل جلاله ان يتقبل عملك وجزاك الله خيرا. 

أحمد صبحى منصور

جزاك الله جل وعلا خيرا استاذ حمد حمد

البداية أن نفهم عظمة المسئولية فى خلق السماوات والأرض وما بينهما وخلقنا ليختبرنا فى هذه الحياة الدنيوية القصيرة ، ثم بعد أن ينتهى إختبار الجميع يتم تدمير كل هذا الكون بكل ما فيه ، ويأتى كون جديد خالد ، يأتى فيه الرحمن جل وعلا وبملائكة جُدد ، وهو يوم لقائه ليحاسبنا . خلق السماوات والأرض هو بالحق ، واليوم الآخر هو حق ، والقرآن الكريم بالحق نزل . ويكفى أن نتدبر قول الحق جل وعلا : (  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران ). فى يومنا الدنيوى وحيث نتعاقب أجيالا جيل بهد جيل فإن الملائكة تتعاقب فينا منها ما يحمل الحتميات ، ومنها الميلاد والمصائب والموت ، ومنها ما يسجل الأعمال . وكل ذلك تحت تدبيره جل وعلا ، وفى ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر تتنزل الملائكة بأقدار وحتميات العام التالى مقدما . يستغرق هذا فى الذهاب والعدوة ألف سنة بزمننا ، ونحن لا نعرف غير ذلك . لا نعرف كيف ، ولا متى ، لأنه غيب ، ولأنه جل وعلا فوق الزمن . 

 

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن  

الفصل الثالث :

فشل النحويين فى موضوع ( الأمر ) :

أولا :

توارثنا عن علماء النحو أن الفعل ينقسم زمنيا الى ماض ومضارع وأمر . وأن (الأمر ) لا يكون إلا فعلا . ولم يعرفوا  أن (الأمر ) يأتى بجملة خبرية إسمية أو فعلية . ونعطى أمثلة :

قال جل وعلا :

1 ـ ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97)  آل عمران ). هنا صيغة مُلزمة فى فرضية الحج نرجو تدبرها فى الآية الكريمة ، فى بدايتها ونهايتها . لو جاء الأمر بالحج بالفعل ( حُجُّوا ) ما كان بنفس التأثير .

2 ـ (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) الشورى ). فى فرضية الشورى جىء بها فى جملة إسمية بين فريضتى الصلاة والزكاة المالية .

3 ـ ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)  المؤمنون ). هنا جُملُّ إخبارية فعلية ، تتضمن أمرا لمن يريد أن يرث الفردوس خالدا فيها .

4 ـ ( الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)  النور ). جاء تشريع النهى هنا بجملة إسمية .

5 ـ ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)  الشعراء ). كل هذا الدعاء جاء بجمل خبرية ، هى الأوقع تأثيرا .

ثانيا :

التعبير عن الاستمرارية ، أو المضارع المستمر .

ما سبق عن الجملة الخبرية أمرا يفيد أيضا الاستمرارية . بمعنى أن فعل الأمر يعنى تنفيذه فى المستقبل . إذا أمرت شخصا أن يفعل كذا فالتنفيذ سيكون بعد كلامك . ولكن فى القرآن الكريم ما يفيد أن الأمر قد يعنى الاستمرارية فوق الزمان والمكان واللسان .  نعطى مثلا بالتعبير القرآنى :( ومن الناس ).  يتكرر هذا تأكيدا على أنه حيث يوجد ناس ( أو مجتمع ) ف ( من الناس ) من يقول كذا أو يفعل كذا ، وهذا دليل الاستمرارية . وتكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه فى سورة البقرة فقط قول الله جل وعلا :

  1 :( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10 )

  2 : (  وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ) (165)

  3 : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207).

ولا ننسى أن الفعل محصور فى زمن . والاسم ليس كذلك . تقول ( نجح فلان ) هذا فى الماضى فقط . ( ينجح فلان ) هذا فى المضارع . ( سينجح فلان ) هذا فى المستقبل. أما عندما تقول ( فلان ناجح ) فهنا إستمرارية النجاح بلا تقييد بزمن .

ثالثا :

لم يقوموا بتوضيح مستويات ( فعل ) الأمر ، مع أهميته القصوى إسلاميا .

للأمر ثلاثة مستويات : من الأعلى الى الأسفل ، ومن الأسفل الى الأعلى ، وممّن  هم فى نفس المستوى .

1 ـ من الأعلى للأسفل : ( أمرا ونهيا )  يكون أمرا لا شك فيه . وهنا تأتى الأوامر الالهية بصيغتها الفعلية أو الإخبارية بجملة إسمية أو فعلية . وحفلت آيات التشريع بمئات الأمثلة ، ومنها فى سورة النور قوله جل وعلا : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (2) ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)  ) ونكتفى بهذا .

2 ـ من الأسفل الى الأعلى . وهنا لا يكون أمرا بل هو الدعاء . ويكون إسلاميا بالخشوع والتضرع خوفا وطمعا ودون الجهر بالقول . وفى القرآن الكريم عشرات الآيات فى الدعاء ، بعضها فى قصص الأنبياء ، منهم :

نوح : ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) القمر ) .

ابراهيم : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) ابراهيم ).

يوسف :(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ (33) يوسف) ، ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف )

موسى ( فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص )،

أيوب :  (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)   الأنبياء ) .

يونس : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء ) .

زكريا : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (6) مريم ).

3 ـ من نفس المستوى بين البشر : تتفاوت المنزلة حسب المكانة والتى تتغير  .

ونستعرض هذا فى سورة يوسف وقصته :

من أعلى لمن هو أدنى :

الأب يعقوب مع أولاده : يوسف وإخوته :

(  قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5).

 ( وَقَالَ يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ) (67) .

( يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ (87)  )

الأخ الأكبر لإخوته :

(ً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنْ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (81)

عزيز مصر لزوجته وهو سيدها :

( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ) (21) 

إمراة العزيز مع يوسف خادمها :

( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتْ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ) (31).

الملك مع حاشيته وخدمه :

( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)

 (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ )  (50) .

 ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي  ) (54) .

يوسف عزيز مصر لأخوته :

( وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلا تَقْرَبُونِ (60).

يوسف مع غلمانه :

( وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) .

يوسف لاخوته ووالديه :

( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)

( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)  

من أدنى لمن هو أعلى :

أبناء يعقوب لأبيهم :

( قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12).

( فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63))

( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)

من يوسف للملك :

(  قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)

نفس المستوى :

أُخوة يوسف :

( لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)

يوسف وصاحباه فى السجن :

(  وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (36).

( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) (42).   

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع  : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الرابع :

التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى 

( ج 1 ) الانتقال بين الأزمنة

مقدمة :

توارثنا من تخلف النحويين الانفصال الزمنى بين الفعل الماضى والفعل المضارع وفعل الأمر المستقبلى . جعلوا كلا منها مستقلا عن الآخر  . وليس هذا فى القرآن الكريم ، فالزمن فيه غاية فى التعقيد ، ونعطى لمحة عن التنقل بين الأزمنة والتداخل بينها :  

  التعبير عن المستقبل بالماضى :

أحداث ستحدث ، ولكن جاء التعبير عنها بالماضى . قال جل وعلا :

فى علامات الساعة : ـ ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ ) (24)  يونس ).

فى قيام الساعة واحوال اليوم الآخر :

1 ـ ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضاً (100)  الكهف )

2 ـ ( إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) الانشقاق ).

3 ـ ( إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتْ الأَرْضُ رَجّاً (4) وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسّاً (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً (6) وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً (7) الواقعة )

4 ـ ( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)  الانفطار )

5 ـ ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) التكوير ).

6 ـ ( فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ وُقِّتَتْ (11) لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) المرسلات ).

7 ـ ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)  ق ).

التداخل الزمنى فى الإخبار عن علامات الساعة :

1 ـ ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ (82) النمل ) . ( تكلمهم ) بالمضارع ، وجاءت بعد ( وقع )

2 ـ (  حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ) (97) الأنبياء ). ( ينسلون ) مضارع بين فعلين ماضيين ( فُتحت ) ( واقترب )

التداخل الزمنى فى الاخبار عن قيام الساعة وأحوال اليوم الآخر :

1 ـ ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19) وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً (20)ِ النبأ ). ( يُنفخ ) مضارع . ( فتأتون ) مضارع . ما بعده ماضى ، سيحدث فى المستقبل .

2 ـ ( وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (102) (الشعراء ). الأفعال ماضية ستحدث فى المستقبل ، وبينها أفعال مضارعة ( ينصرونكم .. ، يختصمون ، نسويكم ، فنكون )

3 ـ ( يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) القيامة ). المضارع : (يسأل ، يقول )

4 ـ ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) الفجر ). بين الأفعال الماضية التى ستحدث فى المستقبل جاءت أفعال مضارعة ( يتذكر ، يقول ، يعذب ، يوثق )

5 ـ ( إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8). الجزء الأول من الأفعال المضية التى ستحدث فى المستقبل هى من (1 : 3 ، 5 ). بعدها أفعال مضارعة ( 6 : 8 ).

6 ـ ( فَإِذَا انشَقَّتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ (41)  الرحمن ). الماضى ( إنشقّت ) بعده مضارع ( يُسأل ، يُعرف ، فيؤخذ ) .

7 ـ ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20)  الحاقة ) ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) الحاقة  ). الأفعال الماضية : ( نُفخ ، وانشقت ، أوتى ، ظننت ، أوت ) الأفعال المضارعة ( ويحمل ، تُعرضون ، فيقول ).

8 ـ ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)) هنا مضارع مستقبلى ، بعده ماضى مع حدوثه مستقبلا : ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23)  فصلت ). الآية 19 عن المستقبل ، ما بعدها بالماضى .

9 ـ ( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (106) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108) يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110) وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112) طه ) الأكثر عن المستقبل ، ولكن يتخلله حديث عن الماضى ( لبثتم / وخشعت / أذن / ورضى / وعنت / وقد خاب ).

10 ـ ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) الزمر). كل هذه أحداث مستقبلية لن تحدث إلا فى قيام الساعة ومجىء اليوم الأخر . ثم الانتقال الى المستقبل بعدها : مع عودة للفعل الماضى (  وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) ثم العودة للفعل الماضى :( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  (75) الزمر).أى التعبير عن المستقبل بالماضى ثم الانتقال منه الى المستقبل ثم العودة للماضى.

  التعبير عن المستقبل بالمستقبل :

أغلبه فى تنبؤات مستقبلية ، مثل قوله جل وعلا :

1 ـ  ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا )(142) البقرة ).

2 ـ ( قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (51) الاسراء ).

3 ـ ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ) (11 ) الفتح ).

4 ـ ( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ) (15) الفتح ).

 الانتقال من الماضى للحاضر :

قال جل وعلا : 

1 ـ ( غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) الروم ). الماضى عن هزيمة الروم ثم الانتقال الى نصرهم فى المستقبل .

2 ـ (  عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)  عبس ). الآيتان 1 ، 2 فى الماضى ، ما بعدهما فى الحاضر .

الانتقال من المستقبل الى الماضى :

( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الأنعام ). الأية 65 عن تهديد مستقبلى . الآية التالية عن تكذيب فى الماضى ثم أمر يتحقق فى المستقبل ( قل ). وقد تحقق فعلا فى الحروب الأهلية بين صحابة الفتوحات وجاء هذا فى الأية التالية : ( لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الأنعام ) . 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الرابع :

التداخل بين الأزمنة فى اللسان العربى القرآنى

( ج 2)

مقدمة : لمجرد التذكير :  

1 ـ هو أكبر دليل على هجرهم للتدبر القرآنى لاستخلاص إعجاز الزمن فيه .

2 ـ قد يأتي الفعل بدون زمن فيكون مصدرا مثل كلمة " الضرب " فهي حدث ولكن بلا زمن . فإذا ارتبط به الزمن أصبح فعلا ماضيا " ضرب " أو مضارعا " يضرب " أو مستقبلا " سيضرب ، اضرب " . وقد اصطلح النحاة العرب على تقسيم الزمن في الفعل إلى ثلاثة فقط ، ماض ، مضارع حاضر ومستقبل منه فعل الأمر، وهو تقسيم ثلاثى بالغ السذاجة .

ونقول :

 وضع علماء اللسان الانجليزى قواعد فى الزمن تتفوق على ما قاله النُحاة ، وتقترب من الأزمنة فى القرآن الكريم ، برغم أن لا علم لهم بالأزمنة وإعجازها فى القرآن الكريم .الأزمنة فى الانجليزية 12 ، تنقسم الى 4 مجموعات : ( البسيط ) و( التام ) و ( المستمر ) وكل منها ينقسم الى ماض ومضارع ومستقبل . القسمان ( التام ) و ( المستمر ) فى الأزمنة الانجليزية فيهما التداخل الزمنى ، وهذا يتفق مع (بعض ) ما جاء فى القرآن الكريم . وهذا يحتاج متخصصا لتوضيحه .

ونأخذ بعض النماذج من رصدنا لقضية الزمن في الأساليب القرآنية .

أولا : يقول سبحانه وتعالى :

1 : ( أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ) ( الأعراف : 49 )

2 ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا ) ( الأنعام : 109 ) .

3 ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ) ( النور :53 ) .

4 ـ  (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ )( فاطر : 42 ) .

5 ـ ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39)   النحل )

6 ـ (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) ( القلم : 17 ) . والأمثلة السابقة كلها تدور في إطار الماضي حين اقسموا – في الماضي – جهد أيمانهم ، ولكن صيغة القسم جاءت في المضارع بل في المستقبل ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ) فكلمة " يخرجن " مضارع يفيد الاستقبال .. ومثلها كلمة " ليؤمنن " و " ليكونن " ، " ليصرمنها " .إذن اقسموا في الماضي على شيء مقدر له أنه سيحدث في المضارع أو المستقبل ، ولكنه المستقبل الذي كان مفترضا له أن يدور في الماضي.

7 ـ عن أصحاب المسيح عليه السلام :  (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) ( النساء 159 ) . فالمسيح سيكون شهيدا على أولئك الذين عاشوا معه فقط (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة : 117 ) . والمهم أن ذلك كله ينتمي للماضي ، وكل واحد من أصحاب المسيح سيؤمن بالمسيح قبل أن يموت ذلك الصاحب ، ومع أن القصة تنتمي إلى الماضي إلا أن التعبير جاء بالتأكيد بالمضارع "  لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ " .

ثانيا : فى القصص القرآنى

 فى قصة نوح :

 1 : (  وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37). هنا فعل أمر مستقبلى . بعده جملة فعلية تفيد المضارع المستمر : ( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39).  

2 ـ ( وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) . هود ) نفس الحال : ( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ )

فى قصة يوسف :

1 ـ ( وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ يوسف ) . الأكثر أفعال ماضية طبقا لأحداث ماضية ، ولكن يتخللها فعل مضارع ( فلا تبتئس / تفقدون / نفقد ).  أكثر من هذا توجد جملة إعتراضية فيها إنتقال من ماض الى ماض أبعد منه ، أو ما يأتى فى اللسان الانجليزى ب ( الماضى التام ) . هذا فى قوله جل وعلا ( قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ) جملة ( واقبلوا عليهم ) تفيد الماضى ، وهى تقع فى ماض أبعد من ( قالوا )..

فى القصص المعاصر لنزول القرآن الكريم :

1 ـ (  وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)  البقرة ). فعل ماضى ثم الجملة الاعتراضية هى ( ولن تفعلوا ) وهى عن المستقبل .  

2 ـ  ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) هذه جملة فى الماضى يتلوها فعل مضارع : ( يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) النحل  )

3 ـ ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) هذا فى الماضى . بعده مستقبل : ( وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) الاحقاف )

4 ـ عن موقعة (أُحُد )

4 / 1 : ( وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ) كلمة ( إذ ) تعنى : ( أُذكروا إذ ) ثم الفعل عن صدق الله جل وعلا وعده كان فى الماضى ومفروض تحققه مستقبلا ، ولكن تحققه مرتبط بالطاعة فلم يتحقق . ولهذا جاء التذكرة ب ( إذ ) . ثم بيان الفشل وأسبابه بحكاية ما حدث فى الماضى :  ( حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ) أراكم ما تحبون جملة فى المضارع تحكى عن الماضى . ومثلها هذه الجملة الاسمية عن حالهم وقتها: ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ) ثم جملة فعلية ماضية ( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ) (152) آل عمران )

4 / 2 : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153). ما بعد ( إذ ) هو نفس الحال .

4 / 3 : ( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ ) نزول النعاس فى الماضى ، وكونه يغشى بالمضارع حكاية عن ماض . ( وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) آل عمران ) الذين أهمّتهم أنفسهم كانوا يظنون ويقولون ، أى الفعل المضارع يحكى عن ماض.

5 ـ عن موقعة الأحزاب وتوابعها :

5 / 1 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) أمر مفروض حدوثه فى المستقبل . بعده عودة لأحداث مضت بتكرار ( إذ ) : ( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) 10 ) وعودة لحاضر مضى : ( وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) الاحزاب ) وأفعال ماضية تتخللها أفعال مضارعة فى معرض الحكى والقصّ :( هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيراً (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً (15) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16) الأحزاب )

5 / 2 : ( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ  ) ( 27 ) الأحزاب ) : . ( وأنزل / وقذف ) ماض قريب ، وهناك ماض بعيد ( ظاهروهم ) . ( وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا ) هنا إخبار بالغيب عن وراثتهم أرضا بلا حرب فى مستقبل قريب . وقد تحقق هذا وذكرته فيما بعد سورة الحشر :  

6 : سورة الحشر : (  هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ )  (2)). الأفعال الماضية ( أخرج / ما ظننتم / وظنوا / فأتاهم / وقذف ) تتخللها أفعال مضارعة ( يخرجوا / يحتسبوا / يخربون )

7 ـ سورة الفتح :

7 / 1 :( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ ) هذا عن حدث مستقبلى : ( إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ) هذا عن الماضى ، ثم تنقل بين مستقبل ومستقبل يتلوه :( ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ) ثم الماضى : ( بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15) الفتح  )

7 / 2  ـ (  وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24) الفتح ) : انتقال من ماضى الى ماضى أبعد .

7 / 3 ـ ( هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) ( 25 ) الفتح ) إنتقال من الماضى الى المضارع الحالى .

7 / 4 ـ (  لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ) الرؤيا فى الماضى ، ثم تحققها فى الحاضر : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ ) ثم عودة للماضى : ( فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) الفتح )

7 / 5 ـ ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) هنا عن الماضى ثم تحققه فيما بعد : ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (28) الفتح ) .  

أخيرا

النُّحاة العرب أقدم من نظائرهم فى اللسان الانجليزى الذين تفوقوا فى ( الأزمنة ).

النُّحاة العرب الفشلة فى ( زمنهم ) القديم يتفوق عليهم المستبدون العرب فى ( زمننا ) المعاصر . 

 

 

 

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو

ج  ( 1 ).

عن الماضى فقط .

 مقدمة :

فى النحو العربى ( كان ) لها زمن واحد فقط ، هو الماضى  الذى إنتهى ، كأن تقول ( كان فلان هنا ) ، ( كان عبد الناصر نمرا من ورق ) . هذا هو المتوارث عن النُّحاة العرب . ولكن ( كان ومشتقاتها ) يتنوع معناها وزمنها فى القرآن الكريم ، بل ويتعقّد .

ونعطى عنه لمحة سريعة فى مقالات ، هذا أولها :

( كان ومشتقاتها ) : ( كان ) بمعنى الماضى الذى حدث وانتهى ، ومع وجوده بكثرة فى القرآن الكريم فلم يأخذ من النحويين الاهتمام ، مع إنهم لا يعرفون ل ( كان ومشتقاتها ) معنى آخر غيره .

نعطى أمثلة قرآنية :

جاء فى قوله جل وعلا :

فى سورة ( البقرة ) :

( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ( 10 )

( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)

 ( قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ) 36  )

( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) 57 )

(  فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )  59 )  

( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) البقرة 61 )

( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)

( أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )  75 )

( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ )  89 )

(وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ( 102 ) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ( 103 )

( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )  113  )

( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )  134 )

( سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا  )  142 )

( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ )  (187)

(  كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ )  213 )

( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ (198)

فى سورة ( آل عمران )

( ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)

( وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)

( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)

( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

( وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)

فى سورة ( النساء )

( كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) (94)

( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97).

فى سورة ( المائدة )

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ )  (15)

( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)

( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)

فى سورة ( الانعام )

(  وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22)

( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30)

( ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)

( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)  

( وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94)

فى سورة ( الأعراف )

( وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37)

( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39)

( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

( قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)

( وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)

فى سورة ( التوبة )

( هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)

( ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)

( وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)

فى سورة ( يونس )

( ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)

( فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)

( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أَالآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52)

فى سورة ( هود )

( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) .

فى سورة ( يوسف )

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ (3)

( وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ (29)

فى سورة ( النحل )

( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)

( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32)

( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)

( وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93).

فى سورة ( طه )

( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125)

فى سورة ( الأنبياء )

( قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (87)

( لا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103)

فى سورة ( الحج )

( اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)

فى سورة ( الشعراء )

( وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)

فى سورة ( النمل )

( حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84)

( فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90)

فى سورة ( القصص )

( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (62)

( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (74)

فى سورة ( العنكبوت )

( إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8 )

( يَوْمَ يَغْشَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)

فى سورة ( لقمان )

ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)

فى سورة ( السجدة )

( وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)

( وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)

فى سورة ( سبأ )

ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)

فى سورة ( يس )

( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54)

( وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)

فى سورة ( الزمر )

( ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)

( وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24)

( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56)

فى سورة ( غافر )

( فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75).

فى سورة ( فصلت )

( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)

( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30).

فى سورة ( الشورى )

( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ )  (52)

فى سورة ( الزخرف )

( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72)

فى سورة ( الدخان )

( إِنَّ هَذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)

فى سورة ( الجاثية )

( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31)

فى سورة ( الاحقاف )

( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34).

فى سورة ( الذاريات )

( ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)

فى سورة ( الطور )

( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (19).

فى سورة ( التحريم )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7)

فى سورة ( المرسلات )

( َانطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)

( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43).

فى سورة ( المطففين )

( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17).

أخيرا :

1 : ( كان ومشتقاتها ) جاء الأكثر منها فيما يخص اليوم الآخر والنبى محمدا عليه السلام .

1 / 1 ـ عن النبى محمد ، فقد كان قبل النبوة غافلا ، ولم يكن يدرى ما الكتاب ولا الإيمان . ونزل عليه الوحى يخبره بغيبيات لم يكن يعلمها من قبل .

1 / 2  ـ عن اليوم الآخر : فالله جل وعلا سيخبرنا بما كنا نعمل فى الدنيا ، وسيحكم بيننا فيما كنا فيه مختلفين ، وأن الجزاء بالجنة أو النار مترتب على ما كنا نعمل ، وبالتالى فلا نظلم سوى أنفسنا . هذا مع تأنيب الكافرين يوم الدين ، وتبرؤ الشخصيات المعبودة ممّن كان فى الدنيا يعبدها .

2 ـ مع أن النحويين لم يعرفوا ل ( كان ومشتقاتها ) سوى إرتباطها بالماضى فقط ، فلم يتتبعوها فى القرآن الكريم ،ولو فعلوا لأبانوا حقائق الاسلام المُشار اليها ، وكانوا الروّاد .

3 ـ يتحمّل النحويون وزر ما ترسّخ بعدهم من تقديس النبى محمد واساطير الشفاعات ، بالاضافة الى أن إتخاذهم القرآن الكريم مهجورا فى بحثهم ( النحوى ) شجّع على بدعة القراءات والحديث والنسخ والتأويل ، وسائر الخرافات الدينية العقلية التى لا تزال تحظى بالتقديس حتى الآن .

 

 

معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو

( 2 ) لمحة عن معانى ( ما كان ، ما يكون )

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو

( 2 )

لمحة عن معانى ( ما كان ، ما يكون )

تأتى بثلاثة معانى :

الأول : الماضى الذى إنتهى : كما سبق . والأمثلة كثيرة جدا ، ومنها ما سبق الاستشهاد به . وهنا تكون ( ما ) موصولة بمعنى ( الذى ).

قال جل وعلا :

( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) آل عمران )

( وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) المائدة )

( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) المائدة )

( إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) الانعام )

( كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام )

( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) الانعام )

( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) الانعام )

( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) الانعام )

( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الاعراف )

( وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) النحل )

النفى مرتبط بالماضى ، وتكون ( ما ) نافية .

وهو نوعان : النفى العادى :

قال جل وعلا :

( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون )

( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (28) مريم

( وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) البقرة )

( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) آل عمران  )

( فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) الاعراف )

( أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) هود )

( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى) (111) يوسف )

( كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) الاسراء )

( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاء عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) الانعام 140 )

( فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39) الاعراف )

النفى والاستثناء

قال جل وعلا :

( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً ) (145) آل عمران )

 ( وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران )

( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً )(92) النساء )

( مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) (111) الانعام )

( فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5) الاعراف )

( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (38) الرعد )

( وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (11) ابراهيم )

( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) (22) ابراهيم )

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ ) البقرة 114 )

( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ ) ( الانعام 111 )

( وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) الاعراف

( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) النمل )

( أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (29) العنكبوت )

( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) العنكبوت )

( وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً )  (35) الانفال )

( وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ) (68) يوسف )

( كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ )(76) يوسف )

( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس )

( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (100) يونس )

( إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) النساء )

( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الاحزاب )

( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40) الاحزاب )

( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36) الاحزاب )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53) الاحزاب )

( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) الشورى )

( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) الجاثية )

الثالث : ( ما كان ، ما يكون ) بمعنى : ليس ، لا ينبغى ، لا يصح ، لا يجوز

قال جل وعلا :

( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ 161 الانعام )

( مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ  179 آل عمران )

( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ  ) (البقرة 143)

( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ ) ( آل عمران 79 )

( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) الاعراف )

( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الانفال )

( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة )

( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) التوبة )

( مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) التوبة )

( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) التوبة )

( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) يونس )

(  وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود )

( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ) (38) يوسف )

( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم )

 ( وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) النور )

( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً (18) الفرقان )

( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا ) (60) النمل )

( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) القصص )

( فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)العنكبوت )

( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) الروم )

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (78) غافر )

( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) يونس )

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع : إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو

 ( 3 ) بمعنى الاستمرار   

أولا : 

فيما يخصُّ رب العزة جل وعلا :

المؤمن الحقيقى يعلم أن صفات الله جل وعلا أزلية فوق الزمان والمكان . وهنا تأتى

( كان ) بمعنى الثبوت والاستمرار فوق الزمان وقبل الزمان فى وصف رب العزة جل وعلا .

تكرر هذا كثيرا جدا فى القرآن الكريم ، ومع ذلك فالنحويون لا يفقهون .

نعطى أمثلة من سورة النساء فقط . قال جل وعلا :

( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا : 1 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ( 16 )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ( 17 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)  23 ) ، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24 ) ، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا 29 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا 32 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا 33 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا 34 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا 35 ) ، ( وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا 39 )، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا 43 ) ، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا 56 ) ، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا 58 )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا  85 ) ، ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 94 ) ، ( وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا 96 )( 100 )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا 99 )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا 104 )( 111 ) ( 170 )، ( وَاسْتَغْفِرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 106 )، ( وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا 108 )، ( وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا 126 )، ( وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا 130 )، ( وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا 131 )، ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا 133 ) ، (  وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ( 147 ) ، ( وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا 148 )، ( وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا 152 ) ، ( وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 158 ، 165 ).

 لاحظ : كلها صفات أزلية خالدة ومستمرة للخالق جل وعلا . ومن يرى أنها فى المضى وانتهت فهو كافر. وهنا خطورة الجهل النحوى .

ثانيا :

( كان ومشتقاتها ) بمعنى الاستمرار ، خارج صفات الله عز وجل  :

فى التشريع المفروض تطبيقه فى كل زمان ومكان : تتنوع كان ومشتقاتها ماضيا ومضارعا ومستقبلا ، ومع ذلك تأتى فى التشريعات المطلوب تطبيقها فى كل زمان ومكان .

قال جل وعلا :

( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة ). لاحظ :   وحيث ما كنتم ، ائلا يكون للناس ، ما لم تكونوا .

( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) البقرة ) . لاحظ : ويكون الدين .

( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)  البقرة 232 ). لاحظ : مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) البقرة ). لاحظ : إن كنتم ، وإن كان ذو عسرة ، إن كنتم تعلمون .

( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ ) ( فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ). (282)  البقرة ). لاحظ : فان لم يكونا ، فإن كان الذى عليه الحق .

( وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا : 2 ) النساء ) . لاحظ :  إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا . الحوب هو الإثم .

( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا : 6 ) النساء ). لاحظ :  أن يكبروا .

( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11 ) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ) 12 ) النساء ) لاحظ : كُنّ نساءا ، وإن كانت واحدة ، إن كان له ولد ، فإن لم يكن له ولد ، فإن كان له أخوة ، إن لم يكن لهن ، فإن كان لهن ، إن لم يكن لكم ، فإن كان لكم ، وإن كان رجل ، فإن كانوا أكثر .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) ( 59 ) النساء ). لاحظ : إن كنتم .

( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) ( 82 ) النساء ) لاحظ : ولو كان .

( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) ( 92 ) ( النساء ). لاحظ : وما كان ، فإن كان ، وإن كان .

( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا  )النساء  103 ) لاحظ : إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ )  (135) النساء ) . لاحظ : كونوا قوامين

( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( 176 ) النساء ). لاحظ : إن لم يكن ، فإن كانتا ، وإن كانوا .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (6 ) المائدة ). لاحظ : وإن كنتم جنبا ، وإن كنتم مرضى .

(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ  ) (8) المائدة ). لاحظ : كونوا قوامين .

(  قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145 ) المائدة ). لاحظ :  إلّا أن يكون ..

( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )  الانعام 152 ). لاحظ : ولو كان ذا قربى .

( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) التوبة ) . لاحظ : كيف يكون .

(  إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة ) . لاحظ : أن يكونوا .

( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)  يونس ) . لاحظ : حتى يكونوا .

( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) النور ) . لاحظ : إن يكونوا .

( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى )(20) المزمل ). لاحظ : أن سيكونوا .

( كان ومشتقاتها ) فى الاستمرار خارج التشريعات .

قال جل وعلا :

( إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا  ) النساء 101 ) لاحظ : كانوا

( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا 76 ) النساء ). لاحظ : كان ضعيفا

( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا 36 النساء ) . لاحظ : كان مختالا .

(  أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78) النساء ). لاحظ : أينما تكونوا ، ولو كنتم .

(   أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة ) لاحظ : ما يكون من نجوى ، أين ما كانوا .

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الباب الرابع :

إعجاز الحديث القرآنى عن الزمن

الفصل الخامس :

 معانى ( كان ومشتقاتها ) وتنوع زمنها بما يخالف قواعد النحو

( 4 ) بمعنى المستقبل / وتنوع الأزمنة / الشرطية / أصبح   

أولا : مستقبل

كان ومشتقاتها تأتى تفيد المستقبل :

مفهوم أن الفعل ( يكون ) تفيد المضارع ، وأن الأمر ( كن ) يفيد حدثا سيقع فى المستقبل ، ولكن هذا الذى هو ( معلوم بالضرورة ) لم يتم التركيز عليه من النحويين .

نقدم عنه لمحة مع الاعتراف بأن الموضوع معقد خصوصا مع تنوع الأزمنة وتعددها فى الآية الواحدة أو فى آيات متتالية فى سياق واحد .

نرجو تدبر هذه الأمثلة القرآنية :

(  بَدِيعُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة )

( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (143) البقرة )

( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الفرقان )

( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) النساء )

(  وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) النساء )

( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً (82)  مريم )

( فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ (67) القصص  )

( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ(6) فاطر  )

( إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً ) (2) الممتحنة   )

(  يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ (5) القارعة )

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً )  (36) الانفال )

ثانيا : مستقبل وأزمنة أخرى

تتنوع معانى ( كان ومشتقاتها ) لتفيد مع المستقبل أزمنة أخرى كالأتى : 

مستقبل حكاية عن الماضى ، وأغلبها فى القصص القرآنى .

نرجو تدبر الأمثلة القرآنية التالية :

(   فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) البقرة   )

( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) الانبياء )

(  وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ ) (247)  البقرة )

( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ) (40)  آل عمران )

(  قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) آل عمران )

( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ )49 آل عمران ) 

( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ )(116) المائدة )

( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ) (89) الاعراف )

( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) التوبة )

( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي )  (15) يونس )

( قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ (33)  يوسف )

 ( وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (40) الفرقان )   

( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ) (8) القصص  )

( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) الاعراف )

( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ )  (42) فاطر ).

ثالثا : ( كان ومشتقاتها ) بمعنى الشرط :

الأغلب فيها أن تكون صريحة ( إن كنتم ) . مثل قوله جل وعلا :

( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ (49) آل عمران )

 ( يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)  النور )

 ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) آل عمران )

( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) آل عمران )

(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) آل عمران  )

( إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)  آل عمران )

( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)  المائدة )

( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)  الأنفال )

(  فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة )

وتأتى قليلا بدونها ، مثل قوله جل وعلا : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ( 110 ) آل عمران ). ليس هذا حكما مطلقا بأن نكون خير أمة أخرجت للناس ، ولكنه مشروط بالايمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. والواقع المُعاش يؤكد أن المحمديين هم أسوأ وشرّ أمة موجودة بين الناس ، ومع ذلك يفهمون هذه الآية الكريمة على أنها وسام تشريف على صدورهم.

( كان ) بمعنى صار وأصبح .

قال جل وعلا :

( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة 34 ). كان من الكافرين اى اصبح وصار من الكافرين .

وبهذا نفهم قول الله جل وعلا : (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50)  الكهف ). أى إن بعصيانه كان من الجن أى أصبح من الجن . هو أصلا من ملائكة الملأ الأعلى ، وهذا هو وصف أولئك الملائكة الذين أمرهم الله جل وعلا بالسجود لآدم . قال جل وعلا ( مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإٍ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) ص ). أى كان إبليس مأمورا ضمن الملأ الأعلى من الملائكة بالسجود لآدم ، فأبى وإستكبر و( كان من الكافرين ) أى أصبح من الكافرين. . لو لم يكن من الملائكة ما شمله الأمر ، وما ( أصبح ) بعصيانه من الجن . ذلك إن طرده من الملأ الأعلى يعنى تخفيض درجته ليكون فى الدرجة البرزخية للجن ، ويستحيل عليه وعلى ذريته وعلى الجن الاقتراب من برزخ الملأ الأعلى . برجاء تدبر الآيات التالية : ( الصافات 6 : 10  ) ( الملك 5 )( الشعراء 210 : 212 ) ( الجن 8 : 9 ). الخلاصة إن إبليس حين عصى ( كان ) من الجن أى ( أصبح ) من الجن. 

( أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) 184 ) (  فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) 185 ) البقرة ). قد يطرأ المرض أو يتحتم السفر فى شهر رمضان . ( كان مريضا ) أى أصبح وصار مريضا .

( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة 196 ). الحج مشروط فيه الاستطاعة . ولكن وارد ان يطرأ المرض ، أى ( من صار أو أصبح مريضا ..)

( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ  ) البقرة 280 ). إستدان ثم ( صار أو أصبح ذا عسرة ).

 ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) آل عمران 97 ). بمجرد دخوله البيت الحرام كان آمنا اى صار وأصبح آمنا .

( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ ) ( 102 ) النساء ). هذا عن صلاة الخوف فى الحرب وعند المطاردة . قد يطرأ مرض أو مطر .

( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النساء )ً 141 ). ان كان اى ان صار فتح أو إن صار النصر للكافرين .

 

 

الباب الخامس : عن علم النحو

 الفصل الاول :لمجرد التذكير : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو

الفصل الثانى : الخليل بن أحمد العبقرى مبتدع علمى النحو و العروض

الفصل الثالث : سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم                         

الفصل الرابع : الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية

 

 الفصل الأول :

لمجرد التذكير  : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو

أولا :

1 ـ  اللسان العربي كان ينطقه العرب بفصاحته وضبطه بالسليقة ، يرفعون الفاعل ويرفعون اسم ( كان ) وأخواتها بدون تعليم أو تعلم ، وينصبون المفعول وخبر ( كان ) واسم ( إن ) وأخواتها دون أن يفقهوا شيئا عن القواعد النحوية التي استقاها علماء النحو فيما بعد .  ولسان بهذه الحساسية في الإعراب والضبط من السهل أن يسرع إليه اللحن والفساد في النطق ،بل قد يصل الفساد الى فهم القرآن الكريم نفسه . مثلا يقول جل وعلا :(  وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ )(3) التوبة )، ( وَرَسُولُهُ ) هنا مرفوعة بالضم ، أى ورسوله برىء من المشركين . لو نطقتها مكسورة بالجرّ فهذا يعنى إنّ الله جل وعلا برىء من رسوله .

2 ـ تعقدت المشكلة بعد الفتوحات العربية ، وإختلاط القبائل العربية ، وتعاملهم مع الأمم المفتوحة ، وشيوع اللحن فى نطق اللسان العربى ، ووصل هذا الى كتابة نُسخ من القرآن الكريم تعكس هذا الاضطراب ، ولا تلتزم بالكتابة القرآنية المختلفة عن الكتابة العربية ، والتى هى أحد أوجه الاعجاز العددى الرقمى الذى ظهرت بدايته حديثا . والنبى محمد عليه السلام هو الذى كتب القرآن بنفسه بمعاونة بعض أصحابه . وكتبنا فى هذا من قبل . هذا الاضطراب الذى جلبته الفتوحات جعلت الخليفة عثمان بن عفان يحرق كل النسخ ، ويُلزم الناس بالنسخة التى كتبها النبى محمد عليه السلام ، وهى التى لا تزال حتى الآن موصوفة بانها بالرسم ( العثمانى ) نسبة لعثمان بن عفان .

ثانيا :

1 ـ كان العرب فى جاهليتهم يقولون الشعر الموزون بالسليقة بالوزن والقافية دون ان يعرفوا ماهية الأوزان وبحورها. وكانوا ينطقون اللسان العربي الفصيح بالسليقة دون أن يعرفوا ما اصطلح علىتعريفه بالاعراب أو النحو.

2 ـ على سبيل المثال يقول عنترة بن شداد يتغزل فى حبيبته عبلة :

ولقد ذكرتك والرماح نواهل

وبيض الهند تقطر من دمى

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم.

كان عنترة ينطق الكلمات باعرابها الصحيح بالسليقة دون أن يعرف لماذا جاءت تلك الكلمة مرفوعة بالضم أو منصوبة بالفتح ، وهل هذه الكلمة فعل أم حرف أم إسم .

جاء علماء النحو وقد تخصصوا فى معرفة ضبط أواخر الكلمات  فعللوا تغير أواخر كل كلمة حسب موضعها من الجملة ، وأصطنعوا لها مصطلحات جديدة  مختلفة ، منها :(النحو والصرف و الاعراب و الفتح والضم والجزم والسكون و المعرب والمبنى و الاسم والفعل والحرف و الفاعل والمفعول والعطف والظرف ..الخ ).

3 ـ عنترة حين نطق بالأبيات السابقة نطقا عربيا صحيحا لم يكن يعرف أن كلمة ( ذكرتك ) كما حللها علماء النحو تحوى ثلاث كلمات هى الفعل (ذكر ) وتاء الفاعل وكاف الخطاب .ولم يعرف عنترة أن اعراب هذه الكلمة هو الاتى : (ذكر ) فعل ماض مبنى على السكون لاتصاله بضمير متكلم . (التاء ) ضمير متصل للمتكلم فاعل مبنى على الضم ، (الكاف ) ضمير متصل للمخاطب مفعول مبنى على الكسر. لم يعرف اعراب الجملة التالية وهى ( والرماح نواهل ) فالواو هنا واو الحال ، (الرماح ) مبتدأ مرفوع بالضمة ، و(نواهل) خبر مرفوع بالضمة أيضا. والجملة من المبتدا والخبر فى محل نصب لأنها (حال ) أى التقدير (حال كون الرماح نواهل ) . ولم يعرف عنترة ان الضمائر تتكون من ضمائر متصلة بالفعل أو بالاسم ـ وضمائر منفصلة ، وأنها قد تكون ضمائر للفاعل أو المفعول أو الملكية ، ولم يعرف الفارق بين الاسم والفعل ، وانواع كل منهما . لم يعرف أيضا ما سمى فيما بعد بالبلاغة وعلم المعانى وعلم البديع . قال ( وبيض الهند ) ولم يعرف ما فيه من (كناية ) وقال ( لمعت كبارق ثغرك ) ولم يعرف أن هذا قد تسمى فى البلاغة بالتشبيه ، ولم يعرف الاستعارة و المجاز و المحسنات البديعية. لم يعرف فروع علم البديع من الجناس والطباق والمقابلة والتورية ، ولم يعرف الفوارق الدقيقة التى حددت المعانى ، ولكنه كان ينطق مبدعا ، وترك لعلماء النحو فى العصر العباسى استخلاص القواعد النحوية والبلاغية فيما قال وفيما أبدع.

4 ـ كان محصول عنترة من ألفاظ لسانه العربي محددا ببيئته الصحراوية وعلاقاته البسيطة بالناس والأشياء. ومثله مثل العرب وقتها لم يستعملوا كل المشتقات المتاحة للفظ العربى . فكلمة (ضرب ) بسكون الراء هى بمصطلح النحويين مصدر. اى الضرب . ومن هذا المصدر تاتى اشتقاقات عديدة (لا أتذكر عددها الان لأنى أكتب من الذاكرة ) فيأتى منها الأفعال الماضى والمضارع والأمر (ضرب يضرب اضرب ) ويأتى منها اسم الفاعل (ضارب) واسم المفعول ( مضروب ) وصيغ المبالغة ( ضرّاب ضروب مضراب ضرب ـ بكسر الراء ـ ضريب ، ) ثم تضاف اليها حروف أخرى تغير معناها كحروف الطلب ( إستضرب ) والجمع المذكر السالم (ضاربون ) والجمع المؤنث السالم (ضاربات) وجمع التكسير أضراب ..الخ ..ولم يستعمل العرب وقتها كل هذه المشتقات ، هذا مع كثرة استعمال كلمة الضرب فى حياتهم .

ثالثا :

1 ـ  جاء العصر العباسى بانفتاح حضارى وثقافى ، فدخل اللسان العربي فى مواجهة معقدة مع حضارات مختلفة لها ألسنة حيّة مختلفة ، ورأى العرب معظم العالم المعروف وقتها من اروبا الى تخوم الهند والصين ، وشاهدوا أجناسا من الخلق ومظاهر الطبيعة و معانى جديدة وعلاقات جديدة ، وكان على اللسان العربى أن يُعبّر عن هذا كله ، وأن يتسع ويستوعب كل ذلك . وهذا ما قام به علماء النحو ، وهم فى توسيعهم للسان العربي استعملوا وسائل عدة منها نحت كلمات جديدة ، وتعريب الألفاظ الأجنبية ، والسير فى الاشتقاق للكلمة العربية الى آخره لاستنفاذ أكبر طاقة للكلمة العربية ، واستعمال الكلمة العربية فى أكثر من معنى .

2 ـ اللسان العربى فى العصر العباسى نجح فى اجتياز هذا الامتحان الحضارى فاستوعب المعروف من حضارة العالم وقتها ، وكتب به أفذاذ علماء العالم فى ذلك العصر العباسى ، ولم يكونوا كلهم عربا ، بل كانوا من جنسيات مختلفة ، ولم يكونوا كلهم مسلمين بل كانوا من أديان مختلفة. العامل المشترك بينهم جميعا أنهم قاموا بعملهم العلمى باللسان العربي، واليه  ترجموا تراث الهند وفارس واليونان والروم ، فأصبح بالشروح التى قامت عليه وبالنقاش الذى دار حوله عربيا أو كأنه عربى. وبقي اللسان العربي حتى الان بينما بادت واندثرت ألسنة أخرى عاصرته أو أتت بعده. ثم فيما بعد ، بدأت أوربا عصر نهضتها بترجمة ما كتبه عباقرة مثل الخوارزمى وابن حيان والبيرونى وابن سينا والرازى وابن النفيس وابن الهيثم والادريسى ..الخ ..

3 ـ كانت لهذا النجاح ضريبة مزعجة .

فاللسان العربي بهذا الاتساع الكمى و ذلك التنوع الكيفى لم يصبح اللسان الذى أبدع به عنترة و صحبه شعراء المعلقات . أصبح فى معظمه لسانا مصنوعا .وشأن اللسان المصنوع أن تكون له (استامبة ) أو (فورمة ) أو قواعد ثابتة مضطرد يقاس عليها ،ولا يسمح بتجاوزها ، فالفاعل مرفوع ولا بد أن يظل مرفوعا ، والمفعول منصوب ولا بد أن يظل منصوبا ، واسم ( كان ) مرفوع الى الأبد ، واسم (إنّ ) منصوب دائما . هذا ما سار على اغلبه علم النحو .

5 ـ وثارت مشكلة .ذلك أنهم بدءوا أولا وقبل كل شىء فى جمع الألفاظ العربية من المحفوظ من الشعر الجاهلى ومن المنطوق من البوادى والأعراب المقيمين داخل الجزيرة العربية والذين لم يختلطوا بالحواضر ، ليتعرفوا ليس فقط على الكلمات العربية الأصيلة بل أيضا على طريقتهم او سليقتهم فى النطق أو الاعراب بالفتح والكسر والضم. وقد ظهر لهم من هذا الجمع أن اللسان العربي لا يسير دائما على القاعدة ،أى ليس الفاعل دائما وأبدا مرفوعا ، وليس المفعول دائما منصوبا ، ولكن هناك شواذ واستثناءات لا تعليل لها ،أو لم يجدوا تعليلا لها فقالوا انها شواذ. وبالطبع هم لا يعرفون أن اللسان البشرى يعبر عن صاحبه الكائن الحىّ ، و لا يمكن لكائن حى متحرك أن يكون آلة تنتج طبقا لقواعد صارمة نفس (الفورمة )أو (الاستامبة ) .

6 ـ اختلفت أكبر مدرستين نحويتين فى التعامل مع تلك الشواذ فى الاعراب ، وهما مدرستا البصرة و الكوفة ، وهذه المشكلة أبانت عن وجود فجوة بين اللسان العربي فى القرآن الكريم وبين اللسان العربي المصنوع فى العصر العباسى.

فاللسان العربية فى القرآن الكريم نزل مبينا ومطابقا للسان العربي الطبيعي الذى كان ينطق به العرب وقتها ، وجاء تعبيرا صادقا عن ذلك اللسان العربى فأبهر أصحاب ذلك اللسان وعجزوا عن تحدّيه ولو بسورة واحدة تشبهه. ولأنه جاء مطابقا للسان العربى فانه مثل ذلك اللسان العربى لم يلتزم أن يكون الفاعل مرفوعا الى الأبد أو أن يكون خبر (كان ) منصوبا مطلقا، جاءت نسبة من الخروج على القاعدة كما هى فى اللسان العربى الأصيل. ومن هنا حدثت فجوة بين لسان القرآن الكريم المعبّر عن صحيح اللسان العربي وبين اللسان المصنوع فى العصر العباسى .

7 ـ  ولكن بعض أصحاب العاهات الثقافية وبعض من فى قلبه مرض يسارع باتهام القرآن الكريم بأن فيه أخطاء نحوية . وتلك مقولة لم يقلها أعدى أعداء القرآن فى عصر النبوة ، ولم يقلها اعتى الملحدين فى العصر العباسى لأنهم مع إلحادهم فقد كان لديهم بعض العلم. أما عاهات عصرنا فهم بنعمة الجهل يرفلون . إن من المضحكات المبكيات أن يأتى لنا  ملحد جهول يتحدث ( بسلامته ) عن أخطاء القرآن الكريم فى علم النحو ، يجعل عمل النحويين فى العصر العباسى ـ  بما فيه من إختلافات وأخطاء وقصورـ فوق القرآن الكريم ، كلام رب العالمين .! .

ألا سُحقا للقوم الجاهلين .!!

التعليقات

بن ليفانت

وجهة نظر
الموضوع مهم والشكر لك أخ أحمد على إتاحة الفرصة لتبادل الآراء حول هذا الموضوع.
أنا لا أنظر للسان العربي على أنه اختراع جديد، وإنما اقتباس من ألسنة كانت سائدة عند شعوب اخرى كان للعرب معها علاقات تجارية وغير تجارية. ربما كان هذا بمثابة لهجة تطورت لتصبح لسانًا جديدًا له استقلاليته. عند نزول القرآن كان هذا اللسان قد وصل إلى مستوى عال من التطور، والدليل على ذلك القرآن نفسه، إذ نزل بهذا اللسان ولم يخترع لسانًا آخر.
ليس من غير المنطقي أن يكون الكلام في بداية تطور هذا اللسان شفهيًا. ربما استُعملت ابجديات اخرى للكتابة. هذا ليس مهمًا هنا. المهم أنه عندنا تقال جملة ما، مثلًا: "ركب الرجل الناقة" – برفع لام الرجل ونصب تاء الناقة، فربما نقول أنها جاءت بالسليقة. لكن عندما تأتي هذه الجملة بأشكال أخرى، مثل: ركب الولدُ الحصانَ، أو ركب الشيخُ الحمارَ، يصبح عندنا اعتقاد، على الأقل شك، بأن هناك قاعدة تُستعمل في تركيبة الجملة، وليس من الضرورة أن يكون لهذه القاعدة اسم كما نعرفه الآن. ما قام به علماء النحو هو ايجاد قواعد وصفية – أي كانوا يبحثون عن القواعد المستعملة (وغير مدونه) في النصوص التي كانت متاحة لديهم. بعد تصنيف وتدوين هذه القواعد أصبحت هذه الزامية. السؤال هنا: لماذا لم يكتف النحويون بالقرآن (لسان عربي مبين)، وبحثوا في أماكن أخرى – ربما لم تكن مطابقة لهذا اللسان المبين؟
بغض النظر إن كان الكلام يدون بأجديات أخرى أو كان شفهيًا، المهم أنه عندما شعر الناس أنهم بحاجة لتثبيت (نسخ) ما يقولون – لاسباب تجارية مثلًا، بدأوا في وضع حروف الابجدية العربية. من المنطق أن تفي هذه الابجدية وحروفها بالأصوات المستعملة. عند نزول القرآن كان هناك، على سبيل المثال، فرق بين لفظ حاء وخاء وجيم، فإذا لم يكن التنقيط في ذلك الوقت موجودًا، فكيف نضع لثلاثة ألفاظ (أصوات) نفس الحرف؟ أم أن التنقيط كان معروفًا؟ وهذا ما أعتقده.

كلمة أخيرة عن الشعر الجاهلي: من الطبيعي أن يكون هناك شعر قيل في الجاهلية، لكن: هل ما قيل فعلًا هو الذي نسمعه الآن؟ أو ماسمعه علماء النحو؟

احمد صبحى منصور

1 ـ أتفق معك فى أن اللسان العربى إنحدر من ألسنة سابقة كما إنحدر العرب العاربة القحطانيون والعرب المستعربة من جذور سابقة . وأتفق معك فى التنقيط للحروف فلا يمكن قراءة الحروف المتشابهة رسما بدون تنقيط . واتفق معك فى الشّك فى صحة المنقول من الشعر العربى الجاهلى . ولقد كان حمّاد الراوية أشهر حافظ للشعر الجاهلى ، وحقق ثروة وشهرة لدى الخلفاء العباسيين ، وظهر إنه كان ينتحل شعرا من نظمه وينسبه لشعراء جاهليين ، ولقد إعترف بهذا . ولكن التعميم خاطىء ، وقد وقع فيه طه حسين . لا أعتقد أن المعلقات السبع منحولة ، مع إن راويها هو حماد الراوية ، وهذا لأن من قالها كانوا شخصيات تاريخية حقيقية ، وهم إمرؤ القيس وطرفة بن العبد والحارث بن حلزة وزهير بن أبى سلمى وعمرو بن كلثوم وعنترة ولبيد بن ربيعة.   وقد ظلت معلقاتهم متداولة وفخرا لقبائلهم وتسجيلا لأيام العرب .

2 ـ الموضوع جديد بالنسبة لى ، وما أكتبه يحتاج تنقيحا من الغير . وأرجو أن يكون التنقيح على قدر أهمية الموضوع .

الفصل الثانى :

  الخليل بن أحمد العبقرى العربى مبتدع علمى النحو و العروض

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الفصل الثالث : عن علم النحو

الخليل بن أحمد العبقرى مبتدع علمى النحو و العروض

مقدمة :

1 ـ وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي قواعد النحو العربي في أواخر العصر الأموى ، وتسلم الراية بعده فى بداية العصر العباسى سيبويه تلميذه في البصرة ، كما ظهر الكسائي إماما للمدرسة النحوية في الكوفة ، وتأسس علم النحو ما بين الكوفة والبصرة ثم بغداد .

2 ـ بدأ الخليل بجمع اللغة واستقراء ما أسماه ب ( الإعراب ) أى ضبط أواخر الكلمة ـ ليس من القرآن الكريم ـ بل من البوادي ، حيث كان الشائع أن البدو في الصحراء محافظون على فصاحتهم لم يتأثروا بعد بالاختلاط بالعجم ، ولم يفسد لسانهم بحياة الحضر .

3 ـ جمع الخليل بن أحمد الفراهيدى مفردات الألفاظ العربية ، كما أسّس ( علم العروض ) الذى يتتبع بحور الشعر ، وتبعه  تلميذه سيبويه فكتب ( الكتاب ) المشهور فى قواعد ما أسموه باللغة العربية ، وتابعه ثعلب والكسائى والزجاج والمبرد  ..الخ ..

نتوقف مع الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم الأزدي الفراهيدي .

أولا : عبقريته

1 ـ طالما نتكلم عن العرب بالتحديد فإن الخليل هو أعظم عبقرية عربية فى كل العصور . ليس فقط لانتاجه العلمى ولكن أيضا لريادته ، فقد ظهرت عبقريته مبكرا قبل الإزدهار العلمى فى القرن الثالث الهجرى والعصر العباسى الثانى  .  الخليل مولود  سنة 100هـ ، وعاش حياته وسط الاضطراب السياسى والفتن التى شملت الدولة الأموية خصوصا فى العراق حتى سقطت عام 132 . نشأ في مدينة البصرة عصاميا فقيرا ، لا يملك سوى عبقريته وذكائه النادر، وطفق يخترع العلوم اختراعا ليأتي بعده اللاحقون يسيرون علي دربه ويدورون في الفلك الذي رسمه لهم، ولم يستطع أحد أتي بعده أن يبلغ مبلغه في تأسيس المناهج . قالوا عنه (  كان آية في الذكاء ) .

2 ـ  وليس أدل علي ذكائه من اختراعه لعلم العروض العربي واكتشافه لموازين الشعر ، وهو في ذلك الاختراع لم يعتمد علي اجتهادات غيره، إذ لم يسبقه أحد في ذلك . وإذا كان اليونانيون قد سبقوه في تقعيد بعض العلوم وسار علي دربهم بعض علماء العرب فإنه ليس لليونانيين فضل علي الخليل بن أحمد في اختراعه لعلم العروض الذي يعتبر اختراعا عربيا خالصا أنجزه الخليل بأكمله وبنفسه ، ولم يكن له من أدوات إلا مطرقة يضرب بها علي طست، وبذلك كان يعرف وقع الأنغام الشعرية ويفرق بينها ويكتشف دقائق الأوزان، وذلك يذكرنا بالفقر الذي كان يعيش فيه ذلك العبقري والذي استطاع بالرغم منه أن يخترع ويفكر ببطن خاوية أحيانا!!
3
ـ كما أن هذا الذكاء النادر يتجلى في كتابه "العين" الذى حصر فيه ألفاظ العرب علي أساس مخارج الحروف ومنها إلي بناء الكلمة أو وزنها من الثنائي والثلاثي إلي الرباعي والخماسي ، وبلغ في حصر ألفاظ العربية إلي الآتي: الثنائي(765) الثلاثي(19650) الرباعي (491400) والخماسي (793600،11). وتلك مهمة تحتاج الى الحاسبات الإلكترونية ، ولكن قام بها الخليل وسجلها في كتابه العين معتمدا علي ذكائه الخارق.
4
ـ وبذكائه الخارق وضع كتابا في الموسيقي والإيقاع وتراكيب الأصوات ، ويتعجب الجاحظ من ذلك لأن الخليل بن احمد حين وضع هذا الكتاب لم يمسك بيده آلة موسيقية ولا داعبت أصابعه أوتارا ولا استمع إلي مطربين.
5
ـ ووصل ذكاؤه إلي علم الصيدلة وتركيب الدواء. وقد حدث أنه كان عند رجل دواء للعين ينتفع به الناس. ثم مات الرجل وذهب سر تركيبة الدواء فجاءوا للخليل فقال : " أللدواء نسخة معروفة ؟ " قالوا :لا .. فقال: " إذن هاتوا لي الآنية التي كان يجمع فيها اخلاط الدواء " ، فجاءوه بالآنية، فأخذ يشمها ويستخرجها نوعا نوعا حتي جمع خمسة عشر نوعا، وخلطها بنفس النسبة فانتفع به الناس ، ثم حدث أن وجدوا في تركة الرجل سر التركيبة، فوجدوها تتكون بنفس ما توصل إليه الخليل ولكن تزيد نوعا واحدا فقط.
6
ـ وانشغل بعلم الحساب ليجعله في خدمة البسطاء من الناس ، وذلك يدل علي جانب من جوانب العظمة في شخصيته، إذ أراد أن يخترع نوعا من الحساب يستطيع به الفتي الصغير أن يمضي إلي البائع فلا يمكن أن يخدعه ، وكان يفكر منشغلا بذلك فدخل المسجد فصدمته سارية وهو غافل فوقع ومات سنة 160في أحد الأقوال.
ثانيا: مؤلفاته

1 ـ في عصر الرواية الشفهية كان الخليل بن أحمد رائدا فى تدوين ابتكاراته العلمية ، فقد قالوا عنه إنه اشتغل بالعلوم وصنف الكتب الكثيرة ، وأهمها كتاب " العين ، وكتاب النغم فى الموسيقى ، وكتاب الشواهد ، بالإضافة إلي كتاب العروض وكتاب الجمل .

2 ـ وقال عنه السيرافي : ( كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه ، وهو أول من استخرج العروض وحصر أشعار العربية بها، وعمل أول كتاب العين المعروف المشهور الذي يتهيأ به ضبط اللغة .)

ثالثا : تلاميذه
1 ـ ويكفي أن سيبويه عالم النحو المشهور هو تلميذه، وبعضهم ينسب (كتاب) سيبويه المشهور في النحو باسم (الكتاب ) إلي وضع أستاذه الخليل بن أحمد . والواقع أن سيبويه كان يأخذ عنه وكان يعترف بذلك في "الكتاب" وهو يورد ذلك كثيرا ويقول : "وسألته" و"قال" ، وسيبويه يشير متحدثا عن أستاذه الخليل ، والأرجح أن الخليل هو الذى وضع المنهج الذى سار عليه تلميذه النجيب سيبويه ، وعلّمه كيف يسير علي المنهج . وكتاب سيبويه في النحو أهم ما كتب في هذا الباب. وقد كانت العلاقة بينهما علي أكمل ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين أستاذ وتلميذه ، يقولون إن الخليل كان إذا قدم عليه سيبويه يستقبله قائلا " مرحبا بزائر لا يمل".
2 ـ ولم يكن سيبويه تلميذه الوحيد في النحو ، إذ كان معه الأصمعي والنضر بن شميل ، وهارون ابن موسي ووهب بن جرير وعلي بن نصر الجهضمي.

رابعا : أخلاقه العالية ومفتاح شخصيته
1 ـ وكما أشاد المؤرخون بعبقريته الفذة فإنهم أشادوا أيضا بأخلاقه الحسنة فقالوا : " كان الخليل من أزهد الناس وأعلاهم نفسا وأشدهم تعففا" وقالوا : " كان الخليل رجلا صالحا عاقلا وقورا كاملا ، وكان متقللا من الدنيا جدا صبورا علي خشن العيش وضيقه، وكان ظريفا حسن الخلق"., ويبدو من تلك الصفات الإجمالية أنه جمع بين الزهد والعزة والصبر علي الفقر مع الصلاح والظُّرف وحسن الخلق . وقلما تجتمع هذه الصفات لشخص واحد.

2 ـ إلا أنه يمكن العثور علي مفتاح لشخصية تلك العبقرية الفذة من خلال فحص تاريخه العلمي والإنساني، واعتقد أن مفتاح شخصيته يتضح في تقديره للعلم الذي وهب حياته له والذي أبدع في مجاله.

2 / 1 : وتتجلي أحد نواحي العظمة في شخصية الخليل حين نعرف أن الصلة بالحكام كانت هي الطريق السريع أمام العلماء لكي يعيشوا حياة كريمة ، ولكن الخليل رفض هذا الطريق اعتزازا بما لديه من علم وحرصا علي أن يكون له استقلاله بعيدا عن تقلبات السياسة وأهوائها ، ورضي بأن يعيش في "خص" أي كوخ من " أخصاص" البصرة ، وكان يقول معبرا عن تفرغه للعلم " لا يجاوز همّي ما وراء بابي" . ولم يكن تلاميذه ليصبروا علي هذه الطريقة الخشنة الفريدة في الحياة.

2 / 2 : وقد كان سليمان بن حبيب المهلبي واليا علي الأهواز ، وقد سمع بعلم الخليل وفقره بالبصرة فكتب إليه يستدعيه ليعلم أولاده ولينادمه بالليل ، وأرسل له بألف دينار وجاء الرسول إلي الخليل، فأخرج إليه الخليل بعض كسرات الخبز الجافة وقال له : " إني ما دمت أجد هذه الكسرات فإني عنه مستغن"! ، ورد إليه الألف دينار، وقال للرسول " اقرأ علي الأمير السلام وقل له إني ألفت قوما وألفوني، أجالسهم طوال نهاري وبعض ليلي وقبيح لمثلي أن يقطع عادة تعودها إخوانه"
وكتب إليه بهذه الأبيات:
ابلغ سليمان أني عنه في سعة
وفي غني غير أني لست ذا مال
وأن بين الغني والفقر منزلة
مقرونة بجديد ليس بالبالي
سخي بنفسي أني لا أري أحدا
يموت هزلا ولا يبقي علي حال
والفقر في النفس لا في المال نعرفه
ومثل ذاك الغني في النفس لا المال
3 ـ وواضح مما سبق أنه بقدر أعراضه عن ذوى السلطان فأنه كان يحسن صحبة الإخوان ، وقد مر بنا كيف يحتفل بقدوم تلميذه سيبوبه عليه ويقول له : مرحبا بزائر لا يُمل..
وواضح أنه كان حسن الخلق مع أصحابه متواضعا معهم فى نفس الوقت الذى كان فيه عزيز النفس مع أصحاب الجاه والسلطان ، لذا وصفوه بأنه " كان خيرا متواضعا ذا زهد وعفاف".
ويدل علي تواضعه الزائد مع طلبة العلم أن إبراهيم بن سيار النظام عالم المعتزلة دخل وهو صغير علي الخليل بن أحمد فأراد الخليل أن يختبره وكان في يده قدح زجاج فقال له الخليل: صف هذه الزجاجة ، فقال له النظام : أبمدح أم بذم؟" قال : "بمدح " ، قال " تريك القذى ولا تقبل الأذى ولا تستر ما وراءها" ، قال : " فذّمّها " فقال النظام " : يسرع إليه الكسر ولا تقبل الجبر".. قال : "فصف لي هذه النخلة" ، قال : "بمدح أم بذم؟" قال : " بمدح" قال : " حلو جناها باسق منتهاها ناضر أعلاها " ، قال : " فذُمّها " قال : " صعبة المرتقي بعيدة المجتبي محفوفة بالأذي " فقال له الخليل : " يا بني نحن إلي التعلم منك أحوج" !!
ولا شك أن كلمة تشجيع مثل هذه آتت أكلها مع إبراهيم النظام في صغره وشحذت همته للعلم وتحصيله..
ويروي أن راهبا قال للخليل :" أنت الذي يزعم الناس إنك وحيد في العلم ؟ ، فقال له الخليل : " كذا يقولون ولست كذلك"..!!
 خامسا : ما بقى من الخليل بن أحمد
1 ـ تاجر تلامذة الخليل بعلمه فاكتسبوا به الأموال كما قال النضر بن شميل ، وحققوا الشهرة في البلاط العباسي ، وكان أبرزهم في ذلك الأصمعي. ولو وجدنا لهم بعض العذر فأننا نعجز عن تبرير سرقات بعضهم لمؤلفات الخليل بن أحمد خصوصا كتابه " العين".
2 ـ وقد قال أحدهم يهجو بعض العلماء الذين سرقوا أفكار الخليل في كتاب العين:
ابن دريد بقرة
وفيه عجب وشره
ويدعي بجهله
وضع كتاب الجمهرة
وهو كتاب العين
إلا أنه قد غيره

الزهري وزغة
وحمقه حمق دغه
ويدعي بجهله
كتاب تهذيب اللغة
وهو كتاب العين
إلا أنه قد صبغه

في الخارزنجي بله
وفيه حمق ووله
ويدعي بجهله
وضع كتاب التكملة
وهو كتاب العين
إلا أنه قد بدله.
2 ـ علي أية حال فإن الذين انتحلوا أفكار الخليل كانوا أقل منه ومنها ، فظهر عجزهم ، وقد وضع ابن دستورية كتابا أوضح فيه الخلل الذي وقعوا فيه..
3 ـ ويكفيه فخرا أنه حين أنشأ علم العروض فقد أثبت أن الشعر العربي قد قيل بأوزان وقواعد بالسليقة ، وتلك موهبة عظيمة لا يدانيها إلا عبقرية الخليل التي اكتشفت قوانين الشعر وأوزانه.
ونفس الحال مع قواعد اللسان العربي الذى كان ينطق بها العرب بالسليقة دون ان يعرفوا ماهيتها وقواعدها، ولم يقم أحد قبل الخليل بن أحمد باستخلاص تلك القواعد من خلال استقراء لكل المنقول على العرب.
وإذا كان هناك تلاميذ للخليل جاءوا بعده وتخصصوا فيما عرف بعلم النحو وقاموا بتفصيله والزيادة عليه بعد الخليل إلا إن الخليل يظل وحده مخترع علم العروض ومكتشف أوزان الشعر العربى ، ولم يأت بعده من يدانيه أو يقترب من هامته وقامته فى هذا المجال. كان هو الرائد الذى لم يصل الى قامته أحد بعده.
 أخيرا

عبقرية الخليل المتفردة وشخصيته الفذّة وإعتزازه بنفسه كان له أثر سلبى فى مسيرة علم النحو وعلم العروض . إقتفى اللاحقون فى البصرة والكوفة وبغداد منهجه فى النحو بإهمال الأخذ عن القرآن الكريم ، ولم يضيفوا شيئا يُذكر الى علم العروض .

تعليقات

بن ليفانت

وجهة نظر 
علم العروض: قبل أن أعرض ما أريد، أطرح مثالًا من التاريخ عن مسلات المصريين القدماء. المسلات كانت موجودة منذ ألفي عام قبل الميلاد، من قام ببناء هذه المسلات كان يمتلك المعرفة بأن المسلة يجب أن تقف عمودية على سطح الارض لكي تبقى قائمة مع مرور الزمن، ما يعني أن الزاوية القائمة كانت معروفة لدى المصريين القدماء – قبل أن (يكتشفها) اليونايون. اليونانيون ثبتوا هذه المعلومة. ما أريد قوله هو أن بعض "العلوم" كانت موجودة "ومعروفة" قبل أن يكتشف وجودها أناس آخرون. أعود إلى علم العروض: عندما اكتشف الفراهيدي (مع تمام الايمان بعبقريته) موازين الشعر عند شعراء العرب، أثبت أيضًا بصورة غير مباشرة أن هؤلاء الشعراء كانوا يعرفون وقع الأنغام الشعرية ويفرقوا بينها ويعلموا دقائق الأوزان، وإلا لكان الشعر عبارة عن عشوائيات وليس شعرًا. عندما يحدث شيء ما مرة واحدة أو حتى بعض المرات، لا نستطيع أن نتحدث عن قاعدة، وإنما ربما الصدفة، أما مع تكرار هذا الشيء ومن جهات عدة، نستطيع أن نجزم أن هناك قاعدة لحدوث هذا الشيء، وأن من كان يستعملها كان على دراية بها. هذا ينطبق على اللسان العربي بأكمله.
كلمة أخيرة عن السليقة: عندما يبدأ الطفل بالكلام، فهو يحاول تقليد من حوله، مع مرور الوقت يتقن التقليد، ثم يبدأ بصياغة جمل، تُصَحَّح من قبل محيطة عندما يخطئ، أو ربما يكتشف هو تكرار بعض "النمطيات"، فتصبح له وبشكل غير مباشر بمثابة قاعدة. ويستمر هذا التطور حتى يتقن الانسان "لغة الأم". الطفل، وكطفل منذ البداية، يمتلك قدرة على اتقان اللسان بسرعة فائقة، واتقان قواعدها دون أن يعرف (بشكل مباشر) أنها قواعد، لكنه سيدرك عندما يتقدم بالعمر أنها قواعد، وربما يصبح أحد العلماء ويضع قواعد جديدة. هذا ما أعتقد أنه السليقة. السليقة لاتنفي وجود قواعد "معروفة".

أحمد صبحى منصور

أتفق معك ، وأقول :

1 ـ لا أعرف إن كانت هناك أوزان للشعر فى ألسنة غير العرب أم لا . ولكن أعرف إنه موجود ومحسوس فى الشعر العربى قبل وبعد القرآن الكريم . وأن الخليل بن أحمد هو الذى إكتشف الأوزان والبحور والفروق بينها ، وأسّس علما متكاملا ، ومن جاء بعده إكتفى ببعض التفصيلات . فى عصرنا الحالى ظهر ما يعرف بالشعر الحُرّ المتحرّر من الوزن والقافية ، وليس ـ فى نظرى ـ شعرا ولا نثرا . هو ( لخبطة ) مثل الرسم السيريالى .

2 ـ ليس سهلا إستخلاص القواعد وترتيبها . الذى يقوم بذلك يكون عبقريا . الذى يسبق عصره يكون عبقريا رائدا ، الذى يكتب ذلك فى عصر الرواية الشفهية يكون عبقريا رائدا جدا ، ولنتذكر أن ما عُرف باسم الحديث والفقه لم يتم تدوينه إلا بعد موت الخليل . عبقرية الخليل هى السبب فى هجر القرآن الكريم مرجعية فى علم النحو . اللاحقون إنبهروا به فساروا على نهجه . هذا هو الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الخليل . 

الفصل الثالث :

سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الفصل الثالث : عن علم النحو

سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم

مقدمة :

1 ـ قلنا آنفا : إن عبقرية الخليل هى السبب فى هجر القرآن الكريم مرجعية فى علم النحو . اللاحقون إنبهروا به فساروا على نهجه . هذا هو الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الخليل .

2 ـ ونضيف أن سيبويه تلميذ الخليل هو الذى أكّد على منهج أُستاذه الخليل ، فترسّخت القطيعة بين علم النحو والقرآن الكريم .

3 ـ الدليل على ذلك :

3 / 1 : إنه مع إنقسام علماء النحو الى مدرستى البصرة والكوفة وإختلافهما فى موضوع الشّاذ فى النحو إلا إن مدرسة الكوفة إتبعت منهج الخليل ( البصرى ) وتلميذه سيبويه .

3 / 2 : كتاب سيبويه فى علم النحو هو ( الكتاب ) . وإذا قيل عندهم ( الكتاب ) فالمعنى كتاب سيبويه ، لا يختلف فى ذلك نُحاة البصرة أو نُحاة الكوفة . بمعنى آخر غاية فى الخطورة أن كتاب سيبويه أصبح مقدسا أو قريبا من أن يكون مقدسا ، وفى كل الأحوال فقد تناسوا القرآن الكريم ذلك الكتاب الذى لا ريب فيه ، وإنشغلوا ب ( كتاب ) سيبويه .

3 / 3 : ظل الخليل بن أحمد مسيطرا على أجيال من النُحاة من مدرستى الكوفة والبصرة . وبلغ إنبهارهم به الى درجة الطعن بطريق غير مباشر فى القرآن الكريم ؛ إذ نسبوا له كتابا زعموا فيه إنه الذى إخترع تنقيط المصحف . وهذه كوميديا مؤلمة ، كيف مع إهمال الخليل للقرآن الكريم فى منهجه النحوى أن يقوم بتنقيط المصحف ؟ وهل يمكن فى أواخر العصر الأموى وبداية العصر العباسى أن يكون المصحف بلا تنقيط ؟ وكيف يمكن للناس وقتها قراءة القرآن الكريم أو أى كتابة عربية ؟ إن الحروف العربية منها ما لايحتوى على نقطة ومنها ما يحتوى نقطتين أو ثلاث . بدون نقط كيف تعرف الصاد من الضاد ؟ والفاء من القاف ؟ والطاء من الظاء ؟ والسين من الشين ؟ والباء والتاء والثاء ؟ لا بد ان تكون الكتابة القرآنية الأولى بالتنقيط . ثم وهذا هو الأهم : أين نسخة المصحف التى جمع عليها الخليفة عثمان الناس وأحرق ما عداها ، والتى لا تزال بيننا باسم ( الرسم العثمانى ) نسبة لعثمان ؟ وهى مكتوبة بطريقة فريدة تخالف الكتابة العربية حتى الآن ؟ وبها يتم إكتشاف الاعجاز العددى الرقمى للقرآن الكريم ؟

لقد كتبنا من قبل أن النبى محمدا عليه السلام هو الذى كتب القرآن بيده ، وساعده بعض أصحابه فى كتابة نسخ من القرآن الكريم ، وأن هذا العمل إسترعى إهتمام كفار قريش: ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5)  الفرقان ) ، وجاء الردُّ عليهم بأن فى الكتابة القرآنية سرّا إلاهيا : ( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (6) الفرقان ) . وقد تجلّى هذا السّر فى عصرنا بالأرقام ، وهى وسيلة الاتصالات التى تتعدى الألسنة . والتفاصيل فى مقال : ( النبى محمد عليه السلام كان يقرأ ويكتب ، وهو الذى كتب القرآن بنفسه.  ) وهو منشور هنا .

النحويون فى العصر العباسى فى تقديسهم للخليل بن أحمد وإتّباعهم منهجه كانوا روّادا فى إتخاذ القرآن الكريم مهجورا .

نتوقف فى لمحة تاريخية مع ( سيبويه )

النشأة والأصل واللقب :

1 ـ كما يدل عليه إسمه فهو فارسى الأصل ، لا يتكلم العربية بطلاقة. قيل عنه ( كان فى لسانه  حبسه وقلمه أبلغ من لسانه )!!. وإسمه ( أبو بشر عمرو بن عثمان  بن قنبر ) .

2 ـ إكتسب لقب ( سيبويه )، من معناه الفارسي وهو رائحة التفاح ، فيقال إن الصبي عمرو بن عثمان اكتسب هذا اللقب "سيبويه" لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة ، ويقال إن أم سيبويه كانت تلاعبه وهو طفل بذلك  اللقب فارتبط به ، وقالوا إنهم أطلقوا عليه هذا اللقب لأن كل من يلقاه كان يشم منه رائحة الطيب ، وقيل لأنه كان يعتاد شم التفاح ، وقيل لأنه كان لطيفا فأطلقوا عليه سيبويه لأن التفاح ألطف الفواكه ..وهذا الاختلاف فى مدلول اللقب يعكس إهتماما زائدا ، إشتدّ بعد موته ، فقد مات شابا في بداية الثلاثينات من عمره. ومع عمره القصير فلا يزال إماما لشيوخ كبار نهلوا من علمه ومن كتابه المشهور.

كتاب سيبويه

    كتابه الفريد في النحو هو الذي صير ذلك الشاب الفارسي إماما لكل النحويين بعده .. ولأهمية كتاب سيبويه في تاريخ علم النحو فإنهم يطلقون عليه اسم الكتاب فإذا قيل " الكتاب " فإن النحويين يفهمون أن المراد هو كتاب سيبويه ، يقول المؤرخ النحوي أبو سعيد السيرافي عنه : ( وعمل كتابه الذي لم يسبقه أحد إلي مثله ولا لحق به من بعده ، وكان كتابه أشهر عند النحويين علما، فكان يقال بالبصرة قرأ فلان الكتاب فيعلمون أنه كتاب سيبويه ، وكان المبرد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له : هل ركبت البحر ؟ تعظيما له واستصحابا لما فيه".  وقد وضع المبرد عدة كتب في شرح كتاب سيبويه وفي التعليق عليه.)

    وروي الجاحظ أنه أراد الخروج للقاء الوزير محمد بن عبد الملك الزيات ففكر في شيء يهديه له فلم يجد كتابا أنسب من كتاب سيبويه ، فأهداه له وقال : أردت أن أهدي لك شيئا ففكرت فإذا كل شيء عندك فلم أر أهم من هذا الكتاب ، وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء " عالم النحو" فقال له الوزير : والله ما اهديت إلي شيء أحب إلي منه.

  المناظرة بينه وبين الكسائي

  1 ـ كان الكسائي ــ زعيم مدرسة الكوفة النحوية ـ صاحب نفوذ في بغداد وكان تلميذه علي بن المبارك الأحمر مؤدبا ومعلما للأمين ابن هارون الرشيد .

2 ـ يروي أبو العباس ثعلب رواية نقلها عن شيخه الفراء ـ وهما من أعمدة المدرسة الكوفية فى النحو ـ أن سيبويه جاء بغداد وقابل يحيي بن خالد البرمكي وزير هارون الرشيد ، وقال له : ( إجمع بيني وبين الكسائي لأناظره وأنت تسمع )، فقال : ( الكسائي عندنا رجل عالم لا يمتنع عن مناظرة أحد ). وتحدد وقت المناظرة في الغد ، وجاء مشجعو سيبويه وأنصار الكسائي ، ومنهم الفراء وابن المبارك الأحمر ، وقد سبقا إلي دار يحيي البرمكي . وبدأ ابن المبارك الأحمر فسأل سيبويه مسألة فأجاب عليها ، فقال له : ( أخطأت  )، ثم سأله أخري فأجابه ، فقال له : ( أخطأت ) فغضب سيبويه، فتدخل الفراء وقال لسيبويه عن زميله ابن المبارك : ( إن فيه عجلة )، وسأله عن جمع كلمة "أب" جمع مذكر سالم كأن يقال " هؤلاء أبويه ، ورأيت أبين ومررت بأبين، وتمثل بقول الشاعر:

وكانوا بنو فزارة شر عم

                          وكنت لهم كشر بني الأخينا.

   أي يقاس أب علي أخ . وسأل الفراء سيبويه في جواز أن يقال ذلك في تصغير أب أي أويب فأجابه سيبويه بجواب ، فعارضه الفراء ، فانتقل سيبويه إلي جواب آخر ، فعارضه الفراء بحجة أخري فغضب سيبويه وقال  : ( لا أكلمكما حتي يجيء صاحبكما ) .  فجاء الكسائي فجلس بالقرب منه ،وأنصت يحيي البرمكي والناس لما سيقولانه، فقال له الكسائي: ( أتسألني أو أسالك ؟ ) فقال سيبويه : ( لا . بل سلني )، فقال الكسائي: ( كيف تقول خرجت فإذا عبد الله قائم ؟ )، فقال سيبويه : ( قائم بالرفع )، فقال له الكسائي : ( أتجيز قائما بالنصب ؟ ) فقال سيبويه : ( لا ) . فقال له الكسائي : ( كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا بالزنبور إياها بعينها ) ، فقال سيبويه : ( لا أجيز هذا بالنصب ولكن أقول : فإذا بالزنبور هو هي). فقال الكسائي : ( النصب والرفع جائزان ).  فقال سيبويه: ( الرفع صواب والنصب لحن).  فارتفعت أصواتهما، فقال يحيي البرمكي: ( أنتما عالمان ليس فوقكما أحد يُستفتي ولم يبلغ من هذا العلم مبلغكما أحد نحتكم إليه فيكما، فما الذي يفصل بينكما ؟ ) ، فقال الكسائي: ( العرب الفصحاء  المقيمون علي باب أمير المؤمنين الذين نرتضي فصاحتهم يحضرون فنسألهم عما اختفلنا فيه، فإن عرفوا النصب عرفت أن الحق معي، وإن لم يعرفوه علمت أن الحق معه ) ، فأرسل يحيي البرمكي فاستدعاهم فجاء خلق كثير منهم، فقال لهم يحيي: ( كيف تقولون : خرجت فإذا عبد الله قائم ؟ ) ، فتكلم بعضهم بالنصب وبعضهم بالرفع ، فلما رأي سيبويه كثرة من قال بالنصب أطرق وسكت . فقال الكسائي ليحيي بن خالد : ( أعز الله الوزير إن سيبويه لم يقصدك من بلدك إلا راجيا فضلك فلو أعطيته من معروفك ؟! )، فأعطي الوزير سيبويه بدرة مال ، ويقال إن الكسائي هو الذي أعطاه إياها.

     وتستمر رواية ثعلب عن الفراء فتقول : ( إن بعض الجهال زعم أن الكسائي اتفق مع الأعراب في الليلة حتي تكلموا بالذي أراده وهذا قول لا يعرج عليه ، لأن مثل هذا لا يخفي علي الخليفة والوزير وأهل بغداد أجمعين.)

التعليق :

1 ـ ومن حقنا أن نتشكك في تلك الرواية التي يرويها عن سيبويه خصومه ، خصوصا وأنها تتعلق بمناظرة تمت بين سيبويه وشيخهم الكسائي. ولو سلمنا بان الرواية حدثت علي هذا النحو فإننا نتوقع أن يقوم الكسائي بالدفاع عن مكانته في بغداد وفي البلاط العباسي ضد ذلك الشاب العبقري القادم إليه من البصرة . وإذا عرفنا ان التنافس كان علي أشده بين مدرستي البصرة والكوفة علي المسيطرة علي بغداد ـ وهي العاصمة ونهاية الأمل ـ أدركنا أهمية أن يحرص الكسائي علي مكانته . ومن هنا فإن تخيل عنصر التآمر يبدو مقبولا، فالكسائي يرسل الفراء وابن المبارك الأحمر مثل كتيبة استطلاع لمناوشة سيبويه وإجهاده ، ثم يأتي الكسائي ، ويقوم  هو بتوجيه الأسئلة ، ثم يقوم هو باقتراح استدعاء الأعراب من علي أبواب الخليفة . فمن جاء بهم لأبواب الخلافة وجعلهم يجتازون الحراس ؟ ، إذن هو أمر قد رتبوه قبلها بيوم ، وحتى تمر الأمور في سلامة وسلاسة يقترح الكسائي علي الوزير أن يعطي سيبويه جائزة مالية ليأخذها ويعود إلي موطنه راضيا.

2 ـ ومن الطبيعي أن يغضب أتباع المدرسة النحوية البصرية في بغداد لهزيمة سيبويه فيتحدثون عن اتفاق الكسائي مع الأعراب ، ويتصدى لهم الرواة من مدرسة الكوفة فيتهمونهم بالجهل . والواقع أن السلطة العباسية كانت تميل لمدرسة الكوفة لاعتزازهم بمدينة الكوفة نفسها التي كانت أول عاصمة لهم  قبل بناء بغداد ، بينما لم تشجع البصرة للدعوة العباسية .

3 ـ الذى يهمنا هو ذلك الخلاف المحتدم بين أئمة النحو وقتها . ثم يأتى فى عصرنا بعض أصحاب العاهات الثقافية ويتهمون القرآن الكريم بوجود أخطاء نحوية فيه ، معتقدين إن علم النحو خال من العيوب والثقوب ، وأن أئمة النحو كانوا على قلب رجل واحد .!.    

إختلاف بين شخصيتى الخليل وسيبويه

     ولقد امتاز الخليل بن أحمد عن تلامذته وعن غيرهم بأنه كان يرضي بالفقر متمسكا بالابتعاد عن أولي الجاه ، فعاش غنيا عن الناس راضيا بعقله العبقري، ورفض تلامذته هذا المنهج فسافروا بعلم أستاذهم إلي بغداد وعواصم الأمصار ليستفيدوا بالأموال . وبينما كان حظ الأصمعي وافرا عند الرشيد ، وكذلك كان النضر بن شميل مع المأمون إلا أن سيبويه كان سيء الحظ إذ رأي أعيان المدرسة النحوية الكوفية في بغداد في سيبويه منافسا خطيرا بسبب شبابه ووسامته وعلمه الغزير ، فعملوا علي أبعاده عن بغداد بكل ما استطاعوا ، وحين يأس سيبويه من بغداد سأل عن الحكام الذين يرغبون في النحو ، فقيل له إبن طاهر في خراسان ، فسافر إلي خراسان ، فأدركه الموت في بلدة ساوة ، فتمثل عند الموت بقوله :

   يؤمل دنيا لتبقي له

   فوافي المنية دون الأمل

   حثيثا يروي أصول الغسيل

   فعاش الغسيل ومات الرجل

 وكان أخوه حاضرا معه لحظة الاحتضار ، وقد وضع رأسه في حجر أخيه فأغمي عليه فدمعت عينا أخيه ، فلما أفاق سيبويه رأي دموعه فقال :

    وكنا جميعا فرق الدهر بيننا

    إلي الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا؟

   ومات سيبويه ولم يبلغ الخامسة والثلاثين .. !

تعليقات

بن ليفانت

وجهة نظر
عن المناظرة بين سيباويه وبين الكسائي: أنا أقل ثقة بالتاريخ العربي منك أخ أحمد، خاصة عندما تُذكر تفاصيل القصة بدقة متناهية وبترتيب يوصلنا إلى ما يريد الحكواتي. لكن بغض النظر عن صحة الرواية ونزاهة الراوي، أستغرب شيئًا: لماذا كل هذه المناظرات بين أهل البصرة والكوفة؟ هل كان الغرض إظهار الصحيح أم للشهرة وكسب المال؟ لماذا لم يرجعوا إلى القرآن مع افتراض ايمانهم بأنه نزل بلسان عربي مبين؟ أحيانًا يكون هناك فعلًا اختلاف، فيجوز حينها هذا وذاك. هل كان عند الأعراب (مرجعيتهم) لسان واحد متفق عليه مئة بالمئة؟
لقد استغل العلماء والعباقرة وقتهم في البحث عن كل شاردة وواردة تتعلق بموضوع ما في علوم اللسان والدين، فاختلفوا في النتائج وعقدوا بدل أن يسهلوا للناس. كان الأحرى بهم أن يسخروا هذه العبقرية في مواضيع أخرى تخص حياة الناس ورفاههم.

أحمد صبحى منصور

شكرا استاذ بن ليفانت ، واقول :

1 ـ  ربما يكون الخليل بن أحمد هو الذى نجا بنفسه من عبادة المال . كان المال هو الاله الأعظم منذ الفتوحات العربية ، وحوله دارت الصراعات والفتن والمكائد خلال عصور الخلفاء ـ وطبعا حتى الآن . الخليل بن أحمد بسبب إعتداده بنفسه ترفّع عن الاتصال بمن يملك المنح والمنع . غيره من الشعراء وزعماء القبائل تنافسوا للوصول الى الخليفة والولاة . وبعد الخليل تحول الأمر الى تجارة تنتهز فرصة حرص العباسيين على العلم . وفى هذا المناخ نقرأ الروايات . وهى طبعا ليست حقائق مطلقة ، بل نسبية ، ولا بد من نقدها ، وهذا ما نفعل فى ضوء فهمنا للعصر وقافته وملابساته

2 ـ الفتوحات العربية كانت كفرا عمليا بالاسلام ، وأسّست أرضية للأديان الأرضية من تشيع وسنّة ثم تصوف ، عدا عشرات الملل والنحل . فى هذا المناخ كان ـ ولا يزال ـ إتخاذ القرآن مهجورا . بدأ هذا بالخليل ، ثم إستشرى بعده لدى النحويين وغيرهم . وبدأت طرق أخرى فى الحطّ من قدسية القرآن الكريم بما أسموه النسخ والقراءات وتحويله الى أغنية بما أسموه بالتجويد.

3 ـ كان من الطبيعى أن يكون التعقيد والاختلاف والمذاهب ، وفى كل شىء . شأن الدين الالهى التيسير وشأن الأديان الأرضية التعقيد حتى تكون لأربابها سُلطة وحيثية.

الفصل الرابع :

                               

الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

الفصل الثالث : عن علم النحو

 

أولا :

1 ـ بعد سيبويه جاء إلي الخليل بن أحمد تلميذ آخر هو الكسائي ، وهو الذي أرسي مدرسة الكوفة النحوية.

2 ـ وكان بين المدرستين النحويتين تنافس وخصومة فكرية اتخذت ميادين لها في بغداد والعراق في القرنين الثاني والثالث من الهجرة ، وحفلت كتب الأدب واللغة بوقائع تلك المنافسة ، وتعدد المتنافسون بين المدرستين كان سيبويه والكسائي ، ثم كان المبرد وثعلب .

3 ـ ومن أبرز مسائل الخلاف النحوي بين المدرستين ما أسموه ب : " الشذوذ اللغوي " . فاللسان العربي يمتاز بأنه في أغلبه قياسي ، أى يسير على قاعدة واحدة ، فالأغلب أن يكون الفاعل مرفوعا والمفعول منصوبا ، والشاذ القليل أن يكون الفاعل منصوبا والمفعول مرفوعا  ، وذلك علي سبيل المثال .  ولأن اللسان البشرى كائن متحرك متغير فلا بد أن يلحقه التغيير ، حسب الزمان والمكان ، فتتعدد الألسنة ، وتتعدد فى داخلها اللهجات . ولم يسلم اللسان  العربي مع شدة انضابطه وكثرة قياسه من وجود بعض التغيير ، وتمثل ذلك في مشكلة ما أسموه ب (الشذوذ اللغوي ) ، أو وجود حالات تخرج عن القياس في لسان العرب .

4 ـ واختلف  موقف المدرستين النحويتين في التعامل مع ذلك الشذوذ اللغوي .

4 / 1 : فمدرسة البصرة تأثرت بطبيعة البصرة المنفتحة على العالم ، حيث كانت الميناء الذى يصل بالعرب الى الهند والشرق , بهذا الانفتاح اعترفت بالشذوذ ( اللغوي) وعاملته علي أساس أنه ظاهرة ( لغوية) مستقلة أو ( يُحفظ ولا يُقاس عليه ) ، وذلك هو التعبير المأثور عندهم . اى مع كونه ( أقليّة ) ومع عدم جريانه على القياس فهو مُعترف به شأن ما يجرى على القياس.

 4 / 2 :    أما مدرسة الكوفة فقد تأثرت بموقعها الداخلى الصحراوى و تجاهلت ذلك الشذوذ وأخضعته لأسلوب القياس .

5 ـ وكان الكسائي الكوفى هو أول من طبق هذا المنهج .

والطريف إنه إستفاد من شيخه الخليل بن أحمد ( البصرى ) فى أُسُس المدرسة الكوفية ، أخذ عنه منهجه فى إستقراء الألفاظ العربية من البادية ، والكوفة أقرب للبادية ، كما إستفاد من كتاب ( العين ) للخليل وتجميعه للألفاظ العربية وإشتقاقاتها . وإستغل هذا فى صناعة وتغيير  في نمط اللهجات العربية المعروفة وقتها ، بأن تجاهل بعضها ، واستحدث مشتقات لم تكن معروفة في لسان العربي ، ولكن أنتجها بالقياس . وذلك موضوع طويل يخرج عن موضوعنا  .

ثانيا :

ولكن من هو الكسائي  إمام المدرسة النحوية في الكوفة ؟

1 ـ هو علي ابن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز ، أي أنه فارسي الأصل ، وتوفى عام 182

2 ـ ليس  غريبا أن يكون أغلب رواد النحاة من الفرس والموالي ، إذ أصبحت لهم مكانة فى الدولة العباسية التى كان لهم الإسهام الأكبر فى تأسيسها ، لذا إحتلوا أبرز المناصب ، ومنهم البرامكة ، ومن له طموح فى المناصب كان عليه تعلم اللسان العربي ، وكان يُعاب عليهم اللحن أى الخطأ فى النطق العربى . والكسائى الفارسى أبرز مثل لهذا .

3 ـ تعلم  الكسائى النحو لنفس السبب الذي جعل سيبويه يتجه إلي النحو ، ذلك إنه وقع في اللحن وعيب عليه ذلك ، فاستعظم الأمر وقرر أن يتفوق في العربية ، ويكون فيها إماما ـ     يقول تلميذه الفراء إنه مشي حتي تعب من المشي ثم جلس إلي بعض الناس فقال لهم: ( قد عييت ، فقالوا له : أتجالسنا وأنت تلحن ؟ فقال : كيف لحنت ؟ فقالوا له : إن كنت أردت من التعب : فقل أعييت ، وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل عييت .) فاستكثر الكسائي أن  يقال له ذلك فسأل عن من يعلمه ( اللغة ) فأرشدوه إلي معاذ الهرا فلزمه حتي استنفد ما عنده ، ثم خرج إلي البصرة فجلس في حلقة الخليل بن أحمد فقال له رجل من الأعراب  تركت أسد الكوفة وتميمها ــ أى قبائل أسد وتميم في الكوفة ــ وعندها الفصاحة وجئت البصرة ؟ فذهب الكسائي إلي الخليل بن أحمد وسأله : من أين أخذت علمك هذا ؟ . فقال له الخليل : من بوادي الحجاز ونجد وتهامة ، فخرج الكسائي إلي البوادي يجمع ( اللغة ) ويدونها ويحفظها ، ثم رجع إلي البصرة فوجد الخليل بن أحمد قد مات وقد جلس مكانه يونس النحوي فتناظرا .. وأقر له يونس بالسبق .

4 ـ أسّس الكسائى مدرسة الكوفة النحوية ، واصبح أهل الكوفة يفاخرون أهل البصرة بعلم الكسائي ،  واستفادت مدرسة الكوفة النحوية من وجود الكسائي في البلاط العباسي ، وبذلك استطاع الكسائي أن يهزم سيبويه في المناظرة التي عقدت بينهما في حضور الوزير يحيي بن خالد  البرمكي. وكان العباسيون يميلون بالسليقة إلي الكوفة لأن بها شيعتهم ولأنها كانت العاصمة الأولي لهم ، أما البصرة فتاريخها مع العباسيين لا يشجعهم علي مناصرتها أو مناصرة مدرستها النحوية . وبالكسائى انتشرت الآراء النحوية لمدرسة الكوفة في حاضرة الخلافة العباسية.

5 ـ ، وصاغ الكسائي مذهبه النحوي شعرا حين يقول:

  إنما النحو قياس يتبع

   وبه في كل أمر ينتفع

  فإذا ما أبصر النحو فتي

   مر في المنطق مرا فاتسع

 6 ـ  وكان من الطبيعي أن تهاجمه مدرسة البصرة ، فاتهموا الكسائي أنه لا يقيس ( اللغة ) عن كل العرب وإنما عن مجموعة من الأعراب ينزلون حول مدينة " قطر بل" ، يقول في ذلك أبو محمد اليزيدي:

كنا نقيس النحو فيما مضي

علي لسان العرب الأول

فجاء أقوام يقيسونه

علي لغي أشياخ قطر بل

فكلهم يعمل في نقض ما

به نصاب الحق لايأتلي

 إن الكسائي وأصحابه

 يرقون في النحو إلي أسفل

 وقال فيه أيضا :

أفسد النحو الكسائي

وثني ابن غزالة .

7 ـ وبالغ أتباع الكسائى فيه فيما بعد ، فرووا إجتماع الناس حوله من الأفاق وهو في بغداد يجلس علي كرسي فيقرأ لهم القرآن من أوله إلي آخره وهم يستمعون ، ونسبوا له أنه الذى قام بتنقيط المصحف ، نفس الأسطورة التى قيلت فى الخليل بن أحمد . ووجدوا فى إنحياز الخلافة العباسية نصيرا لهم .

ثالثا :

صلة الكسائى بالخلافة العباسية

إزدحم الطموحون على أبواب الوزير يحيى بن خالد البرمكى ، لكى يصلوا من خلاله الى الخليفة . واستمر هذا بعده . وكان من الطموحين علماء النحو ، ومنهم الكسائى ، وفاز عليهم الكسائى بذكائه ودهائه وفهمه للبروتوكول . 

والروايات ـ مع إفتراض صحتها ـ تعطى لمحة عن شخصية الكسائى فى البلاط العباسى :

1 ـ يروي أنصاره عنه إنه كان مع تبحره في العلوم حريصا علي التثبت والرجوع عن الخطأ إذا أخطأ ، وتلميذه الفراء يحكي عنه إنه اشتكي له من الوزير يحيي بن خالد البر مكي ، وإنه يبعث إليه فجأة يسأله عن الشيء ، فإذا أبطأ في الجواب لحقه العيب ، وإن أسرع بالإجابة لم يأمن الخطأ ، فقال له الفراء :( قل ما شئت ، ومن يعترض عليك وأنت الكسائي ).!، فأخذ الكسائي لسانه بيده وقال :( قطعه الله إذا إن قلت ما لا أعلم ).

2 ـ  ويروي الكسائي عن نفسه أنه صلي إماما بالخليفة هارون الرشيد فأعجبته قراءته فاخطأ في آية ما يخطيء فيها صبي ، أراد أن يقول " لعلهم يرجعون " فقال: " لعلهم راجعين " ، ويقول أن هارون الرشيد لم يجتريء أن يقول له : أخطأت ، وبعد الصلاة سأله : ( يا كسائي أي لغة هذه ؟ ) فقال : ( يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواب )، فقال له الرشيد: ( أما هذه فنعم .). أى إنه على هذا كان إماما في الصلاة لهارون الرشيد ، وأن الوزير يحيي بن خالد كان يبعث إليه يستشيره .

3 ـ  وهناك خبر طريف ـ نرجّح صدقه ـ إذ أورده الخطيب البغدادي فى موسوعته ( تاريخ بغداد ) في تعليل وصوله إلي قصور الخلافة ، فالخليفة المهدي ـ والد هارون الرشيد ـ كان لديه معلم لأولاده ، وحدث أن كان المهدي يستعمل السواك . فدعا ذلك المعلم وقال له : كيف تأمر شخصا بأن يستاك ؟ فأسرع المعلم يقول ( إستك ) ففزع المهدي مما قال لأن كلمة : ( إستك ) تعنى مؤخرتك ،  وقال : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، التمسوا لنا من هو أفهم من هذا ) . فقيل له : رجل يقال له الكسائي من أهل الكوفة جاء من البادية قريبا وهو أعلم الناس ، فجيء بالكسائي للمهدي ، فقال له : يا علي بن حمزة  فقال : لبيك يا أمير المؤمنين؟ قال : كيف تأمر شخصا بالسواك : قال : سك يا أمير المؤمنين . فقال له الخليفة : أحسنت وأصبت ، وأمر له بعشرة آلاف درهم . وجعله معلما للرشيد. ثم علّم الأمين ابن الرشيد بعده.

والواقع أن المعلم الذي كان  قبل الكسائي لم يخطيء علميا ، ولكنه أخطأ في البروتوكول حين قال تلك الكلمة التي تحمل معنيين أحدهما بذيء ، وواجه الخليفة بهذا ففزع ، بينما كان الكسائي لبقا عارفا بأصول الخطاب مع الملوك فأفلح ، وحاز مكانة عالية لدي الرشيد حتي صار إماما له في الصلاة ، وأصبح يحضر جلساته الخاصة .

4 ـ وكان يحدث تنافس فيها مع القاضي الشهير أبى يوسف ، وهو الأثير لدى هارون الرشيد  ، وكان أبو يوسف يتضايق من مكانته لدي الرشيد ويقول عنه محتقرا : ( إن هذا الكائن لا يحسن إلا شيئا من كلام العرب )، فبلغ الكسائي ذلك فقال له إمام الرشيد: ( يا يعقوب ، ما تقول في رجل قال لامرأته أنت طالق طالق طالق ؟ ) ، قال أبو يوسف: ( تكون طالقا طلقة واحدة )،قال : ( فإن قال لها : أنت طالق أو طالق أو طالق ؟  )قال أبو يوسف : ( واحدة أيضا ) ، قال : ( فإن قال لها : أنت طالق وطالق وطالق ؟ ) ، قال : ( واحدة ) فقال: ( فإن قال : أنت طالق ثم طالق ثم طالق ؟ )، فقال : ( واحدة ). فقال الكسائي : ( يا أمير المؤمنين أخطأ أبو يوسف في اثنين وأصاب في اثنين . أما قوله : أنت طالق طالق فواحدة لأنها تأكيد كما تقول أنت قائم قائم قائم  ، وأما قوله أنت طالق أو طالق أو طالق ، فهذا شك ، وتقع الأولي التي فيها تيقن ، وأما قوله : أنت طالق ثم طالق ثم طالق فهي ثلاث طلقات لأنه نسق ، وكذلك : طالق وطالق وطالق ).  وبذلك غلب الكسائي في النحو أبا يوسف في الفقه .

أخيرا

1 ـ فى رأينا إن أكبر خطيئة للكسائى هى إنغماسه فى ذلك الكفر المسمى بالقراءات . وهو تلاعب بقراءة القرآن الكريم ، وشغل للناس عن تدبره . إن للقرآن الكريم قراءة وحيدة ، نفهم هذا من  قوله جل وعلا : ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴿١٨.القيامة )لم يقل : فإذا قرآناه فإتبع قراءاته . بدأ هذا الكفر على يد مجموعة من الأفّاقين إختلفوا فى قراءاتهم ، وكانوا سبعة ثم ارتفع عددهم الى عشرة . وقد ناقشنا هذا الخبل الكافر مرات من قبل . ونطرح سؤالين : هل من كان قبلهم حتى عصر النبى محمد عليه السلام على علم بهذه القراءات ؟ وهل كان معهم جهاز تسجيل سجلوا عليه صوت النبى محمد بهذه القراءات ؟ وإذا كان معهم فلماذا إختلفت قراءاتهم ؟ 

2 ـ قالوا عن الكسائى : (  تخصص في القراءات ، وكان حمزة بن حبيب الزيات مشهورا في القراءات في الكوفة فتعلم الكسائي قراءته ، ثم اختار لنفسه قراءة فأقرأ بها الناس ، وقرأ عليه بها خلق كثير في بغداد والرقة. وفي شهر شعبان كان يوضع له منبر فيقرأ علي الناس ويختم القرآن مرتين في ذلك الشهر ، لذا أصبح الكسائي أحد أئمة القراءات وجعلوه من القراء السبعة المشهورين .).

خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

أولا : عن القرآن الكريم

1 ـ الميزان يوم القيامة له كفتان : أحدهما فيه الكتاب الالهى ، وفى الأخرى كتاب الأعمال للفرد . قال جل وعلا : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الأعراف )

2 ـ للقرآن الكريم بلسانه العربى مكانة خاصة بين الكتب الالهية فهو كلمة الرحمن النهائية لكل البشر من وقته الى نهاية الزمان ، أى بلايين لا حصر لها . لذا فكل الكتب الالهية مصدرها ( أم الكتاب ) ، والقرآن هو فيها (علىُّ حكيم ) . قال جل وعلا : ( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) الزخرف )

3 ـ يوم القيامة :

3 / 1 : يأتى الرسول محمد عليه السلام شاهدا شهادة خصومة على قومه ، ومحور شهادته أن القرآن تبيان لكل شىء يستلزم تبيانا ، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين الحقيقيين . قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل ).

3 / 2 : يأتى خصما لهم معلنا إنهم إتّخذوا القرآن مهجورا . قال جل وعلا : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) الفرقان ). لن يقول ( هجروا القرآن ) لأن القرآن الكريم محفوظ من لدن الرحمن جل وعلا رغم أُنوف كارهيه ، ولكن إتّخذوه مهجورا ، أى إصطنعوا من الوسائل ما يكون به حاضرا ومهجورا . وهم بذلك ينطبق عليهم قوله جل وعلا فى الآية التالية : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31)  الفرقان )

4 ـ العداء للنبى محمد فى أنهم ينسبون اليه أحاديث لم ينطق بها ، وأنهم بهذه الأحاديث إختلقوا له شخصية إلاهية رفعوها فوق مكانة الخالق جل وعلا  . وعداء المجرمين هو عملية مستمرة مع كل نبى من نوح الى خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . ومن الطبيعى أن يستمر هذا العداء الى قيام الساعة مرتبطا بالوحى الشيطانى ، يوحيه الشيطان الى أعوانه من الجن والإنس ، ويأتى التعبير عنه بالفعل المضارع . والشيطان لا ولن يقدم إستقالته ، وبالتالى فإذا إنتهى القرآن الكريم نزولا فى زمن مضى فالوحى الشيطانى بعده فى إستمرار الى آخر جيل من البشر ، وباستمرار أعداء النبى فى صناعة وتأليف أحاديثهم ونشرها وترويجها فإن الرعاع ينصتون لها ويهللون ، بينما ينفرون من تلاوة القرآن وحده . نرجو تدبر الآيات الكريمة التالية :

4 / 1 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) الانعام ).

4 /2 : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الأنعام )

4 / 3 : (  وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48)  الاسراء ). تدبر:

4 / 3 / 1 : (  وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ  ) أى ذكرت ربك وحده  فى القرآن وحده.

 4 / 3 / 2 : ( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً ). هو نفس ما قاله البخارى وغيره عن أن بعضهم سحر النبى محمدا . نفس الوحى الشيطانى فالشيطان يعمل الى نهاية الزمان .

4 / 4 :( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222)الشُّعَرَاءُ  ). التعبير بالمضارع ( المستمر ).

5 ـ من أجل هذا ضمن الله جل وعلا أن يحفظ القرآن الكريم ، برسمه كتابة وتنقيطا ، وجمعا وقراءة وأن يكون بنفسه بيانا لنفسه وأن تكون آياته بينات مبينات  . قال جل وعلا :

5 / 1 : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)  الحجر )

5 / 2 : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة ).

5 / 3 : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت )

6 ـ تجلى عداء الكفرة للقرآن الكريم فى هذه التصرفات مع النبى محمد :

6 / 1 : رفضهم القرآن وطلبهم أن يأتى لهم النبى بقرآن آخر يوافق أهواءهم . وجاء الرد عليهم : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس )

6 / 2 :كراهيتهم الهائلة حين كان القرآن الكريم يُتلى عليهم . قال جل وعلا :

6 / 2 / 1 : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31) وإذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) الأنفال ). لاحظ إيمانهم بالله وقسمهم به مع كفرهم بالقرآن الكريم .!

6 / 2 / 2 : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) الحج )

6 / 2 / 3 : ( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67) المؤمنون). أى كانوا يتسامرون بالقرآن الكريم هجرا له وسخرية به . وهو نفس ما يفعله المحمديون من قرون .!

6 / 2 / 4 : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) القلم )

 7 ـ حاولوا التأثير على النبى محمد وكادوا أن يفتنوه لولا التدخل الالهى . قال جل وعلا : ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75) الاسراء )

 8 ـ فى الاسلام دين الله جل وعلا : الإيمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له ، والايمان بالقرآن الكريم وحده حديثا ، لا حديث معه . قال جل وعلا :

8 / 1 : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)الفرقان )

8 / 2 : (  مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) الكهف ). ( من دونه ) يعود الضمير على الله جل وعلا وعلى كتابه جل وعلا.

8 / 3 : ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف )

8 / 4 : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات  )

8 / 5 : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)الجاثية ). 

ثانيا : عن كفرهم بالقرآن الكريم مع زعمهم الايمان به :

فى دولة النبى محمد فى المدينة والمؤسسة على الحرية المطلقة فى الدين :

1 ـ جاء فى سورة ( محمد ) آيات عن صحابة منافقين أعلنوا كراهيتهم للقرآن الكريم : قال جل وعلا :

1 / 1 : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16).

1 / 2 : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)

1 / 3 : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)

2 ـ وحفلت سورة التوبة ـ وهى من أواخر ما نزل ـ بآيات كثيرة عن المنافقين الصُّرحاء الذن عبروا عن كفرهم بالأقوال والأفعال ، ومنها سخريتهم بالقرآن الكريم . منها قوله جل وعلا : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

3 ـ بالاضافة للمنافقين الصُّرحاء جاءت فى سورة التوبة إشارة لمنافقين مردوا على النفاق ، أى كتموا كفرهم وحقدهم فلم ينطقوا بما يؤخذ عليهم ولم يفعلوا بما يوحى بالشّك فيهم ، وكانوا الأقرب للنبى والدائرة المحيطة به ومحل ثقته ، فقد هاجروا معه للمدينة وأصهروا اليه . وبموته قفزوا الى السلطة بعده مستعينين بمكانتهم وبكونهم من قريش . المنافقون الصرحاء يوجد إحتمال فى توبتهم ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) النساء ) . أما أولئك الذين مردوا على النفاق فقد أنبأ الله جل وعلا أنهم لن يتوبوا بل سيموتون بكفرهم وسيعاقبهم الله جل وعلا مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة . تدبر قوله جل وعلا : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ).

4 ـ كانت قريش على قدر هائل من الدهاء ، كانوا تجارا تحكموا فى التجارة بين الهند وأوربا ( رحلة الشتاء والصيف ) واستغلوا البيت الحرام فى جعل الأعراب المتقاتلين يقومون بحماية قوافلهم . نزل القرآن الكريم يهدد مصالحهم الاقتصادية ، فكذبوا به . قال لهم جل وعلا : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة ) .

5 ـ إزداد من يدخل فى الدين الجديد برغم الاضطهاد، ففكروا فى الخلاص من النبى محمد عليه السلام . كانت الخيارات المطروحة : القتل ، السجن ، الطرد . ليس القتل مناسبا لأن النبى ينتمى الى بنى عبد مناف ومنهم الأمويون والهاشميون، أقوى أسرتين فى  قريش . السجن ليس حلا أيضا . الحلُّ الأمثل فى دفعه وأصحابه للهجرة ، ومعهم جواسيس من أقرب الناس اليه ، يلتصقون به . فإن نجح فى المهجر قطفوا ثمار نجاحه بعد موته . عن تآمرهم والردُّ عليه قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال ).

هذا يفسّر الخلافة وفتوحاتها الكافرة . والتى خلقت المناخ لنشأة علم النحو وغيره من العلوم والخرافات التى تطعن فى القرآن الكريم ـ ولا تزال .!

التعليقات

حمد حمد

جزاك الله خير الجزاء بالدنيا والآخره وبارك بعمرك وعلمك وجهادك بالقرآن العظيم وتبرأته من شياطين الإنس وفضح جهلهم وخرافاتهم التي عاثت فسادا في عقول من يدعون إنهم مسلمين وصنعوا دينا شيطانيا من أجل حطام الدنيا وارتكبوا افضع الجرائم ضد البشريه تحت راية لا إله إلا الله ظلما وبهتانا والله المستعان

احمد صبحى منصور

جزاك الله جل وعلا خيرا استاذ حمد ، واقول :

نحن معا فى هذا الجهاد الاصلاحى السلمى .

ندعو الله جل أن يتقبّل عملنا ، وأن يجمعنا فى جنته ورحمته.

سعيد على

و انتهى كتاب : القران الكريم و النحو العربي.

بعد أن ( عشتُ ) متنقلا في فصول هذا الكتاب الجميل و الرائع - كعادة كل كتب الدكتور أحمد - لحظات جميلة و رائعة .. انتهى الكتاب ! في بداية الإعلان عن نشر الكتاب في الموقع توقعت أن يحوي الكتاب ( آلية النحو و كيفية الإعراب ! ) و قلت في نفسي سيتفوق الدكتور أحمد بهذا الكتاب على كتاب العين للفراهيدي و على الكتاب لسيبويه فإذا بالكتاب ينحى بمنحى بحثي و نقدي جميل للغاية و يسلك مسلكا في مضمونة الدفاع عن القران الكريم و تأتي الخاتمة لتربط كل الأحداث لتضع القارئ أمام تحليل عقلي منطقي أكدته الأحداث التاريخية و زاد تمسكنا بالقران الكريم - و نحن نعض عليه بالنواجذ بطبيعة الحال - لكن ربط طبيعة هذا ( العلم / النحو ) الذي قامت له كليات و مناهج و مهن و وظائف في صميمها هجر القران الكريم و يأتيك من يقول أن بالقران الكريم ( أخطاء ) نحوية !! هجرهم للقران الكريم هو من جعلهم يرفعون عملا بشريا فوق العلم الإلهي و هذه جريمة كبرى في حق القران الكريم .. شكراً من القلب لصاحب القلب السليم حفظكم الله و أكيد ع موعد مع كتاب جديد.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :

1 ـ رائع أن تكون صاحب أول تعليق ، وجاء فى مقدمة الكتاب . ثم آخر تعليق هو لك أيضا فى خاتمة الكتاب. جزاك الله جل وعلا خيرا فى الدنيا والآخرة .

2 ـ منهج الكتابة البحثية : أن يكون العنوان تلخيصا لمحتوى الكتاب وفى أقل عدد من الكلمات . ثم أن يلتزم الباحث بغرض بحثه فلا يدخل فى تفريعات خارج الموضوع .

3 ـ أزعم أننى ألتزم بمنهجية البحث هذه والتى لا أعرف أحدا قالها قبلى . وبسبب هذا الالتزام منعت نفسى من الاسترسال فى تفصيلات هى بالنسبة لى شيقة ، ولكنها ليست فى صلب الموضوع ، والاسترسال فيها يشتت إنتباه القارىء ، ونحن ـ فى هذا العصر الردىء ــ نتعامل مع قُرّاء مرفّهين يقرأ معظمهم مجرد العناوين ، ونعرف مشهورين فى الكتابة يكتبون جهلا ولا يفقهون حرفا  . ومن هنا ينبع إعتزازى بأهلى ( أهل القرآن ) . جزاهم الله جل وعلا خيرا . هم الأقلية الواعية الفاهمة العاقلة .

 

 

اجمالي القراءات 3772