∎ ما الفارق بين حملات التشويه الشخصية التى كان يشنها نظام مبارك على معارضيه وبين الحملات التى يشنها مرشحو الرئاسة على بعضهم البعض هذه الأيام ؟!
- فى الحقيقة لا فرق ولا فارق وإن كان هناك فارق فهو أن نظام مبارك كان أكثر حنكة ودربة فى إطلاق الشائعات وأنه كان يضرب ويلاقى ويتبرأ أحيانا من الشائعات التى إذا وجد مردودها عند الناس عكسيا أو وجد أنها زادت عن الحد فى الوضاعة وانتهاك الحرمات الشخصية.. لكن ذلك للأسف لا يحدث الآن.
- نظرة واحدة على الغثاء الذى تمتلئ به شبكات الفيس بوك وتويتر وينتقل إلى شاشات التليفزيون وتؤكد أن معدل تدنى الأخلاق فى العمل السياسى زاد فى الانحدار ولم يصمد بعد الثورة كما كنا نتخيل نظرة واحدة تكشف لك أن البرامج والأفكار هى آخر ما يتحدث عنه المرشحون ومؤيدوهم وأن النميمة والتشويه الشخصى والاتهامات المرسلة واللعب على أحط غرائز الجماهير هو الذى يتسيد الساحة الآن.
∎∎ وكما كان نظام مبارك يستخدم رجاله وعملاءه من الصحفيين والسياسيين فى تشويه المعارضين وانتهاك حرمات بيوتهم والطعن فى ذممهم المالية وسيرهم الشخصية ستجد أن بعض المرشحين يستخدم كتابا ومشاهير فى نفس الحرب القذرة. والفارق أنه فى أيام مبارك كان اللعب على المكشوف، حيث لا أقنعة وأن اللعب القذر اليوم يتوارى تحت قناع الشرف والغيرة على المصلحة الوطنية !!
اللافت والمحزن أيضا أن أكبر قدر من حملات الهجوم الشخصى، والذى يصل إلى حد الابتذال يمارس بين مرشحى (الثورة) وبعضهم البعض وليس مثلا بين مرشحى الثورة والمرشحين المحسوبين على النظام القديم أو مرشحى الفلول حسب الوصف الشائع.
∎∎ مرشحو الثورة والذين كان الرومانسيون والشرفاء من الشباب ينتظرون منهم أن يشكلوا فريقا رئاسيا واحدا وأن ينكروا ذواتهم فى سبيل مبادئهم كانوا أكثر من تورطوا فى حرب التشهير الشخصية وأكثر من استخدموا أدوات غير أخلاقية فى شن الهجوم على بعضهم البعض وإن كان جميع المرشحين يشتركون فى أن صورتهم الذهنية لدى الجماهير هى صورة شخصية تماما وأن هجومهم على بعضهم البعض هو هجوم شخصى.
تماما حيث غابت البرامج والأفكار وخضرت الشائعات والنميمة والغمز واللمز والأقوال المرسلة.
∎∎ من أمثلة هذه الحرب القذرة - الأحاديث التى تناثرت عن الإعلامية الشابة سلمى حمدين صباحى وعن عملها فى قناة صدى البلد المملوكة لرجل الأعمال محمد أبو العينين ؟! والحقيقة أن هذا الحديث يكشف عن غرض واضح للتشويه.
وعن جهل بطبيعة العمل الإعلامى.. فمن حيث المبدأ من حق ابنة أو ابن أى مرشح أن يعمل فى المكان الذى يريده ويناسبه وأن ينضم للحزب أو للمرشح الذى يوافق هواه، وأن يعتنق الفكر الذى يناسبه.. ومن حق سلمى صباحى أيضا أن تخالف والدها فى رأيه وأن تنتخب مرشحا آخر غيره لو أرادت وهذا لا يعيبه فى شىء.
أليست هذه هى الحرية التى يتشدق بها البعض؟ هذا على مستوى الشكل، أما على مستوى المضمون.. فالحقيقة أن هذا الكلام يكشف عن جهل واضح، حيث ليس من المهم أين يعمل أو يكتب الإعلامى. ولكن ماذا يقول؟
والدليل أن عددا من ألمع الإعلاميين المحسوبين على تيار الثورة مثل محمود سعد ودينا عبدالرحمن وعبدالرحمن يوسف وغيرهم.. مدانون بنفس التهمة حيث يعملون فى قنوات يملكها رجال أعمال يصنفون سياسيا على أنهم «فلول» وفق التعبير السائد، ثم ما الاختلاف بين الهجوم الذى يشنه بعض أنصار المرشحين على ابنة حمدين صباحى وبين الهجوم الذى شنه عملاء وأذناب مبارك منذ سنتين على ابنة د. محمد البرادعى؟! معرضين بحياتها الشخصية.. أليس هذا مثل ذاك ؟ أم أن التعريض بالحياة الشخصية حرام على أجهزة مبارك وحلال على أنصار بعض المرشحين المنافسين لحمدين صباحى.
∎∎ فى نفس السياق أيضا لابد أن نعترض على محاولة البعض التشهير بعلاقة النسب السابقة بين المرشح عمرو موسى والملياردير الراحل أشرف مروان.. إذ لا علاقة لابنة عمرو موسى بمعركته السياسية لا من قريب ولا من بعيد، وهى حرة تماما فى أن تختار من تتزوج سواء كان ابن أشرف مروان أو ابن كناس فى الشارع.. أليست هذه هى الحرية التى يطالب بها من عايروا عمرو موسى.. من شباب 6 إبريل.. وفضلا عن هذا وذاك فإن علاقة النسب انتهت بالانفصال منذ سنوات طويلة.. لكن لا الزواج ولا الانفصال موضوع سياسى يحق لمعارضى موسى الحديث فيه. أو هكذا تقضى قراءة الأخلاق والعمل السياسى الشريف.
∎∎ من قبيل الحرب القذرة أيضا ذلك الحديث عن علاقة المرشح حمدين صباحى بالنظامين العراقى والليبى.. وهو حديث لم يظهر سوى بعد تزايد أسهم حمدين فى مواجهة ابن جيله عبد المنعم أبو الفتوح وقد ظهر الحديث فجأة، وكان حمدين ظهر على الساحة السياسية فى الأسبوع الماضى فقط!
وقد نفى حمدين أنه تلقى تمويلات مالية من النظامين.. وأنا أقول إن طرح الموضوع يكشف عن غرض واضح للتشويه كما يكشف عن جهل واضح بطبيعة النخبة المصرية وإلا فإن السؤال كان يجب أن يكون عن مصادر تمويل حملات كل المرشحين. والحقيقة أن النخبة المصرية بإسلامييها ويسارييها وقومييها وحقوق إنسانها.. ممولة منذ نشأتها وحتى الآن والمعيار هو كيف ينفق التمويل ؟ ولكن هذا موضوع آخر شرحه يطول.
- من قبيل المعارك الصغيرة أيضا والتى لا تهدف سوى للتشويه الشخصى ذلك الحديث الرخيص الذى يثيره الإخوان ومناصروهم عن د. رباب المهدى أستاذ العلوم السياسية والمستشار السياسى للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والحديث يدور حول كونها غير محجبة أو أنها تهاجم الحجاب، وكأن أبو الفتوح مطالب بفرض الحجاب على النساء بالقوة أو كأنه لا يكفى أن تكون رباب المهدى ناشطة ثورية وعالمة أكاديمية لكى تصبح مسلمة صالحة، لكنه فى النهاية حديث رخيص لا هدف منه سوى المزايدة والتجريح الشخصى.. وإن كان بعض أنصار أبو الفتوح يستخدمون نفس السلاح أحيانا.
-
-
∎∎ من قبيل الحروب القذرة والتجريح الشخصى أيضا ما يثار عن مهنة والد عبدالمنعم أبو الفتوح وأنه كان يعمل عاملا للنظافة فى جامعة القاهرة، ومن وجهة نظرى أن هذا مما يزيد الرجل فخرا وشرفا أن يكون ابنا لرجل من بسطاء الناس ويصل لهذه المكانة الرفيعة وينافس بقوة على المنصب الأول فى مصر وإن أخطأ أبو الفتوح فى أنه لم يعلن ذلك للناس ويفخر به أيضا.. ولكن كأس التشويه كما يبدو دائر على جميع المرشحين.
∎∎ من المؤسف جدا أن أحد أنصار مرشح قوى محسوب على الثورة استشهد فى حديث خاص معى بشهادة مسئول فى أمن الدولة قام فى عام 2003 بجمع عدد كبير من رموز الحركة الوطنية للتضامن مع الشعب العراقى وأطلعهم على تصوير فيديو يسجل تلقى أحد السياسيين البارزين صار فيما بعد مرشحا لرئاسة الجمهورية.. لمبلغ مالى من النظام العراقى.. الشائعة معروفة ومتداولة منذ سنوات.. ولا دليل عليها ولكن السؤال.. فى أى شىء يختلف سلوك أنصار هذا المرشح عن سلوك أحمد شفيق الذى استشهد بأمن الدولة لتشويه المحامى عصام سلطان ؟
وإذا كان مرشحو الثورة سيستخدمون شائعات أو حقائق أمن الدولة ضد بعضهم البعض، فلماذا قمنا بالثورة أيضا، ولماذا نحاكم رئيس جهاز أمن الدولة ؟!
السياسة لعبة قذرة حقا ايا كانت شخوص اللاعبين !